مصرع 3 دبلوماسيين قطريين في مصر.. حادث عرضي أم اغتيال إسرائيلي؟

وقع الحادث في وقت ينتظر أن تستضيف شرم الشيخ قمة دولية بشأن غزة
في غمرة الانشغال بالإعداد لِقمّة دولية برئاسة مشتركة بين رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الأميركي دونالد ترامب، في مدينة شرم الشيخ؛ بهدف إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، شهدت المدينة حادثا مروريا أودى بحياة 3 من منتسبي الديوان القطري.
وقع الحادث مساء 11 أكتوبر/تشرين الأول 2025، على طريق "شرم الشيخ-طور سيناء"؛ حيث انقلبت سيارة دبلوماسية قطرية تقلّ أعضاء وفد الترتيب لاستقبال أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مما أدى إلى مقتل 3 موظفين في الديوان الأميري ووزارة الخارجية القطرية، وإصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة.
وأعربت سفارة دولة قطر لدى جمهورية مصر العربية عن بالغ حزنها وأساها للحادث الذي تسبب بوفاة كل من سعود بن ثامر آل ثاني وعبد الله غانم الخيارين وحسن جابر الجابر. مشيرة إلى إصابة اثنين آخرين هما عبد الله عيسى الكواري ومحمد عبد العزيز البوعينين.
وأكدت أنها باشرت على الفور متابعة الحادث مع السلطات المصرية المعنية، وقالت: إنه سيتم نقل المتوفين والمصابين إلى العاصمة القطرية الدوحة على متن طائرة قطرية اليوم، فيما يتلقى المصابان حاليا العناية الطبية اللازمة في مستشفى شرم الشيخ الدولي.
وقدمت حركة المقاومة الإسلامية حماس تعازيها للدوحة، وقالت في بيان: “نعرب عن تضامننا المطلق مع دولة قطر الشقيقة وعائلات المتوفين والمصابين في هذا الحادث الأليم”.
فيما أعربت عدة دول عن تعازيها لحكومة وشعب دولة قطر في وفاة منتسبي الديوان الأميري، مُعربة عن تضامنها مع أُسر الضحايا، ومتمنية السلامة للمصابين.
وكان وفد قطري برئاسة رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني انضم قبل أيام إلى المفاوضات غير المباشرة التي جرت بين حركة حماس وإسرائيل بمدينة شرم الشيخ بمصر، والتي تُوِّجت بإعلان التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب.
ووقع الحادث في وقت ينتظر أن تستضيف مدينة شرم الشيخ قمة تشارك بها أكثر من 20 دولة، في 13 أكتوبر، لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق بشأن غزة.
وبحسب الرئاسة المصرية، "تأتي القمة في ضوء رؤية الرئيس الأميركي لتحقيق السلام في المنطقة، وسعيه الحثيث لإنهاء النزاعات حول العالم".
فيما أكّد رئيس النظام المصري عزم بلاده استضافة مؤتمر دولي للتعافي المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة. وفق بيان صادر عن الرئاسة المصرية.
وأوضح البيان أن السيسي شدد على "أهمية التنفيذ الكامل لبنود الاتفاق، بما يشمل وقف الحرب وإطلاق سراح الأسرى وتأمين دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع". مؤكدا في الوقت ذاته "ضرورة نشر قوات دولية في قطاع غزة"، وعلى "أهمية منح الاتفاق شرعية دولية من خلال مجلس الأمن".
وتباينت ردود فعل الناشطين على منصات التواصل حول الحادث بين من ذهب إلى أنه مدبر وتظهر فيه أيادي جهاز الاستخبارات الإسرائيلي “الموساد”، فيما أكد آخرون أنه عرضي واحتمالية حدوثه واردة نظرا للطبيعة الصعبة للطريق وعدم دراية الوفد القطري بخطورته.
وعبروا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي “إكس” و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #الوفد_القطري، #شرم_الشيخ، #غزة، وغيرها، عن حزنهم على ما تعرض له منتسبو الديوان الأميري، وقدموا خالص التعازي لقطر وذوي الضحايا، وثمنوا دور الدوحة في التوصل لاتفاق ينهي الحرب.
وطالب ناشطون بتحقيقات نزيهة وشفافة في الحادث بمشاركة قطرية تكشف حقيقته وعما إذا كان عرضيا أم مدبرا، محذرين من خطورة الاحتمال الأخير؛ إذ يعد انتهاكا صريحا للسيادة المصرية تستوجب المكاشفة ومن ثم الرد.
حادث مدبر
وقال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية عصام عبدالشافي، إن الوفاة حصلت قبل الزيارة المعلن عنها لترامب للمدينة إذا لم يكن حادث سير طبيعي وكان مدبرًا يكون السؤال الأول في مثل هذه الحالات: من المستفيد من تدبيره في هذا التوقيت والمكان ضد أعضاء هذا الوفد تحديدًا؟".
وأشار هيثم سيد زيني إلى أن الحادث في مصر له دلالاته السياسية والأمنية، لافتا إلى أن الذي قصف وفد حماس المفاوض في الدوحة، قادر أن يفعل أكثر لوأد القضية والشهود.
وأكد فكري عبدالسلام السلامي، ضرورة أن تشارك قطر في التحقيقات بهذا الحادث الذي من المحتمل أنه مدبر ومخطط له. وفق تقديره.
ورأى أحمد علي أنه اغتيال مدبر مع سبق الإصرار والترصد للوفد القطري المشارك في محادثات شرم الشيخ من قبل النتنن -في إشارة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والبلحة -رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، وصهاينة العرب.
وقال: "حسبنا الله ونعم الوكيل، رحم الله الشهداء وعجّل بالشفاء للجرحى، ولا نامت أعين الجبناء".
ورأى أحد المغردين، أن الحادث غريب وعلامات استفهام حوله، مؤكدا أن “السيسي وراءه مليون نقطة استفهام؟”
وتساءل: “إن كان عملا مدبرا إلى أين يصل طموح السيسي الخاين والعميل لأجل عيون إسرائيل؟” وفق تعبيره.
وجزم المغرد أبو وليد، بأنه حادث مدبر وليس صدفة، قائلا: "إذا بحثتم فستجدونهم ممن كانوا يهاجمون الكيان المصطنع بشدة ويعدونهم الصهاينة من مساندي حماس".
تدبير إسرائيلي
وتلميحا إلى ضلوع الموساد في الحادث، قال علي تامي: إن استهداف الوفد القطري في مصر رسالة واضحة ومفهومة لكل من له مصلحة، ولكل من يخشى الاجتماع المرتقب في شرم الشيخ، المخصص لوضع اللمسات الأولى على مشروع التحالف العربي الإسلامي المشترك، مع استبعاد "زعيم الأقليات" من الحضور.
وأضاف أن الدوحة فرضت قواعد جديدة في اللعبة السياسية في الشرق الأوسط، وكان عليها أن تدرك أن الانتصار في غزة لن يمرّ مرور الكرام، مذكرا بقول أبي بكر الصديق رضي الله عنه: "احذروا عدوكم بعد صلحه، فإنه إنما يمدّ يده ليجرّكم إلى غفلته".
وأكد قدري قيس أن الجانب الصهيوني لا يؤتمن جانبه؛ لأن الغدر ديدنه. قائلا: إن كل وعود ترامب بمنع الكيان الصهيوني من تكرار الاعتداء على دولة قطر لم تفلح.
وأردف: “واضح أن الحادث كان يهدف إلى قتل رئيس الوفد الشيخ محمد عبد الرحمن آل ثاني رئيس الوزراء ووزير خارجية دولة قطر”. وفق تقديره.
وأوضح أنه ربط ضلوع الكيان في الحادث بناء على قراءته لتاريخه الإجرامي.
وقال الناشط السياسي عمرو عبدالهادي: إن استهداف وفود المفاوضات مستمر بين نتنياهو وسيسنيّاهو بين الدوحة وشرم الشيخ.
وأشار إلى مقتل الوفد القطري في شرم الشيخ في حادث لن تُكشف تفاصيله للعلن. مضيفا أن من مصلحة الطرفين استمرار علاقتهما دون أي ما يُؤرِّقها، فالمصالح فوق كل شيء، لكن الخلاصة أن السيسي لا عهد له.
وتثمينا وإشادة بالدور القطري في التوصل لاتفاق ينهي الحرب، أكد خالد بن سيف، أن ما يتحمله الإخوة في الدوحة من تكاليف الثبات لأجل غزة وتكاليف التفاوض لهو أمر يستحق أن يسجله التاريخ في صلابة الموقف ورسوخ المبدأ في عقيدة المسلم تجاه المسلم، قائلا: "رحمهم الله جميعا وأثابهم الجنة وبارك الله ف قطر أرضا وشعبا".
وتساءل علي: “لماذا الذين يسعون لعمل الخير إما تنتهك سيادة بلادهم أو تحرض عليهم أو تغتال بعض من رجالهم الأوفياء؟”
وقال: "قلوبنا مع أهلنا وأشقائنا في دولة قطر فما يحزنكم يحزننا وما يسركم يسرنا ونتمنى أن يتم الكشف عن الذين وراء هذا العمل الجبان عما قريب فلا سلام مع عديمي الضمائر".
سيادة مصر
وتساءل وليد وفيق: “هل مقتل 3 دبلوماسيين قطريين من وفد مفاوضات غزة مدبر من الموساد كما يشاع، وليس مجرد حادث سير؟” مؤكدا أن ما حدث مثَّل صدمة.
وقال: "إن صح، فهو يعد اعتداء سافر على سيادة مصر، وهذا مستبعد؛ لأن إسرائيل لا تجرؤ على فعل ذلك.. إن صح فهو يهدف إلى استهداف دور قطر ومصر في الوساطة وإفساد المشهد الاخير فيها".
ورأى فائد اليوسفي، أن سيادة مصر على المحك، متسائلا: "هل ستسكت على ما قام به الموساد في الأراضي المصرية من فعل كهذا (اغتيالات)".
ودعا وفد حماس وجميع قيادات المقاومة في كل دول المحور أن يأخذوا حِذرهم ويردوا الاغتيال بالاغتيال وبسرعة.
وكتب سلطان المرزوق: "عندما نقول: إن مصر دويلة عبيدية ودويلة عملاء ومخترقة للاغتيالات، ومقبرة للدبلوماسيين مع اقتراب موعد إنهاء الأزمة التي مثلت فيها قطر دورا يعد هو الأهم، وليس مصر.. يتم الاغتيال بهذا الوقت!".
وتابع أن مصر: "ليست ذات سيادة فهي عبارة عن قاعدة أميركية.. أميركا هي من ترسل الدعوات وتقرر من يشارك.. مصر أرض استقبال فقط".
وعلق أحد المغردين على تأكيد مصادر تشكيل فريق أمني للوقوف على أسباب الحادث، داعيا الله أن يظهر الحقيقة حتى إذا كان فعلا مدبرا تأخذ حكومة قطر حقهم.
حادث عارض
في المقابل، رفض ناشطون الترويج لرواية أن الحادث مدبر، وقال أحمد صقر: "بدلا من أن تَتحروا الدقة في الأخبار الكاذبة همكم الأول تطلعوا مصر في صورة سيئة".
وأضاف أن "الحادث قضاء وقدر انقلاب سيارة عادي ودول موظفين فى السفارة القطرية مش تبع الوفد بدل ماتفرحوا أن مصر سعت وقدرت توقف الحرب على فلسطين لا عندكم حقد وغل أن الشعب الفلسطيني بيهتف لمصر".
ورفض جون المصري المتاجرة بالحادث، قائلا: إن العالم كله يشهد يوميًا حوادث سير يذهب ضحيتها المئات، لكن لا أحد يحوّلها إلى قضية سياسية إلا عندما تمس دبلوماسيين أو شخصيات بارزة.
ودعا لوقف المتاجرة بموت الدبلوماسيين، مضيفا: "نعم، الحادث مأساوي بكل المقاييس، لكن لا يجوز تحويله إلى وسيلة للمزايدة أو الاتهامات.. في كل دول العالم تقع حوادث مشابهة، ومع ذلك تُعامل كقضاء وقدر، لا كورقة ضغط أو إثارة إعلامية".
وحذر المصري من أن المتاجرة بالموت تُفقدنا إنسانيتنا، متسائلا: “كيف يتحول الحادث إلى حدث سياسي، بينما يُقتل في غزة أكثر من 100 ألف إنسان ولا تهتز الكاميرات، ولا تُقام لهم جنازات رسمية أو بيانات عاجلة؟”
وتساءل محمد عبدالعزيز المسلمي: "من يحاسب كل من نشر خبر "وفاة 3 دبلوماسيين من الوفد القطري المفاوض" أمام مركز المؤتمرات في شرم الشيخ!
وأشار إلى أن البيان الرسمي القطري قال: إنهم من "منتسبي الديوان الأميري" والمعلومة أنهم أفراد يعملون في السفارة القطرية وكانوا في طريقهم إلى شرم الشيخ، والحادث وقع قبل المدينة بحوالي 50 كيلو، وغير أنه حادث مروري وارد يحصل في أي مكان، لكن ليه قنوات ومواقع "مش قطرية" بالمناسبة تقول: إنهم الوفد المفاوض.
وتساءل المسلمي: "ليه الإصرار حتى على التشويش على القمة وحضور ترامب!"، مستدلا على ذلك بقول إحدى القنوات "غير القطرية": إن الحادث وقع أمام مركز المؤتمرات في شرم الشيخ "وقد يكون حادثا مروريا أو غير ذلك" كما قال المراسل لإحدى القنوات بالنص.
نعي ورثاء
وتقديما للتعازي والرثاء، أعرب المحامي ناصر الدويلة عن صدمته بخبر الحادث الأليم، سائلا الله أن يتغمد المتوفين بواسع رحمته ويسكنهم فسيح جناته، وأن يمن بالشفاء العاجل على المصابين وعزا حضرة صاحب السمو الأمير تميم بن حمد والشعب القطري الشقيق بهذا المصاب الأليم.
وقال: إن من حسن العزاء للشعب القطري القول إنه قد اختلطت دماء أبناء قطر بدماء الشعب الفلسطيني في الحرب والسلم دفاعا عن شرف الأمة ومقدساتها.
ودعا الدويلة الله أن يحفظ قطر أميرا وحكومة وشعبا، مقدما العزاء الخاص للشيخ الجليل ثامر بن ثاني وأبناءه الكرام خليفة وحمد وجاسم وإخوانهم الكرام وللأخ غانم الخيارين وجميع العائلة الكريمة ولآل جابر الكرام أحسن الله عزائكم وغفر الله لموتاكم.
وتقدم الكاتب أحمد عبدالعزيز بخالص العزاء والمواساة في وفاة الأشقاء القطريين الذين قضوا في حادث أليم بشرم الشيخ، سائلا الله تعالي لهم الرحمة والمغفرة، ولذويهم الصبر والسلوان، وللمصابين الشفاء العاجل.
وقالت الكاتبة السياسية إيناس كريمة: "خالص تعازينا للأشقاء في قطر، قيادة وشعبا.. نسأل الله أن يتغمّد الضحايا بواسع رحمته، ويجعل جهود (الدوحة) في حقن دماء أهل غزّة في ميزان حسناتهم، وأن يُلهم ذويهم الصبر والسّلوان، ويمنّ على المصابين بالشفاء العاجل".
وعرض الصحفي فايد أبو شمالة، صورة ضحايا الحادث، وترحم عليهم، مقدما التعازي لأهلهم وذويهم ولدولة قطر الشقيقة وتمنى الشفاء للمصابين في هذا المصاب الأليم.
ودعا أستاذ الأخلاق السياسية محمد المختار الشنقيطي، الله أن يرحم المتوفين ويرفعهم في عليين، ويجعل مسعاهم في وقف شلال الدم في غزة شفيعا لهم، مقدما التعازي القلبية للشيخ حمد بن ثامر آل ثاني وذوي الراحلين وجميع أهل قطر.