لماذا أصبح التطبيع مع سوريا يشكل خطرا جسيما على إسرائيل؟ موقع عبري يجيب

منذ ٧ ساعات

12

طباعة

مشاركة

في وقت تتضارب فيه الأحاديث عن مقترحات لتطبيع العلاقات بين إسرائيل وسوريا، يرى تقرير نشرته صحيفة "معاريف" العبرية أن "هذه الخطوة، رغم جاذبيتها الاقتصادية والإقليمية، قد تنطوي على مخاطر إستراتيجية جسيمة تهدد أمن إسرائيل ومكانتها الجيوسياسية". 

وحذّر خبير صنع القرار والمحاضر في كلية رامات جان، كفير تشوفا، من أن "اتفاق سلام محتملا مع دمشق قد يشرعن وجود مليشيات معادية، ويفتح المجال لتحولات عسكرية واقتصادية تضعف التفوق الإسرائيلي". 

كما يخشى من أن "يؤدي استقرار سوريا إلى إنشاء ممر تجاري برّي بديل يُهمّش الدور الإسرائيلي في مشاريع الربط الإقليمي".

وبينما يعرض تشوفا جملة من الشروط التي ينبغي على إسرائيل فرضها في أي اتفاق، فإنه يحذر من "فخ دبلوماسي" قد يتحول إلى تهديد وجودي إن لم يحط بضمانات صارمة.

سيناريو مخيف

وقال تشوف: "تخيلوا سيناريو توقع فيه إسرائيل على اتفاق سلام، ثم تجد نفسها، خلال سنوات قليلة، محاطة بمليشيات معادية، وأجواؤها مفتوحة للطائرات التركية، ومعزولة اقتصاديا عن العالم السني المعتدل، هل يبدو هذا مخيفا؟ في الحقيقة، هذا ليس بعيدا عن الواقع".

وأفاد بأن "تركيا وقطر قدمتا، دعما واسعا للنظام السوري الجديد".

وادعى تشوفا أن "أنقرة رسخت وجودها العسكري في شمال سوريا، وتسعى إلى إقامة قواعد عسكرية دائمة هناك".

واستطرد: "على خلفية هذه المعطيات، بدأت تبرز مبادرات لعقد اتفاق سلام بين سوريا وإسرائيل".

في هذا الصدد، حذر تشوفا من التطبيع مع دمشق قائلا: "بينما يُنظر إلى هذا الاتفاق كخطوة جذابة على الصعيدين الإقليمي والاقتصادي، إلا أنه في الواقع قد يشكل فخا إستراتيجيا لإسرائيل".

وعزا ذلك إلى ثلاثة أسباب، وقال: "بداية، من المتوقع أن يُضفي هذا الاتفاق شرعية على ما يُعرف بـ(الجيش السوري الجديد)، والذي يتألف عمليا من تحالف فصائل إسلامية منسقة مع تركيا وتخضع لتأثير خارجي مباشر".

وزعم تشوفا أن "هذا التهديد ليس نظريا؛ إذ سبق أن سيطر المتمردون على الجامع الأموي الكبير في دمشق، وأعلنوا بوضوح أن (المرحلة التالية هي تحرير القدس)".

وهو ما عدَّه "إشارة إلى أن بعض الجهات الفاعلة داخل الثورة السورية، مدفوعة بأيديولوجية دينية تتجاوز حدود سوريا وتستهدف المنطقة بأكملها".

ويكمن الخطر الثاني في أن "توقيع اتفاق سلام كهذا قد يكون ذريعة لرفع العقوبات الأميركية المفروضة على تركيا، مما يفتح الباب أمام أنقرة للحصول على مقاتلات (إف-35) الشبح".

وهو ما يعني -وفق الصحيفة- "تغييرا جذريا في موازين القوى في المنطقة".

حيث "ستفقد إسرائيل تفوقها الجوي الحصري، وستصبح تركيا -التي تمتلك ثاني أكبر جيش في حلف الناتو- قادرة على امتلاك قدرات جوية مماثلة، لكنها تعمل وفق دوافع تتعارض مع المصالح الإسرائيلية".

بالتوازي مع ذلك، سلطت الصحيفة الضوء على "إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أخيرا نيته إنشاء منظومة صواريخ باليستية ضخمة".

وترى أن "هذه الخطوة ستفاقم التهديد الإقليمي، حتى وإن جاءت بالتوازي مع مبادرات سياسية تبدو معتدلة ظاهريا".

الممر البديل 

على الصعيد الاقتصادي، تخشى الصحيفة من أن "يؤدي تحقيق الاستقرار في سوريا إلى إنشاء ممر تجاري بري جديد يمتد من السعودية عبر الأردن وسوريا إلى تركيا، ومنها إلى أوروبا".

وذكرت أن هذا الممر "قد يتجاوز المبادرة الإستراتيجية التي تجمع الهند والسعودية وإسرائيل، والتي تهدف إلى جعل إسرائيل بوابة رئيسة للشرق الأوسط".

ونوهت إلى أن "النتائج المتوقعة على هذا الممر لا تقتصر على خسائر اقتصادية فحسب، بل ستقوض أيضا مكانة إسرائيل بوصفها نقطة جيواقتصادية تربط الخليج بأوروبا".

إلى جانب هذه التداعيات الإستراتيجية، أشار تشوفا إلى أن "حلفاء إسرائيل (الهادئين) في المنطقة قد يتضررون بشكل مباشر".

وأردف: "فالدروز في جنوب سوريا قد يجدون أنفسهم مهددين من قبل نظام جديد لا يلتزم بحمايتهم".

واستطرد: "كما أن الأكراد في شمال شرق سوريا قد يخسرون الحكم الذاتي النسبي الذي بنوه على مدى السنوات الماضية، ويجدون أنفسهم بلا حماية، في ظل التحالف المتزايد بين أنقرة ودمشق".

ولذلك، يرى تشوفا أنه "حتى لو حملت هذه الخطوة تأثيرات إيجابية تتمثل في تهدئة عسكرية، وافتتاح خطوط التجارة مع سوريا، وإنهاء المقاطعة الاقتصادية التركية، بل وربما حتى تعاون اقتصادي إقليمي؛ إلا أن هذه المكاسب قد تكون مؤقتة فقط".

في هذا السياق، دعا تشوفا إسرائيل إلى ما سماها "الإصرار على شروط واضحة، في حال توقيع اتفاق سلام مع سوريا".

ووفقا له، "تشمل هذه الشروط الالتزام بعدم وجود قوات عسكرية في جنوب سوريا، مع تقديم ضمانات غربية لضمان تنفيذ هذا الشرط".

كما أوصى إسرائيل بالتصميم على "حظر بيع طائرات إف-35 لتركيا، وتقييد برنامج الصواريخ الباليستية التركي، وحماية الدروز والأكراد، والرفع الكامل للحظر الاقتصادي التركي، وتنظيم مسارات التجارة من الهند عبر إسرائيل".

وحذر تشوفا إسرائيل من أن "غياب هذه الشروط، يعني أن إسرائيل ستدفع ثمنا باهظا على المدى الطويل".

ورأى أن "اتفاق سلام بدون هذه الضمانات قد يتحول إلى نسخة حديثة من (صلح الحديبية)؛ أي هدنة مؤقتة تتيح للعدو تعزيز قوته والاستعداد للمواجهة القادمة".

واختتم تشوفا حديثه قائلا: "لا يمكن لإسرائيل أن تسمح لنفسها بالوقوع في فخ دبلوماسي، عليها أن تضمن أن الاتفاق، إذا أبرم، لا يكتفي بتحييد المخاطر فحسب، بل يؤسس لبيئة مستقرة تحمي أمنها وتدعم نموها الاقتصادي الفعلي".