"رأس حربة في مخططات إسرائيل" ضد إيران.. أذربيجان صديقة أم عدوة؟

"التعاون المكشوف بين باكو وتل أبيب خلال الحرب لم يعد سرا"
تتكاثر التساؤلات في وسائل الإعلام الإيرانية عن موقف أذربيجان من الحرب الأخيرة بين إيران والكيان الإسرائيلي، متهمة باكو بالتواطؤ مع تل أبيب في العدوان على الأراضي الإيرانية، لا سيما في استهداف مدينة تبريز.
وأشار موقع “الدبلوماسية الإيرانية” إلى أن الحرب التي اندلعت في يونيو/ حزيران 2025 شكلت نقطة تحول في المشهد السياسي الإقليمي، حيث فشلت الوساطات الدولية، في ظل ما اعتُبر "خديعة تفاوضية" من الولايات المتحدة.
واتهم الموقع في تقريره الحكومة الأذرية بتوفير ممرات لوجستية للطائرات الإسرائيلية، وبالصمت تجاه العدوان، بل وبشن حملة إعلامية مسيئة لإيران وقيادتها. كما حذر من تصاعد النزعة الانفصالية في الداخل الإيراني نتيجة هذا الدعم.
ودعا إلى مراجعة شاملة للعلاقات مع باكو، ويرى أن الجارة الشمالية باتت "أداة بيد الناتو والصهيونية"، وهو ما يستدعي، وفق تعبيره، موقفا إيرانيا صارما وحاسما.

نقطة تحول
وفي مستهل التقرير، وصف موقع "الدبلوماسية الإيرانية" بأن حرب الـ 12 يوما كانت "نقطة تحول" في الاهتمام السياسي والإعلامي العالمي.
وأشار التقرير إلى أن "الدبلوماسيين الإيرانيين كانوا، منذ عدة أسابيع، منخرطين في مفاوضات غير مباشرة مع الولايات المتحدة الأميركية، بوساطة سلطنة عمان التي سعت إلى لعب دور بناء".
وتابع: "لكن كما أكد سماحة قائد الثورة الإسلامية سابقا، فإن هذه المفاوضات لم تكن سوى خدعة".
وأضاف التقرير أن "النظام الصهيوني، وبالتنسيق مع شريكه الأميركي الذي عمد إلى تهدئة الأوضاع، انتهز الفرصة لتنفيذ مشروعه العدائي ضد البرنامج النووي الإيراني وشن انقلابا على السيادة الوطنية للجمهورية الإسلامية".
وأردف: "وقد دفعه يأسه إلى اتخاذ خطوة (متسرعة) عبر إرسال سلاحه الجوي نحو الحدود الدولية، بهدف تدمير المنشآت النووية، وتفعيل خلايا معارضة داخلية، وإنهاء النظام الإيراني".
وأوضح التقرير أن "الهجوم استهدف في بدايته العاصمة طهران، ثم مدينة تبريز، التي وصفها بـ (إحدى أكثر المدن إستراتيجية) في شمال غرب البلاد".
وذكر أن "القصف نال وحدات الصواريخ، ومنظومات الرادار، والبنية التحتية للقوات الجوية في قاعدة (الشهيد فاكوري) الجوية، في هجوم غير مسبوق، أسفر عن خسائر بشرية وعسكرية كبيرة".
وتابع: "غير أن إعلان إسقاط عدة مقاتلات إسرائيلية من طراز F-35 بصواريخ الدفاع الجوي في تبريز، خفف من آلام المواطنين هناك، وبث روح الأمل في نفوس أبناء المحافظة ذات الأغلبية الأذرية".
وتاريخيا، استحضر التقرير أن "تبريز كانت أيضا هدفا لهجمات الطيران العراقي إبان الحرب العراقية-الإيرانية، لكنها نجحت حينها في إعادة تشغيل قاعدة (الشهيد فاكوري) بسرعة والمشاركة في الدفاع عن الوطن".
وأضاف: "لكن هذه المرة، بدا الحزن جليا على وجه القاعدة، بعدما تعرضت لأضرار جسيمة". وتساءل: "لماذا استهدفت إسرائيل تبريز بهذا الشكل؟"
يجيب التقرير بأن "تبريز تمثل (السد الدفاعي الأول) في وجه أي عدوان قادم من الشمال الغربي".
وأشاد بـ "دور القوات الجوية التابعة للحرس الثوري والجيش، بالإضافة إلى قوات الهليكوبتر والوحدات البرية، في التصدي لتقدم العدو".
لكنه أشار إلى أن "العدو، عبر تركيزه على قوته الجوية فقط، سعى إلى شل المحرك الدفاعي للمنطقة".

تورط أذربيجان
وفي سياق متصل، كشف التقرير عن ما وصفه بـ "أخبار وشواهد مزعجة" حول "تورط جمهورية أذربيجان في توفير ممرات وبنية تحتية للكيان الإسرائيلي خلال العدوان".
وأشار إلى أن "رصد مسار الطائرات المسيرة الإسرائيلية واكتشاف حطام مقاتلات F-35 على السواحل الشمالية لإيران يدل بوضوح على التعاون الوثيق بين الحكومة الواقعة شمال نهر آراس والعدو التاريخي للإيرانيين".
وفي حين أرسلت "الدول الصديقة" رسائل تنديد واضحة إلى وزارة الخارجية الإيرانية، أفاد التقرير بأنه "لم يصدر أي صوت -لا بالنفي ولا بالتبرير- من جانب أذربيجان".
ورأى أن هذا الموقف "يناقض مبادئ حسن الجوار بين البلدين"، مضيفا أن "باكو تناست المواقف الداعمة التي اتخذتها طهران لصالحها في المحافل الدولية، وتقديمها للدعم المادي والمعنوي لجمهورية أذربيجان".
واستطرد التقرير بالقول: إن "السياسات العدائية من الطرف الأذري لا يبدو أنها ستنتهي"، وإن "أحلامهم (المشبوهة) بشأن مشروع (أذربيجان الكبرى) والنزعات الانفصالية داخل إيران لا تزال قائمة".
وأشار التقرير إلى أن "الوسائل الإعلامية التابعة لحكومة باكو -عقب تلقيها احتجاجات رسمية إيرانية على التعاون مع الكيان الصهيوني- اتجهت إلى الدفاع عن (الكيان القاتل للأطفال) عبر مهاجمة إنجازات إيران العسكرية، وإهانة مقام المرشد الأعلى، والسخرية من الهوية الإيرانية".
واصفا تلك المنصات الإعلامية بأنها "تشكل الذراع الإعلامي للعدو الصهيوني داخل أذربيجان".
وأردف أن "صمت الحكومة الأذرية" حيال هذه الحملات الإعلامية "يحولها إلى "محرك رئيس لأتون الفتنة"، خاصة أن "بعض الشبكات القومية الأذرية بدأت تروج لاحتمال تنفيذ هجوم عسكري على الحدود الإيرانية والدخول إلى تبريز"، وفق التقرير.
وفي هذا السياق، أشار التقرير إلى أن أذربيجان قامت، في خطوة وصفت بـ"المسرحية"، بتوجيه دعوة إلى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان للمشاركة في القمة المقبلة في باكو.
وعلق التقرير: "إنها رسالة مزدوجة: أهينك، وأدعوك لحضور قمتي".
وفي ختام التقرير، شدد كاتبه على أن من "القصور السياسي الاستمرار في التعامل مع أذربيجان بعقلية الأخوة والصداقة السابقة، وغض الطرف عن أخطائها المتكررة".
وخلص إلى القول بأن الجارة الشمالية "تحولت إلى أداة بيد الناتو والصهيونية"، عبر محاولاتها فتح ممر من جنوب أرمينيا، وتعزيز شراكاتها مع الكيان المحتل، وهو ما "لا يترك أمام إيران خيارا سوى الرد الحازم والحاسم".
واختتم التقرير بالتحذير من أن "تراخي المسؤولين الإيرانيين" في التعامل مع أذربيجان "لن يكون في مصلحة البلاد".
متوقعا أن "تشهد المدن الكبرى مثل تبريز وأردبيل وأرومية وخوي تحركات انفصالية برعاية (عملاء مأجورين)".
وأشار إلى "انتشار أعلام أذربيجان في بيوت ومركبات بعض الأشخاص بوصفهم (جنودا غير معلنين لنظام ديكتاتوري)".
مضيفا أن "التعاون المكشوف بين باكو وتل أبيب خلال الحرب لم يعد سرا"، وأن "على المسؤولين الإيرانيين اتخاذ موقف واضح".