باحثة بالشأن الصيني: بكين متواطئة مع إسرائيل ولا يمكنها التحالف مع إيران

خالد كريزم | منذ ٤ ساعات

12

طباعة

مشاركة

أكدت الباحثة في العلاقات الدولية والشأن الصيني رزان شوامرة أن الصين لا تُعد طرفا محايدا في قضايا الشرق الأوسط، بل تمارس ما وصفه بـ"الحياد المنحاز" خاصة تجاه القضية الفلسطينية.

وفي حوار مع “الاستقلال”، شدَّدت شوامرة على أن الصين لا تتجاوز الخطوط الحمراء التي تضعها الولايات المتحدة والدول الأوروبية في الشرق الأوسط، وذلك على الرغم من تصريحها بعكس ذلك.

وتناولت شوامرة أبعاد الدور الصيني في الشرق الأوسط، وفلسفة السياسة الخارجية الصينية، وموقعها من الصراعات والملفات الساخنة بهذه المنطقة.

كما تطرقت إلى العلاقات بين الصين وكل من إسرائيل وإيران، كاشفة عن تناقضات بين الخطاب الصيني المعلن والممارسات الفعلية على الأرض.

وأكدت أنه “لا يوجد تحالف بين الصين وإيران”، مما يفسر أسباب الإحباط الإيراني من بكين خلال المواجهة العسكرية الأخيرة بين طهران وتل أبيب (13 - 24 يونيو/حزيران 2025).

ورزان شوامرة، باحثة فلسطينية حاصلة على الدكتوراة في العلاقات الدولية، ومتخصصة في الدراسات الصينية، وتتناول أبحاثها إستراتيجية الصين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بما في ذلك الصهيونية، والعرب، وإيران، وتركيا.

 

فهم الصين

كيف تُعرِّف الصين نفسها دبلوماسيا في المنطقة؟ هل هي وسيط محايد؟ وقوة اقتصادية فقط؟

الصين ثاني أكبر اقتصاد عالميا، وتأمين مصالحها الاقتصادية في الشرق الأوسط يفوق رغبتها في الانخراط بصراعاته، فهي تعلم جيدا أن الإقليم مقبرة للقوى العظمى، وأن أي انخراط مباشر لها سيؤثر على صعودها.

لذلك هي لا تتدخل، حتى لو انهارت جميع الأنظمة التي تدعم بكين وعلى رأسها طهران؛ فالصين أكثر دولة قادرة على التكيف مع التغيرات، ولكنها لا تحدثها ولا تشارك في إحداثها. 

وفي سياق علاقاتها مع دول الإقليم، من المثير أن علاقات الصين مع حلفاء أميركا في الإقليم أكثر استقرارا من علاقاتها مع أعداء واشنطن، وعلى رأسهم (الأصدقاء) مصر والإمارات والسعودية. 

مثلا، مجال الطاقة بين الصين والسعودية يشهد تصاعدا، ولكن انسحبت الشركات الصينية من أغلب المشاريع الطاقوية داخل إيران وأصبحت عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها، والسبب الرئيس يكمن في العقوبات الأميركية.

ودبلوماسيا، تصور الصين نفسها على أنها دولة محايدة تجاه الأزمات الإقليمية، ولكن يبقى ادعاؤها موضع شك. 

في البداية، تقوم الدبلوماسية الصينية على مجموعة من السمات التي ظهرت خلال دورها تجاه الأزمات الدولية المستمرة منذ بداية العقد الثاني، وتشمل أوكرانيا والحروب على غزة والإبادة فيها، والتصعيد العسكري بين الهند وباكستان، والحرب الإيرانية-الإسرائيلية.

وهذه السمات تتمثل بالنأي بالنفس وتحويل المسؤولة على الآخرين لحل الأزمات الدولية، خاصة مجلس الأمن، وأيضا، طرح دور لها في إطار جمعي وليس منفردة.

فالصين حتى الآن لم تأخذ على عاتقها التوسط في أي من صراعات الإقليم. مثلا، قدّمت بالشراكة مع باكستان وروسيا مقترح لوقف الحرب في إيران، ولكنها في حالة فلسطين لم تفعل ذلك، ولم تقدم أي مشروع صيني واحد لوقف الحرب.

ومن السمات أيضا، انتقاد فشل مجلس الأمن والمؤسسات الدولية وانتقاد دور الولايات المتحدة في إشعال الحروب.

ما فلسفة الحياد في السياسة الخارجية الصينية؟ وهل تعود إلى جذور أيديولوجية أم براغماتية؟

الصين ليست دولة محايدة، في كل صراع لها مصالح مختلفة، مثلا خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ادعت الحيادية، ولكنها وضعت أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول 2024) في سياق الهولوكوست، وهو تبنٍّ واضح للرواية الإسرائيلية والغربية.

وحتى اليوم لم تستخدم مفهوم "الإبادة" واستبدلته بكوارث إنسانية. وبذلك، فإن موقف الصين من فلسطين يتمثّل فيما أسميه "الحياد المنحاز"، فهي تدعي الحياد ولكنها منحازة لإسرائيل، وأبرز مثال على ذلك استثمارها في المستوطنات الإسرائيلية في فلسطين المحتلة.

ومثال آخر، أنه في الوقت الذي قطعت فيه إسرائيل الماء والكهرباء عن غزة وحظرت دخول الغذاء، كانت الصين أكبر شريك تجاري يغذي الأسواق الإسرائيلية خلال الحرب بـ19 مليار دولار حجم صادراتها، مقابل 9 مليارات من واشنطن، أي أنها تفوّقت على الولايات المتحدة.

هل تقدم الصين نفسها بشكل مختلف عن النموذج الغربي في التعامل مع الشرق الأوسط؟

نعم، خطابيًا تطرح الصين نفسها كطرف أفضل من واشنطن على وجه الخصوص، وظهر ذلك في وثائق عدة أصدرتها خلال السنوات السابقة.

مثلا، في وثيقة بعنوان "الهيمنة الأميركية ومخاطرها" وثقت الصين تاريخ واشنطن منذ "ذبح الهنود الحمر" واحتلال كندا في الماضي، مرورا بالحروب الدولية، وصولا إلى أوكرانيا وليبيا وسوريا والثورات الملونة.

وقالت الصين: إن واشنطن أساءت استخدام هيمنتها، وفي نهاية الوثيقة، طرحت نفسها كدولة تحترم الدول وسيادتها.

في مثال آخر، أشارت وثيقة أخرى إلى تاريخ المساعدات الأميركية المالية والعسكرية منذ أربعينيات القرن الماضي حتى اليوم.

وقالت إن واشنطن أحدثت كوارث في النظام الدولي، أما هي، فعن نفسها ختمت الوثيقة قائلة: إن مساعدتها تقوم على احترام الدول وعدم التدخل.

المثير في هذه الوثائق هو إزالة دور أميركا في فلسطين ودعمها العسكري الضخم لإسرائيل، فقد جرى استثناء تل أبيب كليا من تاريخ الولايات المتحدة، وهذا يؤكد أن الصين ليست دولة محايدة، بل منحازة.

ونشرت الوثيقة الثانية خلال حرب الإبادة، وعلى الرغم من أن جوهرها هو الدعم العسكري الأميركي للحروب، فقد تجنّبت تماما ذكر فلسطين.

الصين والقضايا الساخنة

لماذا لا تتخذ بكين موقفا حاسما من العدوان الإسرائيلي، رغم علاقاتها التاريخية بمنظمة التحرير؟

أولا، تاريخ دعم الصين لفلسطين بحاجة لإعادة تقييم ودراسة؛ تشير الدراسات والوثائق أن دعمها للحركة الصهيونية بدأ منذ 1920.

كما تشير إلى أن مردخاي والد إيهود أولمرت (رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق) طلب دعما عسكريا من الصين عام 1945، وقُدم له من مسؤولين صينيين عام 1948، وهذا يضعنا أمام سؤال كبير: هل شاركت الصين في نكبة الشعب الفلسطيني؟

مقارنة بدعم الصين للصهيونية، فإن دعمها لفلسطين كان لحظة في تاريخها، وليس كما يصور في أغلب الدراسات العربية والغربية وكما يتناوله الإسرائيليون اليوم.

دعم الصين لمنظمة التحرير وحركات التحرر الوطني كان في ستينيات القرن الماضي وجاء في سياق الحرب الباردة.

ولكن مع بداية السبعينيات تغير الأمر، وبدأت الصين انفتاحها على الغرب خاصة واشنطن في سياق سياسة "الباب المفتوح" الأميركية، وسياسة بكين بكسر العزلة الدولية، وبدأت علاقاتها السرية مع إسرائيل.

وفي السبعينيات صوتت ضد طلب العرب بطرد إسرائيل من الأمم المتحدة، وهذا يدحض انطباعا كبيرا سائدا "زرعتم أوسلو فنبتت في كل العواصم". فالتطبيع الصيني مع تل أبيب تاريخيًا لم يكن بسبب التطبيع العربي أو اتفاقية السلام مع منظمة التحرير.

كيف تنظر الصين إلى المقاومة الفلسطينية؟ هل تعدها "حركات تحرر" أم تتبنى توصيفًا غربيًا لها؟

المراقب للخطاب الصيني منذ الثمانينيات، يرى بأن الصين حذفت من خطابها "دعم حركات التحرر، والكفاح المسلح،" وبدأت تتحدث عن "دعم المخاوف الأمنية لإسرائيل" وتبني الاجماع الدولي حول فلسطين فيما يخص حل الدولتين. 

انعكس ذلك على موقف الصين من الكفاح المسلح الفلسطيني، فمثلا عام 2001 أدانت الصين العمليات الاستشهادية في الضفة الغربية، عادّة إياها “هجوما عدوانيا بالقرب من مستوطنة يهودية”.

وفي عام 2003 طالبت ياسر عرفات (الرئيس الفلسطيني الراحل) بمواجهة "المتشددين" الفلسطينيين، أي الذين ينفذون العمليات الاستشهادية، وخطابها تجاهل تماما حقيقة أن الضفة الغربية محتلة عسكريا من قبل إسرائيل.

في نفس السياق، خلال الحروب الرئيسة على قطاع غزة، مثلا عام 2012، قالت: إنها تدين أعمال العنف والإرهاب، في محاولة لتقديم خطاب "حيادي"، ولكن هذا الحياد يساوي بين جرائم إسرائيل وبين ردود أفعال المقاومة الفلسطينية، وبين المحتل والشعب الواقع تحت الاحتلال. 

وخلال الإبادة الحالية، انتقدت الصين هجوم السابع من أكتوبر، ووضعته في سياق الهولوكوست كما الغرب وإسرائيل تماما؛ إذ قال السفير الصيني في إسرائيل، شياو جون تشنغ، في مقالة نشرها بعد مشاركته في ذكرى الهولوكوست في القدس أخيرا “لقد هزّ هجوم السابع من أكتوبر العالم”.

وتابع: “في أعقاب هذه المأساة، أدانت الصين بشدة جميع أعمال العنف ضد المدنيين وانتهاكات القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك على ما يبدو الهجوم العنيف الذي شنته حماس على المدنيين الإسرائيليين في السابع من أكتوبر”.

وأردف السفير: “في الوقت نفسه، يتساءل العالم عن سبب استمرار هذا العنف. ويبقى حل الدولتين السبيل الوحيد الفعال لكسر دائرة العنف بين إسرائيل وفلسطين”.

الصين وإيران وأميركا

هل يمكن القول: إن الصين تنأى بنفسها عن الفوضى التي تغرق بها أميركا، أم أنها تستثمر في الاستقرار فقط؟

لماذا ستتدخل بكين لوقف حرب تستنزف فيها واشنطن؟ الصين من مصلحتها أن تبقى الولايات المتحدة غارقة في حروب الشرق الأوسط.

هذا يعطيها مساحة نسبية للتركيز على صعودها أولا، وثانيا، حرب تتآكل فيها شرعية واشنطن، فهي حرب مفضلة لدى بكين.

بشكل موازٍ لصين الأمم المتحدة، التي لا يتعدى دورها مطالبة الآخرين بـ "التحرك" لوقف الحرب، هناك صين أخرى لا تختلف كثيرًا عن أميركا، بل أحيانا تتفوّق عليها.

في مجال "التفوق"، أظهر أحدث تقرير صادر عن الأمم المتحدة في مايو/أيار 2025 أن الصين هي أكبر شريك تجاري لإسرائيل، بحجم تبادل بلغ 19 مليار دولار، متقدمة بفارق 10 مليارات عن الدولة التالية، وهي الحليف التقليدي لإسرائيل: الولايات المتحدة. 

أي أن الصين، وخلال الإبادة وتجويع سكان غزة، كانت تغذي مجرمي الحرب، وتصدر البضائع، وتعزّز الاقتصاد الإسرائيلي. 

وكأن الصين تحاول تعويض إسرائيل ماديًا عن مواقفها "المعلنة" في الأمم المتحدة، تعويضا لا يُقارن برمزية الخطابات، ويتفوق بشكل صارخ على المجاملات الكلامية التي توجهها لحشد تأييد الجنوب العالمي ضد الهيمنة الأميركية.

أما من حيث التشابه مع الولايات المتحدة، فلم تستخدم الصين، حتى الآن، ولا واشنطن مصطلح "الإبادة الجماعية" لوصف الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة. 

وتكتفي كلتا الدولتين بانتقادات شكلية للاستيطان الإسرائيلي، بينما تستمران في الاستثمار فيه. 

وتدعم الدولتان الرواية الصهيونية التي تصوّر إسرائيل كممثل شرعي لـ"الشعب اليهودي"، وتدافعان عن "حقها في الوجود"، دون أي اعتراف بإسرائيل كمشروع استيطاني استعماري.

 وفي حين تواصل الولايات المتحدة تسليح إسرائيل، تلتزم الصين الصمت، وتتجنب حتى الإشارة إلى الدعم العسكري الأميركي لتل أبيب في وثائقها الرسمية، وتقتصر انتقادات بكين على الفيتو الأميركي في مجلس الأمن.

لكن هذا الصمت يتجاوز مجرد تفادي استفزاز إسرائيل، بل يعكس تواطؤًا متزايدًا من القطاع الخاص الصيني في آلية الاحتلال الإسرائيلي. 

فقد كشفت تقارير بأن قطع مسيّرات صينية كانت جزءا من الأنظمة العسكرية الإسرائيلية التي استخدمت بحروب إسرائيل السابقة وحرب الإبادة اليوم. 

في مناقصة حديثة لوزارة الجيش الإسرائيلي لشراء 5000 طائرة انتحارية بدون طيار، مخصصة للاستخدام في غزة والضفة الغربية، ذُكرت شركة HQProp الصينية كمورّد حصري للمراوح، إلى جانب شركة Team Blacksheep في هونغ كونغ كمورد وحيد لوحدات الاتصال. 

هذه ليست مكونات بسيطة، بل عناصر أساسية في قدرة الطائرة على ضرب أهداف فلسطينية، ولا توجد أي شروط تقيّد استخدام هذه الطائرات ضد الفلسطينيين. 

ومثال آخر، شركة DJI الرائدة عالميا في تصنيع الطائرات بدون طيار، ومقرها مدينة شينتشين الصينية، أشارت تقارير إلى أن منتجاتها تُستخدم في المراقبة والعمليات العسكرية للجيش الإسرائيلي خلال الإبادة. 

وعلى الرغم من ادعاء DJI بأن منتجاتها غير مخصصة للقتال، فإن وجودها في هذه السياقات يناقض موقف الصين حول وقف إطلاق النار، بينما تظهر شركاتها متواطئة في الإبادة.

في الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2021، كانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، هوا تشونيينغ، قد وجّهت انتقادًا لواشنطن بقولها: “الولايات المتحدة اتخذت موقفًا معاكسًا للمجتمع الدولي”.

لكن المشهد تغيّر اليوم: لم تعد الولايات المتحدة تقف وحدها، فقد انضمت الصين إليها، لا في الخطاب فحسب، بل في الموقف الفعلي المناقض تمامًا للإجماع العالمي.

هناك مجموعة من المواقف ظهرت فيها بكين كما واشنطن. عدة دول غربية كانت متواطئة في الإبادة الإسرائيلية منذ بدايتها عملت على تغيير مواقفها على الأقل خطابيًا. 

فمثلا، المملكة المتحدة، وبعد 18 شهرًا من الدعم الثابت، استدعت السفير الإسرائيلي وعلّقت اتفاقية التجارة الحرة مع تل أبيب، في المقابل، كان السفير الصيني مشغولا بنشر مقالات يطمئن فيها القراء الإسرائيليين بأن “تطور الصين سيجلب فرصا جديدة لإسرائيل”.

 وفي مثال آخر، سحب شركاء الصين في مجموعة "بريكس"، البرازيل وجنوب إفريقيا، سفراءهم من إسرائيل وقلّصوا علاقاتهم مع الدولة الصهيونية، بينما اكتفت بكين بالتأكيد على أنه “لا يوجد صراع مباشر أو جوهري في المصالح” بينها وبين تل أبيب “ولا توجد قضايا تاريخية عالقة بينهما”.

وأيضا، وصف الرئيس إيمانويل ماكرون أفعال إسرائيل في غزة بأنها "مخزية ومشينة"، وأضاف: “ليس من اختصاص رئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو) تحديد ما إذا كان هذا يشكّل إبادة جماعية، بل يعود ذلك للمؤرخين”.

أما الصين، فلا تزال تتجنب تماما استخدام مصطلح الإبادة في غزة، وتصف ما يجرى بأنه مجرد “أزمة إنسانية”، فضلا عن استمرارها في تصدير مكونات عسكرية لإسرائيل.

كيف تقيم الصين تحالفها مع إيران؟ هل هو تحالف حقيقي أم مجرد تبادل مصالح؟

لا يوجد تحالف بين الصين وإيران، بكين واضحة في مسألة إنشاء تحالفات مع الدول، فهي أشارت مرارا إلى أن علاقاتها الدولية تقوم على “عدم التدخل" و"عدم إنشاء تحالفات”.

الصين حاولت أن تنشئ علاقات مادية قوية مع إيران، ولكنها فشلت بفعل العقوبات الاقتصادية.

مثلا على الصعيد العسكري، روسيا هي أكبر مصدر للسلاح لإيران آخر خمس سنوات، ولا يوجد تصدير سلاح من بكين إلى طهران. وقد انسحب العديد من شركات الطاقة من الأسواق الإيرانية، وسحبت استثماراتها. 

لدى الصين حسابات تتعلق بعلاقاتها مع واشنطن وأوروبا فيما يتعلق بإيران، وهي لا تريد أن تخسر الأسواق الأوروبية ولا الأميركية لصالح طهران.   

لماذا نظرت إيران بسلبية للموقف الصيني خلال مواجهتها مع إسرائيل؟

موقف الصين كان خطابيا فقط وتمثل بدعوة الأطراف لضبط النفس، وعلى الرغم من انتقاد إسرائيل بشدة، فإنها لم تذهب بعيدا نحو العداء معها.

ما طبيعة الدعم العسكري أو التقني الصيني لإيران؟ وهل تجاوزت بكين الخطوط الحمراء الأميركية؟

لا يوجد دعم عسكري صيني لإيران، وبالتالي فإن بكين لم تتجاوز أي خطوط، بل بالعكس التزمت بالعقوبات المفروضة قدر الإمكان، لتجنب استفزاز الغرب.

الملف الاقتصادي

ما طبيعة الاستثمارات الصينية داخل المستوطنات؟ وهل يمكن عدّ الاقتصاد سببا لتجنب إدانة إسرائيل؟

خطابيا الصين لا تطالب بإزالة المستوطنات، ويقتصر نقدها على توسع الاستيطان وعنف المستوطنين.

عام 2014، بدأ الاستثمار الصيني بالمستوطنات الإسرائيلية من قبل شركات مملوكة للدولة.

مثلا، شركة برايت أند فود استحوذت على 56 بالمئة من شركة تنوفا للألبان التي تتلقى موادها الخام من المستوطنات.

 وبالرغم من الحملات الدولية والفلسطينية ضد تنوفا، فقد استحوذت الصين على أغلب أسهمها. 

الأخطر في موضوع تنوفا هو توسيع الشركة عام 2021 مجال عملها لبناء 22 خط مواصلات تربط بين مستوطنات القدس وما يسمى “بالمدن الإسرائيلية”.

إذن، أصبحت الصين تستثمر في المشروع الاستيطاني الإسرائيلي في فلسطين، أو يمكن أن توصف بأنها شريك استيطاني.

كما أن توجه الصين كدولة نحو المستوطنات فتح الباب أمام شركات القطاع الخاص بالاستثمار فيها.

فمثلا عام 2016، استحوذت شركة فيوزن الصينية الخاصة على شركة أهافا لمستحضرات تجميل.

وكانت أهافا قد ذكرت في تقارير الجمعية العامة للأمم المتحدة بالاسم، وأطلقت حملات لمقاطعتها منذ عام 2009، ولكن الشركات الصينية استحوذت عليها.

في نفس العام، استحوذت شركة حكومية صينية على أداما، وهي متهمة باستخدام الجيش لمنتجاتها في إبادة المحاصيل الزراعية داخل قطاع غزة، وأنها عاملة في المستوطنات الإسرائيلية.

وخلال الإبادة، قدمت الشركة المذكورة دعما ماديا للمستوطنين في مستوطنات غلاف غزة.

واليوم هناك 10 شركات تعمل في المستوطنات، اثنتان فقط قطاع خاص، وثمانية قطاع حكومي.

إذن، الصين كدولة تمتلك أصولا في المستوطنات، ليس فقط تتاجر، وأصبحت شريكا استيطانيا، أو مستوطنا جديدا.

قانونيًا، وحسب القانون الدولي، يعد هذا انتهاكا جسيما يرقى إلى مصاف جرائم الحرب، وبالتالي يمكن تحميل الصين المسؤولية القانونية إلى جانب إسرائيل في هذه الحالة.

هل يمكن عدّ الاقتصاد سببا لتجنب إدانة إسرائيل؟

أولا، الصين في خطابها تدين "أعمال العنف من الطرفين" إذن هي تدين إسرائيل، ولكنها لا تعاديها، والسبب الاقتصاد والتكنولوجيا.

ماذا يقدم الفلسطينيون للصين؟ إسرائيل تقدم تكنولوجيا متطورة، وبكين تستحوذ على مراكز بحثية إسرائيلية.

وأيضا، إسرائيل الدولة الثانية بعد روسيا التي سمح لها بأن تفتتح حرما جامعيا مستقلا في الصين. 

كما أن بنك لئومي الإسرائيلي افتتح فرعا له في الصين لدعم المشاريع الإسرائيلية داخل بكين.