هجوم إسرائيلي سريع على منشآت إيران النووية حال فشل المفاوضات.. ما القصة؟

"إيران الآن في أضعف وضع عسكري لها منذ عقود"
بينما تواصل واشنطن الترويج لاتفاق مع طهران بشأن برنامجها النووي، تداولت وسائل إعلام دولية معلومات استخباراتية تشير إلى أن “إسرائيل تستعد لمهاجمة منشآت نووية في إيران”، مع تأكيد أن هكذا خطوة لا تحدث إلا بضوء أخضر أميركي.
ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية نقلا عن مصدرين إسرائيليين مطلعين على التفاصيل، أن "إسرائيل تستعد لشن هجوم سريع على المنشآت النووية الإيرانية في حال انهيار المفاوضات بين واشنطن وطهران".
وأضافت أن "الاستخبارات الإسرائيلية غيرت تقييمها في الأيام الأخيرة، من الاعتقاد بأن الاتفاق النووي مع إيران بات وشيكا، إلى الخوف من أن المحادثات قد تنتهي قريبا بالفشل".
عملية خطيرة
ونقلت الصحيفة عن أحد المصادر ادعاءه أن "(نافذة الفرصة العملياتية) لتنفيذ هجوم ناجح، قد تغلق قريبا"؛ إذ تدعي إسرائيل أن "إيران الآن في أضعف وضع عسكري لها منذ عقود، ما يعني فرصة مناسبة للقيام بهجوم عسكري".
"وبالتالي، فإن إسرائيل سوف تضطر إلى التحرك بسرعة إذا فشلت المحادثات"، كما ذكرت الصحيفة.
وأشارت إلى أن "أي هجوم إسرائيلي على إيران لن يكون عملية لمرة واحدة، بل حملة عسكرية تستمر أسبوعا على الأقل".
لافتا إلى أن "مثل هذه العملية ستكون معقدة وخطيرة للغاية بالنسبة لإسرائيل والمنطقة بأكملها".
حيث "تخشى دول المنطقة من أن يتسبب أي هجوم إسرائيلي في انبعاثات إشعاعية واسعة النطاق، بالإضافة إلى احتمال اندلاع حرب".
يتفق مع هذا الرأي، مصدر أميركي قال: إن "مثل هذا الهجوم سيكون بمثابة قطيعة صارخة مع الرئيس دونالد ترامب".
وقد يؤدي -وفقا له- إلى "صراع إقليمي أوسع في الشرق الأوسط، وهو الأمر الذي حاولت الولايات المتحدة تجنبه".
واستطردت الصحيفة: "وأشار المسؤولون أيضا إلى أنه ليس من الواضح إذا ما كان القادة الإسرائيليون قد اتخذوا قرارا نهائيا، وأن هناك في الواقع خلافا عميقا داخل الإدارة الأميركية حول احتمالية أن تتخذ إسرائيل إجراء في نهاية المطاف".
وأضافت: "يعتمد أسلوب الضربة، إذا حدثت، على الأرجح على ما تعتقد إسرائيل بشأن نتيجة المفاوضات بشأن البرنامج النووي".

احتمال قوي
في الوقت ذاته، أفاد مصدر آخر مطلع على شؤون الاستخبارات الأميركية إلى أن "فرصة وقوع هجوم إسرائيلي على منشأة نووية إيرانية زادت بشكل كبير في الأشهر الأخيرة".
ورغم ذلك، أشار المصدر إلى أنه "لا يوجد أي مؤشر على أن القرار النهائي في إسرائيل قد اتخذ بشن هجوم".
وقال: إن "احتمال التوصل إلى اتفاق أميركي إيراني لا يزيل كل اليورانيوم الإيراني يزيد من فرص وقوع هجوم".
ولفتت الصحيفة إلى أن "المخاوف من وقوع هجوم لا تنبع فقط من التصريحات العلنية والخاصة التي أدلى بها كبار المسؤولين الإسرائيليين".
بل أيضا من "الاتصالات الإسرائيلية التي اعتُرضت، وملاحظات التحركات العسكرية الإسرائيلية التي قد تشير إلى هجوم وشيك، وفقا لعدة مصادر استخباراتية".
فقد رصدت هذه المصادر "قيام الجيش الإسرائيلي بتدريبات واستعدادات أخرى لهجوم محتمل على إيران".
وقال أحدهم: "لقد كان هناك الكثير من التدريب، والجيش الأميركي يرى كل شيء ويفهم أن إسرائيل تستعد".
من جانبه، أضاف مصدر إسرائيلي أن "نتنياهو ينتظر انهيار المحادثات النووية واللحظة التي يشعر فيها ترامب بخيبة أمل من المفاوضات ويصبح منفتحا على منحه الضوء الأخضر".
وترى صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن "هذه التحركات قد تكون محاولة من جانب إسرائيل للضغط على إيران للتخلي عن المبادئ الرئيسة في برنامجها النووي، من خلال الإشارة إلى العواقب التي قد تترتب عليها إذا لم تفعل ذلك".

الضوء الأخضر
في غضون ذلك، صرح مصدر أميركي لموقع "أكسيوس" أن "إدارة ترامب تشعر بالقلق من أن نتنياهو قد يقدم على هذه الخطوة حتى دون الحصول على الضوء الأخضر من الرئيس ترامب".
وبحسب مصدر إسرائيلي رسمي: "عقد نتنياهو اجتماعا شديد الحساسية هذا الأسبوع مع مجموعة من كبار الوزراء ومسؤولي الأمن والاستخبارات بشأن وضع المحادثات النووية".
وكشف مسؤول أميركي كبير أن "الولايات المتحدة تعزز جمع المعلومات الاستخبارية لتكون جاهزة لتقديم المساعدة في حال قرر القادة الإسرائيليون الهجوم".
ومع ذلك، قال مصدر مطلع من إدارة ترامب: إنه "من المحتمل ألا تقدم الولايات المتحدة مساعدة لإسرائيل لمهاجمة المواقع النووية في هذه المرحلة، ما لم يحدث استفزاز كبير من جانب طهران".
وتقدر المصادر ذاتها، أن "إسرائيل لا تملك القدرة على تدمير البرنامج النووي بدون مساعدة أميركية، بما في ذلك التزود بالوقود جوا والقنابل اللازمة لاختراق المنشآت الواقعة تحت الأرض بعمق، وهو الأمر الذي "أكّدته تقارير استخباراتية أميركية سابقة"، كما ذكرت الصحيفة العبرية.
في المقابل، أشارت مصادر إسرائيلية إلى أن "إسرائيل ستكون مستعدة لتنفيذ عملية عسكرية بمفردها، إذا أجرت الولايات المتحدة مفاوضات حول ما وصفه هذا المصدر بـ (صفقة سيئة) مع إيران لا يمكن لإسرائيل قبولها".
ويتفق مع هذا الرأي "مصدر أميركي على دراية بالمعلومات الاستخبارية الأميركية رجح أن تهاجم إسرائيل إيران، لمحاولة إفشال الصفقة إذا اعتقدوا أن ترامب سيقبل بـ (صفقة سيئة)"، حسب الصحيفة.
وأضاف المصدر: "لم يتردد الإسرائيليون في إرسال إشارات لنا بهذا الصدد، سواء علنا أو بشكل خاص".
وأشار دبلوماسي غربي كبير التقى ترامب في وقت سابق من هذا الشهر إلى أن "الرئيس قال: إن الولايات المتحدة ستمنح هذه المفاوضات أسابيع فقط للنجاح قبل اللجوء إلى الخيارات العسكرية".
وأردف: "إن سياسة البيت الأبيض في الوقت الراهن هي سياسة دبلوماسية".

المطرقة والسندان
ونقلت الصحيفة عن جوناثان بانيكوف، الذي كان مسؤولا سابقا في الاستخبارات الوطنية الأميركية في الشرق الأوسط، قوله: إن "هذا يضع إسرائيل بين المطرقة والسندان".
وأوضح أن "نتنياهو يواجه ضغوطا، سواء لتجنب صفقة بين الولايات المتحدة وإيران لا تعدها إسرائيل مرضية، أو لتجنب استعداء ترامب الذي سبق أن أُثيرت تقارير عن خلافات بينهما في قضايا أمنية رئيسة".
وأضاف بانيكوف: "في نهاية المطاف، ستستند عملية اتخاذ القرار في إسرائيل إلى السياسات والإجراءات الأميركية، والاتفاقيات التي سيبرمها الرئيس ترامب أو لن يبرمها مع إيران".
وقدّر أن نتنياهو "ليس مستعدا للمخاطرة بـ (قطيعة كاملة) في العلاقات مع واشنطن من خلال شن هجوم غير مسموح به".
يُذكر أنه، وفقا لتقرير صحيفة "نيويورك تايمز" في شهر أبريل/ نيسان 2025، كانت إسرائيل تخطط لمهاجمة المواقع النووية في إيران، لكن ترامب أوقفها.
ثم في وقت لاحق من نفس اليوم، علق الرئيس نفسه على التقرير، نافيا أنه منع الهجوم.
وقال للصحفيين في البيت الأبيض: "لم أقل إنني استبعدت ذلك، أنا فقط لست مستعجلا للقيام به".
مضيفا: "أعتقد أن لدى إيران فرصة لتكون دولة عظيمة وتعيش بسعادة، وأود أن أرى ذلك يحدث، هذا هو الخيار الأول بالنسبة لي".
وأضاف حينها أنه "إذا كانت هناك إمكانية لمهاجمة المنشآت النووية، فإن ذلك سيكون سيئا جدا لإيران".
وأردف: "أعتقد أن إيران تريد التحدث، وآمل ذلك. سيكون ذلك جيدا جدا بالنسبة لهم إذا فعلوا. أود أن أرى إيران تزدهر في المستقبل".
واستطرد: "أعرف الشعب الإيراني، إنهم رائعون، كانوا دائما أذكياء جدا ونشيطين وناجحين، ولا أريد أن أفعل شيئا يؤذي الناس".
ومع ذلك، تذكر الصحيفة أنه قيّد تصريحه بشرط واضح، قائلا: "لا يمكن لإيران أن تمتلك أسلحة نووية، الأمر بهذه البساطة".