مناورات البحر الأحمر السعودية المصرية.. موجهة للحوثيين أم إسرائيل؟

"رغم الانخفاض في نشاط الحوثيين، فإن السعودية لا تنظر إلى هذا التراجع بعين الاطمئنان، بل تتعامل معه بحذر وتخطط للمستقبل"
استضافت السعودية مناورات بحرية واسعة النطاق لعدد من الدول المطلة على البحر الأحمر، تحت مسمى "الموج الأحمر 8"، بين 9 و13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025، بهدف "تعزيز الجاهزية لمواجهة التهديدات البحرية غير التقليدية".
وترى صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية أنه "رغم تراجع نشاط جماعة الحوثي اليمنية بشكل ملحوظ منذ بدء وقف إطلاق النار في قطاع غزة، إلا أن الخطر الذي تمثّله الجماعة لا يزال قائما؛ إذ تواصل البحث عن (جواسيس) في صفوفها، وتكثف من خطابها العدائي تجاه الرياض".
وردا على حرب الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في غزة التي استمرّت سنتين، هاجمت "الحوثي" إسرائيل بصواريخ وطائرات مسيرة، كما استهدف سفنا تابعة لها أو متوجهة إليها، لا سيما في البحر الأحمر.
رسالة تحذيرية
وشارك في مناورات “الموجة الحمراء” إلى جانب السعودية، كل من مصر والأردن والجيش السوداني والحكومة اليمنية المعترف بها دوليا وجيبوتي.
ووفقا لما أعلنته القوات المسلحة المصرية، فإن "المناورات تتضمن تدريبات نظرية وعملية مكثفة، تهدف إلى توحيد المفاهيم العملياتية المشتركة، ووضع خطة لإدارة العمليات البحرية متعددة الأطراف، والاستعداد لمواجهة التهديدات البحرية غير التقليدية".
من جانبها، أوضحت الرياض أن المشاركين أجروا تدريبات على العمليات القتالية فوق وتحت سطح البحر، وكذلك في الأجواء إلى جانب تمارين في الحرب الإلكترونية، ومكافحة التهريب والقرصنة.
وانطلقت المناورات من القاعدة البحرية الملكية فيصل في مدينة جدة السعودية، بحضور مراقبين من دول غير مطلة على البحر الأحمر، مثل باكستان وموريتانيا.
وتدعي الصحيفة أن هذه المناورات "تعد رسالة واضحة موجهة إلى الحوثيين الذين خففوا من نشاطهم العسكري منذ بدء وقف إطلاق النار في غزة في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2025".
من جانبه، أشاد رئيس أركان جماعة الحوثي اللواء يوسف المداني، في رسالة حديثة وجهها إلى حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، بالمقاتلين الفلسطينيين، واصفا إياهم بأنهم "قدموا أعظم مثال على الصمود، وتمكنوا من "هزيمة أقوى الإمبراطوريات".
وأضاف المداني: "نحن نتابع تطورات الأحداث عن كثب، ونؤكد أنه إذا استأنف العدو عدوانه على غزة، فإننا سنستأنف عملياتنا العسكرية في عمق الكيان الصهيوني، وسنعيد فرض الحظر على الملاحة الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي".

شبكة تجسس
وادعت الصحيفة أنه "رغم الانخفاض النسبي في نشاط الحوثيين، فإن دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، لا تنظر إلى هذا التراجع بعين الاطمئنان، بل تتعامل معه بحذر وتخطط للمستقبل".
وأشارت إلى أنه في سبتمبر/ أيلول 2025، أفادت تقارير عربية بأن مصر والسعودية تعتزمان تشكيل قوات بحرية مشتركة لحماية البحر الأحمر.
وتابعت: "ورغم أن التفاصيل الدقيقة بشأن تشكيل هذه الدوريات البحرية الجديدة، وآليات عملها، وتوقيت انطلاقها لا تزال قيد النقاش، إلا أن المؤشرات تؤكد رغبة البلدين في تأسيس تحالف عسكري طويل الأمد لحماية الممرات البحرية الحيوية من هجمات الحوثيين".
ولفتت إلى أن "هذا التوجه يتم بصيغة تضمن الابتعاد العلني عن أي تعاون مع الولايات المتحدة أو إسرائيل، اللتين تخوضان حربا خاصة ضد الحوثيين".
وتدعي الصحيفة الروسية أنه "توجد أسباب واقعية تدعو للقلق من احتمال استئناف الحوثيين حملتهم العسكرية".
فالجماعة، "لا تزال منشغلة بملاحقة (أعداء الداخل)، وتواصل اعتقال موظفين تابعين للأمم المتحدة ومنظمات إنسانية، متهمة إياهم بالتجسس".
في هذا الصدد، ذكرت الصحيفة أن "وزارة الداخلية التابعة لحكومة الحوثيين أعلنت أخيرا عن تفكيك (شبكة تجسس)".
مشيرة إلى أنها نفذت عملية أمنية واسعة النطاق أسفرت عن اعتقال عناصر تابعة لشبكة تجسس تعمل بتوجيه من غرفة عمليات مشتركة تضم وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA)، وجهاز الموساد الإسرائيلي، وجهاز الاستخبارات السعودي.
وأضافت أنه "بحسب مزاعم الحوثيين، فإن مقر هذه الغرفة كان داخل الأراضي السعودية".
وجاء في بيان وزارة الداخلية أن "الهدف التجسسي المزعوم كان ينسق عمل خلايا مستقلة متعددة، يُعتقد أنها كانت تنشط داخل المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة".
"وتضيف الجماعة أن أجهزة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية والسعودية قامت بتدريب هؤلاء الجواسيس، وعلّمتهم أساليب التمويه، وزودتهم بتقنيات خاصة للمراقبة ونقل المعلومات". وفق الصحيفة.
وبحسب تقديرها "ترى جماعة الحوثي أن هذه الأنشطة كانت تهدف إلى جمع معلومات عن مواقعها العسكرية، تمهيدا لاستخدامها في تنفيذ هجمات على اليمن".

التوتر المحيط باليمن
في سياق متصل، تعتقد الصحيفة الروسية أن "استمرار التوتر المحيط باليمن يشكل عاملا إضافيا يدفع الرياض إلى التريث في الانضمام إلى "اتفاقيات أبراهام"، وهي سلسلة من الاتفاقيات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل".
وأردفت: "فبالنسبة للحوثيين، فإن الدفاع عن القضية الفلسطينية يُعد ركنا أساسيا في سياستهم الخارجية".
وفي هذا السياق، ترى الصحيفة أن "الأسرة الحاكمة في السعودية تبعث بإشارات تفيد برغبتهم في تأجيل أي خطوة تطبيعية".
وأشارت في ختام تقريرها إلى ما قاله مسؤول رفيع في وزارة الخارجية السعودية، في تصريح لصحيفة "فايننشال تايمز": "إن إنشاء دولة فلسطينية هو شرط أساسي للاندماج الإقليمي. لقد تحدثنا عن هذا الأمر مرارا، لكن يبدو أن رسالتنا لم تصل بشكل كامل؛ لأن هذا السؤال يتكرر علينا باستمرار".















