ترامب رئيسا وبلير مندوبا ساميا.. خطة غزة بداية لفصل جديد بالشرق الأوسط

إسماعيل يوسف | منذ ٥ ساعات

12

طباعة

مشاركة

الخطة التي أعلن عنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بحضور رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، أثارت تساؤلات عديدة حول الهدف الفعلي منها، وهل هي خطة سلام حقيقية أم "صفقة قرن 2" لصالح إسرائيل، وبداية لفصل جديد بالشرق الأوسط.

الخطة الغريبة التي ليست سوى تجميع لما تم ترويجه من خطط أميركية وإسرائيلية سابقة، والتي تعبر عن مصالح واشنطن وتل أبيب، وأنظمة عربية تدور في فلكهما، باتت أمرا واقعا.

ومخاطرها لا تتمثل في أنها تُبقي جيش الاحتلال في غزة لأجل غير مسمى، ولا تحويل غزة إلى "محمية أميركية إسرائيلية" سيحكمها ترامب عبر ما يُسمي "مجلس السلام"، وبمعية مندوب سامٍ بريطاني، هو توني بلير رئيس الوزراء الأسبق، مجرم حرب العراق.

كما أنها ترسم معالم "كماشة"، بموافقة عربية إسلامية، على المقاومة في غزة، وتعطي إسرائيل، بدعم أميركي وعربي، الحق في إبادة ما تبقى من غزة، لو فكرت المقاومة في الاعتراض على أي بند منها، أو رفضت نزع سلاحها، بعدما رحّب وزراء خارجية 8 دول عربية وإسلامية بالخطة!

ليصبح المتاح– لو رفضت حماس- هو حكم "عملاء أبو شباب" وغيرهم، وفق البند 17 من الخطة، واغتيال قادة المقاومة وطردهم من الدول العربية، مع حجز أراضي غزة للجهة الغامضة التي ستنفذ مشروعات الإعمار ولها ستذهب أموال البناء!

فخاخ الخطة

بحسب تحليل "الاستقلال" وتقارير أجنبية وخبراء عرب، للخطة التي أعلنها البيت الأبيض، مساء 29 سبتمبر/أيلول 2025، أو ما أطلق عليه "خطة الرئيس دونالد ترامب الشاملة لإنهاء الصراع في غزة"، والمكونة من 20 بندا، يبدو أنها تتضمن عشرات الفخاخ.

فقد كان لافتا أن الخطة نصبت الرئيس ترامب رئيسا لغزة أو ما يسمي "هيئة دولية جديدة يطلق عليها مجلس السلام" برئاسته، ومشاركة رئيس وزراء بريطانيا الأسبق توني بلير كمندوب سامٍ له، للإشراف على حكومة التكنوقراط الفلسطينية التي ستحكم غزة.

وهو ما يعني أن "خطة ترامب تُنشئ وصاية دولية على غزة، مع خط تنسيق اسمي مع السلطة الفلسطينية وقوة أمنية دولية عربية وإسلامية"، بحسب تحليل نشرته مجلة "بوليتيكو"، 29 سبتمبر/أيلول 2025.

وأشارت إلى أن رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير "سيلعب دورا في وصاية مستقبلية على غزة، بينما حماس التي كانت تحكمها "لن يكون لها أي دور في إدارة غزة على الإطلاق" بموجب الخطة.

وانتقدت الناشطة الأميركية ميديا بنجامين، التي تلاحق ترامب وتهتف ضده، خطة ترامب للسلام في غزة؛ لأنها تتضمن "مجلس سلام" برئاسته، وسيضم توني بلير!.

وقالت بنجامين في منشور عبر “إكس” في 29 سبتمبر: إن "هذه ليست خطة سلام، بل مطلب استسلام للقوى الاستعمارية/الإمبريالية".

لن ننسحب

ورغم أن الخطة تنص في البند الثالث على انسحاب إسرائيل وعدم احتلال غزة، فلم ينتظر نتنياهو حتى مغادرته الولايات المتحدة، وظهر في فيديو ليُخبر الإسرائيليين أنه لا ينوي الانسحاب.

وكأنه يقول: إن الخطة مجرد خدعة، ويكشف عن خدعته ويؤكد حرفيا أن إسرائيل لم تنسحب، ما يعني أن خطة ترامب ليست أكثر من "مجرد كذبة أخرى من الثنائي المجنون الذي ارتكب جرائم الإبادة الجماعية"، وفق صحفيين أميركيين.

وقال نتنياهو: “بدلا من أن تعزلنا حماس، عزلناها نحن، والآن، يضغط العالم أجمع، بما في ذلك العالم العربي والإسلامي، على حماس لقبول الشروط لإطلاق سراح جميع رهائننا بينما سيبقى جيشنا في معظم أنحاء القطاع!”.

كما شدد على أنه "لم نقبل بدولة فلسطينية وهذا غير مذكور في الخطة وقلنا إننا نعترض على إقامة دولة فلسطينية"، أي يرفض بعض ما وافق عليه.

وعقب رئيس تحرير موقع "جراي زون"، ماكس بلومنتال، على ما قاله نتنياهو، قائلا: إن “هذا يكشف لعبة نتنياهو”، وإن "مبادرة السلام في غزة" ليست سوى "خدعة أخرى لتصوير حماس على أنها حركة رافضة للسلام".

وأوضح عبر منشور “إكس” في 30 سبتمبر، أن "إسرائيل ليس لديها أي نية لسحب قواتها من غزة، ولن تنفذ أي جزء من الخطة بحسن نية".

وخلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب لقاءهما في البيت الأبيض، قال ترامب: إن إسرائيل ستحظى بـ"الدعم الكامل" من الولايات المتحدة لاتخاذ خطوات لهزيمة حماس إذا لم تقبل اتفاق السلام المقترح. 

وقال نتنياهو: "إذا رفضت حماس خطتكم، سيدي الرئيس، أو إذا زعمت قبولها ثم قامت بكل ما من شأنه تقويضها، فإن إسرائيل ستنجز المهمة بنفسها. يمكن القيام بذلك بالطريقة السهلة أو بالطريقة الصعبة، لكن المهمة ستُنجز".

وكان لافتا أن خطة ترامب تحدثت في البند رقم 20 عن "التعايش" وليس "الدولة الفلسطينية" وفق "حل الدولتين" ولا حتى "دولة فلسطينية" بأي صيغة.

لذا قال محللون: إن ما عرضه ترامب يتماهى مع شروط نتنياهو السابقة بضرورة استسلام حماس، بل يكاد يتجاوزها ويزيد عليها في بعض التفاصيل، والمعروض ليس اتفاقا لوقف إطلاق للنار، بل شروط استسلام مخزية وتصفية للقضية الفلسطينية.

إنقاذ نتنياهو 

وقد ركزت صحف أميركية ومحللون عرب على أن خطة ترامب تستهدف إنقاذ نتنياهو وإسرائيل من ورطة الحرب.

فقد خسرت إسرائيل 100 مليار دولار، في حربها الوحشية على غزة خلال عامين، و20 ألف جندي بين قتيل وجريح، مع تآكل المنظومة العسكرية (ارتفاع معدلات الانتحار والهروب من الخدمة)، وتصدُع بنية الاقتصاد.

أيضا تعاني دولة الاحتلال من عزلة دبلوماسية، وانهيارٍ للسردية، ومحاكم دولية، وكل هذا "عجل بخطة ترامب لوقف الحرب، ومنح نتنياهو مخرجاً منها"، حسبما يقول المحلل السياسي أحمد رمضان.

ووصف أستاذ العلوم السياسية، مأمون فندي خطة ترامب بأنها "ليست سوى طوق نجاة لنتنياهو، ومحاولة لفرض ما عجزت إسرائيل عن تحقيقه في الحرب عبر مناورة سياسية".

وأضاف عبر “إكس” في 29 سبتمبر: “إسرائيل، ومعها الإدارة الأميركية، لم تنتصرا حتى تفرضا شروطهما”

ورحب وزراء خارجية كل من قطر والأردن والإمارات وإندونيسيا وباكستان وتركيا والسعودية ومصر في بيان بخطة ترامب و"بالدور القيادي للرئيس الأميركي وجهوده الصادقة الهادفة لإنهاء الحرب في غزة".

ورحبوا "بإعلان ترامب عن مقترحه الذي يتضمن إنهاء الحرب، وإعادة إعمار غزة، ومنع تهجير الشعب الفلسطيني، ودفع عجلة السلام الشامل، وإعلانه أنه لن يسمح بضم الضفة الغربية". 

فيما انتقد محللون هذا البيان وعدوه “دعما عربيا وإسلاميا لخطة ترامب التي تخدم إسرائيل”.

رؤية الاحتلال

ورحب إسرائيليون بخطة ترامب ذات الـ20 نقطة، على اختلاف مشاربهم وعدوها انتصارا لهم وأن ترامب أعطاهم بـ"السلام" ما لم يحققه نتنياهو بـ"الحرب".

وبشكل عام مال الإعلام اليميني والمحافظ لتغطية الخطة كنجاح دبلوماسي وكمخرج قد يسمح بتحرير أسرى الاحتلال، بينما رأت صحف الوسط واليسار الإسرائيلي أن الخطة فيها ثغرات تنفيذية ومخاطر سياسية لنتنياهو.

وتناولت صحف "جيروزاليم بوست" و"تايمز أوف إسرائيل" الخطة الأميركية بصفتها حدثا دبلوماسيا مهما، بعد موافقة نتنياهو العلنية عليها، ورأت أن الخطة قد تشكل فرصة لتحرير أسرى الاحتلال، وإنهاء الحرب إذا قبلتها حماس.

وركزت صحيفة "هآرتس" اليسارية المعادية لنتنياهو على التشكيك في تنفيذ الخطة بسبب خلافات تحالف نتنياهو اليميني الحاكم، وتناقض وعود نتنياهو الانتخابية، وإمكانية استغلاله ثغرات لعدم الانسحاب فعليا من غزة".

ورأى محللون ونواب كنيست أن الخطة تحقق أهداف الحكومة الإسرائيلية، لكنها لا تلبي كل مطالب اليمين المتطرف بشأن الاستيطان والتهجير.

وأجمعوا أن خطة ترامب "تجسد كل الأهداف المعلنة للحرب التي وضعتها حكومة نتنياهو"، ووصفها عضو الكنيست من الليكود، أفيخاي أبراهام بوآرون، بأنها تعبر عن صورة "النصر المطلق".

فيما أكد المحرر السياسي للقناة 12، عاميت سيغال، أن الخطة تحقق الأهداف الثلاثة التي وضعتها حكومة نتنياهو من حرب غزة وهي: أولا، إعادة جميع الرهائن. ثانياً، إنهاء حكم حماس، وثالثاً، ضمان عدم تبعية الحكومة هناك للسلطة الفلسطينية. 

وأوضح في منشور عبر “إكس” في 29 سبتمبر، أن هذه الأهداف الثلاثة في هذا الاتفاق تحققت، لذا "هذه الاتفاقية، أو خطة ترامب التي عُرضت، هي خطة حلم لإسرائيل أتمنى أن تُطبّق بالكامل، لأنه حينها لن تكون هناك حاجة للقتال".

وعد من معالم انتصارهم أن “إسرائيل ستبقى في غزة من دون الرهائن، مع معادلة نزع السلاح مقابل الانسحاب”

وكتب المحلل بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، بن درور يميني، في 30 سبتمبر 2025 يؤكد: "من وجهة نظر إسرائيل، فإن الاتفاق الذي قدمه الرئيس الأميركي ليس أقل من ممتاز".

وقال: "الكرة الآن في ملعب حماس"، متوقعا "ضغطا عربيا هائلا على حماس لقبوله"، نظرا لـ"تحفظ حماس على المقترح".

وأكد أنه "في ظل الظروف التي تعيشها إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، فإن اتفاقا سيئا خير من استمرار التدهور"، لكنه وصف خطة ترامب بأنها "ممتازة"، و"بداية فصل جديد في الشرق الأوسط".

لكنه قال: إن حماس "حققت مكاسب غير مسبوقة خلال العامين الماضيين"، فقد كان هدفها الأول "دفع إسرائيل إلى الانهيار السياسي، وقد تحقق هذا الهدف".

أما هدفها التالي فهو دفع إسرائيل من الانهيار السياسي إلى التفكك السياسي"، بينما فشل نموذج الترهيب والردع والتدمير الإسرائيلي فشلا ذريعا، وفق قوله.

وقبل إعلان نص خطة ترامب، كتب المحلل في معهد "مسغاف" للأمن القومي والإستراتيجية الصهيونية، مئير بن شابات، يقول في 28 سبتمبر 2025: إن "خطة الـ20 بندا تخمد النار المشتعلة في غزة موقتا، لكنها لا تعالج المشكلات".

وأوضح أن خطة البنود الـ20، تتوفر فيها العناصر كلها التي تتيح لترامب إخماد النيران المشتعلة في غزة والتفرغ لتحقيق رؤيته للشرق الأوسط الجديد.

كما أن الخطة تعالج مخاوف الدول العربية السنية في المنطقة، فلا ذِكر فيها لمبادرة "الهجرة الطوعية" أو ضم الأراضي، وهما القضيتان اللتان أثارتا قلقا بالغا لدى هذه الدول، لتهديدها استقرارهم.

لكنه قال: إن ما تقترحه الخطة لا يعالج معالجة الجذور الحقيقية للمشكلة، فحماس "ستبقى القوة المركزية المهيمنة على القطاع، حتى وإن لم يكن لها دور رسمي في إدارته".

نتنياهو سيفشلها

وتشير تقديرات محللين إسرائيليين ومراكز أبحاث إلى أن نتنياهو، ورغم أنه يُظهر قبوله لصفقة ترامب ويحاول عدّها انتصارا، إلا أنه سيقوم بإفشالها.

لذا دعت افتتاحية صحيفة هآرتس، في 30 سبتمبر 2025 ترامب للتدخل قائلة: "لا تدع نتنياهو يلغي اتفاقك مع غزة".

كما توقع المحلل الإسرائيلي بصحيفة "هآرتس"، جوناثان ليز، أن يسعى نتنياهو لإحباط خطة ترامب الطموحة لوقف إطلاق النار في غزة، مؤكدا أنه منذ 7 أكتوبر 2023، عرقل نتنياهو محادثات وقف إطلاق النار في غزة واتفاقياته بطرق مختلفة. 

وأكد أن خطة الإدارة الأميركية الطموحة "لا تزال بعيدة المنال وقد يضع نتنياهو العراقيل أمام خطة وقف الحرب لأسباب سياسية داخلية"، في إشارة إلى تحالفه الحكومي اليميني.

ومن مفارقات موقف حكومة نتنياهو من خطة ترامب، ما كشفه عاميت سيغال، من أن الحكومة لن تصوت على خطة ترامب، كي لا يرفضها الوزيران اليمينيان رمانة ميزان بقاء الحكومة، بتسلئيل سموتريتش، وإيتمار بن غفير.

وأكد أنه "في الاتفاق مع الأميركيين، تقرر أن ما سيعرض على الحكومة للموافقة عليه هو فقط صفقة الرهائن نفسها، مقابل الانسحاب (من غزة) وإطلاق سراح القتلة (أسرى فلسطين) مقابل الرهائن".

وكان حزب (سموتريش) الصهيونية الدينية أعلن في 29 سبتمبر 2025، أنه سينسحب من الائتلاف الحكومي "إذا تم عرض الخطة على الحكومة للموافقة عليها". وهو الأمر الذي تبيّن حاليا أنه لن يحدث.

موقف المقاومة

وسلم الوسطاء وفد "حماس" مقترح ترامب لوقف الحرب وتعهدت الحركة بدراسته، و"الوقت لا يزال مبكراً" للحديث عن رد رسمي حسبما أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، في 30 سبتمبر 2025.

لكن ردود أفعال المقاومة كانت منتقدة للخطة، ورأت أنها صيغت على مقاس الاحتلال.

وأكد القيادي في حماس، محمود مرداوي، أن "بنود خطة ترامب قريبة من الموقف الإسرائيلي"، وأنها "محاولة لخنق الزخم الدولي والاعتراف بفلسطين"، والحركة "لن تقبل أي مقترح لا يشمل تقرير مصير الشعب الفلسطيني".

وقال الأمين العام للحركة زياد النخالة، في تصريح صحفي: إن "الإعلان الأميركي الإسرائيلي وصفة لتفجير المنطقة".

ورأى أن ما أعلن عنه ترامب ونتنياهو "اتفاق أميركي إسرائيلي، وهو تعبير عن موقف إسرائيل بالكامل، ووصفة لاستمرار العدوان على الشعب الفلسطيني". 

وحذر من أن "إسرائيل تحاول أن تفرض عبر الولايات المتحدة ما لم تستطع تحقيقه بالحرب".

ويرى محللون أن حماس ستوافق على الخطة الأميركية؛ لأنها تحقق لها هدفين أساسيين هما، وقف الحرب والانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة. 

وأوضحوا أن هذه الخطة صيغت بشروط تعرف الولايات المتحدة وإسرائيل أن حماس لن تقبلها أبدا. 

لذا لو قبلتها حماس ستتجرع كؤوس الابتعاد عن الحكم، وقبول الإشراف الدولي، وربما التخلص من السلاح الهجومي، وإبعاد عدد رمزي من قادتها إلى الخارج، لكن بشرط الانسحاب الإسرائيلي الكامل.

مع هذا تشير تقديرات عربية وغربية إلى أن قبول حماس والفصائل الفلسطينية خطة ترامب سيكون بشروط وتعديلات (كما فعل نتنياهو) أبرزها، أولا، تعديلات تشمل عدم وجود قوات عربية أو دولية وإشراف أجنبي على حكم غزة، واستبدال ذلك بسلطة فلسطينية تكنو قراط ليس من بينها حماس.

ثانيا، سلاح المقاومة الفلسطينية مشروع ما بقي الاحتلال وما بقيت حالة اللادولة، ويمكن تنظيم هذا السلاح وفقا لإعلان حل الدولتين، وبقائه ممثلا للدولة الجديدة.

ثالثا، الانسحاب الإسرائيلي يكون كاملا من القطاع على مراحل زمنية وفقا للخطة.

رابعا، ضمان عدم الاعتداء الإسرائيلي أو السيطرة العسكرية على غزة.

وفي حال رفض ترامب ونتنياهو هذه التعديلات، فهذا يعني عودة للمربع صفر، وتعود الضغوط مرة أخرى على إسرائيل، والمقاومة والشعب الفلسطيني.

لكن لأن استمرار الحرب ليس مصلحة إسرائيلية وقد تدفعه للمواجهة العسكرية مع قوى إقليمية كبيرة أو تحالف دولي، وترامب يفكر في الخروج من هذا الوضع بأقل الخسائر، يرى البعض أنه سيتم قبول بعض شروط حماس.

إعلام أميركي

وركزت معظم تقارير الصحف الأميركية على تحليلات تؤكد أن ترامب سعى من خلال خطة غزة لإنقاذ إسرائيل ونتنياهو، بعدما أصبحت دولة منبوذة ومعزولة.

وشكك بعضها في تنفيذ الخطة لأن بنودها تخدم إسرائيل، لا الضحية غزة والمقاومة، وركزت –مثل صحف عبرية- على السؤال: هل ستقبل حماس؟ وهل يمكن تنفيذ الخطة عمليا؟

صحيفة "نيويورك تايمز" أوضحت ضمنا، في 29 سبتمبر 2025، أن ترامب سعى إلى هذه الخطة، ولضمان قبول عربي إسلامي لها قبل إعلانها، لأن الهدف انتشال إسرائيل من عزلتها وتراجع شعبيتها حتى لدى حلفائها. 

وأظهر استطلاع نيويورك تايمز أنه منذ بداية الحرب، حدث انخفاض دراماتيكي في دعم الأميركيين لإسرائيل.

ففي بداية الحرب، كان حوالي 47 بالمئة من الأميركيين يدعمون إسرائيل، و20 بالمئة يدعمون الفلسطينيين، لكن اليوم، 35 بالمئة من الأميركيين يدعمون الفلسطينيين، و34 بالمئة يدعمون إسرائيل، وفق الاستطلاع.

لذا دق ترامب نقوس الخطر، وتمت الخطة على عجل لترميم الانهيار الإسرائيلي، وخرص نتنياهو على لقاء مع المؤثرين الأميركيين على مواقع التواصل لبحث ترميم صورة إسرائيل.

كما أجبر ترامب تيك توك على بيع خدماتها في أميركا لثلاثة مستثمرين يهود من أبرز داعمي جيش الاحتلال.

وفرضت أميركا الخطة على إسرائيل لسببين: الأول، أن الحرب لم تعد تحقق لإسرائيل أي هدف سوى تشويه صورتها والمزيد من العزلة والنبذ.

والثاني، تعرضها لضغوط من الدول الإسلامية والعربية الثمانية المؤثرة التي اجتمع قادتها مع الرئيس الأميركي وقدموا له طلبا واحدا هو وقف الحرب، والتهديد بانهيار إنجاز ترامب وهو اتفاقات التطبيع (أبراهام).

وتحفظت واشنطن بوست على بنود الخطة التفصيلية، والشروط الزمنية (مثل مهلة 72 ساعة لإعادة الرهائن)، والمصاعب التي سيواجهها ترامب ونتنياهو في التنفيذ، وتساءلت عن قبول حماس لها.

وانتقدت مجلة “بوليتيكو” في 29 سبتمبر، تأكيدات ترامب بأن "السلام الأبدي" قد يكون في متناول اليد، بينما طالب هو ونتنياهو حماس بالاستسلام الفعلي وإلا فستواجه الدمار.

وقالت: إن نتنياهو تعهد بأن جيشه "سيُنهي المهمة" إذا رفضت حماس الصفقة، قبل أن تطلع عليها حماس أصلا، مشيرة إلى عقبات عديدة وهائلة، ومع هذا "أصر ترامب على أن السلام في متناول اليد".

بالمقابل، استقبلت الصحف اليمينية الأميركية، خاصة صحيفة "نيويورك بوست"، وشبكة “فوكس نيوز” في 30 سبتمبر 2025 خطة ترامب بمظاهر ولهجة احتفالية كأن إسرائيل انتصرت.

وتناولت وسائل الإعلام اليمينية هذه الخطة بصفتها “مبادرة سلام وخطوة دبلوماسية بارزة لترامب، تؤدي إلى تحرير أسرى الاحتلال ونزع سلاح حماس”.

وقدمت صحيفة "الغارديان" البريطانية في 30 سبتمبر، رؤية نقدية واستيضاحية عن الخطة وركزت على ثغرات في تفاصيل الخطة، مثل طبيعة "مجلس السلام" بقيادة ترامب، وآليات نزع السلاح، وضمانات عدم التهجير القسري.

وقالت: إن الخطة تدعو إلى إنهاء الحرب بين إسرائيل وحماس على الفور، لكنها تفتقر إلى التفاصيل حول كيفية تنفيذ النقاط الرئيسة، وأكدت أن نجاح الخطة يعتمد بشدة على قبول حماس لها وتوافر قوة دولية مرنة وقوية.