في ظل الرفض الأميركي.. هل ينتهي التطبيع العربي مع نظام الأسد سريعا؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

استعرض موقع أميركي احتمالية سقوط حملة التطبيع الجارية مع رئيس النظام السوري، بشار الأسد، بسبب الضغط الذي قد تمارسه الولايات المتحدة على الدول المطبعة.

ونقل موقع "المونيتور" أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، تتعرض لانتقادات داخلية؛ لأنها لم تفعل ما يكفي لوقف حملة التطبيع الجارية مع حكومة الأسد.

ففي أواخر مارس/آذار 2023، دعا 40 خبيرا ومسؤولا أميركيا سابقا إدارة بايدن لمواجهة التطبيع مع النظام السوري بعزم أكبر، معربين عن مخاوفهم بشأن النهج الذي تتبعه واشنطن تجاه سوريا.

وكتب الخبراء والمسؤولون، في رسالة إلى بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، أن "معارضة تطبيع النظام بالكلام فقط لا تكفي، كما أن السماح الضمني به هو قصر نظر، ويضر بأي أمل في الأمن والاستقرار الإقليميين".

رسالة ضغط

ومن بين الموقعين على الرسالة المبعوثون الأميركيون السابقون إلى سوريا فريدريك هوف، وجيمس جيفري وجويل ريبيرن، ومساعدا وزير الخارجية السابقين لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان، وآن باترسون. 

كما وقع عليها أيضا رئيس القيادة المركزية الأميركية السابق الجنرال كينيث فرانك ماكنزي، والمدير السابق لوكالة المخابرات المركزية بالوكالة جون ماكلولين.

وشملت لائحة الموقعين ويليام روبوك، نائب المبعوث الأميركي الخاص السابق للتحالف الدولي لهزيمة تنظيم الدولة.

ووفق المونيتور، كان العامل المحفز لهذه الرسالة هو الاتجاه المتسارع نحو التطبيع مع نظام الأسد من عدة دول، منذ الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا في 6 فبراير/ شباط 2023.

ودعت الرسالة إدارة بايدن إلى معارضة التطبيع بالقول والفعل معا، واستخدام العقوبات على نطاق أوسع، بالتزامن مع تبني نهج إستراتيجي لتقديم المساعدات الإنسانية، وتوسيع نقاط دخولها إلى الأراضي السورية.

ووصف "المونيتور" الملف السوري بأنه "جرح مفتوح" في سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

"فمنذ الانتفاضة السورية في عام 2011، والحرب الأهلية التي تلتها، لم تنجح طريقة في إزاحة الأسد، الذي كان على وشك الانهيار عدة مرات، لكنه عاد الآن إلى الحلبة الإقليمية مرة أخرى، مستقبِلا وفودا عربية رفيعة في دمشق".

وبالنسبة للأسد وداعميه الإيرانيين والروس، فإنهم انتصروا في هذه الجولة، وكان الأسد قانعا بالحكم وسط الأنقاض.

أما بعد الزلزال، فقد بات الزوار يقدمون إليه حاملين المساعدات، وباتت عودته وشيكة إلى الأوساط العربية، وفق تقدير الموقع.

وأشار إلى أن الرسالة التي أرسلت إلى بايدن كانت تعبيرا عن الإحباط من السياسة الأميركية في سوريا، ومحاولة لجعل ذلك مثار نقاش، لكنها أقل من أن تكون خطة عملية.

وأكد الموقع الأميركي أن الشعب السوري من حقه أن يستريح من المأساة التي تعرض لها، وأن يرى الفرصة في مستقبل أفضل.

لكن من الصعب أن نتصور في هذه المرحلة أن تحشد الولايات المتحدة من أجل إطلاق عملية سياسية في سوريا.

وبين أن واشنطن واقعة بالفعل تحت سيطرة ما يسمى بـ"مسار أستانة" (للحل السياسي) الذي قادته من روسيا وتركيا وإيران، في السنوات الأخيرة، حسب التقرير.

أولويات واشنطن

ولا يبدو أن الولايات المتحدة والغرب يستخدمان أي أوراق لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، الذي عفا عليه الزمن.

هذا القرار كان قد اتُخذ بالإجماع في 18 ديسمبر/كانون الأول 2015، ودعا جميع الأطراف للتوقف فورا عن شن أي هجمات ضد أهداف مدنية.

كما حث القرار جميع الدول الأعضاء على دعم الجهود المبذولة لتحقيق وقف إطلاق النار، وطلب من الأمم المتحدة أن تجمع بين الطرفين (الأسد والمعارضة) للدخول في مفاوضات رسمية في أوائل يناير/كانون الثاني 2016.

ويبدو أن ابتكار أساليب لمساعدة السوريين - تكون متجاوزة لحكومة الأسد ونظام المساعدة التابع للأمم المتحدة– هو أمر فوق طاقة واشنطن.

"لا سيما بالنظر إلى الاتجاه الإقليمي نحو التطبيع والانخراط مع نظام الأسد، هذا فضلا عن وجود أولويات أميركية أخرى في المنطقة"، يضيف التقرير.

وتابع أنه "من الصعب أيضا تخيل أن تعيد الولايات المتحدة ترتيب علاقاتها تجاه تركيا، بحيث تجبر أنقرة على تغيير مواقفها بشأن سوريا".

وذلك لأن لدى تركيا قناعة راسخة بأن قوات سوريا الديمقراطية "قسد" المدعومة من الولايات المتحدة هي فرع عن حزب العمال الكردستاني "بي كا كا" الذي تعده كل من أنقرة وواشنطن جماعة إرهابية.

كما تريد الولايات المتحدة من تركيا الموافقة على طلب السويد الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).

كذلك، فإن هناك موضوعات أخرى على الأجندة الأميركية-التركية، منها الحرب الروسية الأوكرانية، والوضع في العراق، ومسألة ما إذا كان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، سيبقى في منصبه أم لا.

ومن جانبها، تؤكد وزارة الخارجية الأميركية أن سياسة واشنطن في سوريا لم تتغير، وأنها لا تؤيد مسار التطبيع مع نظام الأسد.

كما أنه لا توجد حاليا أي خطط لسحب ما يقرب من 900 جندي أميركي موجودين في سوريا، وكذلك فإن العقوبات الأميركية مازالت مستمرة بل وتتزايد بوتيرة متسارعة، والحملة ضد تنظيم الدولة مازالت جارية.

منعطف جديد

ومع ذلك، فإن هناك منعطفا جديدا أعلنت عنه مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف.

وقالت لموقع المونيتور إن رسالة الولايات المتحدة إلى الشركاء الإقليميين هي أنه "إذا كنت ستتعامل مع النظام السوري، فاحصل على شيء في المقابل".

وأضافت "ليف" أنها متشككة في أن التواصل مع الأسد سيبعده عن إيران، وهي حجة تستخدمها بعض الدول العربية لتبرير التطبيع.

علاوة على ذلك، فقد بات من الصعب أيضا اعتبار أن الملف السوري يأتي في ذيل سلم أولويات الإدارة الأميركية.

إذ يبدو أن الأراضي السورية أصبحت بشكل متزايد ميدان معركة بين واشنطن وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وفروعه في سوريا.

ففي 30 مارس 2023، صرح رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، الجنرال مارك ميلي، بأنه "من أجل التصدي لهجوم المليشيات على المواقع الأميركية في العراق وسوريا، يجب على الولايات المتحدة أن تستهدف بقوة فيلق القدس (التابع للحرس الثوري الإيراني)، لردع هجمات صواريخها ومسيّراتها في المستقبل".

وقبل هذا التصريح بنحو أسبوع، ضربت طائرتان مسيرتان إيرانيتان قاعدة أميركية في محافظة الحسكة شمال شرق سوريا، ما أسفر عن مقتل متعاقد أميركي وإصابة خمسة أميركيين آخرين، بينهم 4 جنود.

وقد قادت هذه الهجمات الولايات المتحدة إلى شن ضربات أسفرت عن مقتل 8 مسلحين مدعومين من إيران في سوريا.

كما قصفت إسرائيل أذرع إيران في سوريا حوالي 6 مرات حتى أوائل أبريل/نيسان 2023.

وأكد الموقع الأميركي أنه "لا سياسة الولايات المتحدة ولا البدائل التي يقدمها النقاد من المرجح أن تجعل الحياة أفضل لـ 17 مليون سوري، بينهم أكثر من 4 ملايين في حاجة ماسة للمساعدة".

"فلا تزال البلاد منقسمة ومحتلة، والملايين يواجهون النزوح والصعوبات، والعقوبات تضرب الشعب وليس الأسد"، يضيف المونيتور.

وبين أن "السوريين في المناطق التي تسيطر عليها حكومة الأسد بالكاد يحصلون على ساعة واحدة من الكهرباء يوميا، بينما يقضون بقية أيامهم في ظلام دامس، وسط أزمة طاقة تعصف بالبلد الذي مزقته الحرب".

وأشار التقرير إلى ما أورده الكاتب في شؤون الأمن القومي الأميركي، جوش روجين، في مقال له بصحيفة واشنطن بوست الأميركية، قائلا: "من الصعب تخيل أن سوريا قد تزداد سوءا".

"لكن هذا ممكن، بل حتى يمكن أن تنهار الدولة تحت وطأة القمع السياسي والصعوبات الاقتصادية، ولهذا السبب تستحق سوريا نظرة ثانية وربما ثالثة؛ لأن السوريين عانوا كثيرا لفترة طويلة"، يختم المونيتور.