اجتماع أميركي عربي إسلامي بالأمم المتحدة بشأن غزة.. وناشطون: قمة ولدت فأرا

ندد ناشطون بكلمة ترامب خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة مستنكرين تبينه الأكاذيب
خلال اجتماع قمة في مدينة نيويورك، على هامش أعمال الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة، عرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على قادة دول عربية وإسلامية خطة أميركية بشأن قطاع غزة، الذي يتعرض لحرب إبادة جماعية إسرائيلية منذ نحو عامين.
وشارك في الاجتماع الذي عقد في 23 سبتمبر/أيلول 2025، زعماء ومسؤولون رفيعو المستوى من دول عدة بينها تركيا وقطر والسعودية والإمارات وإندونيسيا ومصر والأردن وباكستان. بحسب بث تلفزيوني مباشر.
وعرض ترامب خلال الاجتماع خطة أميركية بشأن إنهاء الحرب في غزة ومستقبل القطاع الفلسطيني، مصرحا أثناء خروجه من مقر الاجتماع بالقول: “اجتماعي مع قادة عرب ومسلمين بشأن غزة كان عظيما”، دون إيضاحات.
وكان قد قال في كلمته في مستهل الاجتماع: إن "هذا الاجتماع بشأن غزة سيكون مهمًّا جدًّا"، مضيفا: "نريد إنهاء الحرب في قطاع غزة واستعادة الرهائن".
وأكد ترامب أن هذا الاجتماع هو أهم اجتماع عقده الثلاثاء، مشيرا إلى أن إدارته تريد استعادة 20 محتجزا إسرائيليا و38 جثة من غزة.
ومن جهته، وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الاجتماع بترامب بشأن غزة بأنه كان "مثمرا للغاية".
وعقب انتهاء كلمة ترامب، قال أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إن "الوضع سيئ في غزة، ونحن هنا لفعل كل ما بوسعنا لإنهاء الحرب وإعادة الرهائن". مضيفا: "نعوّل على قيادة ترامب لوضع حد للحرب في غزة".
وقبل أن يجتمع الرئيس الأميركي مع قادة الدول العربية والإسلامية، عارض في كلمته بالجمعية العامة للأمم المتحدة، الاعترافات الدولية المتزايدة بدولة فلسطين، وواصل هجومه على حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، دون أي انتقاد لضرب "إسرائيل" فريق التفاوض بقطر.
وقال: إن الاعتراف بدولة فلسطين "تشجيع لاستمرار الصراع؛ حيث يسعى بعض أعضاء هذه الهيئة إلى اعتراف أحادي الجانب بدولة فلسطينية، وهذا سيكون بمثابة مكافئة كبيرة جدا لإرهابيي حماس نظير فظائعهم".
وأضاف ترامب أن الاعتراف بدولة فلسطين "سيكون مكافأة على هذه الفظائع المروعة، بما في ذلك 7 أكتوبر/ تشرين الأول، حتى مع رفضهم إطلاق سراح الرهائن أو قبول وقف إطلاق النار". وفق تعبيره.
وجاء انتقاد ترامب للاعترافات الدولية بدولة فلسطين، تزامنا مع اعتراف 11 بلدا بها خلال الأيام الثلاثة الماضية.
والدول التي اعترفت رسميا بفلسطين هي: بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال ولوكسمبورغ وبلجيكا وأندورا وفرنسا ومالطا وموناكو وسان مارينو، ليرتفع بذلك عدد المعترفين إلى 159 من أصل 193 دولة عضو بالأمم المتحدة، وفق وكالة "وفا" الرسمية.
وتابع ترامب: "بدلا من الرضوخ لمطالب حماس، على الراغبين في السلام أن يتوحدوا حول رسالة واحدة: أطلقوا سراح الرهائن الآن، فقط أطلقوا سراحهم"، قائلا: "علينا أن ننهي الحرب في غزة وأن نتفاوض على السلام وإعادة الرهائن فورا".
وتأتي دعوة ترامب لتبادل الأسرى، بينما يصعد الاحتلال الإسرائيلي هجومه على مدينة غزة منذ 11 أغسطس/ آب الماضي، في عملية أطلق عليها لاحقا اسم "عربات جدعون 2"، يتخللها نسف منازل باستخدام روبوتات مفخخة، وقصف مدفعي، وإطلاق نار عشوائي، وتهجير قسري، وتوغل بري.
وبدورها، نفت "حماس" صحة تصريحات الرئيس ترامب، وقالت: إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو "المعطل الوحيد لكل محاولات التوصل لاتفاق".
وقالت في بيان، إنّها "لم تكن يومًا عقبة في طريق الوصول إلى اتفاقٍ لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وقد قدّمت في سبيل ذلك كلَّ المرونة والإيجابية اللازمة".
وبينما لم يصدر تصريحات رسمية فورية عما خلص إليه اجتماع ترامب بقادة بالأطراف المتعددة في نيويورك، ولا تسريبات مؤكدة عما اتفق عليه المجتمعون، ذهب ناشطون على منصات التواصل إلى أن اللقاء عملية خداع وتخدير وتوزيع أدوار ستنتهي باحتلال مدينة غزة وارتكاب أبشع الجرائم.
وأعربوا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي "إكس" و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #الأمم_المتحدة، #ترامب، عن انزعاجهم من الاجتماع، ورأوا أنه لم يأتِ بجديد فيما يتعلق بإنهاء حرب الإبادة المتواصلة على قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، مذكرين بالدور الأميركي الداعم للاحتلال.
رمزيات ودلالات
وعن رمزيات ودلالات اجتماع ترامب بالدول الإسلامية، أشار الأكاديمي عبد الرحمن الهذلي، إلى أن الموضوع المعلن إيقاف الحرب في غزة، والدول المدعوة هي مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن وقطر وإندونيسيا وتركيا وباكستان، متسائلا عن علاقة إندونيسيا وباكستان بحرب غزة.
وسلط الضوء على طريقة توزيع مقاعد الحضور، وجلوس الرئيس التركي على يمين ترامب في رئاسة الاجتماع، متسائلا: "هل هي وكالة جديدة في خطة جديدة؟ (ملاحظة: انعقاد اجتماع ثنائي بين الرئيسين)".
وذكر الهذلي، بأن ترامب كالعادة عندما يريد تنويم ضحيته يمجدها، واصفا قطر وأميرها وخطابه بأنه "عظمة على عظمة".
وأشار إلى وصف ترامب اللقاء بأنه أعظم لقاء بين كل لقاءاته، لافتا إلى أنه قال لـ"سي إن إن": "هذا هو أهم اجتماع لي، لقد عقدت اجتماعات مهمة، لا أريد أن أهين أي شخص التقينا به". وأضاف: "عقدنا 32 اجتماعا هنا، لكن هذا هو الأهم بالنسبة لي؛ لأننا سننهي أمرا ربما ما كان ينبغي ألا يبدأ أبدا".
وتساءل الهذلي: “هل نحن بصدد صناعة محور أميركي إسلامي في مواجهة المحور الصيني الروسي الهندي بعد مؤتمر شانغهاي ومقلب الهند؟ أم هل نحن بصدد السعي إلى إيقاف موجة التقارب الإسلامي بعد ضرب الكيان لقطر؟”
ورصد عصام لالا، عددا من الملاحظات في اجتماع ترامب، منها أنه قابل زعماء أوروبا وإفريقيا بشكل مهين ووضعهم أمامه كالتلاميذ أمام المدرس، وأن أردوغان جلس على رأس الطاولة رأسا برأس مع ترامب، وتعامل الأخير غصب عنه باحترام مع قادة وممثلين للدول العربية والإسلامية.
تشكيك وارتياب
وتشكيكا في أهداف الاجتماع وهجوما على الرئيس الأميركي وسياساته، أكد الكاتب رفيق عبد السلام، أن ترامب يمارس الخداع ويلعب بذيله في ملف العدوان على غزة.
وقال: إن ترامب يجتمع مساء مع زعماء " الشرق الأوسط" ويقول لهم: إنه يريد إيقاف الحرب التي ما كان لها أن تبدأ أصلا، ومن الغد يمارس حق الفيتو لمنع وقف العدوان، ثم يرفع السماعة ويكلم نتنياهو.
وتوقع عبد السلام، أن ترامب سيقدم لنتنياهو صكا على بياض للمضي في حرب الإبادة للنهاية وتصنيع " ريفيرا جديدة" في الشرق الأوسط.
ورفض الباحث محمد وزان، التعويل على ترامب واجتماعاته لوضع نهاية للحرب على غزة، قائلا: "لا تتوقعوا من رئيس استخدم الفيتو في مجلس الأمن لوقف الحرب وإيصال المساعدات".
وأشار إلى أن القناة 12 العبرية نقلت أثناء الاجتماع عن مسؤول عسكري، أنه سيتم تعزيز وإرسال مزيد من الجنود الاحتياط للاحتلال للقطاع لحسم المواجهة وإنهاء القصة.
كما أشارت الإعلامية شيماء عادل إلى أن القناة 13 الإسرائيلية نقلت عن مصادر، قولها بالتزامن مع اجتماع ترامب بقادة دول عربية وإسلامية: إن الجيش يخطط لإرسال قوات إضافية لمدينة غزة لتكثيف الضغط على الفصائل الفلسطينية.
ووصف محمد عفش، اللقاء بأنه "مكلمة" وليس اجتماعا.
وأكد نعيم عبده، أن القمة العربية الإسلامية مع ترامب لن تلد سوى فأر آخر.
وقال ناصر حمد: "لا جديد.. لا إيقاف للحرب والإبادة في غزة ولا اتفاق في وجهات النظر مع أحد سوى نتنياهو الذي يُنْتظر لقاؤه الأسبوع القادم".
وأكد أن كل ما يهم ترامب هو الحصول على جائزة نوبل للسلام بدون تحقيق أي عمل يجعله يستحقها, وتبريره وهو في هذا صادق أن مدمر ليبيا وسوريا أوباما حصل عليها بدون وجه حق.
دور خبيث
وتذكيرا بالدور الأميركي الداعم للاحتلال الإسرائيلي والمناهض لغزة والمؤيد لاستمرار الحرب، أكد عبدالهادي مهني، أن السياسة الأميركية الحالية بقيادة ترامب تستند إلى قانون الغاب وتنتهج نفس سياسته في ظل انهزامية عالمية أمام الغطرسة والهيمنة الأميركية والإسرائيلية.
وأضاف أن ما ارتكبوه من جرائم إبادة جماعية بشكل ممنهج ضد الشعب الفلسطيني في غزة؛ لأنهم يعولون على استخدام حق الفيتو بالباطل للإفلات من العقاب.
ودعا جميل الصويلح، لعدم تصديق من لا عهد له ولا ذمة، مؤكدا أن ما يفعله ترامب مجرد تخدير فقط وذرّ الرماد في العيون.
وأقسم قائلا: "والله لو أن الدول العربية والإسلامية ضغطت على حماس مثلا وأقنعتها بتسليم كافة الرهائن وتسليم سلاحها، فإن ترامب ونتنياهو في اليوم التالي سيستأنفون الإبادة الجماعية وتصفية القضية الفلسطينية وتحقيق خرافة إسرائيل الكبرى".
وسخر الناشط السياسي محمد قدورة، من قول ترامب إن اجتماعه مع قادة الدول العربية والإسلامية كان مهما جدا وبإمكاننا الآن إيقاف الحرب في قطاع غزة واستعادة الرهائن، قائلا: إن من يريد فعلا إيقاف الحرب لا يقصف الوفد المفاوض ويعتدي على سيادة دولة تعدّ شريكا وحليفا إستراتيجيا له.
وأشار محمد الشريف إلى قول ترامب في اجتماعه بقادة دول عربية وإسلامية: "نبحث وقف حرب غزة وربما نوقفها الآن لتعود الحياة لطبيعتها"، متسائلا: “كم مرة خلال عام سمعنا ذلك؟”
وأكد أن ترامب كلامه يتغير بالدقيقة ولا نستطيع أن نفرق بين ما يعنيه وما لا يعنيه.
ودعا الناشط تامر قديح، لتذكر أن ترامب شريك رئيس في إبادة غزة، مستنكرا أن الجميع يستنجد به الآن لوقف الحرب ومنع توسعها.
إملاءات ترامب
وعن مغزى اللقاء وأهدافه الحقيقية وجدواه، استنكر أحد المدونين رفض قادة الدول العربية والإسلامية الإجابة على أسئلة الصحفيين خلال خروجهم من الاجتماع.
وقال: "على ما يبدو أن ترامب كان يُملي على العرب في الاجتماع ما سوف يفعله هو ونتنياهو وما هي نظرتهم لما سوف يحدث، والدليل أنه هو الذي طلب هذا الاجتماع".
وأكد أنيس المفليحي، أن استدعاء الرئيس الأميركي لزعماء عرب إسلاميين مصر السعودية قطر الأردن الإمارات تركيا، ليعرض عليهم خطط إنقاذ للكيان الصهيوني النازي الذي فشل عسكرياً وسياسياً وأممياً واقتصاديا واستخباراتيا.
وأعرب عن إيمانه أن الرئيس ترامب لا يملك أي إستراتيجية أو رؤية سياسية واضحة أو متزنة.
وقال تامر قدح، إن لقاء ترامب مع الرؤساء العرب قد ينجح في وقف مؤقت للحرب وخطة إعمار سريعة حتى يتم ضمان عدم التهجير (عربياً) على أقل تقدير وهذا بحال اتفقت الأطراف.
وأضاف أن الأسوأ هو رفض حماس إقصاءها وإبعادها وتردد العرب من أن تنفذ إسرائيل انسحابها الكامل من القطاع وذلك بغياب الضمانات الأميركية، بالإضافة لأن إرسال أي قوات عربية على أرض غزة قد يلقى رفضا شعبيا بدول الطوق على أقل تقدير وسيتم تصدير هذه الخطوة وأنها تنفيذ خطة أمنية أميركية بغزة.
وتوقع أحد المغردين، أن خلاصة الاجتماع مع ترامب أن الأخير سيطلب من الدول العربية الغنية تمويل إعادة الإعمار ومن الدول العسكرية أن تضمن سلامة وأمن إسرائيل.
وأشار عبدالعزيز الفضلي إلى أن ترامب يريد من الدول العربية والإسلامية تكوين قوة عسكرية تتمركز في غزة لحماية الكيان الصهيوني في حال انسحابه من غزة، قائلا: "لا أظن أن حماس وقوى المقاومة ستقبل، ونربأ بالعرب والمسلمين أن يكونوا حرسا للكيان الصهيوني".
وكتب أستاذ العلوم السياسية مأمون فندي: "اختبار الجدية هو أنه كان يمكن لترامب أن ينهيها الآن، لكنه لم يفعل. انطباعي أنه سينتظر حتى ينتهي نتنياهو من مهمته في الإبادة. إنه أمر محزن للغاية ما وصلنا إليه".
غياب مستنكر
واستنكارا لغياب بعض الدول عن اجتماع ترامب برؤساء عدد من الدول العربية والإسلامية، لاحظ طيف محمد محمود غياب العراق عن الحضور ضمن الدول العربية، وغياب إيران عن المشاركة ضمن الدول الإسلامية.
وعد أحد المدونين استبعاد العراق من قمة ترامب مع الدول العربية والإسلامية حول غزة وفلسطين رسالة خطيرة، مشيرا إلى أن نفوذ إيران وقانون تجريم التطبيع جعلا العراق مهمَّشًا في محيطه، بدل أن يكون لاعبا محوريا في الشرق الأوسط وقضية فلسطين.
وقال أحد المغردين، إن واشنطن تتعامل مع العراق كجزء من ملف إيران، والسوداني -رئيس مجلس وزراء العراق محمد شياع السوداني- لم يحصل على لقاء مع ترامب، بينما سوريا تنفتح وتحظى باستقبال رسمي واسع، محذرا من أن العقوبات الاقتصادية المقبلة أخطر من أي قصف، وتهريب النفط أبرز أسبابها.
أكاذيب الرئيس
وندد ناشطون بكلمة ترامب خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة وتركيز الحديث عن استحقاقه لجائزة نوبل للسلام بينما لم يقدم أي شيء في هذا المنحى وسخريته من الأمم المتحدة، مستنكرين تبنيه الأكاذيب على حماس وتجاهله لجرائم الاحتلال الإسرائيلي في القطاع واستهدافه لقطر.















