الشرع لإسرائيل: لا نخشى الحرب ولن نقبل بالفوضى.. وناشطون: خطاب تاريخي

"الشعب السوري حقق انتصارات عظيمة بتضحياته من أجل الحرية والكرامة"
"إحساس بالمسؤولية، قوة في الطرح، تمكن في الكلمة، وضوح في الرؤية، جسارة في الرد".. بهذه الكلمات وغيرها علق ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي على خطاب الرئيس السوري أحمد الشرع، عقّب فيها على العدوان الإسرائيلي الذي نال بلاده.
وقال الرئيس السوري، في كلمة فجر 17 يوليو/تموز 2025: إن الكيان الإسرائيلي لجأ لتقويض جهود ضبط الأمن في محافظة السويداء جنوب سوريا لولا وساطة أميركية وعربية وتركية فعالة، مؤكدا أنهم لا يخشون الحرب لكنهم قدموا مصلحة الشعب على الفوضى.
وجاء خطاب الشرع عقب الإعلان عن الوصول إلى وقف لإطلاق النار في السويداء التي دخلتها قوات الجيش والأمن السورية لتأمينها إثر مواجهات بين أطراف بدوية ودرزية، خلّفت عشرات القتلى، واستغلها الاحتلال الإسرائيلي بشن غارات جوية بحجة حماية الدروز.
واستهدفت غارات الاحتلال أكثر من 160 هدفا في 4 محافظات هي السويداء ودرعا المتجاورتين، وريف دمشق ودمشق، التي قصف فيها مقر هيئة الأركان ومحيط القصر الرئاسي، وأسفرت عن مقتل 3 أشخاص وإصابة 34 جراء الغارات على وسط العاصمة.
وقال الشرع: إن “الشعب السوري حقق انتصارات عظيمة بتضحياته من أجل الحرية والكرامة، وإنه يقف اليوم في قلب معركة وطنية تهدف إلى حماية وحدة البلاد وصمود وطننا في وجه محاولات الكيان الإسرائيلي لاستهداف استقرار سوريا وزرع الفتن بين أبنائها”.
وأضاف: لقد خرج شعبنا في ثورة من أجل نيل حريته فانتصر فيها وقدم تضحيات جسيمة، ولا يزال هذا الشعب على أهبة الاستعداد للقتال من أجل كرامته في حال مسّها أي تهديد.
وأوضح الشرع أن الكيان الإسرائيلي الذي عودنا دائما على استهداف استقرارنا وخلق الفتن بيننا منذ إسقاط النظام البائد، يسعى مجددا لتحويل أرضنا الطاهرة إلى ساحة فوضى غير منتهية، يسعى من خلالها إلى تفكيك وحدة شعبنا وإضعاف قدراتنا على المضي قدما في مسيرة إعادة البناء والنهوض.
وأشار إلى أن هذا الكيان لا يكفّ عن استخدام كل الأساليب لزرع النزاعات والصراعات، غافلا عن حقيقة أنّ السوريين بتاريخهم الطويل رفضوا كل انفصال وتقسيم.
وشدد الرئيس السوري على أن امتلاك القوة العظيمة لا يعني بالضرورة تحقيق النصر، كما أن الانتصار في ساحة معينة لا يضمن النجاح في ساحة أخرى، فقد تكون قادرا على بدء الحرب ولكن ليس من السهل أن تتحكم في نتائجها.
وتابع: "نحن أبناء هذه الأرض والأقدر على تجاوز كل محاولات الكيان الإسرائيلي الرامية إلى تمزيقنا، وأصلب من أن تزعزع عزيمتنا بفتن مفتعلة".
واستطرد الشرع: "نحن أبناء سوريا نعرف جيدا من يحاول جرّنا إلى الحرب ومن يسعى إلى تقسيمنا، ولن نعطيهم الفرصة بأن يورّطوا شعبنا في حرب يرغبون في إشعالها على أرضنا، حرب لا هدف لها سوى تفتيت وطننا وتشتيت جهودنا نحو الفوضى والدمار".
وخصّ الشرع في كلمته المواطنين الدروز، بالقول إنهم جزء أصيل من نسيج هذا الوطن، وسوريا لن تكون أبدا مكانا للتقسيم أو التفتيت أو زرع الفتن بين أبنائها، مشيرا إلى تكليف الفصائل المحلية ومشايخ العقل بحفظ الأمن في السويداء تجنبا لحرب واسعة.
وأضاف: نؤكد لكم أنّ حماية حقوقكم وحريتكم هي من أولوياتنا، وأننا نرفض أي مسعىً يهدف لجرّكم إلى طرف خارجي، أو لإحداث انقسام داخل صفوفنا، إننا جميعاً شركاء في هذه الأرض، ولن نسمح لأي فئة كانت أن تشوّه هذه الصورة الجميلة التي تعبّر عن سوريا وتنوعها.
وأشاد ناشطون بخطاب الشرع وأبدوا استحسانهم وارتياحهم لكل ما جاء به، مؤكدين أنه قدم العقل والحكمة على التهور وأثبت أنه رجل دوله يغلب مصلحتها ومصلحة شعبه ويتعامل مع الأزمات بحنكة وحكمة ودهاء، وأبدى مرونة مع الوسطاء واستجابة لرأي الحلفاء ودول الجوار.
وأكدوا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي “إكس” و"فيسبوك"، ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #كلنا_أحمد_الشرع، #مع_الشرع، #مع_الدولة_السورية، وغيرها أن ما تفعله إسرائيل هي محاولة شق الصف وجعل سوريا غير مستقرة بشكل دائم لأن هذا يصب في مصلحتها.
وقدم ناشطون قراءات وتحليلات لما جاء بخطاب الشرع، ومهاجمته للاحتلال الإسرائيلي بضراوة، وتحديه له بقوله: "لسنا ممن يخشى الحرب"، داعين جموع السوريين على الاصطفاف خلف الإدارة السورية والدفع نحو استقرار سوريا لردع أطماع الاحتلال ومخالفة مصالحه.
خطاب تاريخي
وإشادة بكلمة الشرع، تساءل أمين أحمد حزام الحاج: "أي خطاب هذا الذي يتفجر عقلا راجحا وحكمة بالغة وسياسة شرعية ربانية منبعها عقيدة الإسلام الصافية المنبثقة من أخر كتاب الخاتم لجميع الكتب السماوية السابقة وآخر رسول لجميع إخوانه من الرسل الماضية".
وعدت سمر محمد، كلمة الرئيس السوري خطابا تاريخيا يعكس عظمته وقوته وثباته وخوفه على شعبه، قائلة: إنه "وقف شامخًا في مواجهة التحديات ليُثبت أن القيادة الحقيقية تتمثل في الحكمة والشجاعة".
وعرض حسين حاج حسين، كلمة الشرع، داعيا للاستماع إليها والوعي بما جاء فيها بقوله: "اسمعوا وعوا".
وأكد المغرد هاني أن كلمة أحمد الشرع قوية ومقتضبة وتاريخية، وتأثيرها مدوٍّ على (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو وحكومته وأقوى من الصواريخ التي استهدفت دمشق، عنوانها: "لا تعبثوا معنا فأنتم لستم نِدا لنا".
ووصف رئيس تحرير صحيفة المصريون جمال سلطان، خطاب الشرع بأنه الأقوى منذ توليه المسؤولية، مشيرا إلى أن كلمته مختصرة، ومعدة بعناية، هاجم فيها "إسرائيل"، وحذرها، ووصفها "بالكيان"، وأضاف: أن امتلاك القوة العظيمة لا يعني بالضرورة تحقيق النصر.
إشادة وثناء
وثناء على شخص الرئيس السوري، قال يعرب بن قحطان، عن الشرع: إنه رجل حروب منذ عشرين سنة، وهو يعرف جيداً كيف يدير الأزمات والفوضى، ناصحا بعدم اختباره، وأن تدعُ الأقليات ليل نهار ألا يصيبه أي سوء، لأنه لا أحد إلا رب العالمين يمكن له أن يوقف تلك الجموع عن رميهم في البحر.
وأكد بولا عمر أن الشرع قطع الطريق أمام كل أعدائه الذين كانوا يحلمون بجر البلاد والمنطقة إلى مستنقع دماء جديد، مذكرا بأن الرجل يدير دولة هي الأكثر تعقيداً على وجه الارض، فلا تغلب عاطفته عقله ولا يمشي في طريق أهواء وأحلام سرمدية.
وأشار إلى أن الشرع يعي موازين القوى، ويعرف من أين تؤكل الكتف، معربا عن ثقته به وبدولته وسياسته وهو الذي خرج من إدلب فاتحاً محرراً بعد 14 عاماً من الغطرسة الإجرامية.
وأثنى عبدالفتاح سراي على ما جاء في كلمة الشرع من شجاعة القائد الذي لا يخذُل قومه، ومسؤولية الرئيس الذي يحمل شعبه أمانةً في رقبته، مؤكدا أنه قادر على رد الصاع صاعين وقد وضح ذلك في خطابه، لكن ولأجل شعبه يسايس ويُجاري الأمور قدر المستطاع.
وقال: "وأنا استمع لهذا الخطاب ظننت أنني أشاهد عمرو بن كلثوم، الفارس العربي الشجاع الذي ساد قومه "تغلب" وهو فتىً صغيرا، والشاعر صاحب المعلقة الشهيرة التي قال فيها: "نعمُ أناسنا ونعفُ عنهم ونحملُ عنهمُ ما حملونا".
وعد أبو أحمد، خطاب الرئيس السوري رسالة تهديد لإسرائيل، قائلا: "هذا هو الوجه الثاني لأحمد الشرع.. حفظك الله وأعانك على هذا الحمل الثقيل الذي تحمله".
وأضاف: "كما كان متوقعا تمكن -الشرع- من نزع فتيل الأزمة وسحب البساط من أقدام نتنياهو لإرجاع سوريا للخلف.. لا شعارات غوغائية قرارات عمليه لحفظ وحدة" البلاد.
قراءات وتحليلات
وتحليلا لخطاب الرئيس السوري وقراءة لمضمونه، قال الصحفي سمير العركي، إن كلمته التي أعلن فيها سحب الجيش من السويداء استجابة لوساطات أميركية عربية تركية، وترك مهام حفظ الأمن فيها لقوى الأمن المحلية، تؤكد أن الكواليس شهدت تطورات مهمة قد يكشف عنها النقاب قريبا.
وأكد أن الخاسر الأكبر مما حدث هم دروز السويداء، الذين قد يتحولون إلى طائفة منبوذة شعبيا وهذا هو الأخطر على المدى البعيد، لذا عليهم أن يرمموا صورتهم ويصلحوا ما أفسده حكمت الهجري وعصابته، وعليهم أن يتعظوا من حوادث التاريخ.
وأشار الكاتب ياسر أبو هلالة إلى أن الشرع وصف "إسرائيل" في كلمته بـ"الكيان" واتهمها بمحاولة تمزيق سوريا وقال: "لسنا ممن يخشى الحرب لكننا قدمنا مصلحة الشعب على الفوضى وكان خيارنا الأمثل حماية وحدة الوطن".
وأكد أن سوريا خرجت من جولة الصراع مع " الكيان " الغاشم بأقل الخسائر، مشيرا إلى أن الضربة القاضية كانت لتيار التطبيع والصهينة الذي حاول التسلل إلى صفوف الثورة.
وقال أبو هلالة: "لن ننسى الشهداء الذين قضوا، ولا قصف دمشق، ولن ننسى الجولان وطبرية وجبل الشيخ ومليون نازح ولن ننسى فلسطين، لكن لا ننجر إلى حرب تخسرنا سوريا الموحدة".
ورأى أن الشرع تحدث عن الكيان بقوة وتماسك، دون عنتريات ولا ادعاءات، وتهديدات جوفاء، وحدد الوحدة وبناء الدولة هدفا يسعى العدو لمنعه، والدولة تبنى بالمواطنة والتماسك وهو ما يصنع الاستقرار ويحقق الازدهار.
واستحضر الكاتب أحمد موفق زيدان، قول الشرع: إن "الانتصار في ساحة معينة، لا يضمن النجاح في أخرى"، مؤكدا أنه درس استخلصه الرئيس السوري من معركة استعادة السويداء، أما أبطال الجيش السوري وقواه الأمنية البطلة فقد أديتم ما عليكم، ولا يُكلف الله نفساً إلاّ وسعها.
وخاطب الجيش السوري والقوى الأمنية قائلا: “ستظلون أيها الأبطال الكُرار الذين قد يخسرون معركة، لكن الحرب في النهاية لهم”.
ورأى شريف حجازي، أن الرئيس القوي أحمد الشرع قدم نفسه للعالم أنه رجل سلام ودولة يسعى لبناء دولة الحق والقانون، بينما كشف نتنياهو عن وجهه الإرهابي يسعى لكسب الصوت الدرزي.
وأوضح أحد المغردين، أن ملخص كلمة الشرع: "تأنّينا كثيرًا أمام غطرسة نتنياهو وكاتس، وتجنّبنا المواجهة ما استطعنا. فإمّا أن تتركونا ننهض من تحت الركام، أو نجرّكم إلى حرب تعرفون كيف تبدأ، ولا تملكون قرار إنهائها".
دعوة للتلاحم
وفي دعوة للسوريين للاصطفاف خلف الرئيس لردع أطماع الاحتلال، أكد محمد الملا، أن "إسرائيل" تاريخيًا تخشى قيام دولة قوية على حدودها.
وبين أن سوريا الموحّدة بقيادة وطنية مثل الشرع تمثّل تهديدًا إستراتيجيًا لتفوقها العسكري والسياسي، لافتا إلى أن مشروع الدولة السورية المستقلة لا يرضي نتنياهو.
وقال هيثم العواد، إن كل من لا يقف مع الدولة السورية ضد الهجمة الإرهابية من الخارجين على القانون في السويداء ومن الهجمة الإسرائيلية الصهيونية فهو خائن كائن من كان.
وأضاف: "لم يبق ابن متعة وأقلوي إلا ويشارك بالحرب والعداء ضد الدولة السورية وشعبها وبالتالي نحن مع الدولة ومع السيد الرئيس أحمد الشرع".
ورأى المغرد أحمد، أن اليوم يوم الصدق والتكاتف والوقوف خلف القيادة السورية تسقط كل كلمات النفاق والتكاذب الوطني من مدعي الوحدة الوطنية الكاذبة.
وكتب مصطفى الجرف: "بعد خطابه الأخير، أرمي بكل تحفظاتي جانباً وأقف كلياً خلف قيادة الرئيس أحمد الشرع، وأدعو الله أن يحميه ويسدد خطاه".