بوابة الخليج إلى أوروبا.. مسارات إيطاليا الثلاثية لتعزيز دورها في أمن الشرق الأوسط

"دول الخليج تتطلع إلى توسيع شراكاتها الاقتصادية"
في كلمتها أمام مجلس التعاون الخليجي بالعاصمة البحرينية المنامة، في 2 ديسمبر/كانون الأول 2025، حددت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، 3 مسارات لاستعادة الأمن والاستقرار في دول الخليج وأوروبا.
واستعرض موقع "ذا ميديا لاين" الأميركي، في تقرير، المسارات الثلاثة التي تعبر عن رؤية إيطاليا للمنطقة والتي تتمحور حول قطاع غزة وإيران، ومكافحة ما وصفتها بـ"الانفصالية الإسلامية".
هشاشة الهدنة
وقالت ميلوني: إن "المسار الأول هو الشرق الأوسط، لا سيما في الوقت الحالي، مع الخطة التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي تُتيح فرصة حقيقية لبناء إطار مستقر ودائم للسلام والأمن".
وأضافت: "ندرك هشاشة الهدنة، وندرك حجم الجهد المطلوب لتحويل هذه الفرصة إلى واقع طويل الأمد. ومع ذلك، فإننا جميعا ملتزمون بدعم الجهود الموحدة التي أظهرها المجتمع الدولي في شرم الشيخ".
وأبرزت ميلوني دور إيطاليا في تدريب الشرطة الفلسطينية وتقديم المساعدة خلال مؤتمر إعادة الإعمار؛ حيث شددت على أهمية إقامة دولة فلسطينية، على تقدير أن ذلك ضروري لضمان الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.
ورأت أن “هذا المسعى يتطلب اعتراف إسرائيل بحق الفلسطينيين في دولتهم، والاعتراف النهائي بحق إسرائيل في الوجود والأمن”. وفق قولها.
أما المسار الثاني فيتمحور حول إيران؛ حيث أوضحت رئيسة الوزراء الإيطالية أن "إيران أعلنت مرارا وتكرارا أنها لا تسعى لامتلاك أسلحة نووية".
وقالت: "وإذا كان هذا صحيحا -وأودّ أن أصدق ذلك- فإن التوصل إلى اتفاق واضح وموثوق، بمشاركة كاملة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أمر بالغ الأهمية لطمأنة المجتمع الدولي بشأن سلمية البرنامج النووي الإيراني".
بينما تناولت ميلوني في محورها الثالث "مكافحة الإرهاب والتطرف". مشيرة إلى "تزايد التوترات في أوروبا المرتبطة بحالات التطرف الإسلامي وتنامي ظاهرة الانفصالية الإسلامية"، أي “رفض بعض المجتمعات المسلمة للقوانين والعادات الأوروبية”.
هذه التوجهات الانفصالية -وفق زعم ميلوني- "تخلق توترات تهدد التماسك الاجتماعي وتؤجج العداء تجاه الأقليات المسلمة".
وتعتقد روما أنها قادرة على أن تكون، بل وستكون، بوابة دول الخليج إلى أوروبا، مما سيعزز التعاون الاقتصادي الذي تبلغ قيمته حاليا 35 مليار دولار سنويا، ولكنه لا يعكس الإمكانات الحقيقية للعلاقات الخليجية- الإيطالية.

أطول بيان
وترى رئيسة الوزراء أن هناك مصالح مشتركة ومُلِحّة تستدعي تعزيز التعاون، لا سيما فيما يتعلق بالبحر الأبيض المتوسط، الذي يُعدّ نقطة محورية لطرق وشبكات التجارة البحرية الدولية التي تبدأ من آسيا وتمتد إلى الولايات المتحدة، مرورا بأوروبا وإفريقيا.
وأكدت على ضرورة عقد قمة مشتركة بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول البحر الأبيض المتوسط، تشمل الشرق الأوسط وجنوب أوروبا وشمال إفريقيا.
وقالت ميلوني: "لا يمثل البحر الأبيض المتوسط سوى 1 بالمئة من محيطات العالم، إلا أنه يشهد مرور ما يقارب 20 بالمئة من التجارة البحرية العالمية، مما يعكس أهمية تتجاوز حدوده الجغرافية".
واجتمع رؤساء دول مجلس التعاون الخليجي الست وممثلوهم بالعاصمة المنامة في 4 ديسمبر 2025 لحضور القمة الـ46 لمجلس التعاون الخليجي، والتي أسفرت عن أطول بيان في تاريخ القمة؛ حيث تناول 162 بندا تعد أساسية للمرحلة المقبلة من التعاون بين الدول الأعضاء.
وسلطت الضوء على خطوات هامة نحو التكامل داخل مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك إنشاء الهيئة الخليجية للطيران المدني واعتماد منصة صناعية موحدة، مما يعكس رغبة الدول الأعضاء في ترسيخ التعاون الاقتصادي والارتقاء به إلى مستوى أكثر تقدما، وفق التقرير.
ولا تزال دول الخليج تناقش سبل الانتقال من التعاون إلى الاتحاد الكامل، حيث دعا البيان المجلس الوزاري ولجنة متخصصة إلى اتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق ذلك.
وقال وزير الخارجية البحريني، عبد اللطيف بن راشد الزياني: إن "تعقيد التشريعات الأوروبية وتغيرها المستمر هو السبب الرئيس لتباطؤ اتفاقية التجارة الحرة، إلا أن التعاون لم يتوقف، بل يتوسع من خلال شراكات ثنائية ومتعددة الأطراف".
وبحسب "ذا ميديا لاين"، فإن هذه إشارة واضحة إلى أن دول الخليج بدأت العمل على اتفاقيات تجارة حرة ثنائية مع الدول الأوروبية بدلا من اتفاقية موحدة.
بدوره، قال الصحفي البحريني، سعيد محمد، للموقع: إن "دول الخليج تتطلع بلا شك إلى توسيع شراكاتها الاقتصادية، ولذا فهي تعمل بشكل منفرد مع كل دولة أوروبية على حدة لتوقيع اتفاقيات تجارة حرة، وقد أثبتت المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي ككل صعوبة بالغة في التوصل إلى أي حلول".

مشروع القبة
ومن بين المواضيع التي نوقشت في قمة الخليج مشروع القبة الحديدية الذي يندرج ضمن إطار تعزيز الأمن والدفاع في المنطقة.
وأفاد التقرير بأن مشروع القبة الحديدية ظهر في أعقاب تزايد المخاوف بشأن الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة.
وقد تسارع العمل على المشروع بعد هجومين على قطر، الأول من إيران في 23 يونيو/حزيران 2015، استهدف قاعدة العديد الجوية، والثاني من إسرائيل في 9 سبتمبر/أيلول 2015، استهدف قادة فلسطينيين في الدوحة.
وبحسب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، جاسم محمد البديوي، فإن “هناك تقدما ملحوظا في مشروع القبة الحديدية الخليجية”.
وذكر أن "المشروع حقق خطوات كبيرة بالشراكة مع الولايات المتحدة، وهناك اجتماعات دورية مستمرة وتنسيق عسكري وفني متواصل".
وأفاد البديوي بأن مجلس التعاون يستعد لتنظيم مناورة عسكرية خليجية واسعة النطاق في الإمارات، بمشاركة القوات البرية والبحرية والجوية، في خطوة تعكس الجاهزية العسكرية الموحدة لدول المجلس.
من جهته، قال المحلل السياسي السعودي، سعود المومني: لـ"ذا ميديا لاين" إن "دول الخليج أصبحت حاليا طرفا فاعلا رئيسا في أي اتفاقيات سلام".
وأضاف: "فقد شهدنا استضافة العديد من دول الخليج للمفاوضات، وسعيها الحثيث لاستعادة الأمن والاستقرار في العالم، بدلا من الاكتفاء بموقف المتفرج".
وتابع: "تتمتع دول الخليج بحليف قوي في البيت الأبيض، هو ترامب، والتعاون معه مثمر للغاية، بإمكاننا تحقيق نتائج تفوق التوقعات".














