لعبة باكستان الخطرة بين الصين والولايات المتحدة.. ما مآلاتها؟

منذ ١٤ ساعة

12

طباعة

مشاركة

في عالم يشهد صراعا متصاعدا بين القوى الكبرى، تقف باكستان على حافة الانهيار، وسط تساؤلات مصيرية حول قدرتها على الحفاظ على توازنها الهش.

وتعد باكستان حاليا من أكثر دول جنوب آسيا اضطرابا واستقطابا بسبب تعقيدات الموقع الجيوسياسي للبلاد بين الولايات المتحدة والصين، وفق ما يقول معهد دراسات إيطالي.

وأوضح معهد "تحليل العلاقات الدولية" أن التهديدات الأمنية المتصاعدة خاصة مع تنامي نفوذ حركة طالبان، تعمق أيضا من هشاشة الدولة. 

أزمات متلاحقة

ولفت إلى أن باكستان تعيش أزمة اقتصادية عميقة بعد أن تجاوز معدل التضخم 30 بالمئة، وتراجعت الاحتياطيات النقدية إلى أدنى مستوياتها التاريخية.

بالإضافة إلى ذلك، خرج الدين الخارجي عن السيطرة، ما جعل البلاد تعتمد بشكل كبير على حزم إنقاذ من صندوق النقد الدولي والمساعدات الدولية.

ويُفاقم ذلك أزمة الطاقة؛ حيث تؤدي الانقطاعات الطويلة في الكهرباء ونقص الوقود إلى شلل في الصناعة وتدهور في مستوى معيشة السكان الذين يعانون في الأساس. 

ونقلا عن البنك الدولي، فإن "معدل الفقر في ارتفاع مستمر"، ويُتوقع أن يتجاوز 40 بالمئة مع نهاية عام 2025. من ناحية أخرى يتحدث المعهد الإيطالي عن أن "النظام السياسي الباكستاني يعاني من هشاشة مزمنة". 

فبعد إزاحة رئيس الوزراء السابق عمران خان والانتخابات المثيرة للجدل عام 2024، دخلت البلاد في حالة من التوتر الدائم بين الجيش والأحزاب المدنية والحركات الشعبية.

كما أن السلطة القضائية والمؤسسات الديمقراطية في حالة ضعف متزايد، في حين أن الجيش -الذي لطالما كان الحاكم الفعلي - يبدو عاجزا عن إبقاء الوضع تحت السيطرة.

وينوه المعهد إلى أن "الاحتجاجات الشعبية والقمع العنيف والاستقطاب الاجتماعي المتصاعد يشكل كذلك أرضية خصبة لانزلاقات استبدادية أو انهيارات داخلية خطيرة".

لعبة مزدوجة

وعلى الساحة الدولية، يقول المعهد: إن "باكستان تلعب على عدة محاور، لكن بهوامش مناورة تضيق باستمرار". 

فمن جهة، تُعد إسلام آباد شريكا تاريخيا للصين، بفضل "الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني (CPEC)"، أحد المشاريع الأساسية في مبادرة الحزام والطريق، التي تربط ميناء جوادار بإقليم شينجيانغ الصيني ذاتي الحكم.

ومن جهة أخرى، رغم تدهور العلاقات مع واشنطن بعد انتهاء الحرب في أفغانستان، لا تزال الروابط معها حيوية، خاصة في مجالي التعاون العسكري والمساعدات الاقتصادية"، بحسب ما ورد عن المعهد. 

وأضاف: "من جانبها، تعد الولايات المتحدة باكستان لاعبا رئيسا في استقرار جنوب شرق آسيا، لكنها تنظر بريبة إلى غموض موقفها من الجماعات الجهادية ومن علاقتها المتنامية مع الصين".

وفي هذا الإطار، يخلص المعهد إلى أن "إسلام آباد تحاول تحقيق توازن بين هذه القوى المتعارضة، لكنها مهددة بالانزلاق تحت وطأة حرب باردة آسيوية جديدة".

تهديد داخلي 

وبخلاف ما ذُكر سابقا، يؤكد أن "المسألة الأمنية تظل من أبرز الهواجس في باكستان"؛ حيث أدى تصاعد نشاط طالبان في أفغانستان المجاورة إلى تأثير مزعزع للاستقرار.

وهو ما أعاد تنشيط عمليات حركة “طالبان باكستان” المسؤولة عن هجمات متزايدة ضد أهداف عسكرية ومدنية داخل البلاد.

و"طالبان باكستان" تحالف لجماعات مسلحة "متطرفة" تنشط في البلاد، ويُنظر إليها على أنها واحدة من أخطر التنظيمات الإرهابية في البلاد، وفق تعبير المعهد الإيطالي.

إضافة إلى ذلك، يوضح أن "المناطق القبلية الحدودية مع أفغانستان، إلى جانب إقليم بلوشستان، تبقى بؤرا للتمردات المسلحة والأنشطة غير المشروعة، مما يزيد من الهشاشة البنيوية للدولة".

وفي النهاية، يقول المعهد: إن "باكستان تقف على خيط رفيع للغاية"، متسائلا: “هل ستتمكن من الخروج من الحلقة المفرغة المتمثلة في الأزمات الاقتصادية وعدم الاستقرار السياسي، أم ستنزلق نحو انهيار داخلي يحمل عواقب مدمرة على المنطقة بأسرها؟”

ويختتم بطرح سؤال آخر: “هل ستنجح إسلام آباد في الحفاظ على توازنها الجيوسياسي الدقيق، أم ستُبتلع في فوضى الداخل وصراع القوى الكبرى؟”