نيكولاي ملادينوف.. دبلوماسي بلغاري مقرب من إسرائيل مرشح لإدارة غزة

ملادينوف مقرب من الإمارات وأحد أبرز داعمي التطبيع العربي مع إسرائيل
تصدر اسم المبعوث الأممي السابق للشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، كخيار رئيس لتولي قيادة مجلس السلام على الأرض في قطاع غزة، بالإضافة إلى مسؤولية العمل مع حكومة تكنوقراط فلسطينية مستقبلية لإدارة شؤون القطاع.
وأشار موقع "أكسيوس" الأميركي إلى أن الولايات المتحدة الأميركية هي التي اقترحت تولي ملادينوف هذه المهمة، وذلك بعد اعتراضات عربية قوية على ترشيح رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، بسبب دوره في حرب العراق التي أثارت جدلاً واسعا في العالم العربي.
وفي 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، قام مجلس الأمن الدولي، بالأغلبية، باعتماد مشروع قرار أميركي يسمح بإنشاء قوة دولية مؤقتة في قطاع غزة تستمر حتى نهاية العام 2027، كما رحب بإنشاء "مجلس السلام" بصفته هيئة إدارية انتقالية تتمتع بشخصية قانونية دولية، يُناط بها وضع إطار العمل وتنسيق التمويل لإعادة إعمار قطاع غزة.
وفي مطلع ديسمبر/كانون الأول، نقلت صحيفة "هآرتس" العبرية أن الولايات المتحدة تخطط لتشكيل لجنة مؤقتة لإدارة شؤون قطاع غزة، إلى جانب "مجلس السلام" الذي سيكون المشرف عليها، مع توقع بدء عمل اللجنة بحلول الخامس عشر من ديسمبر.
وبحسب مصادر نقلتها صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، فإن نيكولاي ملادينوف سيترأس لجنة التكنوقراط التي ستتولى إدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، مع مهمة تنسيق الجهود والتعاون الوثيق مع "مجلس السلام" لضمان إعادة بناء القطاع وإدارته بشكل فعال ومستقر.

دبلوماسي مخضرم
نيكولاي ملادينوف (53 عامًا) هو سياسي ودبلوماسي بلغاري مخضرم وخبير إستراتيجي في الشؤون العالمية، يمتلك خبرة واسعة في مناصب حساسة ومؤثرة داخل منظومة الأمم المتحدة.
حاصل على درجة الماجستير في دراسات الحرب من كلية كينغز لندن، وبكالوريوس في العلاقات الدولية من جامعة الاقتصاد الوطني والعالمي في صوفيا.
شغل منصب المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، وكذلك مبعوث الأمم المتحدة إلى اللجنة الرباعية الخاصة بالمنطقة خلال الفترة من 2015 إلى 2020.
على الصعيد الوطني، تولى ملادينوف مناصب وزارية مهمة، منها وزير الخارجية ووزير الدفاع في بلغاريا، كما كان عضوًا في البرلمان الأوروبي حيث عمل على قضايا الشفافية في الدفاع، حماية المستهلك، وإصلاح السوق الداخلية.
بين عامي 2013 و2015، شغل منصب الممثل الخاص للأمم المتحدة في العراق ورئيس بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى بغداد، وأسهم في تشكيل حكومة وحدة وطنية وأبرم اتفاقيات لتقاسم عائدات النفط بين بغداد وأربيل.
في 2015، تولى منصب منسق عملية السلام في الشرق الأوسط، ولعب دورًا بارزًا في تهدئة التوترات على الحدود بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، داعمًا فكرة الحل التفاوضي للنزاع.
في عام 1999، أسس المعهد الأوروبي في صوفيا، وهو مركز أبحاث مرموق متخصص في التكامل الأوروبي والسياسات المتعلقة به.
وقد مُنح وسام النجمة الكبرى من وسام القدس من قبل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عام 2021، تكريمًا لجهوده الدبلوماسية ومساعيه لتحقيق السلام.
كما يشغل ملادينوف منصب زميل زائر في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، ويشارك في مجالس أكاديمية ومؤسسية متعددة، كما من المتوقع أن ينضم إلى فريق خبراء في مشروع "كوريت" البحثي التحليلي المتعلق بالعلاقات العربية الإسرائيلية.

كواليس الطرح
صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية كشفت كواليس طرح اسم نيكولاي ملادينوف لتولي قيادة مجلس السلام التابع للرئيس الأميركي دونالد ترامب في قطاع غزة، مشيرة إلى أن دولًا عربية وإسلامية منعت في البداية تعيين رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير لهذا المنصب، مما دفع واشنطن إلى التفكير ببديل موثوق.
وأوضحت الصحيفة في تقريرها الصادر في 10 ديسمبر، أن ملادينوف يُعد وسيطًا يحظى بثقة إسرائيل والفلسطينيين على حد سواء، وله علاقات إقليمية واسعة النطاق. ووصفت ملادينوف بأنه من أكثر الدبلوماسيين الدوليين خبرة في ملف الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام.
وأكد التقرير أن ملادينوف نال تقديرًا واسعًا خلال عمله في الأمم المتحدة لدوره في منع تصاعد التوترات بين إسرائيل وحركة حماس، حيث يُنظر إليه كونه محل ثقة الطرفين. كما أشار إلى أن ملادينوف كان من أكثر وسطاء الأمم المتحدة نشاطًا في السنوات الأخيرة، واكتسب خبرة واسعة في جهود إعادة إعمار غزة بعد جولات القتال السابقة.
وفي سياق الأحداث، لعب ملادينوف دورًا رئيسا عقب احتجاجات الحدود في 2018 وموجة الطائرات الورقية الحارقة التي أطلقت من غزة، حيث بذل جهودًا حثيثة لمنع تصعيد واسع النطاق للصراع. وقد تضافرت جهوده مرتين على الأقل مع الحكومة المصرية للتوسط في تفاهمات بين إسرائيل وحماس لتفادي مواجهة عسكرية أوسع.
فضلاً عن تعاونه الوثيق مع مصر، يُعد ملادينوف مقربًا من دولة الإمارات التي انضمت عام 2020 لاتفاقيات "أبراهام"، ويُعد أحد أبرز المؤيدين للتطبيع العربي مع إسرائيل. خلال فترة توليه منصب منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، أكد أن اتفاقية التطبيع هذه ستغير ديناميكيات المنطقة، ودعا القادة الفلسطينيين والإسرائيليين لاستئناف جهودهم لحل النزاع الطويل.
كما أشاد ملادينوف بدور الإمارات في وقف مخطط ضم الضفة الغربية عبر الاتفاقية، ويرى أن الضم كان سيشكل انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي، وسيُغلق الباب أمام استئناف المفاوضات، ويقضي على آمال قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة ضمن حل الدولتين.
حاليًا، يشغل ملادينوف منصب المدير العام لأكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية في الإمارات، حيث يقود جهود الأكاديمية في إعداد الجيل القادم من الدبلوماسيين الإماراتيين، ويسعى لترسيخ مكانة الأكاديمية كمركز رائد لأبحاث السياسة الخارجية والوساطة في المنطقة.

صديق ليبرمان
يتمتع نيكولاي ملادينوف بعلاقات طويلة الأمد ومتينة في الساحة السياسية الإسرائيلية، حيث بنى علاقة وثيقة مع زعيم حزب "إسرائيل بيتنا"، أفيغدور ليبرمان، منذ تعارفهما في عام 1999. هذه العلاقة استمرت عبر السنين، ولا تزال قائمة حتى أثناء تقلدهما مناصب وزارية في الخارجية الإسرائيلية.
كما يرتبط ملادينوف بشخصيات إسرائيلية بارزة أخرى، من بينهم الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ ووزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني، ما يعكس مدى عمق شبكة علاقاته داخل الطبقة السياسية في إسرائيل.
خلال فترة عمله في الأمم المتحدة، كان ملادينوف يتحرك بشكل مستمر بين القدس ورام الله وغزة، محافظًا على حوار مع قادة فلسطينيين بارزين، ومن بينهم زعيم حركة حماس الراحل إسماعيل هنية، الذي اغتيل في طهران خلال العدوان الأخير على غزة.
علاوة على ذلك، أقام علاقات جيدة مع فريق الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، خاصة مع صهره ومستشاره جاريد كوشنر، مما جعله مرشحًا طبيعيًا لتولي مهمة قيادة مجلس السلام في غزة، خاصة بعد رفض تعيين توني بلير.
ورغم أن إسرائيل تتعامل بشك عميق مع ممثلي الأمم المتحدة، معتبرة أنهم يميلون إلى دعم الفلسطينيين، إلا أن تل أبيب أبدت ارتياحًا واضحًا لاحتمالية اختيار ملادينوف لهذه المهمة، لما له من سجل متوازن وأداء يُعتقد أنه يعكس مواقف معتدلة.
ورغم انتقاده المستمر لسياسات الاستيطان الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة، فقد كان ملادينوف دؤوبًا في مهاجمة المقاومة الفلسطينية، وهو ما منح له نوعًا من القبول في الأوساط الإسرائيلية.
وتشير صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أن إسرائيل عدت ملادينوف “وسيطًا نزيهًا”، ووافقت على أن يكون وصيًا على أموال المانحين المخصصة لإعادة إعمار غزة، مؤكدة ثقتها به لضمان عدم تحويل هذه الأموال إلى أنفاق أو عمليات هجومية.
وتلفت الصحيفة إلى أن ملادينوف وجه انتقادات لكل من إسرائيل وحماس، وهو توازن عده الكثيرون مفتاحًا لبناء مصداقيته التي افتقر إليها العديد من وسطاء الأمم المتحدة السابقين.
في إحاطاته أمام مجلس الأمن الدولي، انتقد ملادينوف إسرائيل مرارًا لاستخدامها المفرط للقوة، متضمنًا قتل الأطفال الفلسطينيين وتوسيع المستوطنات، في حين أدان أيضًا هجمات حماس بالصواريخ والاستفزازات الحدودية، وحث المجتمع الدولي على إدانة هذه الهجمات بشكل قاطع.
كما أثارت إداناته للخسائر الفلسطينية غضب بعض المسؤولين الإسرائيليين، مما يعكس مواقفه المتوازنة التي لا ترضي الطرفين تمامًا.
على الصعيد الفلسطيني، ينظر كثيرون إلى مجلس السلام وخطة إدارة غزة عبر لجنة تكنوقراط خدمية، بوصفهما أداة لوضع قطاع غزة تحت وصاية أجنبية جديدة، تعزز من السيطرة الاستعمارية وتزيد من تهميش الحقوق الفلسطينية، ما يقوض حلم الفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة.
المصادر
- After Tony Blair veto, ex-UN envoy Mladenov eyed as top candidate for Trump’s Gaza ‘board of peace’
- Nickolay Mladenov
- Nickolay Mladenov
- Nickolay E. Mladenov
- Scoop: Trump plans to appoint U.S. general to lead Gaza security force
- Israel’s accord with United Arab Emirates an opportunity to unlock progress on wider Middle East peace efforts, UN envoy says
















