مرتزقة وغسل أموال.. تفاصيل مؤامرة بـ80 مليون دولار قادها حفتر في ليبيا

قسم الترجمة - الاستقلال | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

تحدث موقع "إنك ستيك" الأميركي عن تقرير للأمم المتحدة بشأن ليبيا، كشف عن العلاقة بين مشغلي الأمن الخاص والتدفقات المالية غير المشروعة.

وكشف تقرير للأمم المتحدة صدر في مارس/آذار 2019، تفاصيل "مؤامرة" بقيمة 80 مليون دولار زودت بموجبها شركات الأمن الخاصة أمير الحرب الليبي خليفة حفتر بطائرات هليكوبتر، وطائرات هجومية ومعلومات استخباراتية وقدرات إلكترونية وخلية اندماج استخباراتي لمساعدته على الاستيلاء على العاصمة الليبية طرابلس.

وكجزء من الخطة، كانت هناك قائمة من عشرة أشخاص للقبض عليهم أو قتلهم، وفق التقرير.

ونتيجة لسلسلة من الحوادث المؤسفة، عملت شركات المرتزقة على تحديث العملية مرتين (أطلق عليها "مشروع أوبوس أ" و "مشروع أوبوس ب" من قبل الأمم المتحدة). 

وتم عرض الخطة على حفتر أثناء قيامه برحلة إلى مصر في أبريل/نيسان 2019 من قبل إريك برنس، مستشار الرئيس السابق دونالد ترامب، وشقيق وزير التعليم السابق بيتسي ديفوس، ومؤسس ورئيس شركة بلاك ووتر سيئة السمعة.

بدأت الخطة في الظهور في أواخر يونيو/حزيران 2019 عندما وصل قارب أسود على متنه عشرين رجلا فجأة في وضح النهار إلى ميناء في مالطا، مما أثار المزيد من الشكوك بعد أن تم الكشف عن أن القارب تم استئجاره من قبل تاجر الأسلحة المالطي جيمس فينيش.

وكان القارب يحمل مرتزقة هربوا سريعا من ليبيا في الليلة السابقة بعد أن غضب حفتر بسبب تلقيه أسلحة عسكرية مختلفة عن تلك التي دفع ثمنها مما جعله يهدد إدارة الفريق.

وعلى الرغم من ظهور الشركات المرتبطة ببرنس فيما يتعلق بأنشطة المرتزقة في ليبيا وأجزاء أخرى من إفريقيا على مدار العقد الماضي، قدم هذا التقرير تفاصيل جديدة عن عملياتها هناك.

كما وصف التقرير الشبكة المعقدة لشركات مرتبطة بالمعاملات المصرفية الفوضوية التي تغطي مجموعة واسعة من الولايات القضائية السرية. وبالتالي فهي دراسة حالة عن كيفية استخدام التدفقات المالية غير المشروعة لإخفاء أنشطة المرتزقة.

كيف اختبؤوا؟

كجزء من تحقيقهم، تتبع محققو الأمم المتحدة مشكلة التمويل والتعتيم على الملكية التي جعلت مشروع "أوبوس" ممكنا.

وعلى سبيل المثال حكاية طائرة "بيلاتوس بي سي -6" التي كانت مملوكة لشركة Prince's Xe / Greystone ثم بيعت إلى TST Humanitarian Surveys LLC (شركة مقرها في ديلاوير ويسيطر عليها برنس) في عام 2012. 

وفي مايو/أيار 2019، باعت TST الطائرة إلى شركة نمساوية قامت بتسجيلها في هولندا وتحديثها للمراقبة الجوية.

وتم بيعها بعد ذلك بشهر إلى Lancaster 6 DMCC (إحدى شركات الأمن الخاصة الرئيسة المشاركة في مشروع أوبوس)، ووصلت إلى ليبيا في 25 يونيو/حزيران 2019. 

وظلت الطائرة تعمل هناك اعتبارا من ديسمبر/كانون الأول 2020، بعد أن تم إلغاء تسجيل الطائرة في هولندا في يوليو/تموز 2019 فيما يزعم إعادة تسجيلها في الإمارات العربية المتحدة.

وكان مشروع أوبوس معقدا تماما، حيث جرى شراء ست طائرات هليكوبتر فرنسية في جنوب إفريقيا مع توضيح أنها ستستخدم في المسوحات الجيوفيزيائية والطيفية المحمولة جوا في الأردن، فيما أكدت الحكومة الأردنية أنه لم يتم التخطيط لمثل هذا المسح أو الموافقة عليه.

 وارتبطت الطائرات بشركة تدعى أوستن بريدجبورت، وهي شريك في شركة المسح الجيولوجي البريطانية بريدجبورت.

وأفاد محققو الأمم المتحدة أن بريدجبورت (التي اشترت في وقت ما طائرة بي سي -6) هي شركة بريطانية مملوكة بأغلبية أكبر لشركة في جبل طارق.

الشركة الأخيرة تقع في جزر كايمان وتعود أغلبية ملكيتها لشركتين من بينها شركة فرونتير هولدينجز ليمتد (كايمان)، وهي مملوكة بنسبة 100 في المائة لبرنس.

وكانت المدفوعات المالية تتم أيضا بصفة معقدة مثل ملكية الطائرات، وذلك باستخدام مجموعة متنوعة من البنوك، بما في ذلك Citi Bank في نيويورك، وفرع هونغ كونغ من China Everbright Bank، وEmirates NBD Bank PJSC، وحتى بنكين إسلاميين إماراتيين.

وفي النهاية، تمكن محققو الأمم المتحدة من تتبع 20 مليون دولار فقط من 80 مليون دولار تم دفعها.

لماذا يختبؤون؟

لم تكن هذه عملية  النشر الوحيد للمرتزقة في ليبيا حيث يسلط تقرير الأمم المتحدة الضوء على  مجموعة كبيرة من فصائل المرتزقة.

ومن بينهم التشاديون والسودانيون (المرتبطين بأمير الحرب والإبادة الجماعية المسؤول العسكري السوداني محمد حمدان دقلو) والسوريين (الذين تم الدفع لهم عن طريق شركة أمنية تركية)، وحوالي 1200 من المرتزقة الروس التابعين لشركة فاغنر العسكرية الخاصة سيئة السمعة، وفق ما أورد التقرير.

لماذا تواجه مجموعات المرتزقة المختلفة هذه الكثير من المتاعب لإخفاء التمويل والمسارات اللوجستية لعملياتها؟

ببساطة لأن الارتزاق غير قانوني بموجب القانون الدولي وفي العديد من المحاكم المحلية، بما في ذلك في الولايات المتحدة، وكذلك جرائم الحرب أيضا (على سبيل المثال ، إذا تم دفع أموال مقابل تنفيذ اغتيالات مستهدفة نيابة عن أحد أمراء الحرب).

وعلاوة على ذلك، يريد أمثال برنس (نفى القيام بأنشطة غير قانونية) أن يضمنوا إخفاء المصادر غير المشروعة لدخلهم وهز أمر بالغ الأهمية بالنسبة لهم. 

ويستخدم غسيل الأموال لتسهيل مجموعة متنوعة من المعاملات السيئة؛ إذ يحتاج المرء فقط لمشاهدة أي حلقة من حلقات Narcos أو Breaking Bad أو Ozarks (أفلام ومسلسلات أميركية عن الجريمة) للحصول على أمثلة عن هذه الامور.

ولذلك يجب الاعتراف بأن أنشطة المرتزقة على قدم المساواة مع السلوك الإجرامي الآخر الذي يسهل غسل ​​الأموال، وبالتالي، يجب أن يكون هناك جهد عالمي لمحاولة وقف التدفقات المالية غير المشروعة، وفق التقرير.

ويمكن للولايات المتحدة أن تلعب دورا رئيسا في هذا من خلال ضمان  تنفيذ  200 صفحة من إصلاحات مكافحة غسيل الأموال الواردة في قانون تفويض الدفاع الوطني للسنة المالية 2021.

وبالإضافة إلى ذلك، تحتاج جهود مكافحة الفساد والجرائم المالية التي تقوم بها دائرة الإيرادات الداخلية ووزارة العدل الأميركية إلى مزيد من الدعم السياسي والمالي، يقول التقرير. 

 كما تحتاج الولايات المتحدة إلى العمل بجدية أكبر لضمان أن إغلاق ثغرات غسيل الأموال والضرائب في جميع أنحاء العالم يمثل أولوية، كما وعد بذلك الرئيس جو بايدن.

ويمكن للولايات المتحدة استخدام نفوذها لتشجيع الجهود العالمية لمكافحة غسيل الأموال للوفاء بسرعة وفعالية للمعايير الدولية  ، مع الضغط أيضا من أجل صياغة معايير أفضل وبروتوكولات مشاركة المعلومات المالية.

وأخيرا ، يجب أن تكون مكافحة نشاط المرتزقة وتهريب الأسلحة أولوية أكبر للأمن القومي الأميركي وللحكومة الأميركية بأكملها.

ويوضح مشروع أوبوس مدى استخدام التدفقات المالية غير المشروعة والسلطات القضائية السرية لتسهيل أنشطة المرتزقة، فيما يتطلب الأمر جهودا متضافرة أكثر بكثير من قبل من كل من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي للمساعدة في إيقاف هذه الجرائم والتجاوزات.