إسرائيل تريد إنهاء مهمة اليونيفيل في لبنان بدعم أميركي.. ما البديل؟

منذ ٧ ساعات

12

طباعة

مشاركة

يناقش مجلس الأمن الدولي تمديد مهمة قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "اليونيفيل"، في ظل سعي إسرائيلي لإنهاء عملها وتفكير الولايات المتحدة الأميركية بالتراجع عن دعمها.

وبينما تنتهي ولاية البعثة في 31 أغسطس/ آب 2025، حذرت صحيفة "إزفستيا" الروسية من أن "استخدام واشنطن لحق النقض ضد تمديد البعثة، قد يؤدي إلى إشعال تصعيد جديد على الحدود الإسرائيلية اللبنانية".

قيد الدراسة

وأكد المتحدث الرسمي باسم اليونيفيل أندريا تيننتي للصحيفة أنه "يجري حاليا في مجلس الأمن مناقشة مسألة مستقبل عمل هذه القوات".

وقال تيننتي: "ما زلنا نرى أن مهمة قوات اليونيفيل ضرورية للغاية، خاصة في ظل حالة عدم الاستقرار في المنطقة"، مؤكدا أنهم "يحظون بدعم كبير من المجتمع الدولي".

وأشار إلى أن "أي تغييرات في حجم القوات أو أولويات العمليات، ستعتمد على قرار مجلس الأمن بناء على الوضع على الأرض".

وأضاف: "هناك مناقشات رسمية وغير رسمية جارية في مجلس الأمن بين الدول الأعضاء بشأن تمديد الولاية، وسيتخذ القرار النهائي في 31 أغسطس".

وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان يبلغ قوامها نحو 10500 فرد، وتنتشر منذ عام 1978 على طول الحدود اللبنانية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة. 

وكانت مهمتها الأولية هي تأكيد انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، واستعادة سلطة الحكومة اللبنانية هناك.

وفي عام 2000، عقب انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان، رسمت الأمم المتحدة خط انسحاب مؤقت بطول 120 كيلومترا، يُعرف باسم "الخط الأزرق"، بهدف التحقق من هذا الانسحاب.

وفي وقت لا يزال فيه قرار تمديد الولاية غير محسوم، تتزايد الضغوط على الأمم المتحدة من جانب إسرائيل، تقول الصحيفة.

وأفادت نقلا عن مصادر إسرائيلية، بأن تل أبيب تسعى إلى إنهاء نشاط قوات حفظ السلام، وأنه "من المقرر عقد مشاورات بهذا الشأن في الأيام المقبلة بالتعاون مع الولايات المتحدة".

وأوردت صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية أنباء عن صدور قرار بإلغاء البعثة، وهو ما نفاه البيت الأبيض.

ورغم تصريح متحدث رسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية أن هذه الأنباء "غير دقيقة"، فقد أقر في الوقت نفسه بأن "خيار إنهاء الدعم الأميركي لليونيفيل قيد الدراسة بالفعل في واشنطن".

وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن تل أبيب مستعدة لدعم هذا القرار، سواء تضامنا مع الولايات المتحدة -الحليف الرئيس لها في المنطقة- أو بسبب ما تراه ضعفا في فاعلية قوات الأمم المتحدة.

وتزعم إسرائيل أن وجود القوات المسلحة اللبنانية في جنوب البلاد كاف للحد من نشاط حزب الله المتمركز هناك، وهو ما يعني -حسب ادعائها- عدم الحاجة لتواجد قوات اليونيفيل.

وفي المقابل، يصمم تيننتي على أن "قوات حفظ السلام لا تزال تؤدي دورا مهما". وأوضح أنهم "يتعاونون بشكل وثيق مع الجيش اللبناني، ويعملون يوميا لدعم انتشاره في الجنوب، والمساعدة في مصادرة الأسلحة غير المصرح بها".

وأضاف: "لدينا قناة اتصال مفتوحة مع الجيش الإسرائيلي، لتجنب سوء الفهم وتقليل التوتر". ولا تزال القوات الإسرائيلية حتى اللحظة تحتل خمس مواقع على الأراضي اللبنانية، كما تنفذ عمليات توغل محدود في بعض الأحيان كما جرى في يوليو 2025.

فرصة سانحة

في سياق متصل، أفادت الصحيفة الروسية بأن السلطات اللبنانية "تواجه ضغوطا أميركية تضعها أمام خيار صعب".

ونقلت عن وكالة الأنباء الفرنسية أن المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، طالب، خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت، بتقديم التزامات رسمية من الجانب اللبناني لبدء عملية نزع سلاح حزب الله. 

وذلك وفق شروط الاتفاق الذي جرى التوصل إليه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 بين إسرائيل وحزب الله.

وأردفت الصحيفة الروسية: "في المقابل، تنتظر واشنطن انسحابا كاملا للقوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية".

في هذا السياق، أفاد ممثل بعثة اليونيفيل بأن الجيش اللبناني، بدعم من البعثة، اكتشف خلال الأشهر الأخيرة عدة مئات من مخازن الذخيرة والمواقع المحصنة، التي كانت تستخدم سابقا من قبل الحزب.

وفيما يتعلق بدعوات نزع السلاح، عقب أندريا تيننتي قائلا: "في الوقت الراهن، لا تزال حالة الاستقرار في الجنوب هشة للغاية".

ومع ذلك، فإنه يعتقد أن "التغيرات في المشهد الجيوسياسي، باتت تتيح للجيش اللبناني العمل بثقة أكبر مما كان عليه في الماضي".

في هذا الصدد، تذكر الصحيفة أنه "لطالما كانت العلاقة بين حزب الله ومؤسسات الدولة اللبنانية محل جدل لعقود".

وأضافت: "فبعد انتهاء الحرب الأهلية عام 1990، نُزع سلاح جميع المليشيات باستثناء هذا التنظيم، الذي سمح له بالاحتفاظ بجناحه العسكري بذريعة مقاومة الاحتلال الإسرائيلي للمناطق الجنوبية".

وتابعت: "مع مرور الوقت، تحول التنظيم الشيعي إلى واحد من أقوى القوى المسلحة في المنطقة، بترسانة تفوق قدرات الجيش اللبناني".

ولفتت إلى أن "لبنان لم يتمكن من فرض سيطرة حصرية على أراضيه، رغم الوعود المتكررة بالإصلاحات والمطالب الدولية بتعزيز سلطة الدولة".

وأشار إلى أن "الحزب عمل جنبا إلى جنب مع الجيش، وأبدى في الغالب كفاءة قتالية أعلى منه، فضلا عن أن عدد مقاتليه كان يتجاوزه بنحو الضعف".

لكن يبدو أن التطورات الأخيرة -حسب الصحيفة- وضعت حزب الله في موقف ضعف، بعد المواجهة مع إسرائيل التي بدأت بفعل عملية طوفان الأقصى.

وأوضحت: "تأثر وضع الحزب سلبيا بسبب أثر الصراع الأخير مع إسرائيل، إضافة إلى التغييرات في سوريا، التي كانت تقدم له الدعم اللوجستي والإستراتيجي عبر نظام بشار الأسد (الذي سقط في ديسمبر/كانون الأول 2024)".

وأشارت إلى أن "مجموعة من القوى الدولية -الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية- بدأت في الوقت ذاته الدفع باتجاه إصلاح النظام السياسي اللبناني، مع الدعوة إلى تغيير القيادة وتجديد مبادئ الحكم".

وقد أسفر هذا الضغط -حسب الصحيفة- عن انتخاب رئيس جمهورية ورئيس وزراء جديدين.

وبناء على ذلك، ترى أن "استخدام واشنطن حق النقض ضد قرار تمديد مهمة الأمم المتحدة قد يقوض مبادئ الحكم الجديدة، ويؤدي إلى تراجع كبير في الرقابة الدولية، وربما إلى تصعيد جديد على الحدود".

وتقدر أن "القوات الإسرائيلية قد تجد أمامها في هذه الحالة فرصة سانحة لتنفيذ عمليات عسكرية أعمق داخل الأراضي اللبنانية، وهذه المرة في غياب مراقبة دولية".

تقويض الفاعلية

بدوره، يرى الأستاذ في الجامعة اللبنانية جمال واكيم في تصريح لصحيفة "إزفستيا"، أن "التعاون الحالي بين قوات حفظ السلام والجيش اللبناني لا يزال مثمرا، إلا أن مسار هذا التعاون يواجه عقبات".

وأشار إلى أن "بعض قادة البعثة يتصرفون، بناء على تعليمات مباشرة من الولايات المتحدة وإسرائيل، بهدف تقويض فعالية القوات وخلق مبرر لإعادة هيكلتها".

وأضاف أن "محاولة إسرائيل إنهاء مهمة قوات حفظ السلام تأتي من رغبتها في تغيير طبيعة المهمة، أو نقل ولايتها إلى قوى أخرى".

والمقصود بذلك -وفق الصحيفة- هو "استبدال قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بقوات متعددة الجنسيات".

في هذا السياق، ذكرت أن "وسائل الإعلام اللبنانية كانت قد أفادت عام 2024 أن دولا غربية طرحت هذه المبادرة".

وأشارت إلى أن "هذه القوات لن تقتصر على المناطق القريبة من القرى الحدودية جنوب لبنان، بل ستمتد أيضا على طول الحدود مع سوريا، بهدف إحكام السيطرة على كامل الخط البري للجمهورية اللبنانية".

ووسط كل هذا الغموض بشأن مستقبل قوات اليونيفيل، تؤكد الصحيفة الروسية أن "وجودها لا يزال يُشكل عامل ردع نسبي لإسرائيل".

واستطردت: "فالجيش الإسرائيلي مضطر إلى أخذ تفويض ودوائر مسؤولية قوات الأمم المتحدة في الحسبان عند التخطيط لعملياته".

وهو ما عدته الصحيفة "يقيد من حرية تحركه، ويعد مصدر إزعاج للدولة العبرية التي ترغب في التحرك بحزم أكبر ضد الحزب".

واستدركت: "مع ذلك، تواصل الطائرات الحربية الإسرائيلية شنّ ضربات قوية على مناطق الجنوب اللبناني، الأمر الذي لا يسهم في استقرار الوضع".