رئيس سوريا في موسكو.. وناشطون: منطق الدولة يختلف عن معادلات الثورة

شدوى الصلاح | منذ ٣ ساعات

12

طباعة

مشاركة

في زيارة هي الأولى من نوعها منذ سقوط نظام بشار الأسد، وصل الرئيس السوري أحمد الشرع إلى موسكو، وافتتح الزيارة بممازحة نظيره الروسي فلاديمير بوتين، قائلا: "عندكم درج طويل.. جيد أننا نلعب شوية رياضة، نستطيع أن نأتي إلى هنا دون أن نتعب".

وخلال تصريحات مشتركة مع نظيره الروسي أدلى بها في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2025، ذكر الشرع أن بلاده تسعى إلى ضبط علاقتها بروسيا، وأعرب عن احترامه لكل الاتفاقيات معها، قائلا: "نحن في سوريا الجديدة نعيد ربط العلاقات مع كل الدول الإقليمية والعالمية".

وأضاف أن استقرار سوريا مرتبط بالاستقرار الإقليمي والعالمي، مؤكدا أن "سوريا ستحاول إعادة ضبط علاقاتها مع روسيا، والأكثر هو الاستقرار في البلاد والمنطقة".

وأردف الشرع أن “علاقات ثنائية ومصالح مشتركة تربطنا مع روسيا، ونحترم كل الاتفاقيات معها”.

فيما وصف بوتين العلاقات الروسية السورية بأنها "علاقات صداقة". قائلا: إنه "لم تكن لروسيا أي علاقات منوطة بالحالة السياسية أو المصالح الضيقة، وهي مرتبطة بالمصالح المتبادلة ومصلحة الشعب السوري".

ووصف ناشطون على منصات التواصل زيارة الشرع لروسيا بأنها "تاريخية" ومفصلية في السياسة السورية ولها تبعات في تغيير العلاقات بين البلدين عقب سقوط الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024. معربين عن سعادتهم بما رافق الزيارة من حفاوة روسيا واستقبال يليق بمكانة سوريا.

وقارنوا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي “إكس” و"فيسبوك"، ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #أحمد_الشرع، #روسيا، #موسكو، وغيرها بين الطريقة المهينة والذليلة لاستقبال روسيا لرئيس النظام السوري المخلوع وبين طريقة الاستقبال الضخمة والحفاوة الواسعة بالشرع.

وقدم ناشطون قراءات وتحليلات لزيارة الشرع لروسيا، وعدوها خطوة مهمة في إعادة بناء العلاقات بين البلدين، مؤكدين أنها زيارة رئيس يراعي فيها مصالح شعبه وتنم عن ذكاء ودهاء ومعرفة بكواليس وخفايا السياسة وأحد الضرورات السياسية من أجل المصلحة الوطنية العليا.

محطة تاريخية

وفي قراءات لزيارة الشرع لروسيا، قال علي الصلابي: إن زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى روسيا محطة تاريخية في مسار سوريا الجديد.

وأوضح أن في صميم فقه الموازنات، تأتي هذه الزيارة كخطوة إستراتيجية تعبّر عن نضج تفكير الدولة السورية الجديدة، وسعيها لبناء شراكات متوازنة تخدم الأمن والاستقرار والتنمية الشاملة.

وسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العُلا أن يُتمّ على سوريا نعمة الأمن والازدهار، وأن يبارك في نهضته التعليمية والاقتصادية، لتكون سوريا الجديدة حجر الزاوية في خدمة العرب والمسلمين، ورسالة خير لأبناء الإنسانية جميعاً.

فيما عدها سعيد الحاج خطوة في الاتجاه الصحيح من حيث المبدأ، ما روعيت المصالح الجوهرية للبلاد، وليس فيها لا نسيان للماضي ولا بيع للدماء ولا تنازل عن الحقوق، وإنما تفهم في سياقها الطبيعي كمحاولة لتحقيق مصالح وتجنب مفاسد وإيجاد حلول، كما يفعل أي كيان سياسي.

وقال: إن هذا ما يؤكد ما دعونا له منذ سقوط الأسد (وتحدث عنه الشرع نفسه لاحقاً) بأن منطق الدولة ومعادلاتها يختلفان عن منطق الثورة ومعادلاتها، وأن الدولة قد تعادي بعض حلفائها أو تحالف بعض أعدائها لاحقا إذا ما تغير السياق والمصالح والتطورات، فليس هناك جمود في نطاق العلاقات الدولية. 

وأكد محمد باشا الصمادي، أن الشرع جاء إلى روسيا منتصرًا، فاتحًا، كاسرًا للأنفة الروسية، حاملاً راية السيادة بيدٍ لا تُرَدّ، وإرادةٍ لا تُكسر، وأقدام ثقيلة تعرف أين تخطو ومتى تضرب.

وأشار إلى أن الشرع دخل الكرملين بعزيمةٍ لا تلين وبهيبةٍ نابعةٍ من النصر الميداني والسياسي والثوري، مضيفا: "لقد تغيّر ميزان العلاقة بين سوريا وروسيا اليوم علاقة ندٍّ لند، تحكمها المصالح المتبادلة لا الإملاءات ولا الوصاية".

وأعرب الصمادي، عن إيمانه بأن نتائج هذه الزيارة ستكون طيبة ومثمرة، مؤكدا رفض التحالف مع معسكرٍ واحد، لما لذلك من تبعاتٍ وقيودٍ على القرار الوطني.

وأوضح أن السيادة تقتضي تنويع التحالفات لا الارتهان لأحد، قائلا: إن بوتين هو المكوع الأكبر. 

ورأى عزت الشباندر، أن زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى موسكو ولقائه الرئيس بوتين وما رافق وتبع ذلك اللقاء من تصريحات يحمل دلالات كبيرة على فشل أميركا ترامب show في الاستحواذ على ثقة بلدان المنطقة.

وأوضح هيثم الخليلي، أن زيارة الشرع إلى روسيا تحمل دلالات مهمة على مرحلة جديدة في علاقة دمشق بموسكو.

وأشار إلى أن الشرع يسعى لإعادة صياغة العلاقة على أساس احترام السيادة السورية مع الإبقاء على بعض الاتفاقات القديمة خصوصا المتعلقة بالقواعد الروسية في حميميم وطرطوس.

ولفت الخليلي إلى أن الشرع طرح ملف تسليم بشار و12 من رموز النظام السابق، وهو طلب حساس يضع موسكو أمام اختبار بين تحالفها السابق وعدالتها المعلنة تجاه الشعب السوري.

وأكد أن زيارة الشرع تعكس أيضا محاولة لإعادة تأهيل سوريا دبلوماسيا واقتصاديا بعد سنوات من العزلة وفتح الباب أمام مشاريع إعادة الإعمار ورفع العقوبات.

وأضاف الخليلي أن ترامب لم يصدر تعليقا رسميا حتى الآن لكنه كان قد أبدى سابقا استعدادا للتعامل مع الشرع ووصفه بالقائد القوي في إشارة إلى قبول أميركي مبدئي بالنظام الجديد.

أما على الصعيد الشعبي، قال الخليلي: إن هناك مزيج من الأمل والقلق، موضحا أن الأمل بتحسن الوضع المعيشي وإنهاء الحصار والقلق من استمرار النفوذ الروسي أو التنازلات السياسية كثير من السوريين ينتظرون أن تترجم هذه الزيارة إلى خطوات عملية تضمن العدالة وتعيد بناء الدولة على أسس جديدة بعد سنوات الحرب والدمار.

وعرض أحمد منصور صور تجمع الرئيسين السوري والروسي، قائلا: "الدنيا تتبدل، والأيام دول، أحمد الشرع مع بوتين في موسكو، كان المشهد خيالا قبل عام، ولا ندري ما الذي يمكن أن تجرى به المقادير على الكون بعد عام".

وشارك أحمد الرشيد صور عدة من المراسم الرسمية لاستقبال الرئيس السوري في سوريا، قائلا: "ها هو الرئيس الشرع الذي كانت طائرات موسكو تمطره نارا وحديدا، يدخلها اليوم مكرَّمًا وزعيماً".

وأضاف: “يا للمفارقة التي لا يفسرها إلا قدر الله العجيب في تسيير التاريخ.. ﴿وتلك الأيام نداولها بين الناس﴾، ليعلم المؤمنون أن السلطان لا يُستمد من فوهة الطائرة، بل من مشيئة الحق سبحانه، وأن الأيام تتقلب لتفضح زيف القوة، وتُظهر أن العاقبة للذين صدقوا لا للذين قصفوا.”

وعد عمر مدنية زيارة الشرع لروسيا للتاريخ. مشيرا إلى أنه دخل موسكو منتصرا بعدما عجزت روسيا عن دخول إدلب.

وعلق الكاتب عبدالعزيز الفضلي، على صورة من اللقاء الذي جمع الشرع وبوتين، بالتذكير بقول الله تعالى في سورة ىل عمران: "قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ".

موقعة الدرج

وتسليطا للضوء على مقاصد الشرع من الإشارة إلى طول الدرج في روسيا، أشارت نورا، إلى أنه يقصد أن "مهما كان الدرج طويلا نستطيع أن نصل دون أن نتعب".

وأكد المغرد يوسف، أن دعابة الشرع عن الدرج الطويل لم تكن تعليقًا عابرًا، بل تلميحًا بليغًا حول طريقٍ وعرٍ شقّه بين الدم والدبلوماسية، حتى بلغ لقاءً وُلد من رماد الحرب، رغم أنف الجميع، وبقوّتنا وهيبتنا وبأسنا، لا بلُطفٍ من أحد.

وقال عبادة دالو: إن في علم الجيوبوليتيك، لا وجود للصدف. مؤكدا أن الشرع كان يتحدث عن الدرج الروسي، بينما كان يرسم هندسة الصعود السوري.

وأضاف أن الدرج الطويل ليس حجرًا، بل خريطة طريق لأمة تصعد بخطاها لا بعكازات الآخرين. مشيرا إلى أن قول الشرع نلعب شوية رياضة تعني نختبر قدرة الجسد السوري على استعادة لياقته بعد قرنٍ من الإنهاك الاستعماري.

وتابع دالو: "هي ليست رياضة عضلات، بل رياضة ذاكرة، ومرونة قرار، واتزان زعيم يعرف كيف يصعد دون أن يلهث". لافتا إلى أن بوتين ابتسم لكنه أدرك أن الرجل الذي يصعد الدرج ضاحكًا هو نفسه الذي يصعد بالتاريخ دون أن يتنفس من رئة غيره. 

وأكّد أن الشرع في هذه اللحظة لم يكن الشرع ضيفًا في الكرملين، بل كان المعلّم الذي أعاد تعريف مفهوم الصعود السيادي في العلاقات الدولية.

الأسد مختفي

وتذكيرا بأن الأسد مختبئ وذليل بعد خلعه، قال جمال سلطان: "أحمد الشرع، من خنادق إدلب يطارده الطيران الحربي الروسي إلى قصر الكرملين، ويستقبله قبل قليل الرئيس الروسي بوتين، بينما بشار الأسد هارب لاجئ في شقة بأحد فنادق موسكو، سبحان المعز المذل، الخافض الرافع، مدبر الأمر".

وأشار عزة دبجة إلى أن المراسم الرسمية لاستقبال الرئيس الشرع في روسيا تمت بينما الجرذ الهارب مختبئ -في إشارة إلى رئيس النظام السوري المخلوع بشار الأسد". قائلة: "أن تعدلك الدنيا! فرص نادرة اغتنمها".

وأشار غازي عبدالغفور إلى مسلسل قَطر بشار الأسد بطائرة شحن عسكرية إلى موسكو أو استجلابه لهذه القاعدة الروسية أو تلك، وشاهد بأم عينه كيف نهره الجندي الروسي وبحركة يد مذلة منعه من اللحاق ببوتين ليكون خارج مشهد استعراض الأخير لقواته على الأرض السورية.

وقال: إن يقينا المدارك العقلية لهذا الكائن -في إشارة إلى بوتين- لا يمكن له أن ستوعب زيارة الرئيس الشرع إلى موسكو. مؤكدا أن الصدمة أكبر من أن توصف وهو يتابع الزيارة. فهذه زيارة رئيس دولة بكل تفاصيلها، وليس تابعا ذليلا مرتهنا استقوى بالروسي والإيراني وبكل وسخ التاريخ على قتل الشعب السوري.

ثناء وإشادة

وفي ثناء وإشادة بالشرع، قال عنه نواف المطيري: "قاتل بشرف. وفاوض بكرامة. وانتصر بعزة". مشيرا إلى أن الشرع عزيزا كريما في موسكو.

وقال محمد مختار الشنقيطي: إنه توسم في أحمد الشرع قبل عملية ردع العدوان وفتح دمشق أنه “سياسي ذكي وقائد رصين في وقت عزت فيه القيادات الرصينة”. ولم يخب فيه ظني حتى الآن. 

وأضاف أن الشرع يبرهن كل يوم على أنه رجل دولة، وليس مجرد ثائر رومانسي، أو مقاتل مغامر، مؤكدا أن زيارته لروسيا، بحثًا عن مساحة توازن دولية، شاهد جديد على ذلك.

ورأى محمود علوش، أن الشرع يُظهر واقعية في تشكيل العلاقات مع الخارج ويُدرك الواقع المُعقد لمصالح القوى الإقليمية والدولية الفاعلة في سوريا وتأثيرها الضاغط عليها في هذه المرحلة وهو يسير على خيط رفيع في التعامل مع هذا الواقع لتحقيق الحد الأقصى من المصالح الوطنية لسوريا.

وعرض المغرد مضر صورة للشرع أثناء أداء التشريفة له في استقباله بموسكو، قائلا: إن "العالم لا يحترم إلا الأقوياء، أصحاب الأقدام الثقيلة".

وكتب أحد المغردين: "الرئيس السوري أحمد الشرع في أول زيارة له لروسيا.. يقف شامخا أمام بوتين.. يناقش قواعد روسيا العسكرية إذا ستستمر أو تخرج.. واحتمال كبير روسيا تسلم بشار الأسد.. وسيحكم عليه".

وأكد عبدالرزاق أبو عماد أن علم ثورة أهل الشام وضع خلف بوتين بفوهات البنادق وبأس رجال الجهاد، قائلا: "صدقًا بالله أن هذا العالم المنافق لا يحترم إلا أصحاب الأقدام الثقيلة".