بمساعدة هندية.. كيف زرع الموساد بوابات خلفية في بنية إيران التحتية؟

أوكلت إيران خلال السنوات الأخيرة العديد من المهام التقنية لشركات هندية
في المراحل الأولى من العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد إيران (13-24 يونيو/حزيران 2025)، لعبت القدرات الاستخباراتية دورا حاسما في توجيه ضربات دقيقة؛ إذ أسفرت الضربات الإسرائيلية عن خسائر فادحة على المستوى البشري والتقني، الأمر الذي رأى موقع "سوهو" الصيني أنه أدى إلى تهديد غير مباشر للأمن القومي الإيراني على أعلى المستويات.
ووفقا للعديد من المصادر الاستخباراتية، فإن إسرائيل كانت قد استعدت لهذا الصراع بشكل سرّي وعلى مدى طويل، عبر بناء شبكة استخبارات متعددة المستويات داخل الأراضي الإيرانية.
وفي أعقاب توقف الحرب بين الطرفين، شرعت السلطات الإيرانية في توسيع نطاق عمليات تطهير "الخونة في الداخل الإيراني".
ثغرة جوهرية
وخلال 24 ساعة فقط، أعلنت طهران عن اعتقال 700 شخص يشتبه بانخراطهم في أنشطة تجسسية لصالح إسرائيل، كما ضُبط أكثر من 10 آلاف طائرة مسيرة انتحارية داخل العاصمة طهران.
لكن ومع تعمق التحقيقات حول وجود الجواسيس، اكتشفت إيران أن جذور الكارثة قد لا تكون نابعة من الداخل بالكامل.
فالمصدر الحقيقي للمأساة -حسب الموقع- ربما لم يكن سوى ذلك الشريك التكنولوجي الذي لطالما عُدّ "موثوقا".
في هذا السياق، يقول الموقع الصيني: إن "إيران لجأت في ظل حصار تكنولوجي غربي عليها، إلى الهند كخيار محايد يمكن أن تعتمد عليه للتعاون في تطوير أنظمتها".
ويضيف: "فمن أمن المطارات ومراقبة الحدود، إلى بناء البنية التحتية لبعض المنصات العسكرية؛ أوكلت إيران العديد من المهام لشركات هندية أو فرق هندسية قادمة من الهند".
وتابع: "على مدى سنوات طويلة، كانت إيران تثق تماما في الأنظمة التي طوَّرتها الهند لصالحها حتى إنها استخدمتها على نطاق واسع في مجالات إستراتيجية مثل تسجيل الأحوال المدنية، وتطوير برامج الحكومة الإلكترونية".
وأشار إلى أن "هذا التعاون كان قائما في الأساس على الثقة التي منحتها إيران للهند". واستدرك أنه "يبدو أن هذه الثقة كانت الثغرة الجوهرية التي أدَّت إلى انهيار تلك الأنظمة".
فقد تبين -حسب الموقع- أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" كان "قد تسلل منذ فترة طويلة إلى هذا المسار التعاوني، وأقام اتصالات وثيقة مع عدد من المهندسين الهنود المشاركين في تطوير هذه الأنظمة".

أبواب خلفية
إذ زرعوا خلال مرحلة تطوير الأنظمة الهندية أبوابا خلفية سرية داخل البرامج الأساسية، مما مكن إسرائيل من الوصول عن بُعد، والتنصت، بل والسيطرة على معدات حيوية. وفق الموقع.
ويرى أن ذلك "شكَّل تهديدا كامنا لإيران؛ إذ استغلت إسرائيل تلك الثغرات لسرقة بيانات حساسة من داخل البلاد على مدى طويل، بل وتمكنت أيضا من التحكم عن بُعد ببعض منشآتها".
"واليوم، امتد هذا الاختراق لينال المجال العسكري الإيراني، وهو ما قد يفسّر العديد من التساؤلات المتعلقة بالصراع في الشرق الأوسط". يقول الموقع.
وتابع: "فبالرغم من امتلاك إيران قدرات دفاع جوي، كانت الطائرات الإسرائيلية تحلّق في سماء العاصمة الإيرانية دون اعتراض".
"وبالرغم من المسافة الجغرافية بين البلدين، استطاعت إسرائيل تحديد مواقع واغتيال عدد من كبار القادة والعلماء النوويين الإيرانيين بدقة عالية".
ويعتقد أن "القائد السابق للحرس الثوري الإيراني، حسين سلامي، لقي حتفه في هجوم يبدو أنه مرتبط بهذه الاختراقات".
وأردف: "تشير هذه الوقائع إلى أن الخلل في الأنظمة التي تمتلكها إيران، يؤكد أن البنية التحتية للدولة قد اخترقت".
ويقدر أنه "إذا تأكدت هذه المعلومات، فإن طهران لن تُقابلها فقط بالغضب، بل أيضا بالذهول والارتباك"؛ وذلك لأن إيران "اختارت التعاون مع الهند أولا بسبب تفوقها في مجال البرمجيات وتطوير الأنظمة".
“وثانيا لتجنب الاختراقات الغربية والإسرائيلية، بناء على قناعة بأن الشركات الهندية موثوقة”. وفق الموقع.
واستدرك: "لكن الواقع أثبت أن الثمن الذي دفعته إيران مقابل هذه الثقة العمياء كان باهظا".

توجيه رسمي؟
في هذا السياق، يبرز سؤال جوهري حول ما "إذا كان تصرف المهندسين الهنود بمبادرة شخصية أم بتوجيه رسمي من الحكومة الهندية".
حتى هذه اللحظة، لم تصدر نيودلهي أي رد رسمي بشأن تعاون محتمل مع إسرائيل.
كما لم تُعلن طهران بوضوح ما إذا كانت ترى أن الأمر جرى بمباركة الحكومة الهندية، أو أن بعض المهندسين قد استُقطبوا بشكل فردي.
مع ذلك، لفت الموقع إلى أن "وسائل الإعلام الإيرانية بدأت في تسليط الضوء على حجم التعاون التقني القائم بين شركات هندية وإسرائيل".
في غضون ذلك، يرى أن "الخطوة الأكثر أهمية التي يجب أن تفعلها إيران الآن هي التركيز على مراجعة داخلية شاملة، من أعلى المستويات إلى أدناها، لسدّ الثغرات في جميع القطاعات".
وتوقع أنه "إذا لم يتم ذلك بشكل سريع وفعّال، فإن النكسات الكبرى التي حدثت أخيرا قد تتكرر".
وأشار في الوقت ذاته، إلى أن "قضايا بهذه الحساسية، تمس الأمن القومي، يجب أن تكون جرس إنذار للعديد من الدول الأخرى كذلك".
ومن جانب آخر، أفادت الصحيفة بأن "جهاز الموساد جند موظفين في الجمارك وسلاسل الإمداد واللوجستيات؛ حيث هُربت بطاريات طائرات مسيّرة مفككة داخل حقائب وأغراض شخصية لتجاوز الفحص الجمركي".
وتابع: "ثم نقلت هذه الأجزاء إلى مستودعات مهجورة في ضواحي طهران؛ حيث جرى تجميع الطائرات الانتحارية وأنظمة إطلاق صواريخ موجهة بدقة، مع ضبط إحداثيات الأهداف مسبقا".
"كما حفرت مخازن سرية في أراضٍ زراعية قريبة من القواعد العسكرية، لإخفاء صواريخ مضادة للدروع وغيرها من الأسلحة".
وأضاف: "علاوة على ذلك، زرع عملاء إسرائيليون منصات إطلاق صواريخ صغيرة داخل شاحنات الإمداد المتوجهة إلى قواعد عسكرية إيرانية، مع تحديد مواقع دقيقة داخل القواعد، مثل محطات الرادار".

عملية تطهير
وأوضح أنه "ما إن يُصدر الأمر، تشن هذه الأسلحة الكامنة هجمات على منشآت إيرانية مهمة".
وتشير هذه المعطيات -وفق الموقع الصيني- إلى أن "جهاز الاستخبارات الإيراني يعاني من خلل كبير، وسط ضعف في الرقابة على الحدود وسلاسل التوريد".
ولذلك، وبالرغم من امتلاك إيران ترسانة عسكرية ضخمة، يقدر الموقع أنها "قد لا تكون كافية للتصدي لهذا النوع من الهجمات الداخلية المتسللة".
ومن زاوية أخرى، يعتقد "سوهو" أن "وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران هو هدنة مؤقتة، حتى تكمل إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية الاستعداد للتحرك مرة أخرى، بشكل أكثر دموية ضد طهران".
في هذا الصدد، ينصح الموقع إيران "ببدء حملة تعبئة وطنية شاملة لمكافحة التجسس، يشارك فيها الجميع".
كما دعاها لـ "إطلاق عملية إصلاح عميقة ومتعددة الأبعاد، تنال مختلف مكونات المجتمع".
وشدد كذلك على ضرورة "تنفيذ عملية تطهير صارمة، تبدأ من أعلى هرم السلطة وتمتد إلى القواعد التنفيذية في أجهزة الدولة".
وحذر من أن "عدم تنفيذ هذه الإجراءات في بلد كإيران مخترق بعمق من قبل إسرائيل، يعني أن طهران لن تعود إلى حالة آمنة ومستقرة".
وختم قائلا: "إذا لم تُباشر إيران بعملية تطهير شاملة من الأعلى إلى الأسفل، ومن الداخل إلى الخارج، فستكون عرضة لتكرار نفس الهزائم المؤلمة حين تدخل جولة الحرب المقبلة، بل وربما تتكبد خسائر أشد فداحة، وعجزا تاما عن الدفاع أو الصمود".