عملة بيتكوين تحطم الأرقام القياسية.. أسباب الصعود وفرص الاستمرار

منذ يومين

12

طباعة

مشاركة

حطمت البيتكوين أعلى مستوى لها على الإطلاق عندما قفزت فوق 111 ألف دولار في 22 مايو/ أيار 2025، وهو ما يوافق "يوم بيتزا" هذه العملة المشفرة. 

ففي نفس هذا اليوم من عام 2010، اشترى المبرمج لاسلو هانيتش وجبتي بيتزا مقابل 10 آلاف بيتكوين، كانت قيمتها آنذاك حوالي 40 دولارا، بينما تبلغ قيمتها الآن حوالي 1.1 مليار دولار.

ويعد هذا الحدث مهما؛ لأن تلك الصفقة كانت أول إثبات واقعي على إمكانية استخدام البيتكوين كعملة لشراء سلع حقيقية، وهو ما أعطى دفعة رمزية هائلة لفكرة العملات الرقمية، وفق ما يقول موقع "آر تي في آي RTVI" الروسي.

تدفق الاستثمارات

وتطرق الموقع إلى سبب الارتفاع القياسي التاريخي للبيتكوين وعلاقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بهذا الصعود، والتوقعات المستقبلية للعملة المشفرة.

ورأى الباحث البارز في تحليل المؤسسات والأسواق المالية ألكسندر أبراموف، أن "نمو قيمة البيتكوين في الأسابيع الأخيرة حدث على خلفية الديناميكيات السلبية في مؤشرات الأسهم الرئيسة، والزيادة المعتدلة في أسعار الذهب، وهو ما يبدو في حد ذاته غير نمطي إلى حد ما".

وأشار إلى أن العملات المشفرة "عادة ما تظهر ارتباطا وثيقا بالأسهم، خاصة خلال فترات تفاؤل السوق"، وفق ما قال للموقع الروسي.

مع ذلك، لفت الخبير المالي إلى أن "العامل الرئيس للنمو هذه المرة ليس متعلقا بسلوك الأصول التقليدية، بقدر ما هو مرتبط بالتوقعات المتعلقة بإجراءات هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية (SEC)".

وبيّن أن السوق "يتوقع تخفيفا بتنظيم قطاع العملات المشفرة، وبالأخص تسهيل وصول المستثمرين المؤسسين إلى العمليات المرتبطة بالأصول الرقمية".

وأضاف: “وعلى الرغم من أن هذه الخطوات تثير انتقادات داخل الولايات المتحدة -خاصة من جانب بعض الديمقراطيين في مجلس الشيوخ- فإن السوق يتوقع توجها عاما نحو تنظيم أكثر هيكلية وأقل صرامة للعملات المشفرة، وهذا ما يدفع سعر البيتكوين إلى الارتفاع". 

أسباب الارتفاع

وبشكل عام، قسّم الموقع الروسي الأسباب التي جعلت سعر البيتكوين يحطم الأرقام القياسية إلى عدة نقاط.

يعود السبب الأول إلى "الاقتصاد الكلي، فقد أدى تخفيف السياسة الجمركية بين الولايات المتحدة والصين إلى تقليل التوترات الجيوسياسية".

كما “زاد من شهية المستثمرين للأصول عالية المخاطر، بما في ذلك العملات المشفرة”.

وأوضح مال زين، المدير الإقليمي لبورصة العملات المشفرة CoinEx في رابطة الدول المستقلة، أن السبب الثاني هو "تدفق الاستثمارات بشكل كبير، مما يعكس مستوى عاليا من الثقة من جانب القطاع المالي التقليدي".

أما السبب الثالث -وفق الموقع- فهو خلق ظروف مواتية لتطوير البيتكوين في الولايات المتحدة.

وأكمل موضحا: "في عهد ترامب، شكلت فرقة عمل مكلفة بإزالة العوائق التنظيمية واقتراح كيفية تشكيل احتياطي وطني من الأصول الرقمية غير الحكومية، والذي سيشمل البيتكوين".

وفي الوقت نفسه، "حظر ترامب أي مشاريع تتعلق بإنشاء أو إصدار أو الترويج للعملات الرقمية الحكومية (CBDC) سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها"، حسبما أوضحت أنطونينا ليفاشينكو، الباحثة في معهد غايدار.

بدوره، أشار مال زين إلى أن "من العوامل المحفزة الأخرى لصعود البيتكوين، ارتفاع الاهتمام بالعملة المشفرة على وسائل التواصل الاجتماعي، والذي يعد الأعلى منذ يناير/ كانون الثاني 2025".

فقد أسهم هذا الاهتمام في زيادة استثمارات المضاربين الذين يشترون العملة أملا في ارتفاع سعرها، وفق قوله.

وأضاف: "هذا الارتفاع تزامن مع إجبار المستثمرين الذين راهنوا على انخفاض السعر على شراء البيتكوين بسرعة لتغطية خسائرهم، مما زاد الطلب ودفع السعر للأعلى بشكل أكبر".

عواقب مختلطة

ويرى الخبير المالي مال زين أن هذا النمو "يحمل تبعات متباينة لسوق العملات المشفرة".

فمن جهة، "يعزز تحقيق البيتكوين لمستويات قياسية جديدة من ثقة المستثمرين، وقد يجذب مشاركين جددا إلى السوق".

ومن جهة أخرى، "يبقى الوضع غامضا، حيث إن الارتفاع ليس مدعوما بسلوك الأسواق التقليدية"، كما ذكر الموقع.

ويضيف زين: "الأسواق تشهد تقلبات واضحة، فمؤشر S&P 500 المعني بتتبع أداء 500 من أكبر الشركات الأميركية المدرجة في البورصة مثل آبل ومايكروسوفت وأمازون وجوجل؛ خسر بعض مكاسبه".

وتابع: "مؤشر Russell 2000 الذي يتتبع أداء 2000 شركة أميركية صغيرة الحجم، تراجع أيضا".

"بينما في المقابل ارتفعت عوائد السندات الأميركية ما يشير إلى حالة من الحذر بين المستثمرين"، يقول الموقع.

وأكمل: "رغم أن كثيرين في السوق يتوقعون أن يخفض البنك المركزي الأميركية أسعار الفائدة قريبا، فإن البنك لا ينوي فعل ذلك في الوقت الحالي، ويواصل تأجيل أي تخفيف للسياسة النقدية".

واستدرك: "لكن المثير للاهتمام أن البيتكوين يتصرف وكأن الفائدة انخفضت فعلا، إذ يواصل الارتفاع القوي".

وهو ما يشير -وفق الموقع- إلى أن السوق أصبح في حالة "تفاؤل مفرط"، وقد يؤدي ذلك إلى "تصحيح مفاجئ قريب، أي هبوط حاد بعد هذا الصعود الكبير".

تصحيح مؤقت 

استنادا إلى تلك المعطيات، توقع مال زين أن "تنخفض البيتكوين بسهولة إلى ما دون مستوى 100 ألف دولار" خاصة "في ظل حالة التشبع القصيرة الأجل، وعدم وجود دعم قوي من الاقتصاد الكلي".

لكنه أكد أن هذا الانخفاض "سيكون على الأرجح مؤقتا، في إطار تصحيح طبيعي للسوق".

وبحسب الخبراء الذين استطلع الموقع الروسي آراءهم، هناك أسباب عدة قد تؤدي إلى انخفاض سعر البيتكوين.

أولاها عودة السياسة النقدية الصارمة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في حالة زيادة التضخم أو تفاقم مخاطر الديون بالولايات المتحدة.

علاوة على ذلك، ذكر الموقع أسبابا أخرى كـ "جني أرباح ضخمة من قبل المستثمرين المؤسسين، أو تراجع الاهتمام والضجة حول البيتكوين على وسائل التواصل الاجتماعي، أو انخفاض نشاط التداول".

بدوره، يرى رئيس مجلس جمعية المشاركين في سوق الأموال الرقمية فيكتور دوستوف، أن "الفترة الحالية من التفاؤل -بسبب تخفيف القيود على تنظيم العملات الرقمية في الولايات المتحدة- من المرجح أن تتبعها فترة تصحيح، لكن من الصعب التنبؤ بموعدها وحجمها".

ويعتقد دوستوف أنه "طالما لم تحدث صدمات هيكلية تنظيمية كبيرة، مثل تغيير حاد في التنظيمات إلى سياسات أكثر صرامة أو تغيرات كبيرة في الاقتصاد العالمي، فإن النمو على المدى الطويل سيستمر".

وخلص مال زين إلى أن "احتمالية ظهور أحداث غير متوقعة وكبيرة (البجعة السوداء)، تجعل أي توقعات محفوفة بالمخاطر".

وأوضح أن جميع المشاركين في السوق "يتوقعون استمرار ارتفاع سعر البيتكوين أو على الأقل تثبيته في نطاق بين 100 و110 آلاف دولار".

ونبّه زين المستثمرين إلى "ضرورة أن يضعوا في حسابهم أن أي إجراء جديد من الرئيس الأميركي قد يغير المعطيات تماما".

واستطرد: "بالنظر إلى المشاكل التي تواجه الاقتصاد الأميركي، قد ينفذ ترامب استعراضا مثيرا في سوق العملات الرقمية، إذا رأى أن ذلك يخدم مصالحه التجارية".