لم تعد تسيطر عليها بالكامل.. ماذا تستفيد إيران من إبقاء مليشياتها بالمنطقة؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أكد مركز الدراسات والبحوث الأميركي "أوراسيا ريفيو" أن نفوذ إيران الإقليمي من خلال المليشيات التي تدعمها في عدد من الدول العربية يواجه رياحا معاكسة.

وبعد أن كان الدعم الإيراني للمليشيات العربية يهدد منتقدي طهران غير القادرين على تطوير إستراتيجية مضادة فعالة ضدها لفترة طويلة، فقد تغير الوضع الآن. 

وتشير سلسلة من الأحداث إلى أن فائدة بعض المليشيات على الأقل في لبنان واليمن والعراق لطهران تتضاءل مع تضاؤل ​​شعبيتها، وفق تعبيره.

وتتحدى حظوظ المليشيات المتغيرة ونفوذ إيران المنخفض على ما يبدو المفاهيم الإستراتيجية والدفاعية الأساسية التي تبنتها الجمهورية الإسلامية منذ الثورة التي قادها رجال الدين والتي أطاحت بالشاه المدعوم من الولايات المتحدة في عام 1979.

صعوبات التوسع

وتشير الصورة العامة إلى أن توسع إيران بلغ ذروته في عام 2018 ودخل منذ ذلك الحين مرحلة جديدة، لم تتعرض فيها طهران لأي انتكاسات عسكرية إستراتيجية ولكنها اصطدمت بجدار قوي مؤخرا. 

ولعل أكبر مشكلة أساسية لإيران هي أن غالبية حلفائها ينجحون في كثير من الأحيان بالمواجهات المسلحة، لكنهم "غير قادرين على ضمان الاستقرار السياسي والاقتصادي" وفق ما أكده الباحث في شؤون الشرق الأوسط جويدو شتاينبرغ.

أضف إلى ذلك، أنه وبعد ما يقرب من 43 عاما من الثورة في إيران، ليس من المستغرب أن تخرج البلاد عن مسارها,

فبجانب الفساد المستشري وسوء الإدارة الاقتصادية، فقدت إيران جاذبيتها الثورية في العالم الإسلامي سواء لدى الشيعة أو السنة.

 وبدلا من ذلك، ينظر إليها المسلمون السنة اليوم على أنها قوة قومية شيعية لا غير.

ولا تفكر إيران في التخلص من حلفائها العرب من غير الدول، حيث إنهم يظلون قوة عسكرية قوية للغاية، مما يمنح طهران نفوذا، خاصة في لبنان والعراق حتى لو تجاوزت هذه المليشيات حدود صلاحياتها. 

وعلاوة على ذلك، يمكن لجماعات مثل حزب الله اللبناني وحركة المقاومة الإسلامية حماس في قطاع غزة أن تجبر إسرائيل على القتال على جبهتين إن لم تكن ثلاث جبهات إذا ضربت تل أبيب المنشآت النووية الإيرانية.

وعلى هذا النحو، فإن إستراتيجية بناء خط دفاع خارجي في الدول العربية التي يسكنها ممثلون محليون قد آتت ثمارها بشكل جيد، وفق تقدير المركز. 

وأصبح حزب الله أقوى قوة سياسية وعسكرية في لبنان، ولاعبا في الحرب السورية، ونموذجا للمليشيات في أماكن أخرى.

كما تحكم حماس قطاع غزة منذ عام 2007 في حين أعاق الحوثيون آلة الحرب السعودية، وهزموا المملكة في حرب مدمرة استمرت سبع سنوات تقريبا. أما المليشيات العراقية فتعد  قوة في حد ذاتها، بحسب المركز.

والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن المليشيات مثل حزب الله والجماعات المدعومة من إيران في العراق أصبحت مرتبطة بشكل متزايد بالأنظمة الفاسدة التي ردت بعنف على الاحتجاجات الجماهيرية المطالبة بتغيير شامل. 

فقدان السيطرة

واتهم المتظاهرون المليشيات الشيعية بمحاولة السعي لفرض هوية طائفية بدلا من هوية وطنية تتجاوز الدين والعرق. 

وظهر تحالف من المليشيات المدعومة من إيران باعتباره الخاسر الأكبر في الانتخابات العراقية في أكتوبر/تشرين الأول 2021.

 وشهد تحالف الفتح الذي كان ثاني أكبر كتلة في البرلمان سابقا، تراجعا في عدد مقاعده من 48 إلى 17.

وعلاوة على ذلك، فإن ادعاءات الحوثيين في اليمن بأن الحروب والتدخل الأجنبي والحصار يمنعها من إيصال السلع والخدمات العامة آخذة في القدرة على الإقناع.

وبالمقارنة مع الحروب العسكرية السابقة، حيث فشلت الحرب التي استمرت 11 يوما مع إسرائيل في مايو/أيار 2021، في التأثير على شعبية حماس، لكن مزاعم الفساد والبطالة الجماعية أضعفت الحركة، بحسب زعم المركز. 

في غضون ذلك، ورد أن سفير إيران لدى الحوثيين في اليمن، حسن إيرلو، المساعد المقرب للجنرال قاسم سليماني، القائد القوي لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني والذي قتل في غارة أميركية ببغداد عام 2020، توفي بسبب إصابته بوباء كورونا أثناء عبوره المملكة في طريقه إلى إيران.

وألقى مسؤولون إيرانيون باللوم في وفاته على رفض سعودي للسماح لطائرة إيرانية بنقل السفير من العاصمة اليمنية صنعاء مباشرة إلى طهران.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده إن إيرلو "أجلي في حالة سيئة بسبب تأخر التعاون من دول معينة".

وقصفت المملكة العربية السعودية في ديسمبر/كانون الأول مطار صنعاء بعد إجلاء إيرلو.

وقال مسؤولون حوثيون إن مرض إيرلو أتاح "فرصة" للمتمردين للمطالبة برحيله. 

وأكدوا أن "المجموعة المتمردة اشتكت إلى القيادة الإيرانية من فشل إيرلو في التنسيق مع المتمردين في اجتماعاته مع زعماء القبائل والسياسيين".

وبالمثل، واجه إسماعيل قاآني، خليفة سليماني، نفورا عندما التقى في يوليو/تموز مع المليشيات الموالية للعراق في بغداد. 

وسعى السيد قاآني للتأكد من أن المليشيات ستمتنع عن مهاجمة أهداف أميركية في الفترة التي سبقت استئناف المفاوضات النووية في فيينا.

لكن قيس الخزعلي ، زعيم عصائب أهل الحق، قال في مقابلة تلفزيونية بعد أيام، إن "هذا القرار عراقي". 

وقال زعيم سياسي شيعي عراقي: "إيران ليست بالطريقة التي كانت عليها من قبل ، عندما كان تسيطر بنسبة 100 بالمئة على قادة المليشيات".

وهذا الإدراك لم يتجذر بعد في طهران، وبمجرد حدوث ذلك يمكن أن يكون له عواقب بعيدة المدى على السياسات والمواقف الإيرانية.

 وفي البداية، من المرجح أن يخلص تحليل الفائدة الذي أجرته إيران إلى أن فوائد دعم المليشيات العربية من غير الدول تستمر في تجاوز التكلفة، ليبقى السؤال القائم هو: إلى متى؟