بعد تصاعد الأحداث بالعراق.. هذه سياسة واشنطن وطهران المحتملة

12

طباعة

مشاركة

لم تهدأ الأوضاع على مستوى عالمي بعد اغتيال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني، إثر غارة جوية قرب مطار بغداد بالعاصمة العراقية نفذتها واشنطن، ومنذ يوم الجمعة الماضي، والتهديدات المتبادلة متواصلة، وكل طرف سواء كان إيرانيا أو أمريكيا يعلن عددا من الأهداف التي يمكن أن تستهدفها كل جهة ضد الأخرى.

وفي الساعات الأولى من صباح الأربعاء، 8 يناير/كانون الثاني الجاري، ردت إيران على مقتل سليماني، بإطلاق 22 صاروخا على قواعد للجيش الأمريكي في العراق، وتحدثت لاحقا عن مقتل 80 جنديا أمريكيا كانوا يوجدون في قاعدة عين الأسد، لكن الولايات المتحدة والسلطات العراقية أكدتا عدم وقوع أية خسائر بشرية.

الكاتب التركي مليح ألتين أوك، رأى في مقال بصحيفة "صباح" أن لهجة ترامب كانت عالية اللهجة أكثر من نظيره الإيراني، وأضاف: أنه "عند اللزوم نضرب وبدون حساب"، وبعد جنازة شملت على أحداث تدافع سقط على إثرها أكثر 40 قتيلا شاركوا في تشييع سليماني، لم تقف إيران ساكنة. أعلنت بشكل واضح عن 13 سيناريو من خلاله يمكن أن ترد طهران على اغتيال رجلها في المنطقة.

ونقل الكاتب، عن مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، بالأمس، قالت فيه "إن المرشد الإيراني علي خامنئي أمر الجيش الإيراني بالانتقام، ومع ذلك فالدنيا تعرف أن إيران ليس لديها خططا حقيقية سوى التظاهرات والتهديدات وملء الشوارع بالمتظاهرين، تماما مثل 40 عاما مضت".

استراحة عميقة

ورأى الكاتب التركي، أن "هذه الصورة لا تلغي حقيقة أن اغتيال سليماني يمثل استراحة عميقة للمنطقة والعالم، خاصة وأن واشنطن لم تستخدم أي من أذرعها في المنطقة لتنفيذ عمليات الاغتيال".

وأشار إلى أن "النظام الإيراني يقف على أقدامه، بدعم من روسيا، وفي المقابل، كما هو الحال في سوريا، فإنه يستخدم النفوذ الشيعي في المنطقة لتحقيق أهداف روسيا؛ وكان واحدا من الذي تستخدمهم إيران لتحقيق أهداف روسيا الراحل سليماني، حيث كان يتعامل مع القضايا التي لا تلمسها روسيا "لأسباب دبلوماسية".

وتابع الكاتب، قائلا: "لذا بينما ينتظر الجميع أن ترد إيران، فإنني أشعر بالفضول تجاه الخطوة المقبلة من الرئيس الروسي فلادمير بوتين، الذي من المتوقع أن يكون له شأن أو علاقة بالخطوة الإيرانية المقبلة للثأر من قتلة سليماني".

وفي مقال آخر نشرته الصحيفة ذاتها، رأى الكاتب محمد بارلاس، أن اغتيال سليماني قطعا سيكون له أثر ما على الانتخابات الأمريكية المزمعة في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، ناقلا عن تقارير إعلامية نشرها مراسل "بي بي سي" في أمريكا الجنوبية أنتوني زورتشر، في تقييم للانتخابات الأمريكية أنه "ليس هناك ما يفيد بفوز مؤكد لترامب، وفي هذا السياق يعارض بيرني ساندرز، أحد المرشحين المتنافسين، بالتأكيد الحرب التي مهدها ترامب في وقت ليس معروفا موقف جو بايدين من ذلك".

وتعليقا على ذلك، يقول الكاتب التركي: إنه "بشكل أو بآخر اغتيال سليماني عزز من فرص ترامب في الانتخابات خاصة أمام الديمقراطيين حتى أنهم قد يعلنون حزنهم على مقتل سليماني التي أفضت لهذه النتيجة".

وأضاف أنه "حين التمعن بما يجري بشكل أعمق، يجب أن نرى أن عمليات الاغتيال هذه والتي تجاهلت العلاقات والقانون الدولي، قد استخدمت في السياسة الداخلية الأمريكية".

وأردف الكاتب، قائلا: يمكن أن تخضع نظم الإدارة وخاصة الإدارات الديمقراطية، التي ينبغي أن تهدف إلى الحفاظ على استقرار وترتيب البلدان، إلى تقييمات منحرفة كما شوهد في الأيام الأخيرة، مؤكدا أن ما قام به ترامب لا يمكن إلا أن يوصف بأنه "ديمقراطية منحرفة" استخدمها ترامب لصالحه فقط.

وبحسب بارلاس، فإن "المشهد في تركيا، رغم كل النقاشات والخطوات القانونية المتبعة، يتهم البعض أن الحكومة هنا تحاول اتخاذ خطوات للحفاظ على نفسها، مثل حراكها الأخير في ليبيا وقبله العمليات العسكرية في سورية، وأن الهدف من ذلك هو إعادة انتخابها مرة أخرى، لكن ولحسن الحظ، فإن ديمقراطيتنا لم تخرج بعد بقدر الديمقراطية الأمريكية؛ بمعنى آخر، الحرب والسلام ليست موضوعات للحملات الانتخابية".

نقطة مستحيلة

أما الكاتب يالجين أكدوغان، فقد قال في مقال نشرته صحيفة "ستار" التركية: إن "الهدف الأساسي لعملية الاغتيال هي تقليم أظاهر إيران في العراق بعدما استفحلت وبات نفوذ طهران أقوى بشكل واضح من النفوذ الذي تتمتع به الولايات المتحدة في البلد الغني بالنفط".

وتابع: "إدارة الأزمات المشتركة بين واشنطن وطهران قد وصلت إلى نهايتها، والصراع في العراق وصل إلى نقطة مستحيلة، وإدارة البلاد لسنوات طويلة في ظل قوتين تتصارعان على الثروات فيه بات أمرا مستحيلا، والأوضاع هناك أضحت مربكة للغاية في السياسة والعلاقات الدولية والإدارات القطرية".

ومضى أكدوغان في مقاله، بالقول: "في الهيكل الذي أنشئ بعد تدخل الولايات المتحدة في العراق، فإن الشيعة لهم منصب رئاسة الحكومة، أما السنة فلهم رئاسة البرلمان، فيما رئاسة الجمهورية من نصيب الأكراد، ومنذ 2003 كانت الكلمة الطولى في العراق للشيعة، حيث نظام يسيطر عليه رئيس الوزراء شيعي المذهب".

وأردف: "ومنذ ذلك الوقت وقع هذا النظام والبلاد برمته فريسة الصراع بين الطرفين الأمريكي والإيراني وكل منهما يريد أن يكون له الأثر الأكبر على مجريات الأمور؛ ولعل الأمور كانت واضحة بشكل فج في فترة المالكي، حيث كان رئيس الوزراء آنذاك يعد رجلا من رجال إيران في العراق".

ومع الوقت سيطرت إيران على معظم مفاصل العراق بدءا من الحكومة وصولا إلى البرلمان، حيث رئيسه سني لكنه مقرب منها، وعبر التشكيلات السياسية داخل البرلمان والمليشيات المسلحة خارج أطر الدولة الرسمية، فيما يعرف بقوات الحشد الشعبي لاحقا، بحسب الكاتب.

واشنطن من جهتها، يصيف الكاتب، حاولت أن يكون لها أثر ولكن عبر الدعم العسكري والتحكم بمنابع التمويل وعلى الرغم من تعقيدات المشهد العراقي، استمر الأمر على هذا النحو لسنوات طويلة بدأت بعد عام 2003 بعد رحيل الرئيس العراقي صدام حسين.

واستطرد قائلا: "لكن واشنطن رأت أن طهران تعمد على إضعاف موقفها في العراق، عبر وسائل عدة، ومنها تقليم أظافر رجالاتها أو المجموعات السياسية التابعة لها، فاضطرت للتحرك ضد ذلك، فعمدت على اغتيال سليماني، ويبدو أن هذه الخطوة تأثيرها عكسي تماما فالنفوذ الإيراني زاد بدلا من أن يتقلص، فيما من غير الواضح كيف سيكون الوضع الأمريكي في العراق".

وخلص الكاتب إلى أن "العلاقة المشوهة تتحول بالضرورة إلى أزمة في مرحلة ما وحتى الهياكل العراقية التي تعتقد الولايات المتحدة أنها تحت سيطرتها تطالب واشنطن بالانسحاب من العراق"، في إشارة لتصويت البرلمان العراقي ذي الرئاسة السنية.

وتابع: "وعندما يحدث هذا، سيتم جمع البطاقات في العراق، وإعادة ترتيبها من جديد وبالطبع تشكيل تحالفات جديدة وقطعا سيعمل الأكراد الذين تجمعهم علاقة قوية بواشنطن أن يكون لهم دور ملحوظ في الفترة المقبلة".

واختتم أكدوغان مقاله بالقول: إن رد فعل "الاتحاد الوطني الكردستاني"، الذي تربطه بإيران (وحزب العمال الكردستاني) علاقة أفضل نسبيا، كان أكثر صرامة ضد عملية الاغتيال الأخيرة، والتطورات الأخيرة والمواقف الصادرة سواء من حكومة إقليم كردستان العراق أو من الأكراد في الحكومة المركزية.