أبناءه وصهره.. ماذا يقول الجزائريون عن فساد عائلة رئيس الأركان؟

زياد المزغني | منذ ٦ أعوام

12

طباعة

مشاركة

منذ انطلاق الحراك في 22 فبراير/شباط 2019، بدأت هيمنة قائد أركان الجيش الجزائري قايد صالح على كافة المفاصل المهمة في الدولة الجزائرية والقرار السياسي، ليتحول إلى الاسم الأكثر حضورا في المسيرات الشعبية المتواصلة والمطالبة بتنحية بقية رموز بوتفليقة، وكذلك في منابر الإعلام التي تشيد بدوره في التصدي "للعصابة" من المحيطين بالرئيس المستقيل.

وأمام هذا النفوذ الذي بات يمتلكه الجنرال قايد صالح، بدأت الأعين تتجه بالبحث والتدقيق في محيطه العائلي، الذي يبدو أنه تحوم حوله عدة شبهات، خاصة تلك التي تتعلق بنجله عادل رجل الأعمال الكتوم والغائب عن أي ظهور إعلامي أو سياسي، بينما لا يجرؤ أحد على الحديث عنه في الإعلام الجزائري.

إضافة إلى الحديث عن الاستثمارات الضخمة التي يديرها نجل الجنرال، يتهم من قبل العديد بأنه لعب دورا رئيسيا في خدمة مبادرة دعم الولاية الرئاسية الخامسة لبوتفليقة، التي قسمت الجسم السياسي الجزائري، وأدخلت البلاد في الأزمة الحالية التي تعيشها، والتي سرعان ما تحول والده إلى معارض لها بعد الإطاحة بنظام بوتفليقة.

وثائق "طليبة"

خلال الأيام الأولى التي تلت استقالة بوتفليقة وشن حملة اعتقالات واسعة طالت مجموعة من رموز نظامه السياسية والمالية، تداولت وسائل إعلام محلية أنباء عن فرار النائب البرلماني بهاء الدين طليبة عبر الحدود البرية مع تونس، بعد رفع الحصانة البرلمانية عنه رغم توسلات النائب لزملائه عن طريق رسائل نصية هاتفية أرسلها لهم، ادعى فيها أنه ضحية مؤامرة. 

ونفى النائب الذي يوصف بأنه صديق مقرب من عادل قايد صالح، نجل قائد الأركان الجزائري أحمد قايد صالح مغادرته البلاد، في تصريح لموقع محلي جزائري فند فيه خبر هروبه من الجزائر، وقال إنه مستعد للمثول أمام وكيل الجمهورية لدى محكمة سيدي امحمد بالعاصمة بناء على استدعاء وصله لكنه يشترط مقابل مثوله أمام العدالة قبول شكاوى ينوي التقدم بها كشاهد ضد كل من عادل ومراد وبومدين أبناء قائد الأركان ومعهم صهره الطبيب عبدالمالك عروة.

حسب النائب بهاء الدين طليبة ينوي من خلال محاميه تقديم شكاوى ضد المذكورين لدى محكمة عنابة بصفته شاهد أساسي في جريمة قتل والي ولاية عنابة صنديد محمد منيب بصفته شاهد عن فساد مالي رهيب مارسه أبناء وصهر الفريق قايد صالح بصفته شريكا حسب الوثائق المقدمة.

وأكّد طليبة أنّه ينوي رفع دعاوى أمام المحاكم الدولية في حال تم رفض دعاويه أمام المحاكم الجزائرية.

اتهامات خطيرة

أثار المعارض الجزائري المقيم في لندن، السعيد بن سديرة، جدلا بعدما أعلن عن تصريحات نسبها للنائب طليبة، الذي اختفى عن الأنظار منذ أن جرده نواب المجلس الشعبي الوطني (البرلمان) من الحصانة.

واتهم ابن سديرة أبناء صالح، بالاستيلاء على أراضي زراعية وعمرانية في عنابة والطارف شرق الجزائر واتهم صهر قائد الأركان بالاستحواذ على أراضي في عنابة وتحويلها إلى تعاونية عقارية تدر الملايين.

وعن هذا الأخير يكشف سعيد بن سديرة أن صهر رئيس الأركان طبيب يشتغل كملحق في سفارة الجزائر بباريس واستحوذ على أرض لبناء عيادة صحية خاصة قبل أن يستولي بقوة النفوذ على الأراضي المجاورة واستثمارها في بناء تعاونية عقارية ضخمة.

وقال سعيد بن سديرة أن بهاء الدين طليبة كلفه بإعلام الرأي العام الوطني أنه مستعد لمواجهة العدالة في هذه القضايا كمتهم بالتستر على هذه النشاطات، وأن قرار فضح المستور اتخذه بعد أن تبين له أن محيط أحمد قايد صالح يريد مسح السكين في جسده.

ووصف ابن سديرة طليبة بـ"مخزن أسرار عائلة قايد صالح"، مكتفيا بالقول أنه في مكان آمن لن يستطيع أحد الوصول إليه وأنه سيكشف عنه عند انتهاء المهلة التي أعطاها لمحكمة عنابة من أجل فتح تحقيقات رسمية في القضايا المذكورة.

قضيّة عنّابة

تعود تفاصيل القصة إلى العام 2014، حين أعلنت صحف جزائرية عن وفاة والي مدينة عنابة محمد منيب صنديد في أحد مستشفيات فرنسا.

وذكر حينها موقع الناقوس الجزائري أن الوفاة جاءت بعد أزمة قلبية أصابته إثر قيام نجل الفريق قايد صالح، رئيس الأركان ونائب وزير الدفاع الوطني بصفعه أمام الملأ في اجتماع بفندق صبري بعنابة.

يومها التقى عادل قايد صالح المعروف بـ"شيكور عنابة" مع الوالي واختلف معه في العديد من الأمور من بينها إعادة فتح طريق سيدي عيسى الذي انهار مؤخرا بسبب الأشغال الهمجية لابن قايد صالح، كذلك رفض الوالي إمضاء التنازل عن العديد من أراضي الولاية لصالحه هو وشركائه، فقام الأخير بصفع الوالي أمام الناس الحضور ومنذ تلك الحادثة بدأ الوضع الصحي للوالي في التدهور. 

وكتبت يومية "تاقعوت": أن ما حدث لوالي عنابة، هذه الولاية التي تعتبر من الولايات الأكثر خطورة من حيث وجود أصحاب المصالح ومافيا العقار ومافيا تبييض (غسيل) الأموال وهمهم الوحيد بقاء الحال عما هو عليه وكل من يريد أن يمس بمصالحهم سيكون مصيره مثل ما جرى لوالى عنابة.

رفض شعبي

في شهر أيار/ مايو 2019، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي رسالة مفتوحة، أطلقها مواطنون من مدينة عنابة، يطالبون فيها بفتح تحقيق في ممارسات أبناء الجنرال قايد صالح.

الرسالة ذكرت أن: "أبناء قايد صلاح يعتبرون ولاية عنابة جزء من ممتلكاتهم الخاصة، حيث يقومون باستغلال السلطات العامة في خدمة مصالحهم، ويمنحون لأنفسهم سلطة هائلة، يستخدمونها بشكل سيء ووقح ودون الخشية من أي عقاب".

وأضافت الرسالة أن: "المسؤولين الإداريين  يتعرضون لجميع أنواع المضايقات، كما يتعرضون باستمرار للترهيب، وكل من لا يمتثل منهم لمطالب هذه المافيا، يتم طردهم من وظائفهم وعقابهم ثمنا لعصيانهم". 

وأكدت الرسالة أن أفعال: "هؤلاء معروفة لجميع مواطني مدينة عنابة، هؤلاء  البلطجية يقدمون خدماتهم بتدخلاتهم على مستوى المؤسسات المختلفة مقابل مبالغ مالية".

واعتبرت الرسالة أن هذه الممارسات: "ممارسات مافيا، سمحت لهم بتراكم ثروة هائلة ومشاريع عقارية ظهرت في أكثر المناطق الراقية في ولاية عنابة".

وذكرت الرسالة المنشورة باللغة الفرنسية وتداولتها عدة مواقع جزائرية توصف بـ"المعارضة" أن: "مصنع للأسمنت ينتج 4 ملايين طن في بسكرة، بتكلفة استثمار 500 مليون يورو (حوالي 60 مليار دينار)، من الواضح أن مصدر التمويل لهذا المشروع ليس سوى البنوك العمومية في الجزائر، وأن مالكيه الخفيين هم أبناء القايد صالح".