زيارة لاريجاني إلى الرياض.. هل تفضي لتعاون دفاعي بعد قصف قطر؟

يوسف العلي | منذ ٦ ساعات

12

طباعة

مشاركة

على وقع التوترات في الشرق الأوسط، خصوصا بعد الاستهداف الإسرائيلي لدولة قطر في 9 سبتمبر/ أيلول 2025، تحركت إيران صوب المملكة العربية السعودية، بحثا عن تعاون دفاعي بين البلدين، الأمر الذي أثار تساؤلات محورية عن مدى إمكانية تقارب الجانبين في هذا المجال.

ومنذ أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تعرض المحور الإيراني بالمنطقة إلى ضربات كبيرة نالت إيران نفسها، عندما هاجمتها إسرائيل بدعم أميركي في 13 يونيو/حزيران 2025، الأمر الذي ردت عليه طهران بقصف صاروخي للأراضي المحتلة استمر حتى وقف إطلاق النار بعد 12 يوما.

"تعاون دفاعي"

وبعد يوم واحد من قمة الدوحة العربية- الإسلامية الاستثنائية بشأن استهداف قطر، أجرى أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، على لاريجاني، زيارة إلى الرياض في 16 سبتمبر، استمرت يوما واحدا، التقى خلالها بولي العهد محمد بن سلمان، ووزير الدفاع خالد بن سلطان.

وقال لاريجاني خلال تصريح نقلته وكالة "إرنا" الرسمية في 17 سبتمبر: إن اللقاء الذي جمعه مع محمد بن سلمان، أكد أن "التعاون الاقتصادي والأمني ‌‌بين البلدين سيتوسع بشكل أكثر تنظيما".

وأوضح، أنه ناقش خلال اللقاء مع ولي العهد السعودي، إزالة العقبات أمام التعاون الاقتصادي، إضافة إلى التشاور حول التعاون الإقليمي، والتدابير الممكن اتخاذها لتحقيق الاستقرار في المنطقة.

وفيما يتعلق بتعزيز العلاقات بين إيران والسعودية في مجالات أخرى، قال لاريجاني: "بحثنا التعاون الدفاعي بين البلدين، ومن المقرر أن تُجرى هذه الأعمال في إطار مجموعات وستتخذ شكلا أكثر تنظيما في المستقبل".

ردا على سؤال عما إذا كان هناك تغيير في إستراتيجية الدول العربية ومسؤوليها بعد العدوان على قطر، قال: "نعم، بالطبع، كان لدى الأصدقاء في السعودية بالفعل رؤية واضحة نسبيا لهذه التطورات، لكن الآن أصبحت أكثر وضوحا بكثير".

وتابع: "وصلت دول المنطقة إلى نتيجة مفادها بأن وجود عنصر مغامر في المنطقة سيمنع إرساء الاستقرار، كما أعلنت إيران سابقا"، في إشارة إلى التحذير من خطورة إسرائيل.

وذكرت الوكالة الإيرانية أن علي لاريجاني، تباحث خلال اجتماعه مع ابن سلمان، بشأن قضايا مختلفة، بما في ذلك مستقبل المنطقة وأوضاع الدول الإسلامية.

في السياق ذاته، أفادت وكالة الأنباء السعودية "واس" في 16 سبتمبر، بأن الاجتماع بين محمد بن سلمان وعلي لاريجاني في الرياض استعرض العلاقات الثنائية بين البلدين، ومستجدات الأوضاع الإقليمية، من دون ذكر مزيد من التفاصيل.

الوكالة ذاتها نشرت قبل ذلك خبرا عن لقاء جمع وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان مع علي لاريجاني، جرى فيه بحث تطورات الأوضاع الإقليمية والجهود المبذولة تجاهها لتحقيق الأمن والاستقرار.

ورافق لاريجاني في زيارته إلى السعودية كل من علي باقري كني، معاون الشؤون الدولية في الأمانة العامة للمجلس الأعلى للأمن القومي، ومحمد علي بك، مساعد وزير الخارجية لشؤون الخليج العربي.

"مسار جديد"

وبخصوص ما يمكن أن ينتج عن زيارة لاريجاني إلى السعودية، قالت صحيفة "فرهيختكان" الإيرانية في 17 سبتمبر: إن "تصحيح الموقف السعودي سيكون مفيدا جدا لمسار التطورات المقبلة في لبنان ولمواجهة التوسع الإسرائيلي في المنطقة".

وأضافت: "إذا تمكن لاريجاني من التأثير في رؤية الرياض، فإن ذلك سيكون ذا فائدة كبيرة"، لافتة إلى أن إيران أمامها فرصة مناسبة للمساومة وتغيير وجهة نظر الدول العربية، ومنها السعودية.

وأردفت الصحيفة أن “هذا التغيير قد يسهم في تصحيح حساباتهم الخاطئة تجاه أحداث المنطقة، أو على الأقل تنبيههم إلى أن استمرار المسار الخاطئ سيؤثر في قوتهم الإقليمية”.

ورأت أن "الهجوم على الدوحة دق ناقوس خطر بالعالم العربي، ففي أي وقت يشعر الإسرائيلي أن مصالحه مهددة فلن يتردد بانتهاك حقوق هذه الدول". 

وأشارت إلى أن "إيران قادرة على استغلال هذه الفرصة لتنبيه السعودية إلى مخاطر انضمامها للمشروع الأميركي الهادف إلى نزع سلاح حزب الله وإضعاف محور المقاومة"، مبينة أن زيارة لاريجاني إلى الرياض "ستُنتج قوة لطهران على مستويات متعددة". 

وعلى الصعيد ذاته، أفاد موقع "دبلوماسي إيراني" بأن زيارة لاريجاني إلى السعودية تأتي ليس فقط لأنها تعد القوة الاقتصادية الأكبر في العالم العربي، بل أيضا كونها تلعب دورا محوريا في معادلات الأمن الإقليمي. 

ومع سعي طهران والرياض إلى إعادة تعريف علاقاتهما بعد سنوات من التوتر، تبدو هذه الزيارة مرشحة لأن تكون نقطة تحول في الانتقال من تنافس مُنهك إلى تعاون إستراتيجي. وفقا للموقع الإيراني.

وتساءل عن مدى تمكن لاريجاني عبر محادثاته في الرياض من فتح مسار جديد نحو أمن مستدام ومتعدد الطبقات في الشرق الأوسط، رغم أن حضور القوى الخارجية، ولا سيما الولايات المتحدة وإسرائيل، ما زال يُلقي بظلال ثقيلة على هذا المسار. 

ولفت إلى أن زيارة لاريجاني إلى السعودية تأتي استكمالا لمهامه السابقة في زيارته إلى بغداد وبيروت (11 أغسطس/آب 2025)، مبينا أن الرياض تمثل الضلع الثالث لهذا المثلث الأمني، لأن مكانتها الخاصة في معادلات الشرق الأوسط تتيح فرصة لبلورة مسار جديد من التعاون الإقليمي.

وبيّن الموقع أن "تحوّل إيران من التركيز الأحادي على الردع العسكري إلى دبلوماسية نشطة ومتعددة الأوجه، بات ملموسا من خلال هذه الزيارات، وهو مسار يشمل السياسة والاقتصاد والأمن والطاقة، ويعكس سعي طهران إلى إعادة صياغة إستراتيجيتها الأمنية برؤية شاملة ومتعددة المستويات".

وبحسب قوله، فإن زيارة لاريجاني إلى الرياض تحمل أجندة واسعة ومتنوعة، منها الملفات الأمنية والإقليمية، في اليمن ولبنان وأمن الخليج.

وأشار إلى أن الحوار في المستوى الدفاعي يمكن أن يسهم بتقليص الانعدام في الثقة، ويؤسس لإدارة أفضل للأزمات الإقليمية. 

إيقاف التهديدات

وعن مدى إمكانية توصل طهران والرياض إلى تعاون دفاعي ملموس، استبعد الباحث في شؤون الشرق الأوسط، نذير محمد، أن تفضي هذه المحادثات بين السعودية وإيران التي أجراها علي لاريجاني إلى اتفاقيات تنجح في صد العدوان الإسرائيلي أو أي اعتداءات خارجية.

وتوقع محمد في حديث لـ"الاستقلال" أن تسهم مثل هذه المحادثات في تهدئة الأوضاع بين البلدين، وتخفيض التوتر الإقليمي في بلدان مثل اليمن ولبنان التي تحظى إيران في نفوذ داخلهما.

ولفت إلى أن “طهران يمكن أن تتعهد للرياض بتهدئة الجبهة الخارجية، كأن تمنع تهديدات الحوثيين في اليمن والحشد الشعبي في العراق، وعدم التعرض للمصالح السعودية”.

ولفت إلى أن "طهران تعول على عدم تحول الرياض إلى طرف في أي اعتداء يطالها (الجمهورية الإسلامية) في المستقبل".

من جانبه، رأى الكاتب الإيراني قاسم غفوري أنّ زيارة لاريجاني إلى الرياض، ولقائه وليّ العهد ووزير الدفاع السعوديين، يمثل خطوة بارزة نحو تعزيز التعاون الاستراتيجي بين إيران والسعودية.

وأضاف الكاتب  خلال مقال نشرته صحيفة "سياست روز" الأصولية في 17 سبتمبر، أنّ الزيارة تأتي بعد استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في مارس/ آذار 2023، وتهدف لفتح قنوات اتصال متعدّدة تشمل جميع المجالات مع التركيز على تعزيز الأمن الإقليمي ومواجهة التهديدات المشتركة.

وتعود آخر فصول التوتر الدبلوماسي بين البلدين إلى عام 2016، عندما أحرق متظاهرون إيرانيون السفارة السعودية في طهران، وقنصليتها في مدينة مشهد؛ ردا على إعدام الرياض لرجل الدين الشيعي نمر النمر.

لكن في 10 مارس 2023، جرت مصالحة بين السعودية وإيران بوساطة صينية، فقد أعلن الطرفان من بكين استئناف علاقاتهما الدبلوماسية بعد 5 جولات من المحادثات في بغداد وسلطنة عُمان.

وأشار غفوري إلى أنّ تصاعد التحدّيات في غرب آسيا، من العدوان الإسرائيلي المستمرّ إلى غياب المبادرة الأميركية الفعلية، يجعل من التنسيق بين طهران والرياض ضرورة ملحّة لضمان الاستقرار.

وشدد الكاتب على أن التعاون العسكري بين البلدين يمكن أن يشكل إطارا لمواجهة التهديدات الإرهابية، الإسرائيلية والأميركية، ويضمن أمنا مستداما في المنطقة.

وختم غفوري بأنّ "زيارة لاريجاني تعكس الواقعية والمرونة في السياسة الإيرانية، وتسعى لبناء تحالفات إقليمية فعّالة، مستفيدةً من القدرات المحلّية والتعاون بين الدول لتحقيق أمن متعدّد الطبقات ومستدام".

وفي السياق، رأت صحيفة "قدس" الأصولية في 17 سبتمبر، أن زيارة لاريجاني إلى الرياض، تمثل أساسا لتعاون إقليمي، وأن "إيران ركيزة أمنية في مواجهة العدو الصهيوني المزعزع للأمن، وسط توقعات باحتمال اندلاع مواجهة عسكرية في المنطقة".