بتعاون إسرائيلي مباشر.. كيف ينسج المغرب خارطة جديدة لصناعته العسكرية؟

منذ ساعة واحدة

12

طباعة

مشاركة

في إطار تعزيز الصناعة العسكرية في المغرب، تشرف شركة "بلو بيرد إيروسيستمز" الإسرائيلية على عملية تجميع طائرات "سباي إكس" الانتحارية دون طيار قرب مدينة الدار البيضاء.

وفي نفس المدينة، تعمل شركة "تاتا أدفانسد سيستمز" الهندية على تصنيع مركبات مدرعة لتصديرها إلى إفريقيا.

جلسة مُعمّقة

وقالت صحيفة "الكونفدنسيال" الإسبانية: إن “المغرب لم يكتف بتحديث ترسانته؛ حيث انغمس في عملية طموحة للالتحاق بركب القوى العسكرية العالمية؛ بل يتخذ أيضا خطوات أولى لبناء صناعة دفاعية وطنية”. 

وتحديدا، في مطلع الخريف، افتتح أول مصنع لتصنيع المركبات القتالية، ويسعى في الوقت الراهن إلى تشييد مصنع لتجميع الطائرات المسيرة.

وستبدأ شركة "بلو بيرد إيروسيستمز" الإسرائيلية قريبا إنتاج طائرات "سباي إكس" الانتحارية المسيرة، المعروفة أيضا باسم الذخائر الخفيفة المتسكعة، في مدينة بنسليمان، شمال شرق الدار البيضاء. 

لكن لا يعرف بعد عدد الطائرات المسيرة التي ستصنّعها شهريا. 

وسيكون هذا أول مصنع للطائرات المسيرة في شمال إفريقيا، والثالث في القارة، والأكثر حداثة. 

أما المنشأتان الأخريان العاملتان -في السودان منذ عام 2023 وفي إثيوبيا منذ 2025- فهما أكثر تواضعا ولا تستخدمان التكنولوجيا الإسرائيلية.

وأوضحت الصحيفة أن صاروخ سباي إكس يحمل رأسا حربيا يصل وزنه إلى 2.4 كيلوغرام، ويبلغ مداه حوالي 50 كيلومترا، بسرعة تصل إلى 250 كيلومترا في الساعة، ومدة طيران تصل إلى 90 دقيقة.

وتتمثل مهمته في التحليق فوق المنطقة المخصصة له حتى يحدد هدفا، مثل دبابة أو مركبة مدرعة، فيهاجمه عبر الاصطدام به، ويمكن للمشغلين عن بُعد تعديل مهمته أو إلغاؤها في أي وقت.

ولم تُعلن شركة "سباي إكس" رسميا عن إطلاق أول خط تجميع خارجي لها، لكن الصحافة الإسرائيلية والمغربية نشرت الخبر.

كما أقرّت الشركة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2025، عبر حسابها على شبكة "لينكد إن"، باستضافة "فريق فني من عميلنا المغربي في منشآتنا لحضور جلسة تعليمية مُعمّقة حول عملية إنتاج الطائرات دون طيار"، حتى إنها نشرت صورا لمهندسيها، دون إظهار وجوههم للعلن.

ونوهت الصحيفة إلى أن هذا التعاون العسكري في مجال الطائرات الانتحارية المُسيّرة بين المغرب وإسرائيل بدأ عام 2024، أثناء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

وبينما كان يجرى التفاوض على هذه الاتفاقيات، كان مئات الآلاف من المغاربة يتظاهرون أسبوعيا في المدن الكبرى ضد الإبادة الإسرائيلية، مطالبين سلطاتهم بقطع علاقاتها مع "المعتدي الصهيوني".

ورغم أن التعاون بين البلدين بدأ بشكل سري قبل عقود من الزمن، إلا أنه تكثف منذ أن أعاد المغرب، بناء على حث الرئيس دونالد ترامب، العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الإسرائيلي في ديسمبر/كانون الأول 2020، وانضم لما يسمى "اتفاقيات أبراهام"، والتي تشمل الإمارات والبحرين والسودان.

تنامي المشتريات 

وتجدر الإشارة إلى أنه منذ تطبيع العلاقات، تضخمت سلة المشتريات المغربية من المنتجات الإسرائيلية بشكل مطرد. 

ووقّعت إدارة الدفاع الوطني المغربية عقودا مع شركات إسرائيلية لشراء نظام باراك 8 المضاد للصواريخ، ومدافع هاوتزر من شركة أتموس إلبيت سيستمز؛ وصواريخ إكسترا من الشركة المصنعة نفسها، و20 رادارا من شركة إلتا لتجهيز طائراتها المقاتلة من طراز إف-5 إي، وغيرها.

وفي الآونة الأخيرة، مثّل وصول شركة "بلو بيرد إيروسيستمز" إلى الدار البيضاء قفزة نوعية إلى الأمام. 

وينطوي إنشاء خط الإنتاج هذا خارج إسرائيل نقل التكنولوجيا اللازمة.

ونقلت الصحيفة عن معهد "ستوكهولم لأبحاث السلام" أن الكيان أصبح بالفعل ثالث أكبر مورد للأسلحة للمغرب خلال الفترة بين 2020 و2024، رغم دخوله المنافسة متأخرا. 

وتعدّ الولايات المتحدة المورد الأكبر؛ حيث استورد المغرب من بلاد العام سام 64 بالمئة من أسلحته، تليها فرنسا بنسبة 15 بالمئة. 

وتحتل إسرائيل حاليا المركز الثالث بنسبة 11 بالمئة، ولكن إذا استمرَّ هذا الاتجاه، فستتجاوز قريبا القوة الاستعمارية السابقة.

وأشارت الصحيفة إلى أن "تكثيف العلاقات العسكرية بين المغرب وإسرائيل جاء على حساب فرنسا". 

واستطردت: “يتمثل خير دليل على ذلك في أنه في يوليو/ تموز 2023، اختارت إدارة الدفاع المغربية شراء قمرين صناعيين للتجسس من طراز أوفك 13 من شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية بدلا من شركة تاليس الفرنسية، بعد أن كانت موردها المعتاد”.

ورغم تقدمها الملحوظ واكتساحها الساحة المغربية، تفوقت شركة “تاتا أدفانسد سيستمز” الهندية على شركة “بلو بيرد إيروسيستمز” الإسرائيلية، التي بدأت قبل شهرين في تصنيع مركبة المدرعة 8x8 دراغون في مدينة برشيد، جنوب الدار البيضاء. 

وتعد هذه المركبة مناسبة لنقل الجنود والاستطلاع، وحتى القتال، وسيصل إنتاجها إلى 100 مركبة سنويا، سيتم تصدير معظمها إلى الدول الإفريقية.

ونقلت الصحيفة أن قدرة المغرب على إنتاج الأسلحة ستتعزز بشكل أكبر إذا أوفت شركة بايكار تكنولوجيز التركية بوعدها، الذي قطعته في وقت سابق من عام 2025، بإنشاء مصنع لإنتاج الطائرات المسيرة قرب مدينة بنسليمان؛ حيث أقامت منافستها الإسرائيلية عملياتها بالفعل. 

ويمتلك الجيش المغربي بالفعل طائرة أكينجي، وهي طائرة قتالية مسيّرة من إنتاج بايكار.

سباق التسلح

وفي خضم هذا التسلح والجهد الدفاعي المتنامي، يتنافس المغرب مع الجزائر.

وسترتفع ميزانيته العسكرية لعام 2026 بشكل طفيف، بمقدار 307 ملايين يورو، ليصل الإجمالي إلى سبعة مليارات يورو. 

ويُضاف إلى هذا المبلغ 14.605 مليار يورو من الالتزامات التعاقدية متعددة السنوات، والتي لن تُصرف جميعها عام 2025.

لكن، مهما كانت ميزانية المغرب، فإنها تبقى الأصغر من ميزانية جارتها الجزائر، الدولة ذات الموارد الأكبر بفضل المحروقات. 

وستصل ميزانية الجزائر إلى 22.1 مليار يورو عام 2026، وهي الأكبر في إفريقيا، متجاوزة حتى ميزانية مصر. 

ولهذا السبب، كانت الجزائر أول من اقتنى طائرة سو-57 المقاتلة الروسية من الجيل الخامس، التي عُرضت في معرض دبي للطيران.

وأكد الرئيس التنفيذي لشركة الطائرات المتحدة الروسية المملوكة للدولة، فاديم باديخا، أن أولى طائرات سو-57 قد سُلّمت بالفعل إلى عميل رفض الكشف عن اسمه، ومن المعروف أن الجزائر هي متلقي هذه الطائرات الشبحية.

ومن المرجح أن يُنعش إعلان فاديم باديخا جهود المغرب لشراء أحدث المعدات الأميركية، وتحديدا طائرات إف-35 المقاتلة التي تصنعها شركة لوكهيد مارتن.

نظريا، لا تزال الجزائر تتمتع بتفوق عسكري كبير على جارتها المغربية؛ إلا أن أسلحتها روسية في الغالب، وقد أثبتت، في أوكرانيا، أنها أقل فعالية مقارنة بالأسلحة الغربية، وخاصة الأميركية. 

لذلك، قد يكون التفوق الجزائري حاليا نظريا أكثر من أي شيء آخر، بحسب صحيفة "الكونفدنسيال".