ناطحة سحاب باسم ترامب في دمشق.. صفقة اقتصادية أم رسالة سياسية؟

يشكك البعض في جدوى إقامة برج بقيمة 200 مليون دولار في دمشق
في تطور مفاجئ أثار اهتمام الأوساط السياسية والاقتصادية على حد سواء، أعلنت مجموعة "تايغر" العقارية، التي تتخذ من الإمارات مقرا لها، عن نيتها بناء ناطحة سحاب تحمل اسم الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في العاصمة السورية دمشق.
وجاء هذا الإعلان في أعقاب قرار ترامب رفع العقوبات عن سوريا، والذي أفادت تقارير (وصرح به الرئيس الأميركي نفسه) بأنه جاء استجابةً لطلب مباشر من ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، خلال زيارة ساكن البيت الأبيض إلى الرياض، في 13 مايو/أيار 2025.
وتساءل موقع "ذا ميديا لاين" الأميركي عما إذا كان برج ترامب دلالة رمزية أم تعبير عن تحول إستراتيجي أوسع، مشيرا إلى أن الشارع السوري متباين الرأي حيال المشروع.
فبينما يشكك البعض في جدوى إقامة برج بقيمة 200 مليون دولار في دمشق يحمل اسم ترامب، يرى آخرون أن المشروع قد يشكل بداية حقبة جديدة من الاستقرار والتنمية الاقتصادية في العاصمة السورية.

رمز لمرحلة جديدة
ومن المتوقع أن يتألف البرج من 45 طابقا، بتكلفة تُقدَّر بحوالي 200 مليون دولار، ويُنظر إليه من قِبل مطوريه بوصفه رمزا لمرحلة جديدة في سوريا، مع خروجها تدريجيا من آثار الحرب.
كما يفتح المشروع الباب أمام عودة الاستثمارات الأجنبية إلى بلد عانى من عزلة سياسية واقتصادية لأكثر من عقد.
قال الرئيس التنفيذي لمجموعة "تايغر" العقارية، وليد الزعبي، إن "برج ترامب في دمشق ليس مجرد مشروع عمراني؛ إنه رسالة، فنحن نريد أن نُبلغ العالم أن سوريا قادرة على التعافي، وأنها تستحق أن تُدمج مجددا في النظام الاقتصادي العالمي".
وأشار الزعبي في حديثه لموقع "ذا ميديا لاين"، إلى أن شركته تدرس حاليا عدة مواقع محتملة داخل دمشق، مع احتمال تعديل عدد الطوابق بناءً على دراسات الجدوى الفنية والموافقات التنظيمية.
كما أكد أن الشركة ستقدم هذا الأسبوع (نهاية مايو) طلبا رسميا للحصول على تصاريح البناء من الجهات المعنية، بالتزامن مع الشروع في إجراءات الحصول على ترخيص استخدام اسم "ترامب" كعلامة تجارية مسجلة.
وأضاف أن اسم الرئيس الأميركي سيُنقش بالذهب على واجهة البرج، وأن مرحلة البناء قد تستغرق ما يصل إلى ثلاث سنوات بعد الحصول على التصاريح اللازمة وإبرام اتفاق قانوني مع "منظمة ترامب" المالكة للعلامة التجارية.
وأشار الزعبي إلى أنه التقى بالرئيس السوري الجديد، أحمد الشرع، في يناير 2025، وتحدثا عن المشروع كجزء من خطة أوسع لإعادة إعمار العاصمة السورية وجذب الاستثمارات الدولية.
وبحسب تقارير، نشأت فكرة إنشاء برج ترامب في دمشق في ديسمبر/كانون الأول 2024، عندما طرح عضو الكونغرس الجمهوري، جو ويلسون، المقترح خلال خطاب ألقاه أمام الكونغرس.
وتعود العقوبات الأميركية على سوريا إلى عام 1979، لكنها تصاعدت بشكل كبير بعد عام 2011 عقب القمع العنيف الذي مارسه نظام بشار الأسد ضد الاحتجاجات السلمية.
وعلى الرغم من الإطاحة بالأسد في ديسمبر 2024، فإن العقوبات ظلت قائمة حتى أعلن الرئيس ترامب فجأةً رفعها.
وربطت مصادر دبلوماسية في واشنطن هذا القرار بتفاهمات إقليمية بين الولايات المتحدة والسعودية تتعلق بإعادة تشكيل التوازنات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، وقد يكون مشروع برج ترامب أحد تجليات هذه التحولات الأوسع. وفق الموقع.

أبعاد سياسية للمشروع
بدوره، قال المحلل الاقتصادي السوري سامر عبد الهادي، المقيم في بيروت: إن "المشروع يحمل أبعادا تتجاوز الإطار الاقتصادي".
وأضاف: "نحن لا نتحدث عن استثمار عادي هنا، إنّه يحمل اسم رئيس أميركي معروف بمواقفه المثيرة للجدل، ويأتي مباشرة بعد رفع العقوبات".
وأشار إلى أن ذلك "يثير تساؤلات حول ما إذا كانت هناك تفاهمات سياسية أوسع قد تتجاوز الملف السوري نفسه".
وتابع عبد الهادي: "سوريا في أمسّ الحاجة إلى مشاريع تنموية وإعادة إعمار، لكن من غير المؤكد بعد ما إذا كانت هذه المبادرة تعبّر عن تحول حقيقي نحو الانفتاح الاقتصادي، أم أنها حالة استثنائية مرتبطة بمصالح محددة".
من جهته، قال متحدث إعلامي باسم وزارة الاقتصاد السورية للموقع: إن الحكومة ترحب بأي مشروع استثماري يُسهم في التعافي الاقتصادي ويوفر فرص عمل، شرط التزامه بالقوانين المحلية والمعايير العمرانية.
وأشار المتحدث إلى أن رفع العقوبات الأميركية "يفتح نافذة مهمة للبلاد"، مؤكدا أن الحكومة السورية "لن تسمح بأن تتحول الاستثمارات إلى بوابة للتدخل السياسي أو لفرض شروط خارجية".
وأضاف: "إذا نُفّذ مشروع برج ترامب ضمن الأطر القانونية وكجزء من رؤية تنموية شاملة، فقد يكون بداية لاستعادة الثقة في الاقتصاد السوري".
وقد رصد "ذا ميديا لاين" آراء عدد من المواطنين السوريين في دمشق بشأن المشروع، والتي تراوحت بين التفاؤل الحذر والشك.
بالنسبة لسها المصري، البالغة من العمر 34 عاما وتعمل في شركة خاصة، فإن اسم ترامب ليس هو القضية الأساسية.
وقالت: "البلد بحاجة إلى أي مشروع يخلق فرص عمل ويضخ السيولة في السوق"، مضيفة: "الاسم لا يهم، المهم أن نبدأ إعادة الإعمار".
في المقابل، أعرب حسام النجار (42 عاما)، وهو معلّم في منطقة المزة، عن شكوكه حيال نوايا المشروع، قائلا: "لا أعتقد أن هذه مبادرة بريئة، اسم ترامب سياسي بامتياز، ومن غير المرجح أن يظهر على مبنى في دمشق دون وجود هدف أكبر وراءه".
أما ليلى عبد السلام، وهي طالبة جامعية تدرس الاقتصاد، فرحّبت بالفكرة، قائلة: "إذا كان برج ترامب سيساعد العالم على رؤيتنا كدولة مستقرة قادرة على جذب المستثمرين، فلمَ لا؟ نحن بحاجة إلى أي بارقة أمل".
وبحسب الموقع، يبقى من غير الواضح ما إذا كان مشروع برج ترامب في دمشق سيتحول إلى واقع، وما إذا كان سيفتح الباب أمام تحولات أوسع.
وختم متسائلا: هل سيكون برج ترامب مجرد استثمار عقاري، أم بوابة نحو فصل جديد في العلاقات بين سوريا والغرب؟