اضطرابات متصاعدة في باكستان.. هل يتدخل الجيش وينفذ "الانقلاب الرابع"؟

منذ ساعتين

12

طباعة

مشاركة

في الأسابيع الأخيرة شهدت الساحة العسكرية والسياسية في باكستان تطورات مفصلية لافتة؛ إذ أدى رئيس أركان الجيش عاصم منير اليمين الدستورية رسميا لتولي منصب "قائد قوات الدفاع" في البلاد، وهو منصب يُستحدث لأول مرة هناك.

ويشغل منير (57 عاما) رئاسة أركان الجيش الباكستاني، منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، ما خوَّله رسميا قيادة القوات البرية، كما يحظى بنفوذ على القطاعات العسكرية الأخرى.

وبحسب موقع "تينسنت" الصيني، "لا يقتصر نفوذ المنصب الجديد على تكريس سلطة منير على القوات البرية والبحرية والجوية، بل يمتد كذلك ليشمل الإشراف على (القيادة الإستراتيجية الوطنية) وهي هيئة مستحدثة كذلك، مسؤولة عن إدارة الترسانة النووية وأنظمة الصواريخ في البلاد، ما يجعل من منير الشخصية الأقوى والأكثر تأثيرا في باكستان حاليا.

في الوقت ذاته، شهدت الساحة السياسية اضطرابات تتعلق بأخبار متداولة حول "مقتل" رئيس الوزراء السابق المعتقل عمران خان واتجاه الحكومة نحو حظر حزبه "إنصاف"، الأمر الذي عدَّه التقرير "مؤشرا محتملا لاتجاه الجيش تنفيذ الانقلاب العسكري الرابع".

سلطة مطلقة

وأشار الموقع الصيني إلى أن منير، في خطاب تنصيبه، تحدث بنبرة عالية عن طبيعة التحديات الأمنية التي تواجهها باكستان. موضحا أن البلاد تقف أمام "تهديدات داخلية وخارجية آخذة في التعقيد".

"الأمر الذي يفرض على القوات المسلحة امتلاك قدرة موحدة على خوض العمليات، وآليات فعالة للتنسيق والتكامل عبر مختلف المجالات القتالية". وفق تصريحاته.

وشدد على أن استحداث منصب "قائد قوات الدفاع" ليس مجرد إجراء شكلي أو بروتوكولي، بل يمثل نقطة محورية لدفع عملية التحول في القدرات العملياتية.

وأكد منير الذي بات يجمع الآن بين منصبي قائد قوات الدفاع ورئيس أركان الجيش، أن القوات البرية والجوية والبحرية ستواصل الحفاظ على "استقلاليتها الداخلية وبُناها التنظيمية" عقب إعادة هيكلة منظومة القيادة العسكرية في البلاد.

وخلال كلمة ألقاها أمام ضباط الأفرع الثلاثة، وصف منير إنشاء مقر قوات الدفاع بأنه "إصلاح تاريخي وجوهري". مؤكدا أن تسارع تطور التحديات الأمنية في الإقليم يفرض على باكستان تعزيز قدراتها القتالية متعددة المجالات.

وقال: إن "إنشاء مقر قوات الدفاع خطوة حاسمة في هذا التحول؛ إذ سيحتفظ كل فرع من فروع القوات المسلحة بهويته المميزة لضمان الجاهزية القتالية، فيما يتولى المقر العام مهمة ضمان التنسيق والتكامل الموحدين".

وفي تناوله لقضايا الأمن الإقليمي، حذر القائد العام للقوات المسلحة الجانب الهندي من مغبة إساءة تقدير الموقف. 

كما أعاد تأكيد الموقف المتشدد لإسلام آباد تجاه كابول، مشددا على أن حكومة طالبان مطالبة بالاختيار الفاصل بين احتضان "العناصر المتطرفة" وبين الحفاظ على علاقات مستقرة مع باكستان.

وجدد منير التأكيد على التزام بلاده بخيار السلام، مع إبراز أن سيادة باكستان ووحدة أراضيها "خط أحمر" لا يجوز المساس به. 

وقال: إن "فكرة باكستان عصية على الانكسار، يحرسها جنود أشداء وإرادة وطنية موحدة".

وبحسب الموقع، فإن منير شدد خلال حديث غير رسمي مع الصحفيين في القصر الرئاسي "أيوان صدر": "كل شيء على ما يرام، وكل شيء واضح أمام أعينكم. الأوضاع في تحسن، ومن هذه اللحظة فصاعدًا ستشق باكستان طريقها إلى آفاق أعلى".

بدورها، دعمت الحكومة الباكستانية هذا الإجراء، فوفقا للموقع "سارعت الحكومة الباكستانية إلى إدخال تعديلات دستورية، تنازلت بموجبها عن جزء من صلاحياتها لصالح المؤسسة العسكرية".

وجاء ذلك بعد تقديم رئيس الوزراء شهباز شريف ملخصا رسميا إلى الرئيس آصف علي زرداري يوصي فيه بتعيين منير "قائد قوات الدفاع".

ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، فقد وافق شريف قبل إحالة الملخص إلى الرئاسة على أن يجمع منير بين منصبي رئيس أركان الجيش وقائد قوات الدفاع لفترة خمس سنوات، وهو ما حظي بمصادقة لاحقة من الرئيس زرداري.

وأضاف مكتب رئيس الوزراء أن الأخير وافق أيضا على تمديد ولاية رئيس أركان القوات الجوية، ظهير أحمد بابر سيدو، لعامين إضافيين، على أن يبدأ التمديد بعد انتهاء ولايته الحالية في مارس/ آذار  2026. 

كما جدد المستشار السياسي لرئيس الوزراء التأكيد على أن منصب قائد قوات الدفاع سيشكل ركيزة أساسية في منظومة الأمن القومي.

"وأوضح أنه رغم صدور القانون المنشئ لهذا المنصب، فإن القواعد والإجراءات المنظمة له ما زالت في طور الإعداد وتتطلب قدرا كبيرا من التمحيص والتدقيق، ونفى ما تردد عن وجود تأجيل مفتعل، واصفًا تلك الأنباء بأنها بلا أساس". وفق ما ذكره الموقع.

وفي مواجهة الشائعات المستمرة حول وجود توتر بين مؤسسات الدولة، أشار الموقع إلى أن أحد كبار مساعدي رئيس الوزراء "نفى بشكل قاطع ما يُروج عن وجود شرخ بين القيادة المدنية والعسكرية، عادا تلك التقارير (عارية عن الصحة) و(غاية في التضليل)".

وأردف الموقع الصيني: "وذهب وزير الداخلية في الاتجاه نفسه، مشددا على أن إنشاء منصب رئيس أركان الدفاع، بصفته تحولا هيكليا كبيرا، (لا يمكن إنجازه بين عشية وضحاها)".

وحول صلاحيات المنصب الجديد، أشار التقرير أن منير، "يتمتع، بحكم منصب قائد قوات الدفاع، بمستوى من الحصانة القانونية يماثل ما يتمتع به رئيس الجمهورية. 

وتابع موضحا: "فمنير سيحوز، شأنه شأن الرئيس، حصانة مدى الحياة تحميه من أي ملاحقات أو إجراءات قضائية، كما تُمنح الحماية نفسها لقائدي سلاحي الجو والبحرية".

ولفت التقرير إلى أن منير قد يبقى مدى الحياة في منصبه، وقال: "مع اقتراب نهاية ولايته بعد خمس سنوات، فإن إبداء منير رغبته في التمديد أو التجديد سيضع القيادة المدنية أمام معادلة شديدة الحساسية، فبعد أن منحته صلاحيات واسعة، سيغدو من الصعب عمليا على الرئيس ورئيس الوزراء رفض طلبه".

إلى جانب ذلك، ذكر أن التعديلات الدستورية الأخيرة أضعفت من قدرة الحكومة على ممارسة الرقابة على المؤسسة العسكرية".

وأردف: "فقد أفادت تقارير إعلامية باكستانية بأن القائد العام للقوات المسلحة بات يملك حق ترشيح اسم نائب رئيس أركان الجيش، على أن يُرفع الترشيح للموافقة من الحكومة الاتحادية، في حين كانت مثل هذه التعيينات في السابق تُعد امتيازا إداريا خالصا للسلطة المدنية".

تصفية حسابات

ويقدر الموقع الصيني أن هذه التعديلات الواسعة، قد يكون لها علاقة بالتطورات السياسية التي شهدتها باكستان أخيرا.

فقد أثارت الشائعات المتداولة حول مقتل عمران خان باكستان فى السجن، جدلا واسعا في أوساط الرأي العام الباكستاني، مما دفع المواطنين لطلب كشف حقيقة وفاة عمران خان عاجلا.

وما زاد الأمور تعقيدا، إعلان وزير الإعلام عطا الله تارار في الرابع من ديسمبر/ كانون الأول 2025 أن الحكومة قررت منع أوزما خان، شقيقة رئيس الوزراء السابق ومؤسس حزب حركة الإنصاف عمران خان، من زيارته في سجن أديالا في مدينة روالبندي.

في غضون ذلك، وخلال مؤتمر صحفي مشترك في إسلام آباد مع وزير العدل، أكد وزير الإعلام أن السلطات ستتخذ إجراءات صارمة ضد أي محاولة لإثارة الفوضى أمام السجن الواقع في مدينة روالبندي. 

وأضاف أن محيط السجن يخضع لمراقبة مشددة، وأن الحكومة لن تسمح باندلاع أي اضطرابات. 

فقد أُقيمت خمسة حواجز أمنية حول سجن أديالا، ونُشر مئات العناصر في محيطه، بينما ارتفع عدد قوات الأمن المنتشرة في روالبندي وإسلام آباد إلى نحو 2500 عنصر، وأصدرت المدينتان أوامر بحظر التجمعات. 

وبحسب الموقع، عدّت هذه الإجراءات، دليلا على ارتباك الحكومة، ما زاد من حدة الغضب الشعبي".

في المقابل، اتهمت قيادات حركة إنصاف الحكومة بالتعتيم المتعمد، بينما عبرت أسرة خان عن قلق بالغ على سلامته. 

وأوضح الموقع أنه "سرعان ما انتشرت هذه المخاوف في الشارع، لتندلع احتجاجات في مناطق عدة في إقليم خيبر بختونخوا، فيما نظمت حركة إنصاف مظاهرات واسعة تطالب باستعادة حق الزيارة وكشف ظروف احتجازه".

بالتوازي مع ذلك، أشار الموقع الصيني إلى أنه "في التاسع من ديسمبر/ كانون الأول، نقلت وسائل إعلام هندية عن مصادر مطلعة أن الأوساط السياسية والأمنية في باكستان تشهد نقاشا محتدما حول إمكانية توجيه تهمة الخيانة العظمى إلى عمران خان، وربما حظر حزب حركة الإنصاف الذي يتزعمه".

وبحسب هذه المصادر، فإن "الحكومة الاتحادية بقيادة رئيس الوزراء شهباز شريف، وبعد تنسيق مع القيادة العسكرية، ترى أن عمران خان تجاوز الخطوط الحمراء مرارا، بدءا من اتهامات بانتهاك الأمن القومي، وصولا إلى الإضرار بعلاقات باكستان الدبلوماسية وأمنها الداخلي". وفقا ما أورده الموقع.

وأكدت المصادر أن "المسؤولين يرون أن خان، بصفته رئيس وزراء سابق، كان مطلعا على معلومات بالغة الحساسية تتعلق بالأصول الإستراتيجية للبلاد، بما في ذلك ملفات نووية وأسرار وطنية". 

واتهموه -بحسب الموقع- بأن "مواقفه السياسية التصادمية، وعداؤه لمؤسسات الدولة، إلى جانب امتلاكه لتلك المعلومات السرية، كلها عوامل قد تضع باكستان في مأزق خطير".

وتابع الموقع: "وشددت المصادر على أن هذا وحده كاف لإثارة قلق واسع في الأوساط السياسية والأمنية، وهو ما دفع إلى طرح خيار محاكمته بتهمة الخيانة".

وعقّب التقرير الصيني على هذه التطورات قائلا: "رجل وصل إلى رئاسة الوزراء عبر صناديق الاقتراع بصفته إصلاحيا منتخبا، يجد نفسه محتجزا في سجن روالبندي، مقطوع الصلة بالعالم الخارجي، محروما من زيارة أسرته، وغارقا في غموض مصيره، دون أي دليل رسمي على أنه ما زال حيا، والمفارقة أن مكان احتجازه ليس سوى سجن في بلده نفسه".

وأضاف: "نعم، هذه هي صورة باكستان في عام 2025، وجوهر العاصفة ليس مجرد سؤال: هل عمران خان ما زال حيا؟ بل القضية الأعمق: عندما تصبح المؤسسة العسكرية هي الحكم النهائي، هل يبقى للديمقراطية أي وجود فعلي؟"

حيث يقدر التقرير أن "اختفاء خان يعكس عملية (تصفية حسابات) ممنهجة بين الجيش والسلطة المنتخبة".

واستند التقرير في فرضيته هذه على ما أشار إليه خان نفسه، فوفقا له، "آخر ما كتبه على وسائل التواصل الاجتماعي، عقب لقاء قصير مع شقيقته، كان رسالة أشبه بالوصية: (إن حدث لي مكروه، فإن عصام منير هو المسؤول)، فيما بدا أنها كلمات وداع أخير".

ولا يبدو أن ذلك التوتر بين خان ومنير حدثا معزولا، فهو يمثل، بحسب التقرير، "حلقة جديدة في سلسلة الصراع الطويل بين المدنيين والعسكر في باكستان: حكومة منتخبة تحاول انتزاع السلطة، والجيش يرد ليؤكد أنه صاحب الكلمة الفصل".

واستطرد: "تثبت هذه الأحداث حقيقة واحدة: نفوذ المؤسسة العسكرية لم يغادر المشهد أصلا".

واسترسل: "فالكثيرون يختزلون الخلاف بين عمران خان والقائد العام لقوات الدفاع، في إطار خصومة شخصية من قبيل: (أبعدتني عن منصبي بالأمس، فأودعك السجن اليوم)، إذ سبق أن أقال خان منير من منصب مدير الاستخبارات الباكستانية في عام 2019".

واستدرك: "لكن القراءة الأعمق تكشف أن خان، بصفته زعيما منتخبا، حاول تحدي سلطة الجيش، وأن المؤسسة العسكرية ترد اليوم على هذا التحدي عبر أدوات قمع منظمة ومؤسسية".

وبالتالي، خلص التقرير أن "القضية إذن ليست مجرد صراع شخصي، بل هي الثمن الذي يدفعه النظام الديمقراطي كلما حاول تقليص نفوذ (الحكومة العسكرية غير المعلنة)".

وتابع: "أما الاعتقاد بأن صعود منير كان (مسألة حظ)، فبعيد عن الواقع، فترقيته تعكس النفوذ البنيوي العميق للمؤسسة العسكرية داخل النظام السياسي الباكستاني، حيث ظل جهاز الاستخبارات العسكرية على الدوام المركز الفعلي للسلطة في البلاد".

إعادة هندسة كاملة

على أرض الواقع، يشير الموقع الصيني إلى أن المواجهة الحالية بين الجيش وعمران خان تركزت في إقليم إستراتيجي بالغ الحساسية: خيبر بختونخوا.

فبحسبه، "كان هذا الإقليم القاعدة السياسية الأكثر أهمية لعمران خان، ولا يزال حتى اليوم معقلا انتخابيا صلبا لحزب حركة إنصاف".

ولفت إلى أنه "رغم وجود خان خلف القضبان، فإن نفوذه السياسي ما زال متجذرا في برلمان الإقليم وإدارته، خصوصا داخل المجتمع البشتوني".

ووفق التقرير، تحاول الحكومة الفيدرالية بسط سيطرتها على الإقليم؛ إذ أوضح أن "الهجمات الإرهابية المتكررة والتوترات الحدودية خلال الأشهر الماضية، وفرت للحكومة المركزية فرصة سياسية لإعادة تشكيل منظومة الحكم المحلي".

وأردف: "إذ يسعى الائتلاف الحاكم إلى تمرير تشريع جديد يقلص صلاحيات رئيس وزراء الإقليم، وينقل جزءا كبيرا من السلطة التنفيذية إلى منصب المحافظ، في محاولة للالتفاف على نفوذ حركة إنصاف".

ويقدر الموقع الصيني أن "هذا التحرك لم يكن مجرد تعديل إداري، بل إعادة هندسة كاملة لبنية الحكم المحلي".

"ومع ذلك، واجهت الخطة عقبة غير متوقعة: فالمحافظ الحالي كريم كندي، المنتمي لحزب الشعب، رفض أن يتحول إلى أداة في صراع سياسي، وأبدى ترددا واضحا، ما دفع الحكومة المركزية إلى البحث عن بديل، وذلك رغم المنافسة التاريخية بينه وبين حزب عمران خان". وفق ما أورده الموقع.

ولاحظ التقرير أن العديد من الأسماء المطروحة كبديل عن كندي لتولي منصب المحافظ، تنتمي إلى  الضباط المتقاعدين، الأمر الذي عده "إشارة لا تخطئها العين إلى حضور المؤسسة العسكرية في خلفية المشهد".

ولذلك، خلص إلى أن "هذه ليست أزمة حوكمة، بل أداة تصفية سياسية، يمكن وصفها بضربة دقيقة ترتدي عباءة القانون وتستخدم أدوات النظام نفسه".

في هذا السياق، تطرق الموقع إلى أهمية إقليم خيبر بختونخوا موضحا أن "أهميته ترتبط بموقعه الجغرافي إذ إنه يجاور أفغانستان، ويضم أكبر كتلة سكانية من البشتون، وهو المعقل الذي يحظى فيه عمران خان بأقوى قاعدة شعبية".

ولفت إلى أنه "مع قرار تجميد التجارة الحدودية، ارتفعت أسعار الفحم إلى مستويات غير مسبوقة، وتكدست المحاصيل الزراعية على المعابر حتى تلفت، وهو ما أدى إلى دخول الإقليم عمليا في حالة شلل اقتصادي".

"وهنا يبرز السؤال: من الذي اتخذ قرار خفض العلاقات مع أفغانستان إلى أدنى مستوى؟ ومن الذي ترك الإقليم يتحمل وحده الكلفة؟"، يقول الموقع.

ويجيب: "الأمر واضح، الضغط الاقتصادي يُستخدم كأداة سياسية لإجبار الإقليم على الانصياع، وهو وسيلة أنجع من أي مواجهة مباشرة".

وفي حين "يرى مؤيدو الحكومة الفيدرالية والمؤسسة العسكرية أن ما يجري فرصة لـ (إصلاح الحكم المحلي) وفرض إدارة أكثر مركزية".

انتقد الموقع هذا الطرح قائلا: "بما يشكل عام 2025 لحظة (تنظيف سياسي) في باكستان، لكن السؤال الأعمق يبقى: هل يقود هذا المسار إلى إعادة بناء الدولة أم إلى تفكيكها، فالتجارب السابقة تؤكد أن حكم العسكر ينتهي دائما إلى فراغ مؤسسي".

مضيفا: "إن فرض الوحدة بالقوة، من دون عدالة أو تنمية أو بناء ثقة بين المكونات، لا يصنع دولة، بل يسرع الانقسام".

في المحصلة، يعتقد الموقع أن "عمران خان ليس سوى أكثر ضحايا هذا الصراع وضوحا، فالمعادلة الحاكمة في باكستان باتت واضحة: حكومة منتخبة كواجهة، وجيش يتحكم بمفاصل الدولة ويحدد حدود اللعبة، وأحزاب تُستخدم لإجراء انتخابات".

الانقلاب الرابع

في خضم هذا المشهد المضطرب، لم يستبعد الموقع الصيني تدخل الجيش بشكل مباشر في المشهد السياسي، وقال: "مع تصاعد التوتر في الشارع، بدأت احتمالات التدخل العسكري تلوح في الأفق".

واستدرك: "لكن السؤال لم يعد: هل سيتدخل الجيش؟ بل: ما الثمن الذي يريد الحصول عليه مقابل التدخل؟"

وتابع: "فالبرلمان أقر أخيرا تعديلا دستوريا استحدث منصب القائد العام لقوات الدفاع، وألغى منصب رئيس لجنة رؤساء الأركان، جامعا سلطة التنسيق بين الجيوش الثلاثة في يد شخص واحد، وهو عصام منير.

وبحسب تقديره، "فإن الجيش ينتظر من الحكومة الفيدرالية تنفيذ وعدها بمنح منير هذا التعيين المزدوج، ولهذا يلتزم ذلك الصمت المشوب بالتوتر".

واستطرد: "الجيش مستعد لاحتواء الفوضى، لكنه يريد مكسبا مؤسسيا يضمن له التحكم في مفاصل الدمج بين السلطة العسكرية والسياسية".

واسترسل: "وهكذا يتضح المشهد: الجيش يعلن دعمه للحكومة في مواجهة حركة إنصاف، لكنه لا يتحرك على الأرض، منتظرا أن يتم شهباز شريف (السعر النهائي)".

وتوقع التقرير أنه "إذا استمرت الأزمة بين الأحزاب السياسية في التصاعد، قد يلجأ منير إلى تدخل محدود بذريعة (تهديد الأمن القومي)، وربما يعيد طرح خيار الحكم العسكري، فباكستان التي شهدت من قبل ثلاثة انقلابات، ليست بمنأى عن الذهاب لانقلاب رابع".

وأردف: "إقليم خيبر بختونخوا هو الشرارة، واختفاء عمران خان هو برميل البارود، واستحداث منصب القائد العام لقوات الدفاع قد يكون الفتيل الذي يشعل عملية إعادة تشكيل كاملة للنظام السياسي".

كل خطوة تُتخذ الآن تبدو كأنها اختبار على حافة الهاوية. والاجتماع البرلماني الذي عُقد تحت شعار “الأمن” لم يكن هدفه الحدود، بل حسم معركة إعادة توزيع السلطة بين الحكومة المدنية والجيش.

وهكذا، يرى أنه "بينما تسعى الحكومة المدنية إلى إعادة هندسة الإدارة المحلية بذريعة (أزمة الحدود)، يقترب الجيش من إعادة ترتيب أكثر شمولا لبنية السلطة، وحسم معركة إعادة توزيع السلطة بينه وبين الحكومة المدنية لصالحه".

أما حركة الإنصاف، فيقدر أنه "رغم محاولات تهميشها، فما زالت تحافظ على وجودها عبر الشارع، حتى في غياب زعيمها".

واختتم الموقع حديثه قائلا: “هذه ليست منافسة انتخابية عابرة، بل صراع على تعريف الدولة نفسها: هل المستقبل لحكم مدني تقوده المؤسسات المنتخبة؟ أم لمنطق القوة الذي ترسمه الدبابات؟”