"الخسائر تفوق أي مكاسب".. لهذا يصعب وقوع مواجهة جديدة بين إيران وإسرائيل

منذ ٤ ساعات

12

طباعة

مشاركة

شكلت المواجهة التي اندلعت على مدار 12 يوما بين إيران من جهة، وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى، نقطة تحول بارزة في مسار العلاقات المتوترة بين طهران وبين المحور الغربي الصهيوني.

ويرى موقع "الدبلوماسية الإيرانية" أن هذه المواجهة، التي خلفت خسائر فادحة على المستويات الاقتصادية والسياسية والعسكرية لكلا الطرفين، أثبتت أن تكلفة الدخول في صراع مباشر تفوق بكثير أي مكاسب محتملة.

ومن هنا، يبرز السؤال الجوهري بعد انتهاء حرب الإثنى عشر يوما: هل هناك احتمال لتكرار مواجهة مباشرة أخرى؟

تكلفة باهظة

وأشار الموقع إلى أن "أحد أبرز الأسباب التي تقلص احتمال اندلاع حرب مباشرة جديدة، هو أن القوى المتصارعة خاضت اختبارا عمليا لقدراتها في ساحة المعركة".

وتابع: "فقد نجحت إيران في إبراز جانب من قدراتها الدفاعية والهجومية، مما أظهر قوتها العسكرية".

"أما إسرائيل، ورغم أن حجم الخسائر التي تكبدتها بدا محدودا في ظل الرقابة الإعلامية المشددة، إلا أن غياب العمق الإستراتيجي لدى إسرائيل يكشف حجم الأضرار الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي لحقت بها"، وفق تقييم الموقع.

في المقابل، أقر التقرير الإيراني أن "إسرائيل والولايات المتحدة أثبتتا قدرتهما على استهداف البنية التحتية الحساسة داخل إيران".

مع ذلك، يقدر أن "نتائج الحرب لم تكن مرضية لأي من الأطراف؛ إذ أدرك الجميع أن استمرارها كان سيقود إلى تصعيد إقليمي واسع النطاق، يصعب احتواؤه أو السيطرة على تداعياته، ما جعلهم يفضلون إنهاء المواجهة قبل أن تتفاقم الأمور".

وبحسب العديد من المحللين، فإن الهجمات التي نُفذت خلال الحرب أسفرت عن تأخير قدرة إيران على إعادة بناء أو تطوير بنيتها التحتية النووية ذات الطابع العسكري، لمدة لا تقل عن عامين. 

وبناء عليه، يرى الموقع أنه "لم يعد هناك مبرر عاجل أو مقنع يدفع إسرائيل والولايات المتحدة إلى خوض حرب جديدة، خاصة في ظل غياب التهديد المباشر المتمثل في (صناعة قنبلة نووية)، وهو ما يجعل تكلفة الدخول في حرب واسعة غير منطقية في الوقت الراهن".

وأشار الموقع إلى أن تراجع مكانة إيران الإقليمية يقلل من فرص اندلاع صراع عسكري جديد.

وقال: "من أبرز تداعيات الحرب أيضا، تراجع مكانة إيران الإقليمية، فقد تعرضت القوى الوكيلة التي استخدمتها طهران لسنوات كأدوات ضغط ضد خصومها، لضربات قاسية قبل وبعد الحرب، ما أدى إلى تراجع كبير في قدرتها على التأثير".

هذا التراجع، وفق الموقع، لم يضعف فقط قدرة إيران على الرد غير المباشر على التهديدات، بل منح الغرب هامشا أوسع لتنفيذ سياساته في المنطقة دون عوائق تذكر.

بعيد المنال 

من جانب آخر، يقدر التقرير أنه "رغم التفوق العسكري الذي تتمتع به الولايات المتحدة وإسرائيل في المجالين الجوي والبحري، فإن إسقاط النظام الإيراني بالكامل بالاعتماد على هذه الأدوات يبدو أمرا بعيد المنال".

وتابع موضحا: "فقد أثبتت تجارب الحروب الأخيرة في أفغانستان والعراق أن الضربات الجوية أو الصاروخية، وإن كانت قادرة على إلحاق أضرار جسيمة في البداية، إلا أنها غير كافية لتحقيق تغيير سياسي جذري".

وأوضح أن "الوصول إلى هذا الهدف يتطلب تدخلا بريا واحتلالا واسعا للأراضي، وهو أمر يحمل في طياته مخاطر وتكاليف باهظة بالنسبة للغرب، بالنظر إلى اتساع الجغرافيا الإيرانية والكثافة السكانية العالية وتعدد الحدود والخبرة الطويلة التي يتمتع بها الجيش الإيراني في حروب العصابات والقتال غير النظامي".

وعلى المستوى الاقتصادي، أشار التقرير إلى أن "إيران تقع في موقع إستراتيجي بالغ الأهمية في قلب الشرق الأوسط، ما يجعل أي حرب طويلة الأمد معها تهديدا مباشرا لأمن الطاقة العالمي، واستقرار أسواق النفط، ومسارات التجارة الدولية".

علاوة على ذلك، لفت إلى أن "انخراط الولايات المتحدة في حرب جديدة بالمنطقة، في ظل فتور الرأي العام الداخلي تجاه أي تدخل عسكري جديد، سيشكل عبئا سياسيا ثقيلا على إدارة ترامب".

في سياق أوسع، يرى التقرير الإيراني أن الظروف الدولية غير مواتية لشن حرب جديدة، وقال: "شهدت الساحة السياسية الدولية خلال السنوات الأخيرة تعقيدات متزايدة".

وتابع: "ورغم أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عد إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا هدفا ممكنا، إلا أن الواقع الميداني أثبت أن الكلمة الفصل لا تزال بعيدة عن واشنطن".

وبحسب الموقع، فإن "هذه الحرب قلبت العديد من المعادلات في أوروبا والولايات المتحدة، وأسهمت في تصاعد حدة الاستقطاب السياسي بين القوى العالمية".

وأردف: "وفي ظل تصاعد التحدي الصيني الذي تعده واشنطن تهديدا إستراتيجيا بالغ الخطورة، فإن التورط في مستنقع حرب غير محسومة مع إيران يبدو خيارا غير عقلاني في الوقت الراهن".

احتمال منخفض

استنادا إلى مجمل المعطيات الراهنة، يرى الموقع أن "احتمالية اندلاع حرب مباشرة جديدة بين إيران من جهة، والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى، تبقى منخفضة على المدى القصير".

وأضاف: "فقد استوعب الطرفان دروس الحرب السابقة وتكلفتها الباهظة، ولم يعد هناك دافع منطقي أو مبرر قوي للانخراط مجددا في مواجهة مباشرة".

وبدلا من ذلك، توقع أن "تستمر حالة التوتر ضمن مستويات محدودة تشمل الحرب السيبرانية والضغوط الدبلوماسية والعقوبات الاقتصادية، إضافة إلى العمليات غير المباشرة محدودة النطاق".

واختتم قائلا: "بعبارة أخرى، من غير المرجح اندلاع حرب مباشرة، لكن الحرب الباردة وغير المباشرة ستستمر".