كاثرين شاكدام.. إسرائيلية اخترقت النظام الإيراني وأوقعت كبار المسؤولين في شباكها

"شاكدام نفت أنها كانت عميلة للموساد خلال زياراتها لإيران"
كاثرين شاكدام، اسم تصدر وسائل الإعلام الإيرانية، بعدما كشف المرشح الرئاسي الإيراني الإصلاحي السابق مصطفى كواكبيان، عن اختراقها المؤسسات الحساسة في إيران، جرّاء إقامتها علاقات جنسية مع 120 شخصية مهمة جدا في البلاد.
تصريحات كواكبيان، خلال مقابلة تلفزيونية في 10 يوليو/ تموز 2025، وصفتها هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، بأنها "بذيئة وكاذبة"، بينما رفعت النيابة العامة في طهران دعوى ضده بتهمة إثارة الرأي العام، وفق وكالة "ميزان" التابعة للسلطة القضائية.
كاتبة ومحللة
وُلدت كاثرين بيريز شاكدام لعائلة يهودية علمانية في فرنسا عام 1982، تحمل درجة البكالوريوس في علم النفس ودرجة الماجستير في المالية من جامعة لندن، إضافة إلى الماجستير في الاتصالات، فهي تهتم بالسياسة وشؤون الشرق الأوسط وتتحدث خمس لغات.
أثناء دراستها في جامعة لندن، التقت شاكدام بزوجها المستقبلي، وهو مسلم سني من صنعاء اليمنية، وتزوجته بعد ستة أشهر، في سن الثامنة عشرة، وأنجبت منه طفلين، ثم انفصلت عنه عام 2014 وتولت حضانة طفليه.
وعن هذه التجربة، تقول شاكدام إنها وجدت نفسها في قلب العالم الإسلامي بعد زواجها من مسلم يمني، منحتها خبرتها في الشرق الأوسط وعملها اللاحق كمحللة سياسية وجهة نظر خاصة جدا، إن لم تكن نادرة، لا سيما في كيفية فقدان المرء لهويته عند مواجهة معاداة السامية المنهجية.
وتذكر شاكدام أيضا في صفحة معلوماتها بصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" العبرية، أنها عازمة على مشاركة تجربتها ووجهة نظرها حول تلك القضايا التي تؤرقنا للأسف – "التطرف الإسلامي" والإرهاب ومعاداة السامية.
وتعمل حاليا إضافة إلى كونها كاتبة في الصحيفة العبرية، مديرة إستراتيجية التقدم والمديرة التنفيذية لمنتدى العلاقات الخارجية الإسرائيلي، وذلك بعدما كانت زميلة باحثة سابقة في جمعية هنري جاكسون، ومستشارة لمجلس الأمن الدولي بشأن اليمن، وخبيرة في شؤون إيران والإرهاب و"التطرف الإسلامي".
وتعرفها الصحيفة العبرية بأنها محللة سياسية بارزة ومعلقة، تحدثت بإسهاب عن جمهورية إيران، وهي من الذين دعوا بريطانيا إلى تصنيف "الحرس الثوري" منظمة إرهابية.
وفي عام 2024، انتُخبت شاكدام مديرة جديدة لمنظمة "نؤمن بإسرائيل"، وهي منظمة مقرها المملكة المتحدة تعمل على تعزيز الدعم السياسي والإعلامي والاجتماعي لإسرائيل من خلال بناء شبكة واسعة من المؤيدين اليهود وغير اليهود.
"مسلمة شيعية"
الحديث عن عمالة شاكدام إلى إسرائيل، ظهر بعد مغادرتها إيران؛ إذ غيّرت موقفها وبدأت تنتقد حكومة طهران على صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، العبرية وهو موقف لا يزال مستمرا حتى يومنا هذا.
أثارت جدلا واسعا عام 2021، بعد أن كتبت مقال رأي في الصحيفة العبرية، تحدثت فيه عن تجربتها في إيران، وحذرت من معاداة السامية والبرنامج النووي الإيراني، وأشارت إلى أن بعض المصادر وصفتها بأنها “جاسوسة لإسرائيل”، لكنها نفت ذلك.
أثناء وجودها في إيران التي بدأت عام 2015 إلى 2018 عرّفت عن نفسها كامرأة مسلمة تؤمن بالمبادئ الشيعية، ولها العديد من الصور أثناء حضورها مراسم زيارة "أربعينية الحسين"، ومنها صورة مع زينب ابنة قائد فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني.
في 27 مارس/آذار 2018 نشرت قناة "ثلث" على تطبيق “تلغرام”، التابعة لأشخاصٍ مقربين من الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، صورة لشاكدام، وذكرت أنها كاتبة في موقع "آية الله خامنئي" الإلكتروني، ومؤثرة في النظام الإسرائيلي، وأنها كشفت عن نفوذها في إيران خلال مقال لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
وبعدها نشرت القناة ذاتها خبرا مفاده: "فور بث الخبر بدأ العديد من وكالات الأنباء الإيرانية في حذف مقالات كتبتها شاكدام، كما حاولت بعض وسائل الإعلام وأفراد مختلفون، بمن فيهم شخصيات من الحرس الثوري سبق أن أجروا مقابلات معها، تبرئة ساحتها ونفوا أي علاقة لها بها".
قبل ذلك، أجرت وسائل إعلام إيرانية العديد من المقابلات مع شاكدام كمحللة، بما في ذلك قناة "برس تي في"، القناة الناطقة باللغة الإنجليزية التابعة لهيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية الرسمية.
كما أنّها أجرت مقابلة لصالح قناة "آر تي" الروسية الرسمية، مع الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي حين كان مرشحا للرئاسة عام 2017، وكان رئيسا لمؤسسة "العتبة الرضوية".
ونشرت شاكدام مقالات في وسائل إعلام إيرانية محافظة مثل صحيفة "كيهان"، ووكالتي "تسنيم" و"مهر"، وقُدّمت على أنها صحفية داعمة لـ"محور المقاومة"، إضافة إلى أنها عملت لفترة كمستشارة إعلامية لدى بعض المؤسسات الرسمية الإيرانية، وشاركت في محافل دينية.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل نشرت مقالات في الموقع الإلكتروني للمرشد الأعلى للبلاد علي خامنئي، لكنها حذفت بعدما نشرت شاكدام مقالا في صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" بشأن رحلتها إلى طهران.
“عميلة للموساد”
ردًا على اتهاماتها بالتجسس بعد تحوّل موقفها من إيران، نفت شاكدام عبر برنامج "60 دقيقة" على قناة "بي بي سي" فارسي في 28 مارس/آذار 2022، ، قائلة إنها "ليست عميلة دولة، وإنما ذهبت إلى إيران كمحللة".
وأفادت بأنها آنذاك لم تسافر إلى إسرائيل قط، مؤكدة في الوقت ذاته أنها لم تتواصل مع سلطات طهران، بل تواصلوا معها "لأغراض دعائية" ودعوها لحضور مؤتمر فلسطين: "لم ألاحق أحدا، بل هم من طاردوني".
وتابعت: "لم أحاول قط التسلل إلى الإعلام الإيراني أو الوصول إلى أروقة السلطة.. طلبوا مني كتابة تحليلات وإجراء مقابلات.. دعوني لحضور مؤتمر فلسطين، فذهبت. كانت إيران هي من تواصلت معي في كل مرة.. كانت فرصة لي أيضا. لا أريد أن يعتقد الناس أنني استغللتهم".
وعندما سُئلت عما إذا كانت على دراية بمخاطر السفر إلى إيران، قالت شاكديم إنها ذهبت بجواز سفر فرنسي، وأن "السلطات الإيرانية كانت على علم بهويتها اليهودية، ولكن بسبب زوجي المسلم، وما كنت أفعله، لم يشك بي أحد.. لقد عدوني وسيلة دعائية لأغراضهم الخاصة".
وأوضحت شاكديم التي شوهدت وهي ترتدي الحجاب في إيران، وارتدته أيضا في مقابلات تلفزيونية إيرانية وغيرها، عن تغيير ملابسها: "عندما تسافرين إلى إيران، عليكِ ارتداء الحجاب".
وأضافت أيضا أن زوجها مسلم يمني، وقررت ارتداء الحجاب حفاظا على راحة أسرته، لكنها تخلت عنه عند الانفصال، نافية أي صلة لزوجها السابق بالحكومة الإيرانية، قائلة إنه "سني ولا يهتم كثيرا بإيران، وأن كتاباتها في وسائل الإعلام الإيرانية قد أحدثت شرخا بينهما".
وعندما سُئلت عن سبب إصرارها على متابعة الحكومة الإيرانية، قالت إنها تريد أن ترى عن كثب ما إذا كانت تعارض جميع السكان اليهود في إسرائيل أم أن لديها مشكلة مع الحكومة الإسرائيلية فحسب، لكن "للأسف، أدركتُ أن لديهم مشكلة مع اليهود عموما، وليس مع حكومة إسرائيل".
وفي مقال لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، زعمت شاكديم أن طهران “تسعى لامتلاك قنبلة نووية”، مشددة على أنها لا تملك أي معلومات سرية حول البرنامج النووي، وأن هذا رأيها الشخصي وتصورها للحكومة الإيرانية.
ونفت شاكدام وجود علاقات شخصية وثيقة مع مسؤولين إيرانيين، وقالت: إن المسؤولين الإيرانيين لم يطلعوها على أي أسرار، لافتة إلى "أنهم يستخدمون هذه التصريحات لانتقادي.. ليس لدي أي مشكلة في ذلك، لكنهم في الواقع يشككون في مواقفهم".
وعلى ضوء هذه المقابلة، كتب خبير الأمن الإيراني فؤاد صادقي مقالا في 28 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، نشره موقع "إنصاف نيوز" الإيراني، قال فيه: "من الواضح أن شاكدام عميلة للموساد، وأن الموساد نفسه هو من خطط للمقابلة مع بي بي سي الفارسية".
وأضاف: "كانت الطريقة الأولى للتعامل مع مشاريع النفوذ هي إخفاء القضية وإنكارها من قبل الوكالات المسؤولة"، وهذا يرجع إلى الضعف الواسع النطاق في نظام الأمن الإيراني.
وانتقد بشدة حقيقة أن أي "وكالة استخبارات (الإيرانية) لم تكن حساسة لهذه الحادثة، وأنه في كثير من الحالات؛ بسبب ضعفهم وعدم قدرتهم على العثور على الجناة الحقيقيين، يتم تقديم أشخاص ضعفاء على أنهم الجناة من خلال التهديد والترهيب، الذين لم يكن لهم دور في الواقع".
وتابع صادقي، قائلا: "مقابلة شاكدام مع (بي بي سي) كانت فقط لمصلحة الأشخاص الذين تربطهم بها علاقة، وأعلنت أنها لا تنوي الكشف عن هويات هؤلاء الأشخاص".
بعد الهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران الذي استمر 12 يوما بدءا من 13 يونيو/ حزيران 2025، كتبت شاكدام مقالا بعنوان "عقيدة الكاميكاز الإيرانية"، قالت فيه إن "الجمهورية الإسلامية لم تَبنِ أمنها على أساس البقاء، بل على أساس الاستشهاد والدمار".
وأفادت خلال مقالها الذي نشره موقع "مركز القدس للأمن والشؤون الخارجية" في 23 يونيو 2025، بأنه في حالة وجود تهديد وجودي، فإن الحكومة الإيرانية "مستعدة لتدمير البنية التحتية الحيوية للبلاد وخلق كارثة إنسانية وبيئية من أجل الرد وإلقاء اللوم على الآخرين".
المصادر
- استمرار الجدل حول العلاقات الجنسية لـ "كاترين شكدم" مع 120 من كبار المسؤولين في إيران
- همه چیز درباره کاترین شکدم؛ زن یهودیتبار چگونه پایش به ایران باز شد؟
- کاترین شکدم کیست و چرا نامش دوباره مطرح شد؟
- کاترین شکدم
- تحلیل فواد صادقی از «نفوذ کاترین»: مصاحبه شکدم با بیبیسی توسط موساد طراحی شد
- Catherine Perez-Shakdam
- تحلیلگر اسرائیلی چگونه به بیت و وبسایت علی خامنهای نفوذ کرد؟