صحيفة صينية: إسرائيل ستواجه كارثة حقيقية حال توحدت الدول السنية مع تركيا

منذ يومين

12

طباعة

مشاركة

بصورة متصاعدة، يواصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التنديد بأقسى التعبيرات بالإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي في غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2025.

وفي السياق، تستعرض صحيفة "سوهو" الصينية الدور المحوري الذي تلعبه تركيا في دعم القضية الفلسطينية خلال حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة.

حيث تبرز تركيا -وفق الصحيفة- كقوة إقليمية مستقلة دبلوماسيا وعسكريا، مستغلة موقعها الإستراتيجي بين آسيا وأوروبا لتعزيز نفوذها في الشرق الأوسط.

كما تبرز الصحيفة التباين بين موقف تركيا الجريء ومواقف الدول السنية الأخرى الأكثر تحفظا، مؤكدة أن إسرائيل ستواجه كارثة حقيقية حال توحّدت العواصم السنية مع أنقرة.

موقف جريء

في بداية التقرير، تسلط الصحيفة الصينية الضوء على أن "تركيا، في نظر الكثيرين، كانت دائما بلدا مليئا بالتناقضات؛ إذ إنها تقع في آسيا لكنها تعد نفسها جزءا من أوروبا؛ وغالبا ما تقدم مصالحها على حساب الآخرين، حتى لو كان ذلك على حساب صورتها".

ومع ذلك، تشير الصحيفة إلى أنه "بعد المذبحة الوحشية التي ارتكبتها إسرائيل ضد الفلسطينيين، والتي أسفرت عن مقتل آلاف النساء والأطفال الأبرياء، وقفت تركيا بحزم وشجاعة لمواجهة إسرائيل".

وتلفت النظر إلى أن "القوة العسكرية التركية تعد من بين الأقوى في الشرق الأوسط، مع جيش مدرب وتجهيزات حديثة".

وهذا يعني أن "أي دولة تفكر في مواجهتها يجب أن تعيد النظر جيدا، وتتساءل إن كانت تمتلك القدرة على التصدي لهجوم تركي محتمل". 

من جهة أخرى، تشير الصحيفة إلى أن "الموقع الجغرافي لتركيا مهم جدا، فهي تقع عند ملتقى آسيا وأوروبا ومحاطة بالبحر من ثلاث جهات، مما يجعلها نقطة محورية في طرق النقل الدولية". 

"ومن جهتها، تدرك الولايات المتحدة قيمة تركيا الإستراتيجية، ولذلك ضمتها إلى حلف الناتو"، بحسب ما ورد عن الصحيفة. 

جدير بالذكر هنا أن تركيا لا تخضع لأميركا بشكل كامل، بل غالبا ما تخالفها دبلوماسيا، محافظة على موقف مستقل وصوت مختلف.

وإلى جانب قوتها العسكرية، تضيف الصحيفة أن "تركيا تمتلك اقتصادا قويا في الشرق الأوسط، مما يزيد من أهميتها".

علاوة على ذلك، لا تكتفي تركيا بدور الثانوي في المشهد الدولي، بل تشارك بفاعلية في الشؤون العالمية، وتولي اهتماما خاصا للقضايا الإنسانية، معبرة عن مواقفها من خلال أفعالها.

وفي هذا الإطار، تظهر الصحيفة أن "الكثيرين يعتقدون أن دعم تركيا لشعب غزة ينبع من الدين الإسلامي المشترك والأصل العربي، لكن الحقيقة ليست كذلك".

وتابعت موضحة: "فعلى الرغم من أن تركيا والدول العربية تتشابه في الدين، إلا أنّ الأصول العرقية مختلفة تماما؛ حيث تنتمي تركيا في الواقع إلى العرق الأوروبي، وتمتلك خلفية ثقافية عميقة تجمع بين التراث الروماني القديم والثقافة التركية".

"أما العلاقات بين تركيا والدول العربية، فهي تقوم أكثر على أوجه التشابه في الدين والثقافة"، كما ورد عن الصحيفة.

ومن خلال هذه العملية الإنسانية، تبرز الصحيفة أن "تركيا لم ترفع مكانتها القيادية في الشرق الأوسط فحسب، بل أصبحت قدوة للدول الأخرى، وأظهرت حس المسؤولية الذي يجب أن تتحلى به الدول القوية". 

"وفي الوقت نفسه، عززت تركيا عبر هذه الخطوة مكانتها وتأثيرها في المجتمع الدولي"، كما تؤكد الصحيفة الصينية.

دول سنية ضبابية

وفي السياق، تبرز الصحيفة الصينية أنه "على العكس من الموقف التركي الحاسم، تبدو مواقف بعض الدول السنية الأخرى غامضة". 

ضاربة المثل بالسعودية، التي قالت عنها: إنها "بالرغم من تصريحاتها الحادة أحيانا، إلا أنها لم تتخذ إجراءات فعلية بسبب علاقتها مع الولايات المتحدة".

"وكذلك إيران، التي تخشى ضغوط أميركا وتسعى لتحرير أصول مجمدة تبلغ قيمتها 6 مليارات دولار، فهي أكثر تحفظا في خطابها"، على حد قول الصحيفة.

وتنوه الصحيفة هنا إلى أنه "رغم أن معظم الدول العادية في العالم، بما في ذلك الصين، لا تصنف حماس كمنظمة إرهابية اليوم، إلا أن كثيرا من الدول تلتزم الصمت بسبب مخالفة حماس لمبادئ الإنسانية".

ولكن تركيا -كما تقول الصحيفة- وحدها من "تجرأت على إعلان موقفها الداعم لغزة بصراحة ووضوح".

وليس هذا فقط، بل تشير الصحيفة إلى أن أردوغان انتقد علنا سلوك إسرائيل، واصفا غاراتها على غزة بـ "القتل العمد".

علاوة على ذلك، دعا أردوغان العالم الإسلامي إلى الوحدة لوقف العنف، مؤكدا أن الذين يدعمون إسرائيل بلا حدود هم "المسؤولون الرئيسون عن الدمار والمجازر في غزة".

رغبة بتعزيز النفوذ

وبخلاف رغبة تركيا في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين، تسلط "سوهو" الصينية الضوء على وجود حسابات سياسية أعمق وراء ذلك. 

إذ إن تركيا لطالما سعت إلى تعزيز نفوذها في العالم الإسلامي، رغم التحديات التاريخية والجغرافية التي تواجهها. 

وبالإشارة إلى أن "تركيا كانت تعد نفسها جزءا من أوروبا"، تقول الصحيفة: إنه "بعد رفضها المتكرر من الاتحاد الأوروبي، وبعدما فقدت شعورها بالانتماء إلى أوروبا، بدأت تبحث عن دور جديد داخل العالم الإسلامي".

وفي هذا السياق، تشير الصحيفة إلى أن "دعم تركيا الواضح لفلسطين ومواجهتها الحازمة لإسرائيل تعكس رغبتها في زيادة نفوذها الدولي والسعي لتصبح القائد في العالم الإسلامي".

وفي مقابل ذلك، تواجه الدول الغربية وأميركا موقفا معقدا. 

فبحسب الصحيفة: "إذا نجحت تركيا في تصعيد الموقف وجذب دول إسلامية أخرى لمواقفها، فسيجد الغرب وأميركا أنفسهم مضطرين للدخول في صراع مباشر".

ولأنهم لا يرغبون في ذلك، بحسب الصحيفة، سيضطرون للتفاوض مع تركيا، التي تستغل هذه الفرصة لتعزيز أوراق تفاوضها.

وقد وجهت كل من أميركا وإسرائيل انتقادات علنية لتركيا، متهمين إياها بـ"دعم الإرهاب"، واصفين موقفها بأنه "تهديد خطير لاستقرار الشرق الأوسط".

ولكن من ناحية أخرى، تقول الصحيفة: إن "مجرد الانتقاد لا يكفي، فالقوة المالية لرأس المال اليهودي تمثل تهديدا أقوى".

ولذلك، بعد إعلان تركيا موقفها، شهدت مؤشرات الأسهم التركية تراجعا حادا قبل الإغلاق، مما أدى إلى تفعيل آلية الإيقاف المؤقت.

وفي النهاية، تبرز الصحيفة أنه "من الواضح أن أردوغان لن يكتفي بالانتقادات اللفظية فقط، والمستقبل القريب سيشهد تعقيدات أكبر".

وتختم الصحيفة تقريرها بالقول: إن "تركيا إذا تمكنت من حشد دول شرق أوسطية أخرى للانضمام إليها واتخاذ إجراءات مشتركة، فسيكون ذلك كارثة حقيقية على المصالح الغربية والإسرائيلية".