5 خيارات مطروحة في أوروبا.. ما فرص اتخاذ إجراء ضد جرائم إسرائيل؟

"الرغبة في اتخاذ خطوات عقابية ضد إسرائيل تظل محدودة"
كشفت تقارير إعلامية أن الاتحاد الأوروبي بصدد مناقشة خمس خطوات محتملة للرد على ما يعده “انتهاكا من قِبل إسرائيل لبند حقوق الإنسان في اتفاقية الشراكة الموقعة بين الطرفين”.
وتعتزم مسؤولة السياسية الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، أن تعرض هذه الخيارات خلال جلسة مرتقبة للاتحاد.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية هذه الخيارات، موضحة فرص توافق أعضاء الاتحاد على تطبيق أحد تلك الإجراءات، في ظل ترقب لصفقة محتملة لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار.

انتقادات أوروبية
ووفقا لتقرير نشره موقع "يورو نيوز"، فإن الاتحاد الأوروبي يبحث خمس خيارات للرد على ما يعده "انتهاكات إسرائيلية لحقوق الإنسان".
وشككت الصحيفة العبرية في تأثير هذه الخطوة، مشيرة إلى أن "غياب التوافق والإجماع داخل التكتل يقلل من فرص فرض عقوبات أو حظر تسليحي على إسرائيل".
وأشارت إلى أن "هذه التحركات تستند إلى اتفاقية الشراكة التي وقعت بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل عام 1995، والتي تشكل الإطار القانوني للعلاقات الثنائية".
وتشمل مجموعة واسعة من المجالات، من بينها الاقتصاد والتجارة، إلى جانب التعاون السياسي والثقافي والاجتماعي والصحي وغير ذلك.
وفي هذا السياق، أعلنت كالاس، في ختام مناقشات المجلس الأوروبي لتقرير أعدّته هيئات الاتحاد بشأن الممارسات الإسرائيلية في قطاع غزة، أن "التقرير أشار إلى وجود مؤشرات واضحة على عدم التزام إسرائيل ببنود حقوق الإنسان المنصوص عليها في المادة الثانية من اتفاق الشراكة بين الجانبين".
وأضافت كالاس: "إذا لم يشهد الوضع الميداني تحسنا بعد إجراء المحادثات الأوروبية-الإسرائيلية بشأن التقرير، فإن الوقت قد حان للنظر في اتخاذ تدابير من نوع مختلف".
ولفتت إلى أن اتفاقية التجارة بين الاتحاد وإسرائيل "ستخضع للمراجعة، على خلفية الوضع (الكارثي) في غزة".
وأوضحت الصحيفة أن "قرار كالاس جاء بعد أن وافق الاتحاد الأوروبي، خلال مايو/ أيار 2025، على إعادة النظر في الاتفاقية، بسبب العمليات العسكرية التي تنفذها إسرائيل في غزة والضفة الغربية، بما في ذلك فرض قيود على دخول المواد الغذائية والوقود والمياه والإمدادات الطبية الأساسية إلى السكان المحاصرين".
ووفق التقرير، فقد أكدت كالاس على أن "عقوبات الاتحاد الأوروبي على المستوطنين الإسرائيليين الذين يمارسون العنف أُعدت بالفعل، لكن دولة ما تعرقلها حتى الآن، دون أن تسمي هذه الدولة".
وذكر أنه "من المقرر أن تُعرض خيارات الاتحاد تجاه إسرائيل خلال اجتماع مجلس الشؤون الخارجية المقرر في 15 يوليو/ تموز 2025".
وبحسب الصحيفة: "تشمل الخيارات المطروحة، أولا، تعليقا كاملا أو جزئيا لاتفاقية الشراكة، ثانيا، فرض عقوبات على أفراد، من بينهم وزراء ومسؤولون عسكريون أو مستوطنون متشددون".
وتابعت: "ثالثا، اتخاذ خطوات في مجال التجارة، رابعا، فرض حظر على تصدير السلاح، وأخيرا، تعليق التعاون العلمي، بما في ذلك برنامج الأبحاث والابتكار (هورايزون أوروبا)".
خلافات حادة
وكشفت مصادر في الاتحاد الأوروبي للصحيفة العبرية عن "وجود خلافات حادة بين الدول الأعضاء، ما يجعل التوصل إلى توافق حول أحد هذه الإجراءات أمرا غير مرجح".
وأردفت "يديعوت أحرونوت" بأن "تعليق الاتفاقية بشكل كامل يتطلب موافقة بالإجماع، وهو أمر يبدو مستبعدا في ظل معارضة دول مثل التشيك وألمانيا والمجر".
ونوَّهت إلى أنه "حتى التعليق الجزئي للبنود التجارية يحتاج إلى (أغلبية خاصة)؛ أي دعم 15 دولة من أصل 27 دولة عضوا، تمثل هذه الدول 65 بالمئة من سكان الاتحاد، وهي خطوة قد لا تحظى بالدعم الكافي، خاصة بالنظر إلى أن صلاحيات التجارة تقع ضمن اختصاص المفوضية الأوروبية الحصري".
وفي هذا السياق، أوضحت الصحيفة أن "ألمانيا تعد حاليا الدولة الأكثر أهمية في الاتحاد الأوروبي التي تزود إسرائيل بالأسلحة، لكن دولا أخرى مثل النمسا والمجر والتشيك، وربما إيطاليا، من المتوقع أن تعارض فرض حظر على الأسلحة".
كما أن "فرض عقوبات على أفراد -مثل وزراء أو قادة عسكريين أو مستوطنين- يتطلب هو الآخر إجماعا، ويعد هذا الأمر (شبه مستحيل) بسبب مواقف الدول الأعضاء المتباينة".
"أما تعليق مشاركة إسرائيل في برنامج (هورايزون أوروبا) البحثي، فلا يتطلب إجماعا بل (أغلبية خاصة)"، وفقا للصحيفة.
وتابعت: "مع ذلك، تشير مصادر مطلعة إلى أنه لا يوجد في الوقت الحالي (زخم سياسي حقيقي) داخل الاتحاد الأوروبي لاتخاذ خطوات ضد إسرائيل".
وعزت ذلك إلى "تزايد الحديث عن وقف مرتقب لإطلاق النار وصفقة تبادل أسرى؛ حيث لا يرغب الأوروبيون في القيام بأي إجراء قد يُفسر على أنه تدخل في جهود الولايات المتحدة لإبرام الصفقة".
وأشارت إلى أنه "رغم الانتقادات التي وجّهها المستشار الألماني فريدريش ميرتس أخيرا لعمليات الجيش الإسرائيلي في غزة، إلا أن مصادر داخل الاتحاد الأوروبي أفادت بأن حكومة برلين لا تزال تدعم إسرائيل دعما كاملا".
وكشفت الصحيفة أن "المفوضية الأوروبية برئاسة أورسولا فون دير لاين رفضت، في جلسة سرية عقدت أخيرا، مقترحات بفرض عقوبات تجارية على إسرائيل".
في المقابل، نقلت عن مصدر مقرب من كالاس قوله: "إنها تسعى إلى وقف سفك الدماء وضمان دخول الغذاء والدواء والمساعدات إلى قطاع غزة، بغض النظر عن الكيفية التي سيتحقق بها ذلك".
يُذكر أنه في نهاية يونيو/ حزيران 2025 أوفدت كالاس مبعوث الاتحاد الأوروبي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، كريستوف بيغو، إلى كل من دولة الاحتلال والسلطة الفلسطينية، بهدف الوقوف على الوضع الإنساني في غزة والضفة الغربية.
رغبة محدودة
وتعتقد الصحيفة العبرية أنه "رغم تزامن هذه الجهود مع الحديث عن صفقة مرتقبة في غزة، إلا أنها لم تؤثر على الموقف الأوروبي؛ حيث تظل الرغبة في اتخاذ خطوات عقابية ضد إسرائيل محدودة".
ويبدو أن أجواء النقاش التي شهدها المجلس الأوروبي في السابع من يوليو/ تموز 2025، تدل على صحة هذا الاعتقاد؛ حيث كشفت عن وجود تباين واضح في المواقف؛ إذ لم تُبد سوى دولتين، هما إسبانيا وإيرلندا، دعمهما الصريح لتعليق الاتفاق.
في المقابل، أعربت دول مثل هولندا وبلجيكا والسويد والنمسا عن موقف أكثر تحفظا، وترى أن التقرير الأوروبي يجب أن يُستخدم كأداة ضغط على حكومة بنيامين نتنياهو للسماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
أما مجموعة أخرى من الدول، تتزعمها ألمانيا وإيطاليا، فقد أبدت رفضا حتى لمجرد طرح فكرة مراجعة الاتفاقية أو مناقشتها حاليا.
وهو ما عدته الصحيفة "دليلا على عمق الانقسام داخل الاتحاد الأوروبي بشأن كيفية التعامل مع إسرائيل في ظل التطورات الميدانية".
في هذا الصدد، ذكرت أنه "في يونيو 2025، نجحت إسرائيل في إحباط محاولة داخل بروكسل لفرض عقوبات أوروبية بسبب العمليات العسكرية في غزة، وذلك بعد أن أعربت عدة دول محورية في الاتحاد عن رفضها للخطة".
وأضافت: "كانت كل من إسبانيا وإيرلندا وسلوفينيا قد قادت المبادرة لفرض إجراءات ضد إسرائيل، من بينها تعليق اتفاقية الشراكة".
واستدركت: "إلا أن دولا أخرى مثل ألمانيا وإيطاليا والنمسا والمجر وكرواتيا ورومانيا وليتوانيا واليونان وغيرها، وقفت ضد هذا التحرك".