في أرياف دير الزور والحسكة وحلب.. ماذا تفعل فلول الأسد مع مليشيا قسد؟

مصعب المجبل | منذ ٥ ساعات

12

طباعة

مشاركة

بصورة لافتة، سمحت مليشيا سوريا الديمقراطية "قسد"، منذ سقوط نظام بشار الأسد، لعناصر وضباط فلول النظام البائد بالانتقال إلى مناطق نفوذها في شمال شرقي سوريا.

إذ وجد الآلاف من عناصر وضباط فلول نظام الأسد البائد في مناطق قسد ملاذا لهم، من ملاحقة يد العدالة السورية الجديدة ومحاسبتهم على ما ارتكبوه من جرائم خلال حقبة حكم الأسد بحق السوريين.

معطيات مقلقة

إلا أن معطيات تشير إلى انخراط بعض هؤلاء العناصر والضباط في صفوف مليشيا قسد التي أعادت تجنيدهم والاستفادة منهم عسكريا.

وقد تواترت شواهد خلال الفترة الأخيرة على لعب فلول الأسد أدوارا عسكرية في مناطق نفوذ قسد في أرياف دير الزور والحسكة وحلب.

فأظهر تسجيل مصور جرى تداوله في 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2025، أحد عناصر مليشيا قسد وهو يصور رتلا عسكريا في بلدة أبو حمام بريف دير الزور الشرقي يستعد للمغادرة باتجاه مدينة دير حافر بريف حلب.

وأشار عنصر قسد إلى وجود عناصر من فلول الأسد ضمن الرتل متوعدا بالهجوم على الساحل السوري.

وحذر مراقبون سوريون من تحركات قسد لدمج عناصر من نظام الأسد البائد في هياكلها ممن فروا إلى مناطقها عقب سقوط الأسد.

ففي الفترة الأخيرة لوحظ نشر مليشيا قسد عناصر من فلول النظام البائد في ريف دير الزور، على عدة حواجز عسكرية تابعة لها مما أثار حفيظة السكان المحليين.

وتشير المعطيات إلى أن المناطق الخاضعة لسيطرة قسد احتضنت قرابة 2500 ضابط وعنصر فروا إلى الرقة ودير الزور عقب سقوط الأسد، والمئات منهم انخرطوا في القتال إلى جانب قسد ضد الجيش السوري الجديد على جبهات "سد تشرين".

وتحول سد تشرين الواقع على نهر الفرات قرب مدينة منبج بريف حلب، إلى خطة جبهة بين مليشيا قسد والجيش السوري الجديد.

ويخضع سد “تشرين” لإدارة قسد وله أهمية كبيرة في توليد الكهرباء وإمدادات المياه، ولهذا يعد السد ورقة تفاوض بيد قسد مع الدولة السورية الجديدة.

استقطابات وانشقاقات

وضمن هذا السياق، قال الصحفي محمد وسام من شبكة "الشرقية 24" المحلية: إن "استقطاب قسد لفلول الأسد هو بهدف تدعيم مليشياها والحفاظ على توازن أعدادها بظل الانشقاقات من مليشياها عقب سقوط الأسد".

وأضاف لـ “الاستقلال”، أن "التنسيق بين قسد وفلول الأسد أصبح واضحا خاصة في ظل دمج قسد لهؤلاء الفلول في صفوها بشكل أمني وعسكري على الرغم من ممارسة هؤلاء انتهاكات جسيمة في مناطق مختلفة من سوريا".

وأشار وسام إلى أن "عناصر من نظام الأسد البائد تمركزوا في فوج الميلبية الواقع جنوب مدينة الحسكة، والذي تشرف عليه مليشيا قسد.. وهؤلاء العناصر ينتمون إلى مجموعات سابقة كانت تنشط في الساحل السوري، وتم نقلهم إلى المنطقة في يونيو 2025".

ولفت إلى أنه "في أغسطس 2025 شهدت أحياء غويران والعزيزية بمدينة الحسكة، حملة مداهمات أمنية نفذتها قسد بمشاركة مجموعات من فلول الأسد ما يعكس سياسة ممنهجة لإذلال السكان وترويعهم وخاصة في ظل المطالبات بـ الاندماج مع الدولة السورية الجديدة".

وأشار وسام إلى "أن مليشيا قسد تنسق مع كتيبة من فلول مليشيا الأسد تتمركز في كتيبة حفظ النظام بمدينة الحسكة وفيها ضباط".

ورأى أن "ما تقوم به قسد هي إعادة دمج عناصر وضباط فلول الأسد في صفوفها وتقوم بمنحهم إقامة في معسكرات تتبع لها في مدينة الشدادي بريف الحسكة الجنوبي أو في عين العرب بريف حلب وكل ذلك للاستفادة من خبراتهم وتعزيز مليشياها".

وأكد وسام أنه عند سقوط نظام الأسد "قام ضباط من مخابرات الأسد كانوا يقيمون في مساكن الضباط بالحي الغربي في القامشلي بريف الحسكة بالتنسيق العسكري الكامل مع قسد ووضع كل قدراتهم تحت تصرفها".

واستدرك "هؤلاء الفارون من العدالة الانتقالية وقد وجدوا في مناطق قسد ملاذا لهم كونهم متورطين في جرائم أو انتهاكات مباشرة بحق المدنيين السوريين، بل كانوا جزءا من منظومة القمع والآلة العسكرية لنظام الأسد البائد".

خرق الاتفاق

وبحسب تقرير لموقع "الجزيرة نت" نشر في 11 مارس 2025 فإنه أثناء اندلاع المواجهات في الساحل السوري بين مليشيا الأمن السورية الجديدة وفلول نظام الأسد، أكدت مصادر أمنية سورية وجود غرفة عمليات لضباط الحرس الثوري الإيراني وضباط سابقين في نظام الأسد من الفرقة الرابعة في الرقة التي تسيطر عليها قسد.

وأضاف التقرير أن الجيش التركي حينها دفع بتعزيزات عسكرية إلى خطوط التماس مع المناطق الخاضعة لسيطرة قسد في الرقة وريف حلب، بسبب وجود مخاوف من إمكانية تنفيذ هجوم انطلاقا من مواقع قسد باتجاه المليشيا الحكومية السورية.

وحاول فلول الأسد في 6 مارس/آذار 2025 عزل الساحل السوري، وتهديد الانتقال السياسي في البلاد، حينما هاجم ضباط وعناصر ومليشيات تتبع نظام الأسد المخلوع، دوريات الأمن التابعة للدولة السورية الجديدة بمحافظتي طرطوس واللاذقية على البحر الأبيض المتوسط.

إلا أن وزارتي الداخلية السورية والدفاع تمكنتا من إفشال حالة التمرد وقتل واعتقال العشرات من عناصر النظام البائد وفرض الأمن في جميع أنحاء محافظتي طرطوس واللاذقية بأقل من 24 ساعة.

ووثقت لجنة تحقيق سورية مقتل 1426 مدنيا وعسكريا، وفقدان 20 آخرين، خلال أحداث الساحل.

ويؤكد المراقبون أن توفير مليشيا قسد الملاذ الآمن لعناصر وضباط نظام الأسد البائد أو تجنيدهم في صفوفها، يُعد خرقا لـ اتفاق اندماج قسد مع الدولة السورية الجديدة والذي وقعه الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في 10 مارس/آذار 2025 مع قائد قسد مظلوم عبدي.

وينص أحد بنود الاتفاق المذكور على التزام قسد بمساندة الدولة السورية في مكافحة فلول الأسد.

ولهذا فإن تجنيد فلول الأسد من قبل قسد أو ووضعهم على جبهات القتال يشكل تحديا مباشرا للدولة السورية؛ إذ إن الاتفاق يقضي "بدمج" المؤسسات المدنية والعسكرية كافة التابعة للإدارة الذاتية الكردية في إطار الدولة السورية "بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز".

والاتفاق المذكور مؤلف من ثمانية بنود ويُفترض أن تعمل لجان مشتركة على إتمام تطبيقه قبل نهاية عام 2025.

لكن المثير هو اشتراط مليشيا قسد، الانضمام ككتلة عسكرية في الجيش السوري الجديد، وهو الأمر الذي ترفضه دمشق، وهذا ما يفسر مماطلة قسد في تطبيق الاتفاق إلى جانب إعلان الأخيرة أنها "لن تتنازل" عن مطلب التعددية اللامركزية في إدارة النظام السياسي في سوريا، فيما ترفض دمشق اللامركزية السياسية أو الفيدرالية.