مقتل متظاهرين وإصابة المئات في المغرب.. هل يطاح بحكومة أخنوش؟

منذ ١٠ ساعات

12

طباعة

مشاركة

دعت حدة المواجهات والاحتقان في الشارع المغربي، بعدد من الأصوات السياسية والحقوقية والأكاديمية، إلى المطالبة بإقالة حكومة عزيز أخنوش، من أجل تجنب البلاد لمآلات غير محمودة.

تأتي هذه الدعوات أساسا بعد أن أعلنت وزارة الداخلية مقتل شخصين برصاص الدرك الملكي وإصابة آخرين، وذلك خلال محاولة محتجين الاستيلاء على سلاح وظيفي لدركيين.

وبحسب ما نقلت "وكالة المغرب العربي للأنباء"، 02 أكتوبر 2025، فقد أفادت السلطات المحلية بعمالة إنزكان – أيت ملول بأن عناصر الدرك الملكي بالقليعة اضطرت مساء الأربعاء أول أكتوبر 2025 إلى استعمال السلاح الوظيفي، في إطار الدفاع الشرعي عن النفس، لصدّ عملية هجوم واقتحام لمركز الدرك الملكي.

وأردف: "وكان المعنيون بالأمر قد عمدوا، ضمن مجموعات من الأشخاص، إلى الانخراط في أعمال عنف وشغب من خلال رشق مركز الدرك الملكي بالحجارة واقتحامه، قبل أن تتمكَّن العناصر الأمنية من صدّهم بادئ الأمر باستعمال قنابل مسيلة للدموع، وذلك في إطار الدفاع الشرعي عن النفس".

واسترسل: "بيد أن هؤلاء المهاجمين عاودوا بعد تعزيز صفوفهم بمجموعات كبيرة من مثيري الشغب، الهجوم على مركز الدرك الملكي، مدجَّجين بأسلحة بيضاء ليتمكنوا من اقتحامه واكتساحه؛ حيث استولوا على سيارة و4 دراجات نارية تابعة لمصالح الدرك الملكي، وتمَّ إضرام النار في السيارة وفي جزء من بناية المركز".

وأوضح البيان أنه "تم فتح بحث قضائي تحت إشراف النيابة العامة المختصة وذلك للكشف عن جميع ظروف وملابسات هذه الأحداث، وتحديد هويات المتورطين كافة في هذه الأفعال الإجرامية، وترتيب الآثار القانونية على ضوء ذلك".

وتشهد مدن مغربية عدة مظاهرات تقودها حركة تطلق على نفسها اسم "جيل زيد 212"، تطالب بإصلاح التعليم والصحة ومحاربة الفساد وضمان العيش الكريم للمواطنين.

كما رفع المحتجون شعارات تطالب برحيل رئيس الحكومة عزيز أخنوش، ومن ذلك ما شهدته مدينة الدار البيضاء في مسيرة مساء الأربعاء غرة أكتوبر 2025.

حكومة مشؤومة

أمام سقوط القتلى في المظاهرات، أكّد الناشط السياسي والإعلامي حسن حمورو، أن "الأرواح خط أحمر"، وشدَّد أن على الأحزاب السياسية الجادة وخاصة أحزاب المعارضة والشخصيات الوطنية ذات المصداقية أن تبادر إلى رفع مذكرة لجلالة الملك لإعفاء هذه الحكومة المشؤومة، وإطلاق موجة إصلاحات سياسية جديدة.

ونبَّه حمورو في منشور عبر فيسبوك بتاريخ 2 أكتوبر 2025 إلى أن "الديمقراطية أولا وبعدها التنمية ولو كانت مندمجة".

بدوره، أكد عضو مجلس الجالية المغربية بالخارج عمر المرابط، أن "مصلحة البلد قبل مصلحة الأشخاص والأفراد والأحزاب، خاصة عندما يتنصلون من مسؤولياتهم ويؤجّجون الغضب كما فعلت وزيرة الإسكان فاطمة المنصوري وهي تقول: إن الحكومة غير مسؤولة".

وأضاف المرابط في تدوينة عبر فيسبوك، 2 أكتوبر 2025، "ماذا تعني الوزيرة بهذا؟ إنها ترمي بكرة النار إلى فوق وهذا خطير جدا على أمن البلاد"، مشددا على أنه "على الحكومة أن ترحل".

كما دعا الأمين العام للحزب المغربي الحر إسحاق شارية، حكومة أخنوش إلى تقديم استقالتها.

وأكّد شارية في مقطع فيديو نشره بالمناسبة، الخميس 2 أكتوبر 2025، أن الحكومة ليست لها أي شرعية شعبية، وأنها تحكم بمنطق الفساد والتغول، ولا تراعي مصالح المواطنين ولا تأبه لمشاكلهم ومعاناتهم الحقيقية.

أما وزير الدولة السابق المكلف بحقوق الإنسان المصطفى الرميد، فتفاعل مع التطورات بقوله: إن الموضوع لم يعد يتعلق بمطالب مشروعة فقط، ولم يعد الموضوع ممارسة حرية التظاهر، وهو حق دستوري، بل أصبح يكتسي خطورة استثنائية تتعلق بالمسّ بالحق في الحياة وتخريب الممتلكات العامة والخاصة.

واسترسل الرميد في منشور عبر فيسبوك، 2 أكتوبر 2025، إنها عصابات إجرامية تسرّبت إلى فضاء الاحتجاج، واختلطت بذوي النيات الحسنة، والتطلعات المشروعة، لتفسد الاحتجاج نفسه، وتلطخه بوسم العنف والإجرام، وتعتدِي على الأملاك العامة والخاصة... والنتيجة خسائر في الممتلكات، وللأسف حتى في الأرواح، فضلا عن مئات الجرحى والمعطوبين.

ورأى وزير الدولة السابق أن الحل الوحيد المتقبي، هو أن يمتلك القائمون على هذه الدينامية الشبابية لجيل (Z) القدرة والشجاعة على ضبط جيل (الإجرام) ولو بوقف الاحتجاجات. وفق تعبيره.

واسترسل: "وإلا فنحن ذاهبون إلى المجهول.. الذي لن يكون إلا مزيدا من الخسائر في الأرواح والممتلكات، وهو ما قد يعني خسائر وطنية، غير قابلة للتعويض ولا الاستدراك".

غير أن الصحفي والناشط الحقوقي عماد ستيتو، يرى أن العنف لا يتبناه الشباب المحتج المطالب بأشياء مشروعة، بل جهات مندسة من خارج المحتجين، والتي تستغل الوضع للنهب والحرق وإحداث الفوضى.

وأوضح ستيتو في تدوينة عبر فيسبوك بتاريخ 2 أكتوبر 2025، أنه وبدون سابق إنذار ومن حيث لا يدري أحد وبعد أن تنتهي الاحتجاجات سالمة في طنجة ومراكش وغيرها وينصرف منظموها، تظهر العناصر الملثمة الغامضة الهوية يتبعها مراهقون وقاصرون لتبدأ في خوض حرب شوارع في أحياء أخرى مع القوات العمومية، ومرة أخرى باستهداف المنشآت البنكية والأملاك الخاصة والعامة.

وتابع، في هذه المشهدية الفوضوية الغامضة التي لا تُرضي أحدا سيظهر وكأن البلاد في حاجة إلى إعلان حالة طوارئ مستعجلة، وستتركز الدعوات على استعادة الأمن، وإلى تأجيل المطالب العادلة، وإلى إيقاف الاحتجاج حتى لو لم يكن الداعون إليه وراء هذه الأحداث.

واسترسل: "ربما هناك فاعلون مجهولون مشاركون في المشهد لكنهم يتوارون إلى الخلف، ويتركون لنا صورة بسيطة مختزلة هي كل ما نملكه الآن وتفرض علينا ثنائيات: فوضى في مواجهة استقرار يجب أن يعود فورا، واحتجاجات بمطالب عادلة لكن وجب تأخيرها".

ضرورة سقوط أخنوش

يشارك الأستاذ الجامعي والقيادي بحزب العدالة والتنمية الإسلامي المعارض عبد العزيز أفتاتي، مطالب الشارع والفاعلين بضرورة إسقاط حكومة أخنوش، لوضع حد للأزمة الحالية بالمغرب.

وشدد أفتاتي لـ "الاستقلال" على أن المسؤولية المتوازنة تقتضي في الحد الأدنى وقبل فوات الأوان، وضع حد فوري لحكومة "المآسي" و برلمان "الزيف"، ومحاسبة واسعة وعادلة للمفسدين.

كما دعا أفتاتي إلى الإفراج عن المعتقلين على خلفية الاحتجاجات، ووقف المتابعات، ثم التوجه الجماعي بمشاركة واسعة ووازنة للشباب والإعداد لإقرار سلطة الشعب.

واسترسل، سلطة مصدرها الشعب لما سواها، بدستور يحصنها، وانتخابات حرة ونزيهة وشفافة ومفتوحة للجميع بلا استثناء، ودون إقصاء لأي تيار سياسي.

بدوره، أكد رئيس المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة امحمد الهلالي، أن كل مَن قلبُه على هذه البلاد يجب عليه الانتباه إلى أن الوضع يحتاج إلى خطوة رمزية كبيرة تمهد لمبادرة إصلاحية مقدامة، وذلك قبل فوات الأوان.

وأضاف الهلالي لـ"الاستقلال" الخطوة الرئيسة هي إقالة رئيس الحكومة المفترس عزيز أخنوش وحكومته الفاشلة والفاسدة.

ورأى أنها خطوة ستكون رمزية، وتُعبر أن رسالة الحراك وصلت ووجدت آذانا صاغية، مشددا على أن "إقالة رئيس الحكومة قد يكون لها آثار مطمئنة إذا جاءت في وقتها، وهي أفضل من التأخر، حتى يجد نفسه أمام سيناريو الهروب الذي لا يتمناه أحد لبلادنا".

وشدد الهلالي أن وجود برلمان 8 سبتمبر/أيلول 2021 أصبح أكثر كلفة من الإقدام على حله كخطوة رمزية مهمة، منبها إلى أن أي تأخر في ذلك لن يؤدي سوى إلى مضاعفة هذه الكلفة، وإلى الانتقاص من أي فرص للتأثير الاستيعابي لحالة الهيجان التي وصل إليها الشارع أو زج فيها.

كما رأى أن تقديم الحيتان التي افترست الثروة وشفطت الأرباح الفاحشة والصفقات الكبرى والعقارات الثمينة إلى المحاسبة العادلة، سيكون من الخطوات المهمة.

وأردف، وهو إلى جانب دوره في إخماد النيران المشتعلة في الشارع، فإنه أفضل تعبير على أن المطالب المشروع قد وصلت إلى آذان الدولة وإلى قلبها.

وخلص الهلالي إلى أن "المؤسسة الملكية هي القادرة عن الخروج بمبادرة تتوفر على مقومات إحداث الرجة المطلوبة، والصدمة الايجابية المأمولة، الكفيلة بتهدئة الشارع وترميم القلوب والنفوس المجروحة بفعل آثار عودة التحكم وانفلات الافتراس وتغول المفترسين وانعدام العدالة".

وفي قراءته الأكاديمية لما يجرى، أكد أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري عبد الحفيظ اليونسي، أن الجواب السياسي على الحراك الشبابي، رغم كونه مدخلا أساسيا لكنه يبقى غير كافٍ في ظل تعقّد الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها البلاد.

وقال اليونسي لموقع "العدالة والتنمية"، 1 أكتوبر 2025: إن "الإشكال اليوم يكمن في المقاربة السياسية لتدبير الشأن العام"، مشددا على أن الحل يكمن في مزيد من الدمقرطة؛ حيث التمكين لحكم القانون وربط المسؤولية بالمحاسبة، وحرية اختيار من يدبر شؤون البلاد والعباد.

وانتقد اليونسي أداء الحكومة الحالية، ويرى أنها "سقطت أخلاقيا من خلال تواتر حالات تضارب المصالح وخرق القانون، وتذليل المساطر لتحقيق مصالح فئة خاصة دون مراعاة المصلحة العامة".

IMG-20250930-WA0141.jpg

كما شدد الأستاذ الجامعي على أن "هذه الحكومة سقطت سياسيا أيضا، من خلال إخفاقها في حل الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي يعرفها المغرب؛ حيث ارتفاع البطالة بشكل مهول وتراجع القدرة الشرائية وضعف تنافسية الاقتصاد الوطني، فضلا عن أنها سقطت مجتمعيا من خلال التظاهرات الحالية".

ويرى اليونسي، أن الجواب مركب ويحتاج جرأة سياسية للقطع مع منطق إغلاق قوس الدمقرطة الذي بدأ مع حراك شباب 20 فبراير/شباط 2011، وتُرجم في حكومة الأستاذ عبد الإله بنكيران لكنه أغلق مع "البلوكاج" أو العرقلة التي تعرض لها في 2016 رغم تصدره للانتخابات، وصولا إلى كوارث انتخابات 8 سبتمبر 2021.

وخلص المتحدث ذاته، تصريحه بالدعوة إلى إعفاء هذه الحكومة برئيسها عزيز أخنوش، واللجوء إلى حكومة تصريف أعمال من كفاءات سياسية وطنية في أفق الانتخابات المقبلة التي وجب تقديمها عن موعدها المقرر في مستهل الربع الأخير من سنة 2026.

“مظاهراتنا سلمية”

أمام حدة العنف وما خلفه من تبعات، أعلنت "حركة جيل زيد 212"، الخميس 2 أكتوبر 2025، أنه سيتم تنظيم وقفات احتجاجية سلمية اليوم الخميس، وذلك في إطار التعبير الحضاري والمسؤول عن مطالبها المشروعة.

وأكدت الحركة في منشور عبر فيسبوك، للرأي العام والسلطات، أن مظاهراتها ستكون سلمية بالكامل، معلنة "رفض أي شكل من أشكال العنف أو التخريب أو الشغب".

ولضمان النظام وتفادي استغلال بعض من وصفتهم بـ "الأوباش" لمظاهراتها لأجل السرقة أو تخريب الممتلكات العامة والخاصة، فقد تقرر أن يكون التظاهر بين الخامسة والثامنة مساء. 

كما أعلنت أن "الأماكن المختارة حضارية وآمنة، ولا يمكن الوصول إليها أو استغلالها من طرف عناصر دخيلة تبحث عن الفوضى".

وأشارت إلى أن هذا التنظيم جاء بعد تصويت الأغلبية داخل الحركة، تأكيدا على الطابع التشاركي والديمقراطي لقراراتها، داعية جميع المشاركين إلى الالتزام بالانضباط، والتحلي بالمسؤولية، والتمسك بالطابع السلمي والحضاري الذي يميز الحركة.