"اختراق جديد".. ما فرص نجاح إسرائيل في التطبيع مع إندونيسيا وماليزيا؟

منذ ٩ ساعات

12

طباعة

مشاركة

كشفت وسائل إعلام دولية عن أن رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بحث مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب إمكانية عقد صفقة تطبيع شاملة مع دولتين في جنوب شرق آسيا، رغم تواصل الإبادة الجماعية في غزة.

وتفاعلا مع ذلك، أفادت "القناة الـ 12" الإسرائيلية بأنه بجانب مناقشة نتنياهو لمسألة التطبيع بين إسرائيل ودول عربية مثل السعودية وسوريا ولبنان، فإنه يسعى كذلك إلى ضم إندونيسيا وماليزيا لاتفاقيات إبراهيم.

وأوضحت في موقعها الإلكتروني أن كلتا الدولتين مؤثر في آسيا، ولذلك "قد يفتح التطبيع معهما آفاقا جديدة لإسرائيل على الصعيدين الجغرافي والسياسي".

مناورة سياسية

واستعرض الموقع فرص التطبيع مع إندونيسيا وماليزيا؛ حيث تعد الأولى قوة إقليمية كبرى، وهي أكبر دولة إسلامية في العالم من حيث عدد السكان؛ إذ يعيش فيها نحو 230 مليون مسلم. 

ومع ذلك، لفت الموقع إلى أنها "تعتمد نهجا سياسيا علمانيا إلى حد كبير وتتسم بمواقف معتدلة نسبيا، وتميل إلى النأي بنفسها عن التماهي مع القوى الكبرى". على حد قوله.

وأضاف: "تحرص إندونيسيا حاليا على الحفاظ على علاقات جيدة مع مختلف الأطراف، دون الانحياز إلى طرف معين بين الصين والولايات المتحدة والعالم العربي وأوروبا".

وفي هذا الصدد، يقول الدكتور جيورا إليراز، من معهد ترومان بالجامعة العبرية: "تُعد إندونيسيا القوة المهيمنة داخل منطقة جنوب شرق آسيا، وهناك من يتوقع أنه خلال عشرين عاما ستكون واحدة من أكبر خمس اقتصادات في العالم، وهي بالفعل اليوم عضو في مجموعة العشرين".

وأوضح إليراز أن "نهج إندونيسيا الأساسي في السياسة الخارجية هو عدم الانحياز، إلى جانب اتباع سياسة من الاستقلالية والحياد".

وفيما يتعلق بموقفها من إسرائيل، قال إليراز للموقع العبري: "الموقف التقليدي لإندونيسيا يتمثل في أن الشرط الوحيد لإقامة علاقات دبلوماسية بين الجانبين هو إقامة دولة فلسطينية مستقلة".

وفي رأيه، يستند هذا الموقف إلى "توجه مناهض للاستعمار يشكل ركيزة في الرؤية الإندونيسية، إضافة إلى تعاطفها مع القضايا الإسلامية الجامعة".

ومع ذلك، يعتقد إليراز أن "هناك مجالا للمناورة السياسية، خاصة بعد تصريح الرئيس برابوو سوبيانتو في شهر مايو/ أيار 2025، والذي قال فيه: إن (اعتراف) إسرائيل بالدولة الفلسطينية قد يكون مدخلا لفتح الباب أمام إقامة علاقات مع إندونيسيا".

لكنه يشدد، في ذات الوقت، على أن "هذا (الهامش من المرونة) لا يعني أن إندونيسيا سترضى بتصريحات غامضة، أو غير واضحة المعالم".

برغماتية إندونيسيا

ويصف إليراز الرئيس برابوو بأنه "شخص براغماتي للغاية، ومنفتح على التغيرات السياسية".

ويقدر أن "السعودية -بصفتها دولة مسلمة رائدة ومؤثرة- قد تلعب دورا محوريا في هذا السياق".

فوفقا لرأيه، "إذا وافقت السعودية على صيغة مخففة من الالتزام بقيام دولة فلسطينية مقابل التطبيع، فقد يكون لذلك تأثير مباشر على إندونيسيا ويدفعها لتبني تسوية مشابهة".

على أرض الواقع، ذكرت القناة العبرية أن "رجال الأعمال الإسرائيليين يجرون تعاملات تجارية داخل إندونيسيا، كما يزور بعض المواطنين الإندونيسيين إسرائيل ويقومون بأنشطة اقتصادية فيها".

كما زعمت أن "(معاداة السامية) ليست ظاهرة منتشرة أو متجذرة لدى الشعب الإندونيسي".

وترى القناة أن "تحقيق اتفاق تطبيع مع إندونيسيا سيشكل إنجازا سياسيا كبيرا، سيكون له تبعات اقتصادية واسعة".

حيث يشير إليراز إلى أن "إقامة علاقات دبلوماسية ستحقق (عائدا هائلا)، سواء من خلال كسر الحواجز مع العالم الإسلامي، وتقليص دوائر الاغتراب والكراهية، أو من خلال تعزيز العلاقات الاقتصادية بين إسرائيل وهذه الدولة الآسيوية".

ويعرض إليراز جانبا من المصلحة الإندونيسية في توقيع اتفاق كهذا، قائلا: "لدى إندونيسيا طموحات على الساحة الدولية، وهذا جزء من تصورها الذاتي بأنها دولة يجب أن تكون فاعلة في مختلف الساحات، بما في ذلك الشرق الأوسط، إذ تسعى للعب دور سياسي نشط".

واستدرك: "إلا أن مشاركتها تظل محدودة حتى الآن بسبب غياب العلاقات مع طرفي النزاع في المنطقة؛ إسرائيل وفلسطين".

ماليزيا حادة

وعلى النقيض من التوقعات الإسرائيلية المتفائلة بشأن إمكانية التطبيع مع إندونيسيا، تبدو الصورة أقل تفاؤلا تجاه ماليزيا، إذ يعتقد الموقع أن فرص إقامة علاقات رسمية مع كوالالمبور أمر "لا يزال بعيد المنال".

تقع ماليزيا أيضا في جنوب شرق آسيا، وهي مقسمة إلى قسمين يفصل بينهما بحر الصين الجنوبي. 

ويبلغ عدد سكانها نحو 34 مليون نسمة، يشكل المسلمون نحو 64 بالمئة منهم، فيما يشكل البوذيون والمسيحيون معظم النسبة المتبقية.

على الصعيد الرسمي، أوضح الموقع أن "السياسة الماليزية تتسم بخطاب سياسي حاد مناهض لإسرائيل".

واستدل على ذلك قائلا: "لم يدن رئيس الوزراء الماليزي، أنور إبراهيم، هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بل أجرى اتصالا بعد الهجوم برئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس، إسماعيل هنية، وأعرب عن دعمه غير المشروط للشعب الفلسطيني".

وأضاف: "وخلال الأشهر التالية، واصل أنور انتقاداته المتكررة للعمليات الإسرائيلية في غزة، ووصف عناصر حماس بـ (مقاتلي الحرية)".

ووفقا لما أوردته وكالة بلومبيرغ للأنباء، فقد أوصت الحكومة الماليزية، في فبراير/ شباط 2025، رئيس الوزراء بـ "تخفيف لهجته ورسائله بشأن الحرب بين إسرائيل وغزة، خشية رد فعل انتقامي من الرئيس الأميركي دونالد ترامب".

"لم يحصل أي تقارب بين الدولتين، وماليزيا لا تُبدي اهتماما فعليا بإقامة علاقات مع إسرائيل، فهذه مسألة نادرا ما تُطرح، بل تكاد تكون غير موجودة أصلا في الساحة السياسية هناك"، يقول إليراز.

وأردف: "ماليزيا تُعد، بشكل واضح، الدولة ذات الاحتمال الأضعف لتحقيق تطبيع بين جميع الدول التي ذُكرت".

مضيفا: "الموقف الماليزي هو ذات الموقف التقليدي السائد في العالم العربي، والذي يشترط إقامة دولة فلسطينية كشرط مسبق لإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل".

وأوضح إليراز كذلك أن ماليزيا "لا تمتلك دافعا خاصا قد يحفزها على التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل".

"وفي المقابل، لا تملك إسرائيل أيضا مصلحة قوية تجاه ماليزيا تتجاوز البعد الرمزي لإنجاز سياسي محتمل"، وفق قوله.

ومع ذلك، نوه الموقع إلى "تصريح استثنائي أدلى به رئيس الوزراء أنور إبراهيم، بعد اندلاع الحرب بوقت قصير".

ففي مقابلة مع شبكة "سي إن إن"، أقر إبراهيم بحق إسرائيل في الوجود والدفاع عن نفسها، وهو -بحسب الموقع- "موقف يناقض الخطاب السياسي المعتاد في ماليزيا".

وعلق إليراز على ذلك قائلا: "كان تصريحا غير مألوف، لكني لا أعده تحولا في الموقف السياسي".

وادعى أن "هذه النبرة المعتدلة نسبيا قد تعكس تغيرا في المزاج العام داخل المجتمع الماليزي، الذي قد يكون بدأ يظهر مواقف أكثر تعاطفا نسبيا تجاه إسرائيل خلال الفترة الأخيرة".