التعاون العسكري بين دمشق وموسكو.. كيف ينعكس على الكيان الإسرائيلي؟

منذ ٤ ساعات

12

طباعة

مشاركة

في تطور سياسي لافت، استقبلت دمشق في 11 سبتمبر/ أيلول 2025، وفدا روسيا رفيع المستوى برئاسة نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، في ثاني زيارة رسمية للبلاد بعد سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024.

وفي أعقاب زيارة نوفاك، ووسط بوادر تقارب متزايد بين دمشق وموسكو؛ طرح معهد "مسغاف" الإسرائيلي تساؤلات حول دوافع دمشق لتجديد التعاون العسكري مع روسيا، وما قد ينجم عن ذلك من تداعيات إيجابية وسلبية على الكيان الإسرائيلي.

أدوات فعالة 

استهل المعهد تقريره باستعراض واقع النفوذ الروسي في العالم حاليا، وقال: "تشير التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط إلى تراجع واضح في نفوذ روسيا، التي باتت منشغلة بحربها في أوكرانيا وعاجزة عن فرض حضورها السابق في المنطقة".

مضيفا أن "موسكو لم تتدخل لدعم إيران في مواجهتها مع إسرائيل، ولم تُفعل نفوذها لدعمها ضد تفعيل آلية (سناب باك)، أو تعلق على تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن انتهاكات إيران النووية، وهو ما يظهر فتورا في دعمها التقليدي للمحور الشيعي".

كما أنها غائبة عن مسار الأحداث في لبنان؛ حيث تتسارع الخطوات لتفكيك ترسانة حزب الله العسكرية دون اعتبار لموقفها.

وعلى المستوى الدولي، يرى المعهد أن "روسيا تتعرض لعقوبات غربية متصاعدة، فيما بدت معزولة بعد تخلي واشنطن بقيادة ترامب عن دعمها".

"وحتى في محيطها الإقليمي، جاء توقيع اتفاق السلام بين أرمينيا وأذربيجان دون أن يكون لها الدور الحاسم المعتاد، ما يعكس مزيدا من التراجع في مكانتها الإقليمية والدولية"، بحسب تقديره.

وفي ظل الواقع الجيوسياسي الراهن، أوضح المعهد أن روسيا "تسعى إلى توسيع قنوات التواصل وترسيخ علاقاتها مع عدد متزايد من الدول حول العالم، ويحتل الشرق الأوسط مكانة بارزة في هذا التوجه".

وتابع: "فموسكو، بصفتها عضوا في (بريكس)، تعمل على ترسيخ مكانة هذا التكتل كبديل لمجموعة السبع، التي تعدّ (غربية) بطبيعتها".

ويضم هذا التكتل دولا مؤثرة في المنطقة مثل مصر وإيران والإمارات، مما يمنح روسيا -بحسب المعهد- أدوات فعالة للحفاظ على موطئ قدم إستراتيجي في الشرق الأوسط.

في هذا السياق، يرى المعهد أنه "خلال الأشهر الأخيرة، كشفت عدة تحركات روسية عن طموح الكرملين في توسيع نفوذه وتعزيز علاقاته وحضوره في المنطقة".

من أبرز هذه التحركات، وفق التقرير، إعلان موسكو عن استضافتها في أكتوبر/ تشرين الأول 2025 لمؤتمر تابع لجامعة الدول العربية، وهو الأول من نوعه الذي يُعقد بمشاركة ممثلين روس.

وأضاف: "وفي الوقت ذاته، تسعى روسيا إلى إعادة ترميم علاقاتها مع طهران، بعد خيبة الأمل الإيرانية من عدم رد الكرملين على الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت منشآت نووية في يونيو/ حزيران 2025".

وفيما عدّه المعهد "محاولة لاحتواء التوتر، صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن البلدين على تواصل دائم ويتعاونان بشكل منسق في مختلف القضايا الدولية".

"وبالتوازي مع التحركات السياسية، تعمل روسيا على دفع مبادرات اقتصادية مع عدد من دول الشرق الأوسط"، يقول المعهد.

وتابع موضحا: "من المنتظر أن توقِّع موسكو قريبا اتفاقا مع العراق لإنشاء مفاعلات نووية، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ تدمير مفاعل (أوزيراك) في عام 1981، وما تبعه من تدمير باقي المنشآت النووية العراقية على يد الولايات المتحدة في أوائل التسعينيات".

أما مع الإمارات، فذكر أن موسكو "وقعت اتفاقا شاملا في مجال النقل، فيما يُنتظر أن تُعقد قمة بين حكومتي السعودية وروسيا في الرياض خلال نوفمبر/ تشرين الثاني 2025، يتخللها توقيع سلسلة من الاتفاقيات الاقتصادية".

وفي مصر، أفاد بأن روسيا تنشئ منطقة صناعية شبه مستقلة على ساحل البحر الأحمر، كما ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال العام الماضي إلى نحو 8 مليارات دولار، إلى جانب قيامها ببناء محطة طاقة نووية لدعم شبكة الكهرباء المتعثرة في البلاد.

غير أن المعهد يرى أن "الساحة الأكثر إثارة للاهتمام في التحركات الروسية تظل سوريا".

مشيرا إلى أن "بعثة رفيعة المستوى، برئاسة نائب رئيس الوزراء ألكسندر نوفاك، وصلت إلى دمشق، في شهر سبتمبر/ أيلول 2025، في محاولة لإعادة تفعيل العلاقات الثنائية، وبحث إمكانيات تقديم مساعدات إنسانية للشعب السوري، فضلا عن تنظيم التعاون في مجال الطاقة".

ولفت إلى أن "نوفاك، الذي يُعدّ المسؤول الرئيس عن ملف الطاقة في روسيا، أشار إلى أن بلاده قادرة على توظيف علاقاتها الواسعة في المنطقة لدعم سوريا، بما في ذلك في مواجهة التحديات مع إسرائيل".

وفي أعقاب هذه اللقاءات، توقع المعهد أن "يقوم الرئيس السوري أحمد الشرع بزيارة إلى موسكو في شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2025، للمشاركة في القمة العربية الروسية الذي سيُعقد هناك".

وهم كبير 

وعند التمعن في النشاط الروسي بالشرق الأوسط، يخلص التقرير إلى أن "فكرة انسحاب موسكو من الساحة الإقليمية ليست سوى وهم إلى حد كبير، فالكرملين لم يختف يوما من هنا، لكنه اكتفى أحيانا بخفض مستوى حضوره".

مضيفا: "حتى في سوريا، تعمد موسكو بين الحين والآخر إظهار وجودها بشكل علني، لتؤكد أنها ما زالت حاضرة، بل وتبحث باستمرار عن منافذ جديدة لتعزيز نفوذها".

ومن أبرز الأمثلة على ذلك، أنه "رغم العقوبات الدولية المفروضة على شراء النفط الروسي، واصلت موسكو خلال الأشهر الأخيرة إرسال ناقلات محملة بالنفط الخام إلى سوريا ولبنان".

وبحسب التقرير، تتم هذه العمليات أحيانا عبر نقل النفط من ناقلات روسية إلى ناقلات أخرى تحمل علما محايدا، ثم تُوجه إلى الدول المستهدفة.

واستطرد: "في الحالة السورية، يكون هذا النفط خاما، بينما في لبنان، يفرغ النفط المكرر للوقود ومنتجات الوقود الأخرى في الموانئ".

بالتوازي مع ذلك، أشار المعهد إلى أن روسيا أرسلت، في أبريل/ نيسان 2025، شحنة من القمح إلى سوريا، وهي الأولى من نوعها منذ سقوط نظام الأسد، في محاولة لإحياء العلاقات الاقتصادية.

وذكر أنه "رغم الانطباع السائد بأن روسيا تراجعت عن دعمها لسوريا، فإن الكرملين حافظ على علاقات دبلوماسية مع نظام الرئيس أحمد الشرع منذ لحظة توليه السلطة".

"كما سعى ممثلون روس إلى بناء تفاهمات مع قادة (هيئة تحرير الشام)، بهدف التوصل إلى اتفاق حول إدارة الدولة في مرحلتها الجديدة". وفق قوله.

وكشف أنه "رغم تقليص روسيا لعدد قواتها في سوريا، واقتصار وجودها على مراكز رئيسة مثل القاعدة البحرية في طرطوس والقاعدة الجوية في حميميم؛ إلا أن هذه المواقع لا تزال نشطة".

"بل إن موسكو عززت تحصيناتها هناك، وتمكنت من صد هجمات مسلحة بخسائر طفيفة"، يقول المعهد.

ويكمل: "كما أعادت روسيا تمركزها في مطار القامشلي شمال شرق سوريا، حيث رفعت العلم الروسي، وأوقفت الرحلات المدنية، ونقلت إليه جنودا ومروحيات ومنظومات دفاع جوي من طراز (بانتسير)، ما يشير إلى نيتها إبقاء وحدات دائمة هناك".

ولفت إلى أن "هذه القاعدة تكتسب أهمية خاصة، ليس من الناحية الاستراتيجية المباشرة، إذ إنها لا تخدم الطائرات القتالية أو النقل، كما أن الدفاع عنها معقد؛ لكنها تبرز وجود القوات الروسية قرب تجمعات سكانية كردية في شمال سوريا، والتي توصل النظام الجديد في دمشق إلى تفاهمات معها في البداية".

واستدرك: "لكن يبدو أن التوترات تتصاعد بين الجانبين أخيرا، ويعود ذلك جزئيا إلى المجازر التي طالت الأقليات السورية كالعلويين والدروز، وقد تطورت هذه الخلافات في بعض الحالات إلى مواجهات علنية".

ومن الجدير بالذكر -بحسب المعهد- أن "روسيا قصفت في الماضي مواقع الأكراد في شمال سوريا لمساندة الأسد في معركته ضد الفصائل المتمردة المختلفة، وفي تلك الفترة، تحالف الأكراد مع جماعات معارضة أخرى، من بينها تنظيم الرئيس الحالي الشرع".

وتابع: "أما اليوم، فقد يجدون أنفسهم على الضفة الأخرى من الصراع".

وهنا تساءل المعهد: "ما الموقف الذي ستتخذه موسكو اليوم، خاصة أنها تملك قاعدة تكتيكية مهمة في المنطقة الكردية، تضم كذلك مروحيات هجومية".

وفي ضوء هذا التساؤل، توقع أنه "إذا ما توصلت روسيا إلى اتفاق جديد مع دمشق، فقد تعود لاستخدام قواتها في القامشلي لشن هجمات على الأكراد".

وفسر المعهد كل هذا الاهتمام الروسي بسوريا قائلا: "شكلت سوريا قاعدة عمليات إقليمية للروس في مختلف مجالات العمل في الشرق الأوسط، والتي لا تزال ذات أهمية بالغة للكرملين".

وأكمل: "فأحد هذه المسارات هي استخدامها كمنصة لتجاوز العقوبات الدولية عبر بناء بنى تحتية لتعدين العملات الرقمية في دول مثل إيران والإمارات وتركيا وحتى لبنان".

إضافة إلى ذلك، "لطالما عُدت روسيا الشرق الأوسط أحد أهم أسواق السلاح لديها، حيث استُخدم تصدير الأسلحة كأداة سياسية لتعزيز نفوذها في المنطقة".

غير أن المعهد يعتقد أن "هذا الاهتمام تراجع منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا؛ فمعظم الإنتاج العسكري الروسي موجه حاليا للاستهلاك الداخلي، فيما لا يبدو أن نهاية الحرب قريبة".

ووفق التقرير، فإن "الأسوأ أن كثيرا من المنظومات الروسية فشلت في إثبات تفوقها أمام التكنولوجيا الأميركية، بينما اقتحمت الصين وتركيا بقوة سوق بيع السلاح الإقليمي".

لافتا إلى أن "بعض التقارير -التي لم يُتحقق من صحتها- تحدثت عن طلب روسي لشراء منظومات S-400 من تركيا، ما يعكس حجم المأزق الذي تواجهه موسكو".

كبح إسرائيل 

على الجانب الآخر، أثار المعهد السؤال التالي: "ما الذي يدفع سوريا إلى إعادة دعوة الروس إلى أراضيها، ومنحهم حرية معينة في العمليات العسكرية، وإحياء العلاقات الدبلوماسية معهم، لا سيما أن موسكو كانت من أبرز داعمي النظام السابق".

ورغم أن دمشق ألغت عقد تشغيل ميناء طرطوس الذي كانت تديره شركة روسية، وطردت الإيرانيين من البلاد؛ إلا أن التقرير يؤكد أن "الشرع حرص منذ الشهر الأول لتوليه السلطة على التأكيد أنه لا يغلق الباب أمام علاقات مع الروس، واصفا إياهم بـ (ثاني أقوى قوة في العالم)، ومعلنا استعداده للقيام بما يلزم لتحقيق مصالح سوريا".

وعقب الموقع قائلا: "في الواقع، هناك أرضية مشتركة لا يُستهان بها بين دمشق وموسكو، وتتمثل في السعي لتحقيق أهداف متقاربة، وهو ما يشكل أساسا لمحاولة تجديد التعاون بين الطرفين".

وأوضح هذه الأهداف المشتركة قائلا: "من وجهة نظر السوريين، هناك مكاسب محتملة من العلاقة مع الروس، فهم قوة عسكرية متقدمة، وعضو دائم في مجلس الأمن، كما أنهم يمتلكون سلاسل إمداد مستقرة تشمل المنتجات الزراعية ومصادر الطاقة والأسلحة".

علاوة على ذلك، يرى المعهد أن "الروس سبق أن أظهروا قدرتهم على (كبح) إسرائيل ومنعها من شن هجمات داخل سوريا، ما يجعل التفاهمات مع الكرملين وسيلة لتفادي الحاجة إلى اتفاق أمني مباشر مع الحكومة الإسرائيلية".

لكن بحسب المعهد، فإن "الأكثر أهمية بالنسبة لدمشق، هو إسهام الوجود العسكري الروسي في تقليص التفوق الجوي الإسرائيلي داخل سوريا، سواء عبر نشر أنظمة دفاع جوي، أو من خلال تمركز مروحيات ومقاتلات روسية في مناطق مثل القامشلي أو قاعدة حميميم".

ومع ذلك، شكك التقرير في أن يجد الشرع في روسيا شريكا مستعدا لتلبية هذه الطموحات، وعزا ذلك إلى سببين.

أولها، أن "التجارب السابقة أثبتت أن الروس لم يتدخلوا في الحرب في إيران، ولم يحاولوا تعطيل نشاط الجيش الإسرائيلي وهو في طريقه إلى الجمهورية الإسلامية".

وأردف: "ثانيا، محدودية قدرات الروس في المنطقة، وانصباب جل اهتمامهم على أوكرانيا".

وبالتالي، يقدر التقرير العبري أنهم "لن يرغبوا في فتح جبهة أخرى، خاصة أن فرص النجاح فيها غير مضمونة".

ويرى أن "جل ما يمكن أن تعرضه روسيا في هذه المرحلة هو الإبقاء على قنوات الاتصال المباشرة التي لا تزال تربطها بإسرائيل -وإن كانت أقل فاعلية مما كانت عليه سابقا- إلى جانب محاولة لعب دور الوسيط، وإظهار التضامن العلني، ودعمها في المحافل الدولية".

وشدد المعهد على أن ذلك الدور الروسي المحتمل لن يكون بلا مقابل، مشيرا إلى أن "موسكو تسعى إلى تثبيت وجودها العسكري رسميا في مناطق معينة من سوريا، والحصول على اعتراف بشرعية دورها هناك".

ووفقا لمحللين، كان هذا أحد الأهداف الرئيسة لزيارة نوفاك إلى سوريا في شهر سبتمبر/ أيلول 2025؛ حيث عرض على دمشق نقل رسائل إلى إسرائيل والمساعدة في التفاوض معها.

فضلا عن ذلك، يعتقد المعهد أن "تجديد العلاقات مع سوريا مهم للكرملين لتخفيف الضغط الدولي عليه، وتقليص آثار التطورات والاتفاقيات الجديدة في القوقاز، وكسر العزلة السياسية التي فرضتها الحرب في أوكرانيا والعقوبات الغربية".

ومن الناحية الأخرى، لدى السوريين تحفظات بشأن الدور الروسي في البلاد، فقد صرح وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني قبيل زيارة نوفاك قائلا: "علاقاتنا مع الروس عميقة، وشهدت فترات من الصداقة والتعاون، لكنها لم تعرف يوما التوازن".

مضيفا: "أي وجود أجنبي على أراضينا يجب أن يكون مكرسا لخدمة الشعب السوري وبناء مستقبله". 

وأكد الوزير أن التعاون المطلوب مع موسكو ينبغي أن يكون "على أساس عادل وشفاف"، مشددا على أن "أي اتفاق جديد سيدرس بدقة ولن يقر ما لم يكن قائما على شروط متكافئة".

في المحصلة، رجح التقرير أن "روسيا لن ترضخ بسهولة للشروط السورية، كما ليس من المؤكد أنها مستعدة لتخصيص الموارد اللازمة لتلبية مطالب دمشق كافة".

في الوقت نفسه، أشار إلى أن "خسارة موسكو لأصولها الاستراتيجية في المنطقة أمر مؤلم، إذ لا يزال قادة الكرملين يعدون أنفسهم قوة ذات طموحات عالمية".

انعكاسات إيجابية وسلبية 

ويرى المعهد أنه "في حال استعادت روسيا مكانتها في سوريا، فإن لذلك انعكاسات إيجابية وسلبية على إسرائيل، ويتعين على الحكومة الإسرائيلية أخذها في الحسبان قبل صياغة أي خطط إستراتيجية تجاه دمشق".

وتابع موضحا: "أولا، لا بد من التذكير بـ (المهر) الذي تصطحبه القوات الروسية معها إلى أي منطقة تقع تحت نفوذها، وهو الوجود الإيراني المتزايد".

فقد أفاد خبير في شؤون الشرق الأوسط لمجلة "فوربس" بأن التمركز الروسي في مدينة القامشلي، على سبيل المثال، كان مصحوبا خلال الحرب الأهلية السورية بوجود إيراني دائم، وهو ما ينطبق أيضا على مناطق أخرى في البلاد. 

وأضاف الخبير أن التقارير الأخيرة حول نشاط الحرس الثوري الإيراني في سوريا تتركز في المناطق الساحلية وفي القامشلي، وهي ذاتها المناطق التي تشهد حضورا روسيا بارزا. 

"وبما أن الإيرانيين يسعون باستمرار إلى ترسيخ موطئ قدم لهم داخل سوريا، فإن تعزيز الوجود الروسي هناك قد يخدمهم، خاصة في ظل العلاقات الوثيقة بين موسكو وطهران"، وفق المعهد العبري.

ثانيا، يرجح التقرير أن "يكون اهتمام روسيا المتجدد بالمنطقة مرتبطا بعلاقاتها المتنامية مع تركيا".

وتابع موضحا: "فأنقرة تُعد من أبرز شركاء موسكو التجاريين، وقد شهدت العلاقات بين البلدين تقاربا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، حتى بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا".

ومن وجهة نظره، فإن "أردوغان هو من يقف خلف الضغوط التي تُمارس على الحكومة السورية لإعادة بناء علاقاتها مع الكرملين، حيث يرى الرئيس التركي في الوجود الروسي عاملا موازنا للتفوق الإسرائيلي، بل وربما حاجزا بين القوتين الإقليميتين في ظل التوتر القائم بينهما".

ومن هنا، يتوقع التقرير أن "زيادة عدد القوات الروسية في سوريا قد تحظى بمباركة تركية، بل وتُستخدم كغطاء لتوسيع النفوذ التركي في الأراضي السورية".

وأوضح المعهد أن ذلك الوجود الروسي قد يقلق إسرائيل، وقال: "إن الوجود العسكري الروسي في سوريا قد يُربك حسابات الجيش الإسرائيلي، سواء بسبب خشية الروس من تعرض قواتهم للخطر، أو نتيجة (أخطاء في التمييز) قد تؤدي إلى توترات واحتكاكات غير مقصودة بين الطرفين، كما حدث سابقا".

واستطرد: "مثل هذا الوضع قد يخدم المصالح التركية، إذ يتيح لها استخدام الروس كدرع ضد الضربات الإسرائيلية".

في المقابل، ذكر المعهد أن "هناك جوانب إيجابية للوجود الروسي على الجانب الآخر من الحدود، وللعلاقات التي قد تنشأ بين موسكو وتل أبيب".

حيث أشار إلى أنه "في ظل الأزمة السياسية المتفاقمة بسبب الحرب في غزة وغيرها، تحتاج إسرائيل إلى تحسين علاقاتها مع أكبر عدد ممكن من الدول، لا سيما تلك التي تربطها علاقات دائمة مع الدول العربية".

وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن "العلاقات بين تل أبيب وموسكو شهدت في الماضي تعاونا دبلوماسيا مثمرا، كما أن إسرائيل نجحت قبل حرب أوكرانيا في لعب دور الوسيط بين الكرملين والبيت الأبيض".

فضلا عن ذلك، كانت موسكو -بحسب التقرير- "العنوان الرئيس لإسرائيل في السنوات الأخيرة فيما يتعلق بالبحث عن جنود جيش الدفاع الإسرائيلي المفقودين في سوريا، وساعدت، من بين أمور أخرى، في عودة زكريا بوميل وغيره من المفقودين، وكذلك في تحديد مكان جثة إيلي كوهين".

مع ذلك، يشدد المعهد على أنه "يجب عدم إغفال أن روسيا قدمت دعما أيضا لأطراف مثل إيران وحزب الله"، وأن "الجهود التركية لإعادة إدخالها إلى الساحة السورية قد تنقلب ضد المصالح الإسرائيلية على المدى الطويل".

بناء عليه، يوصي المعهد العبري بـ "دراسة العلاقة المحتملة مع الروس بعناية، لمعرفة المكاسب التي يمكن جنيها منها، وما قد يشكل خطرا أو نقطة ضعف".