بين أمن الطاقة والاستقلال الأوروبي.. لهذا تراهن إيطاليا على نفط الجزائر

"روما باتت تتجه بشكل متزايد نحو الجزائر"
في ظل التحولات الجيوسياسية التي يشهدها العالم، لا سيما بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا وتداعياتها على أمن الطاقة الأوروبي، تتزايد أهمية الشراكات الإستراتيجية بين الدول المنتجة والمستهلكة للغاز والنفط.
وفي هذا السياق، وقعت شركة "سوناطراك" الجزائرية وشركة "إيني" الإيطالية عقدا جديدا لتقاسم الإنتاج في حقل "زمول الكبير" بمنطقة بركين جنوب شرق الجزائر.
ويمثل هذا الاتفاق امتدادا لـ"علاقات طاقوية راسخة" بين الجزائر وإيطاليا؛ إذ تدير الشركتان خط أنابيب "ترانس ميد" الذي يربط الجزائر بإيطاليا، كما تسعى روما إلى تعزيز هذا التعاون من أجل تقليص اعتمادها على الغاز الروسي.
صفقات نوعية
ويشير العقد الجديد إلى مرحلة نوعية في استخدام التكنولوجيات الحديثة في مجالات التنقيب والإنتاج، ما يعكس رغبة الطرفين في تطوير البنية التحتية الطاقوية، وتعزيز الأداء، وتحقيق الاستفادة القصوى من الاحتياطات الموجودة.
كما يندرج هذا التعاون ضمن مسار أوسع من الاتفاقيات التي أبرمت بين الجانبين، كان أبرزها اتفاق يوليو/ تموز 2022، الذي بلغت قيمته 4 مليارات دولار.
واستعرضت مجلة "جون أفريك" الفرنسية، خلفيات هذا التعاون، وأبعاده الإستراتيجية، ودلالاته الإقليمية والدولية، خاصة في سياق التنافس المتصاعد على تأمين مصادر طاقة مستقرة ومستدامة لأوروبا.
وفي هذا الصدد، ذكرت المجلة أن "شركة سوناطراك، عملاق النفط الجزائري، وقعت مع المجموعة الإيطالية (إيني) عقدا للشراكة في الإنتاج بقيمة 1.35 مليار دولار، يتعلق بموقع في جنوب شرق الجزائر".
وأوضح بيان صادر عن "سوناطراك" أن "العقد، الذي وُقع في العاصمة الجزائر، يمتد على مدى 30 عاما، ويشمل عمليات استكشاف واستغلال للمحروقات في محيط حقل زمول الكبير، الواقع في حوض بركين، على بعد 300 كيلومتر شرق مدينة حاسي مسعود".
وأضاف البيان أن "العقد يتضمن إمكانية تمديده لعشر سنوات إضافية، ويشمل فترة استكشاف وبحث تمتد لسبع سنوات".
وأردف: "كما يقدر إجمالي الاستثمارات المخطط لها في عمليات الاستكشاف والاستغلال ضمن هذا المحيط بنحو 1.35 مليار دولار، منها 110 ملايين دولار مخصصة للأبحاث والاستكشاف".
وأشارت المجلة الفرنسية، نقلا عن البيان، إلى أن "الهدف من الاتفاق يتمثل في استرجاع 415 مليون برميل نفط مكافئ، من بينها 9.3 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي على امتداد الفترة التعاقدية".
وفي تعليقه على الاتفاق، رأى الرئيس التنفيذي لشركة سوناطراك، رشيد حشيشي، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، أن "هذا العقد يمثل (نقطة نوعية) ستتيح اعتماد أحدث الحلول الرقمية والتكنولوجيات المبتكرة في مجالي الاستكشاف والإنتاج، مما سيسهم في تحسين أداء الآبار واستخراج الاحتياطات".
الحد من روسيا
وأضافت "جون أفريك" أن الرئيس التنفيذي لشركة "إيني" الإيطالية، كلاوديو ديسكالزي، الذي استقبله الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وصف العقد الموقع أخيرا بأنه "مرحلة جديدة" في إطار "التعاون الإستراتيجي" بين المجموعتين الطاقويتين، سوناطراك وإيني.
وأكد ديسكالزي أن "الجزائر تمثل واحدة من أهم وجهات استثمارات الشركة على المستوى الدولي".
وأشار إلى أن "العلاقة مع سوناطراك تتجاوز الشراكة الاقتصادية لتعكس عمق التعاون السياسي بين البلدين".
ووصف ديسكالتسي المشروع بـ"الإستراتيجي"، معتبرا الغاز الجزائري "عنصرا محوريا في ضمان أمن الطاقة لإيطاليا".
وأكد أن "الالتزام بالاستثمار في الجزائر سيظل أولوية بالنسبة لإيني في ظل التحولات الجيوسياسية العالمية".
جدير بالذكر أن شركة "إيني" تنشط في الجزائر منذ عام 1981، وتدير مع شركة "سوناطراك" خط أنابيب الغاز "ترانس ميد"، الذي يربط الجزائر بإيطاليا، مرورا بتونس.
وتعد الجزائر أول مصدر للغاز الطبيعي في إفريقيا، والسابع عالميا.
وفي هذا الصدد، أشارت "جون أفريك" إلى أن "إيطاليا، وقبل الغزو الروسي لأوكرانيا، كانت تستورد 95 بالمئة من حاجتها من الغاز، منها حوالي 40 بالمئة من روسيا".
ومن أجل تقليص هذا الاعتماد، أوضحت المجلة أن "روما باتت تتجه بشكل متزايد نحو الجزائر، التي تعد تاريخيا ثاني أكبر مورد لها بالغاز تاريخيا".
وفي هذا السياق، ذكرت المجلة الفرنسية بأن "الجزائر وإيطاليا وقعتا، في يوليو/ تموز 2022، عدة اتفاقيات تهدف إلى تعزيز إمدادات الجزائر من المحروقات لإيطاليا".
ومن بين تلك الاتفاقيات، برز عقد ضخم لتقاسم إنتاج النفط والغاز بقيمة 4 مليارات دولار، أبرم بين الجزائر وعدد من الشركات النشطة في قطاع الطاقة، من ضمنها شركة "إيني".