تقرير الحالة العربية: أبريل/ نيسان 2022

قسم البحوث | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

المحتويات

مقدمة

المحور الأول: الحالة السياسية

- فلسطين

ذبح القرابين داخل الأقصى

اقتحامات محدودة ومسيرة الأعلام

- الإمارات

اتفاقية تجارة حرة مع الإمارات

أول حي لليهود في الخليج

تمويل برنامج تجسس إسرائيلي

- اليمن

نقل صلاحيات الرئيس اليمني

إجبار على الاستقالة

تأثيرات التنحية عن المشهد

- مصر

تصفية أيمن هدهود

المحور الثاني: السياسة الدولية والمنطقة

- انعكاسات فوز ماكرون على الملف الليبي

- الملف السوري

- الشأن اللبناني

- تطورات إيجابية بين فرنسا والجزائر

- خطر اليمين المتصاعد

- توترات بين واشنطن والرياض

المحور الثالث: الاقتصاد العربي

- الاقتصاد المصري يستمر في التعثر

- عقبات تواجه اتفاق لبنان مع صندوق النقد الدولي

- التصعيد السياسي في تونس يعرقل التفاهم مع صندوق النقد


مقدمة

نعود إليكم بملف الحالة العربية في حلته الجديدة، حيث أضفنا إليه محورا قد يكون مهما، لفهم التفاعلات بين الأحداث الدولية الكبرى ودول منطقتنا العربية.

وقد أسمينا هذا المحور: "السياسة الدولية والمنطقة"، على أن يدور الحديث فيه عن أهم الأحداث الدولية التي يعيشها العالم ككل، وكيفية تأثر الدول العربية، وبالأخص أنظمة الحكم فيها بهذه الأحداث.

ونرصد خلال شهر أبريل/نيسان 2022، انعكاسات فوز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بفترة رئاسة ثانية على كل من ليبيا، وسوريا، ولبنان، بصفتهم من أهم دول المنطقة التي تشهد اهتماما فرنسيا خاصا. علاوة على ذلك فإننا نرصد تطورات إيجابية على صعيد العلاقات الجزائرية-الفرنسية.

ومن ناحية أخرى، تتناول الحالة العربية حقيقة تثبت في البلاد الغربية يوما بعد يوم، وهي صعود اليمين المتطرف، سواء إلى سدة الحكم في بعض البلدان، أو صعودا في نسبة التأييد الشعبي له، ونحاول فهم خطر ذلك على منطقتنا وشعوبها.

كما نتناول التوترات الجارية بين واشنطن والرياض، في وقت تستمر فيه الحرب الروسية - الأوكرانية، وتحاول فيها الولايات المتحدة إيجاد بدائل للغاز الروسي تكفي حاجة القارة العجوز.

أما في محورنا السياسي، فنستعرض اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على المسجد الأقصى، ومدى تحقيقه لأهدافه من هذا العدوان. كما نلقي الضوء على خطوات اتخذها النظام الإماراتي -في المقابل- لتوثيق تحالفه مع تل أبيب.

أضف إلى ذلك حديثنا عن التغير المهم الذي شهدته الساحة اليمنية، بتعيين مجلس رئاسي بدلا من الرئيس عبد ربه منصور هادي. ونحاول هنا فهم دور السعودية في هذا التغيير، واستشراف ما قد ينتج عنه.

وفي مصر، فإننا نناقش تفاصيل الوفاة غير الطبيعية التي تعرض لها الباحث الاقتصادي، أيمن هدهود، ودور السلطة الحاكمة في ذلك، ودلالاته.

كذلك، فإننا نستمر في نشر محورنا الاقتصادي، وفي هذا الشهر، نسلط الضوء على الاقتصاد المصري الذي أصبح أحد أكثر الاقتصادات تدهورا حول العالم بعد انطلاق الحرب الروسية-الأوكرانية.

كما نناقش العقبات التي تواجه اتفاق لبنان مع صندوق النقد الدولي، ومستجدات سعي تونس للحصول على قرض من الصندوق.


المحور الأول: الحالة السياسية

يستعرض تقرير الحالة العربية لشهر أبريل 2022 في محوره السياسي أحداثا بارزة شغلت الرأي العام العربي، في محاولة لمعرفة أبعادها ونتائجها على الأنظمة العربية، والوضع السياسي بشكل عام في المنطقة.

ونبدأ تقريرنا هذا الشهر بفلسطين، وبالأخص اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على المسجد الأقصى المبارك والمرابطين فيه، والتي تتكرر بشكل سنوي تقريبا، خلال رمضان. وفي هذا، نستعرض أهداف الاحتلال من هذه الاعتداءات، ومدى نجاحه أو فشله في تحقيقها.

وفي المقابل، نرصد خطوات التطبيع بين أبوظبي والكيان الصهيوني كعزم الأولى على إنشاء حي خاص باليهود على أراضيها، وعقدها اتفاقية للتجارة الحرة مع دولة الاحتلال.

هذا فضلا عن التقارير الصادرة أخيرا التي أكدت استثمار النظام الإماراتي في برنامج التجسس الإسرائيلي الشهير "بيغاسوس" حتى قبل توقيع اتفاق التطبيع بشكل علني في 2020.

واستكمالا مع دول الخليج، فإننا نستعرض الدور السعودي فيما ما حدث من تغير نوعي على الساحة السياسية اليمنية، عبر إعلان الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، تشكيل مجلس قيادة رئاسي ونقل جميع صلاحياته إليه "لاستكمال تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية". كما نستشرف تأثيرات هذه الخطوة على المستقبل السياسي لليمن.

ومرورا على الدول العربية الواقعة شرق القارة الإفريقية، فإننا نتناول الوفاة غير الطبيعية التي تعرض لها الباحث الاقتصادي المصري، أيمن هدهود، بعد اختفاء قسري دام نحو شهر، ما أعاد للأذهان قضية الباحث الإيطالي، جوليو ريجيني، الذي قُتل على يد أجهزة الأمن في مصر عام 2016، بعد أن كادت قضيته تُنسى في ظل التطورات الدولية والإقليمية الجارية.

فلسطين:

انتهى شهر مارس/آذار 2022 على جهود دولية واسعة كانت تطمح إلى أن يمر شهر رمضان المبارك هذا العام هادئا في عموم فلسطين، وخصوصا القدس.

وكان تركيز الاتصالات منصبا بشكل خاص على فترة عيد الفصح اليهودي الذي جاء من 15 إلى 22 أبريل، وهو ما يتوافق مع الأسبوع الثالث من شهر رمضان، حيث كان المستوطنون الصهاينة يرغبون في اقتحام المسجد الأقصى بشكل واسع، بالتزامن مع عيدهم.

في هذا السياق، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، بعد اجتماعه بالرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله، قبيل شهر رمضان: "سنعمل على منع الإجراءات التي يتخذها أي من الجانبين والتي يمكن أن تزيد من التوترات".

وأضاف: "أكدنا أيضا ضرورة الاستمتاع بشهر رمضان وعيدي الفصح واليهودي بشكلٍ سلمي، هذه المناسبات كلها تأتي معا في غضون شهر".[1]

وقد كرر "بلينكن" التصريحات ذاتها بعد اجتماعه مع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، نفتالي بينيت، في غرب القدس في نفس اليوم.[2]

كما نقلت وكالة الأناضول التركية حينها عن مسؤول فلسطيني كبير أن "هناك اتصالات ولقاءات كثيفة، معلنة وغير معلنة، بهدف ضمان رمضان هادئ وخاصة بالقدس الشرقية المحتلة"، وأن الجهات المشاركة في هذه الاتصالات واللقاءات هي الولايات المتحدة والأردن والاتحاد الأوروبي ومصر.[3]

وأدلى مسؤولون أوروبيون وأردنيون تصريحات حذرت من التصعيد في شهر رمضان. إذ أكد العاهل الأردني، عبد الله الثاني، خلال استقباله وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس، في العاصمة عمان، أن "الحفاظ على التهدئة الشاملة يتطلب احترام حق المسلمين بتأدية شعائرهم الدينية في المسجد الأقصى المبارك، وإزالة أي عقبات تمنعهم من أداء الصلوات، ومنع الاستفزازات التي تؤدي إلى التصعيد".[4]

ومن جانبه، قال مكتب الاتحاد الأوروبي في فلسطين إنه "ينبغي بذل أقصى الجهود من قبل جميع الأطراف لضمان الهدوء قبل شهر رمضان المبارك"، وإنه "يجب على السلطات الإسرائيلية معالجة الوضع على الفور لمنع التوترات من التصعيد على الأرض".[5]

لكن من الواضح أن هذه النداءات لم تجد صدىً لدى حكومة الاحتلال الإسرائيلي. ففي صباح يوم الجمعة الموافق 15 أبريل 2022، وهو اليوم الـ14 من شهر رمضان، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي المسجد الأقصى مستخدمةً قنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتيّة.

وخلال الاقتحام، اعتلى عددٌ من جنود الاحتلال أسطح المباني المحيطة بالمسجد الأقصى، كما أخلوا ساحاته وأغلقوا معظم الأبواب المؤديّة إليه.

وأصيب في هذه الاعتداءات ما لا يقل عن 150 فلسطينيا من المرابطين في الأقصى، وفق ما نشره الهلال الأحمر الفلسطيني. كما أعلن مدير المسجد عمر الكسواني، أن قوات الاحتلال استخدمت القوة المفرطة ضد المصلين، وأنها اعتقلت 400 من المرابطين.[6]

ذبح القرابين داخل الأقصى

ويمكن القول إن هدف الاحتلال الأكبر من هذه الاقتحامات كان تمرير ما يسمى بـ"قربان الفصح"، الذي كان من المفترض ذبحها مساء الجمعة الموافق 14 رمضان.

ورغم نفي سلطات الاحتلال بشكل رسمي وجود نية لذبح القرابين في المسجد الأقصى،[7] فإن الجماعات الاستيطانية بدت مصرة على إحياء تلك الطقوس كونها تشكل إحياءً لهيكلهم المزعوم.

فمنذ عام 2014، بدأ الصهاينة يعملون على الإحياء العملي لطقوس القربان داخل المسجد الأقصى، وأجروا تدريبات عملية لتحقيق ذلك.[8]

وهذه المرة، رصدت جماعات الهيكل مكافأة مالية لمن يتمكن من ذبح القربان داخل باحات المسجد الأقصى أو حتى يحاول ذلك.

ونشرت على جميع منصاتها إعلانا تعد فيه من يتمكن من ذلك بمكافأة مالية مقدارها عشرة آلاف شيكل (حوالي 3000 دولار)، ومنح من يدخل السخل (القربان) دون ذبحه بمكافأة تعويضية قدرها 800 شيكل (250 دولار)، ومن يحاول ويفشل مكافأة مقدارها 400 شيكل.[9]

وفي ظل اهتمام جماعات الهيكل بإنفاذ الذبح، فإنه يمكن فهم اعتداءات شرطة الاحتلال الإسرائيلي على المصلين المقدسيين في اليوم ذاته على أنها كانت بهدف تمهيد الساحة وإخلائها للصهاينة لتنفيذ الأمر.

ولتوضيح رمزية هذا الحدث وأهميته بالنسبة للصهاينة بشكل عام، فإن "ذبح القرابين" في المسجد الأقصى بحسب الزعم التوراتي، يُعتبر أهم طقس يهودي مندثر.

 لذلك يرون في إحيائه شكلا معنويا لإحياء الهيكل، هذا بالإضافة إلى رمزيته عند المستوطنين باعتباره من أهم دلالات الوجود اليهودي في المسجد الأقصى.

حتى أن قوات الاحتلال تدعي أنها تمنع مستوطنيها من إحياء هذه الطقوس خشية انفجار الأوضاع في القدس، ما يعني إدراكها لخطورة الخطوة.

لذا فقد استنفر الفلسطينيون في الأراضي المحتلة، ورابط المئات منهم في المسجد الأقصى لحمايته من الاقتحام.

كما دعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى النفير فيما أسمته "فجر حماة الأقصى" للدفاع "عن القدس وحمايتهما من خطر الاحتلال وتغول المستوطنين، وإفشالا لخطط تدنيس الحرم فيما يسمى ذبح القرابين".[10]

وشددت فصائل المقاومة في قطاع غزة على تحذيراتها من مخطط ذبح القرابين في ساحات المسجد الأقصى، وقالت إن هذا سيكون انتهاكا خطيرا يتجاوز كل الخطوط الحمر،[11] كما حذرت الرئاسة الفلسطينية من أن ذلك سيؤدي إلى تصعيد خطير ليس بالإمكان السيطرة عليه.[12]

ورغم الانتهاكات التي جرت في ذلك اليوم، من اقتحام للمسجد واعتقال وجرح للمئات، فإن مخطط المستوطنين الصهاينة لم يمر. ولم يتمكن أي من الإسرائيليين من ذبح أي قربان داخل باحات الأقصى المبارك.

وهو ما يعد انتصارا –ولو جزئيا- للشعب الفلسطيني ومقاومته التي أدخلت رقما جديدا في معادلة ردع الاحتلال الإسرائيلي في العام 2021، خلال معركة "سيف القدس"، حين فرضت على الاحتلال أن يضع في حسبانه رد الفعل السريع. [13]

اقتحامات محدودة ومسيرة الأعلام

وبعد فشل المحتلين في ذبح القرابين، اكتفت الحكومة الإسرائيلية بتأمين اقتحامات محدودة للمسجد الأقصى المبارك، لكنها كانت وما زالت تجري بشكل شبه يومي.

أما الحدث الآخر الذي حاول الصهاينة إنفاذه فقد كان مسيرة الأعلام. وعلى غرار العام 2021، دعت قوى يمينية يهودية متطرفة إلى تنظيم المسيرة التي يحمل فيها المستوطنون علم الكيان الصهيوني، ويمرون بمنطقة "باب العامود" بالقدس المحتلة، التي يقيم فيها المسلمون المقدسيون فعالياتهم الرمضانية.[14]

لكن من الواضح أن ما حدث عام 2021 ما زال حاضرا في ذاكرة القيادة الصهيونية، حين اندلعت معركة "سيف القدس" بسبب عزم المستوطنين التوجه بمسيرة الأعلام إلى "باب العامود".

ووقتها أطلقت المقاومة من غزة مئات الصواريخ غطت كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة للمرة الأولى في تاريخها.

وبالتوازي مع ذلك، انتفضت معظم المدن الواقعة تحت سيطرة الاحتلال، الأمر الذي استنزفه، وجعله يسارع إلى إنهاء المعركة، التي خرج منها بصورة الهزيمة.

ولهذا السبب منعت الحكومة الإسرائيلية الحالية المسيرة من الوصول إلى "باب العامود"، عبر نصب حواجز أمنية على مسافة كيلومترات من قلب القدس.

كما أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، أنه لم يسمح للمسيرة بالوصول إلى باب العامود لأن ذلك يفجّر الأوضاع.

كذلك أعلنت الشرطة الإسرائيلية أنها لن تؤمن المسيرة في حال حاول المشاركون فيها المرور بباب العامود والحي الإسلامي في القدس المحتلة.[15]

وعلى هذا، يمكن القول إن المعادلة الجديدة التي فرضها الشعب الفلسطيني ومقاومته على سلطات الاحتلال ما زالت تثبت نجاعتها بعد نحو عام من "سيف القدس".

 والوضع حاليا في المدينة المقدسة تسيطر عليه حالة من التوتر، في ظل الاقتحامات التي ينفذها مستوطنون في حماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي.

لكن الإجابة على سؤال ما إذا كان هذا التوتر سيقود إلى مواجهة مثيلة لما حدث في عام 2021، تعتمد على سياسة دولة الاحتلال. فإذا ما توسع الكيان الصهيوني في اعتداءاته بحق الفلسطينيين في المسجد الأقصى، فإن هذا بدوره سيدفع المقاومة في غزة للدفاع عن المقدسيين، وتثبيت معادلة الردع التي اكتسبتها من "سيف القدس".

الإمارات:

في مقابل مشهد "الصمود" الذي يصدره الشعب الفلسطيني، هناك صورة أخرى مضادة إلى حد بعيد تصدرها أنظمة اختارت لنفسها التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي وعلى رأسها الإمارات.

فمنذ إعلان الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، توقيع ما سمي "اتفاقيات أبراهام" بين كل من الإمارات والبحرين من جهة، وكيان الاحتلال من جهة أخرى، في سبتمبر/أيلول 2020، وقعت الحكومة الإماراتية مع نظيرتها الإسرائيلية العديد من الاتفاقيات في مختلف المجالات، على المستوى التجاري والصناعي والعسكري والتكنولوجي، حتى طالت الدين والثقافة والتعليم والرياضة.[16]

وخلال شهر أبريل، أعلنت الإمارات عن خطوات إضافية على طريق توثيق تحالفها مع الكيان. من ذلك، توقيع اتفاقية تجارة حرة بين الطرفين، واتفاقا لتسهيل حركة السفر والنقل بينهما.[17]

ووفق وزير الدولة للتجارة الخارجية الإماراتي، ثاني بن أحمد الزيودي، فإن توقيع الاتفاقية جاء بعد 5 أشهر من المفاوضات.[18] وهي فترة قصيرة جدا، حيث إن الدول عادة ما تدخل في مفاوضات مطولة، ربما تصل لسنوات لتوقيع مثل هذا الاتفاق.

وهو أمر يؤكد هرولة الإمارات نحو دولة الاحتلال، واستغلال الأخيرة لحالة الهرولة هذه لتحقيق أقصى قدر ممكن من المكتسبات.

ويكمل الوزير الإماراتي قوله بأن الاتفاقية تشتمل على عدد من القطاعات المهمة، بما في ذلك التكنولوجيا والزراعة وحلول الطاقة الجديدة، كما تشمل أيضا القضايا المتعلقة بالتجارة في السلع، بما في ذلك التنظيم، والجمارك، وتجارة الخدمات، والتعاون، والمشتريات الحكومية، والتجارة الإلكترونية، وحماية حقوق الملكية.

علاوة على ذلك، فقد أُعلن أن العمل جارٍ على إقناع دول الخليج بإنشاء شبكة قطارات موحدة مع الاحتلال تحمل اسم "قطارات السلام".

ورغم أن مسارعة الإمارات لعقد هذه الاتفاقية مع دولة الاحتلال قد يدلل على أنها مستفيدة بشكل كبير منها –وربما يكون الأمر كذلك جزئيا - فإنه من الواضح أن "إسرائيل" ستكون الرابح الأكبر من هذه الاتفاقية، نظرا لعدة أسباب.

فعلى سبيل المثال، يرى "مركز دراسات دول الخليج العربي" أن تقوية العلاقات الاقتصادية بين الجانبين ستمكّن الشركات الإسرائيلية من الاستفادة من الوصول إلى البنية التحتية القوية لنقل البضائع في الإمارات، وفتح الأسواق في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا، وهذا يشمل الهند، وهي مستورد مهم للبضائع الإسرائيلية والإماراتية.

وقد أكد ذلك المحلل الاقتصادي الأردني، نمر أبو كف، الذي قال إن "إسرائيل ستكون المستفيد الأكبر من الاتفاقية، ليس فقط لأن أبوظبي ستضخ مليارات الدولارات، وإنما لأنها ستوفر سوقا جديدة للمنتجات الإسرائيلية".

وأضاف أن الاتفاقية ستكون بوابة المنتج الإسرائيلي ليس فقط لسكان الإمارات الذين يقاربون الـ11 مليونا، وإنما لنحو 50 مليون إنسان يعيشون في منطقة الخليج؛ وذلك لأنه لا توجد ضمانات تمنع تسرب البضائع الإسرائيلية إلى دول الخليج الأخرى.[19]

كما يرى أبو كف أن هذه الاتفاقيات ستعزز قدرة الاحتلال الاقتصادية ومن ثم العسكرية والسياسية، وتزيد من قدرتها على الضغط على الفلسطينيين، بل والضغط على مزيد من الدول العربية لتحقيق مصالح أمنية وعسكرية واقتصادية أيضا .

وأكد أن مكاسب أبوظبي في النهاية "لن تقارن بمكاسب دولة الاحتلال التي ربما تتحول لاحقا إلى المُصدّر رقم واحد للإمارات في العديد من السلع"، ومشددا أن هذا الأمر "ستكون له تداعيات سياسية كبيرة وسيعزز قوة "تل أبيب" على حساب الدولة الخليجية بلا شك".

أول حي لليهود في الخليج

وبعيدا عن التعاون الاقتصادي الذي يُمَكِّن إسرائيل في المنطقة، فإن هناك نوعا آخر من التعاون، ربما يكون أكثر خطرا في نظر كثيرين، وهو التغيير الديمغرافي.

فقد كشف الحاخام الأكبر للمجلس اليهودي الإماراتي، إيلي عبادي، عن محادثات جارية بشأن إنشاء حي لليهود على الأراضي الإماراتية، سيكون الأول من نوعه في دول الخليج عامة.

ونقلت صحيفة جيروزاليم بوست عن الحاخام قوله: إن "هناك حوالي 2000 يهودي مقيم في الإمارات، ويمارس 500 يهودي شعائرهم الدينية. وقد تضاعف هذا الرقم منذ توقيع اتفاقيات إبراهيم التاريخية مع الإمارات والبحرين عام 2020".

ويتوقع عبادي أن يتضاعف هذا الرقم أربع مرات خلال السنوات الخمس المقبلة، قائلا : "هذا يعني أن الوقت قد حان ليكون لدى الإمارات حي يهودي، به فنادق ومراكز تسوق ومدارس ومعبد".[20]

وأردف: "سنشهد المزيد من دور العبادة والمدارس -من الحضانة إلى التعليم العالي- والطقوس اليهودية، ومؤسسات طعام الكوشر (الأكل الخاص باليهود)، ومركز مجتمعي".

وتابع: "ما نحتاجه هو حي يهودي ومنازل خاصة، ووحدات سكنية، وفنادق، ومراكز تسوق، وقد تحدثت مع عدد قليل من مطوري العقارات حول هذا الموضوع. هذا شيء أتطلع إليه والمحادثات جارية".

ولا يخفى على المختصين أن السماح للإسرائيليين بتأسيس قواعد اجتماعية لهم بشكل دائم يعرض دولة صغيرة المساحة وقليلة في عدد سكانها كالإمارات لخطر التغيير الديمغرافي على المدى البعيد، خصوصا إذا أخذنا في الاعتبار أن النظام الإماراتي منفتح على فكرة تجنيسهم.

ففي فبراير/شباط 2021، قالت صحيفة هآرتس العبرية، إنّ النظام الحاكم في الإمارات استهدف الإسرائيليين بتعديل قوانين منح جنسية الدولة. وقالت الصحيفة إن الحصول على جنسية الإمارات "فرصة للإسرائيليين، ليس فقط للعمل في أبو ظبي، بل للحصول على جنسية ستمكّنهم من زيارة دول محظور عليهم زيارتها".[21]

أضف إلى ذلك ما نشره موقع إماراتي في يوليو/تموز 2021، نقلا عما وصفها بـ"المصادر الموثوقة" من أن نحو 5 آلاف إسرائيلي حصلوا على الجنسية الإماراتية خلال ثلاثة أشهر بعد تعديل قوانين منح الجنسية في الدولة.

وأردف الموقع حينها أن المصادر كشفت أنّها اطّلعت على وثائق تفيد بإقبال واسع من الإسرائيليين تحت غطاء الاستثمار في الإمارات، بخاصة في إمارتَيْ دبي وأبو ظبي.[22]

وفي ظل هذه المعطيات، يمكن القول إن الخوف من أن يحدث تغيير ديمغرافي في الإمارات خلال سنوات له مبرراته الواقعة. ويزداد هذا التخوف حين يؤخذ في الحسبان أن إرساء قواعد ثابتة للإسرائيليين في الإمارات لن يقتصر تأثيره داخل حدود الإمارات نفسها، بل سيتعدى إلى الدول الخليجية الأخرى، بحكم الجغرافيا المتلاصقة.

وما يؤكد وجود هذا التهديد هو أنه كان حاضرا في المحادثة الهاتفية التي جمعت وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، بنظيره الإماراتي، عبد الله بن زايد، في التاسع من أبريل/نيسان.

 فرغم محادثات التقارب بين الطرفين التي تجرى أخيرا انتقد الوزير الإيراني –ولو بشكل غير مباشر- سياسة الإمارات في فتح أبوابها على مصراعيها للإسرائيليين.

وقال "عبد اللهيان": "لا نتمنى سوى الخير والأمن والتقدم لجيراننا والمنطقة والإمارات، لكن الصهاينة كانوا وما زالوا أصل انعدام الأمن"، معتبرا أن "وجود الكيان يهدد جميع الدول الإقليمية".

وهو ما جعل ابن زايد يرد عليه مدعيا أن "الإمارات لن تسمح لأي طرف بالقيام بأعمال تخريبية أو استفزازية انطلاقا من أراضيها ضد الدول المجاورة لها".[23]

تمويل برنامج تجسس إسرائيلي

ومما قد يساعد في فهم التحالف الإماراتي-الإسرائيلي الذي تشكل ويتوسع بشكل متسارع هو أن هناك مصلحة مشتركة بين الطرفين. فالإمارات وهي الداعم الأول للثورات المضادة في المنطقة العربية ترى في "إسرائيل" أنها تشاركها التوجهات ذاتها.

وشكلت لحظة الربيع العربي خطرا على الطرفين، ونظرت كل من أبو ظبي و"تل أبيب" إلى موجة الثورات على أنها تهديد وجودي لهما، لذا جمعهما التحالف على وأد هذه الثورات قبل أن تتمكن من إحداث تغيير حقيقي في أنظمة الحكم.

وخلال أبريل، كشف تقرير نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية جزءا من هذه المصلحة المشتركة بين الطرفين. وهو التحالف على استهداف الناشطين الثوريين، والعاملين في مجال حقوق الإنسان، باستخدام برامج تجسس إسرائيلية.

وتستفيد الإمارات من هذه التكنولوجيا في ضرب معارضيها، وهي الاستفادة ذاتها التي تحصلها دولة الاحتلال، بالإضافة إلى الفائدة الاقتصادية التي تعود عليها من بيع هذه البرامج.

وقالت الصحيفة إن شركة "مبادلة كابيتال" الاستثمارية، المملوكة لحكومة أبوظبي، تستثمر في شركة الهايتك والبرمجية الإسرائيلية "إن إس أو" منذ عام 2019.

 وهي الفترة ذاتها التي تتبّع فيها برنامج التجسس "بيغاسوس" التابع للشركة هواتف الصحافيين وناشطي حقوق الإنسان.[24]

وتعتبر "مبادلة كابيتال" وحدة من صندوق قيمته 243 مليار دولار ويترأسه ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، وهي واحدة من أكبر المستثمرين في الأسهم الخاصة، واشترت "أن أس أو" قبل ثلاثة أعوام وفق ثلاثة مصادر على معرفة بالأمر.

ورغم أن هذا ليس هو التقرير الأول الذي يكشف صلة نظام أبوظبي ببرنامج التجسس الإسرائيلي، فإنه كشف أن هذه العلاقة متقدمة على توقيع اتفاقيات التطبيع نفسها، فقد استُخدمت أموال الحكومة الإماراتية في شراء شركة إسرائيلية لتصنيع الأسلحة الإلكترونية، في 2017.

وقالت الصحيفة البريطانية إن التزام الشركة بالمساهمة بقيمة 50 مليون يورو في صندوق الأسهم الخاصة "نوفالبينا كابيتال" جاء في 2017، قبل أن يستحوذ على مجموعة "إن إس أو".[25]

وهذا بدوره يؤكد أن ما جرى من توقيع لاتفاق التطبيع في 2020، لم يكن إلا إعلانا لما هو موجود بين الطرفين بالفعل من علاقات وتعاون ظل سريا لسنوات.

اليمن:

شهد المشهد السياسي اليمني تغيرا مهما خلال أبريل، حين أعلن الرئيس عبد ربه منصور هادي، في السابع من الشهر نفسه، إعلانا رئاسيا نقل بموجبه صلاحياته كافة إلى مجلس قيادة رئاسي، على رأس أولوياته السعي لإنهاء الحرب من خلال التفاوض مع مليشيا الحوثي.

وقد جاء هذا القرار بُعيد قرار آخر قضى بإعفاء نائبه، علي محسن الأحمر، من منصبه، الأمر الذي يشير إلى انتهاء مرحلة، وبداية أخرى، قد ترسم مستقبل البلاد لسنوات.[26]

وبدءا بتركيبة المجلس، فقد عُيّن نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الأسبق اللواء، رشاد العليمي، رئيسا له. وضم المجلس كلا من سلطان علي العرادة، وطارق محمد صالح، وعبد الرحمن أبو زرعة، وعبدالله العليمي باوزير، وعثمان حسين مجلي، وعيدروس قاسم الزبيدي، وفرج سالمين البحسني.

وكان نصفهم من الشمال، بما فيهم رئيس المجلس، والنصف الآخر من الجنوب، بما فيه الزبيدي رئيس ما يطلق عليه المجلس الانتقالي الجنوبي.[27]

أما فيما يخص صلاحيات المجلس، فقد بدا الرئيس هادي في خطاب تسليم صلاحياته وكأنه يكتب دستورا جديدا للبلاد، حيث إنه ذكر اختصاصات المجلس بشكل مفصل.

وهو ما أعطى انطباعا أنه يستبدل كل الصلاحيات المخولة للرئيس في الدستور، بأخرى حددها في الخطاب. وقد جاءت الصلاحيات كالتالي:

القيادة العليا للقوات المسلحة، وتمثيل الجمهورية في الداخل والخارج، وتعيين محافظي المحافظات ومدراء الأمن وقضاة المحكمة العليا ومحافظ البنك المركزي، بعد التشاور مع رئيس مجلس الوزراء، على أن يجرى التوافق على الأسماء مع أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، بالإضافة إلى التصديق على الاتفاقيات التي لا تحتاج إلى تصديق مجلس النواب بعد موافقة مجلس الوزراء.[28]

هذا علاوة على إنشاء البعثات الدبلوماسية وتعيين واستدعاء السفراء طبقا للقانون، ودعوة مجلس الوزراء إلى اجتماع مشترك مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي كلما دعت الحاجة إلى ذلك، وإعلان حالة الطوارئ والتعبئة العامة وفقا للدستور والقانون ما لم ير مجلس القيادة الرئاسي بأغلبية الثلثين عدم الإعلان، والدعوة إلى انعقاد الجلسات الاعتيادية وغير الاعتيادية لمجلس القيادة الرئاسي.[29]

وفيما يخص المهام التي كلف بها "هادي" المجلس لينجزها خلال الفترة القادمة، فهي: اعتماد سياسة خارجية متوازنة، وتيسير ممارسة الحكومة لاختصاصاتها بكامل صلاحياتها طوال المرحلة الانتقالية واعتماد السياسات اللازمة لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب في جميع أنحاء الجمهورية اليمنية.

كما تضمنت المهام تشكيل اللجنة الأمنية والعسكرية المشتركة لتحقيق الأمن والاستقرار من خلال اعتماد السياسات التي من شأنها أن تمنع حدوث أي مواجهات مسلحة في أنحاء الجمهورية كافة.

هذا بالإضافة إلى تهيئة الظروف واتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق تكامل القوات المسلحة تحت هيكل قيادة وطنية موحدة في إطار سيادة القانون، وإنهاء الانقسام في القوات المسلحة ومعالجة أسبابه، وإنهاء جميع النزاعات المسلحة، ووضع عقيدة وطنية لمنتسبي الجيش والأجهزة الأمنية، وأي مهام يراها المجلس لتعزيز الاستقرار والأمن، وتعزيز المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات كافة وتحقيق الشراكة الواسعة.[30]

لكن ربما كانت الإشارة الأبرز هنا هي تكليف "هادي" للمجلس بأن يضع في مقدمة أولوياته التفاوض مع الحوثيين لوقف إطلاق نار دائم في أنحاء الجمهورية كافة والجلوس على طاولة المفاوضات للتوصل إلى حل سياسي نهائي وشامل يتضمن مرحلة انتقالية تنقل اليمن من حالة الحرب إلى حالة السلام. وهنا يتبين الدور السعودي في قرار هادي.[31]

إجبار على الاستقالة

كما هو معلوم، فقد تدخلت السعودية في الساحة اليمنية عام 2015، لمقاومة مليشيا الحوثي المنقلبة على الشرعية في اليمن، ولإعادة الحكومة إلى العاصمة صنعاء.

ومنذ ذلك الوقت، يلعب التحالف السعودي الإماراتي دورا مؤثرا في الأحداث، سواء السياسية أم الميدانية. كذلك، فإن الرئيس اليمني نفسه ما زال مقيما في المملكة منذ انقلاب الحوثي، ما يعطي النظام يدا للتأثير على صانع القرار اليمني.

وتعد السعودية الدولة الأبرز في التأثر بهذه الحرب على المستويات كافة، السياسية والأمنية والاقتصادية، بعد اليمن نفسه. فقد نالت الدولة الخليجية انتقادات غربية لاذعة جراء الانتهاكات التي جعلت من الأزمة اليمنية الأسوأ في العالم، وفق وصف الأمم المتحدة.[32]

وتطورت هذه الانتقادات فيما بعد إلى فرض حظر من بعض الدول -وعلى رأسها الولايات المتحدة- على تصدير بعض الأسلحة إلى المملكة.[33]

وكذلك، فإن الأراضي السعودية نفسها نالتها صواريخ الحوثي، وباتت المليشيا تصرح بتلك الاستهدافات، الأمر الذي يشكل تهديدا أمنيا متصاعدا على المملكة.[34]

كما تصرف الرياض بشكل سنوي على هذه الحرب مئات المليارات، حتى إن مجلة التايمز البريطانية كانت قد قدَّرت الانفاق المالي عليها بنحو 200 مليون دولار يوميا، أي 72 مليار دولار سنويا و252 مليار دولار خلال سنوات الحرب.

فيما تقدر مجلة فورين بوليسي تكلفة الحرب التي تكبدتها السعودية في الأشهر الستة الأولى فقط والمتعلقة بالصفقات العسكرية حوالي 725 مليار دولار.[35]

لذلك يمكن القول إنه من الصعب جدا تصور أن التغيرات الأخيرة على الساحة اليمنية جاءت دون تدخل من التحالف السعودي. وهذا ما أكّدته مجلة "ذا ناشونال إنترست" في تقرير نشرته في 17 أبريل 2022.[36]

وإذا ما أضفنا إلى ذلك التطورات الأخيرة من وقف لإطلاق النار الأخير بين ميليشيات الحوثي في صنعاء والتحالف السعودي، وإعادة الفتح الجزئي لمطار صنعاء، فإنه يتضح أن تنحية "هادي" عن المشهد جاءت على الأقل بتنسيق مع السعودية، التي تسعى لغلق ملف حرب اليمن.

ويؤيد ذلك أن خطاب "هادي" شدد على الانخراط في مفاوضات مع الحوثيين لإنهاء الحرب، وهو نفس الاتجاه الذي تدفع فيه المملكة.

بل إن البعض ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك عبر التأكيد أن النظام السعودي قد أجبر الرئيس اليمني على الاستقالة ومارس عليه ضغوطا منها ووضعه قيد الإقامة الجبرية،[37] وأن خطاب "هادي" نفسه كتبه سعوديون، وليس يمنيين.

ودللوا على ذلك بأن لغة الخطاب جاءت مغايرة للمتعارف عليه من المصطلحات القانونية التي تستخدمها الرئاسة اليمنية، كتسمية القرار الجمهوري الذي أصدره باسم "إعلان"، واستخدام عبارة "ما هو آت" للإشارة إلى تفاصيل القرار.[38]

تأثيرات تنحية الرئيس عن المشهد

يجادل بعض المراقبين للمشهد اليمني أن تنحية الرئيس اليمني عن منصبه وتكوين مجلس رئاسي من مختلف يجمع بين الجنوب والشمال من شأنه أن يصب في صالح المسألة اليمنية، ذلك أن حكومة "هادي" اتسمت بالضعف وعدم الفعالية لسنوات.

 كما أن اتفاق مختلف الأطراف اليمنية على هيئة موحدة لحكم البلاد تجمع الطرفين سيساهم في خلق حالة من التوافق تسهل من عمل الحكومة في مختلف المناطق اليمنية.[39]

 وربما يكون ذلك صحيحا من زاوية، لكن من زاوية أخرى، يبدو أن اختلاف مكونات المجلس الرئاسي بين الجنوب والشمال سيكون عائقا للتقدم أكثر من كونه محفزا، لأن كل فريق له 4 أعضاء في المجلس، ما يعني أنه لا يوجد مرجح بين الطرفين إذا اختلفا على القرارات، وهو الأمر المتوقع؛ نظرا لاختلاف أجندة كل طرف عن الآخر.

علاوة على ذلك، فإن الأمر وإن بدا على أنه نقل للسلطة وتفويضها بشكل قانوني، فإن البعض يشكك في دستورية القرارات، وخصوصا ما نص عليه الرئيس من صلاحيات للمجلس الرئاسي.

وربما النقطة الأهم هنا في مسألة الشرعية هي أنه بات هناك اعتراف رسمي من قبل الحكومة بـ"كوتا" المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي له 4 أعضاء في المجلس الرئاسي المشكل حديثا .

وهذا بالطبع يضعف شرعية معسكر الحكومة، لصالح الجنوب اليمني الساعي للانفصال عن الدولة بدعم من النظام الإماراتي.

فعلى فرض اختلاف مكونات المجلس بعد فترة –وهذا له مقدماته- فإن التشكيلة الجديدة للسلطة السياسية تُمَكِّن أعضاء المجلس الانتقالي الجنوبي من الانشقاق عن المجلس الرئاسي بنصف عدد أعضائه الكلي.

وهو أمر يعني أن المشهد حال حدوثه سيكون انقسام السلطة على نفسها بنفس عدد الأعضاء، ونفس المستوى من الشرعية السياسية.

لكن في المقابل، فإن الرئيس هادي كان هو الممثل الشرعي لكل الدولة اليمنية، حيث أتى للسلطة عن طريق انتخابات بغالبية أصوات بلغت 99.8 بالمئة، حين كان هو المرشح الوحيد للرئاسة، لخلافة المخلوع علي عبدالله صالح في إطار اتفاق انتقالي أعدته دول الخليج، وعلى رأسها السعودية.[40]

 كما أن الرئيس هادي كان هو الممثل الوحيد الشرعي لليمن ككل في المحافل الدولية والإقليمية طيلة السنوات الماضية.

أما وقد جرى تقسيم هذه الشرعية بين ثمانية أفراد، كل أربعة منهم لهم أجندة خاصة تتعلق بمصير البلد ككل، فإن احتمال الاختلاف بينهما كبير. وفي هذه النقطة ربما تتكشف إحدى سلبيات التوجه السعودي الأخير بإقالة هادي وتعيين مجلس محله.

رد فعل مليشيا الحوثي

وبدورها، رفضت مليشيا الحوثي تعيين مجلس رئاسي لليمن، معتبرة أنّ ذلك "محاولة يائسة لمزيد من التصعيد".

وقال الناطق باسم المليشيا محمد عبد السلام، عبر حسابه على "تويتر" إن "طريق السلام يكون بوقف العدوان ورفع الحصار وخروج القوات الأجنبية من البلاد".

وأضاف أن ما "دون ذلك محاولة يائسة لإعادة ترتيب صفوف الأطراف (الموالية للحكومة) للدفع بهم نحو مزيد من التصعيد". وتابع: "شعبنا اليمني ليس معنيا بإجراءات غير شرعية صادرة خارج حدود وطنه من جهة غير شرعية".[41]

كذلك، صرح فهمي اليوسفي نائب وزير الإعلام في حكومة الحوثيين، أن حكومته غير معنية بقرار تشكيل مجلس قيادة رئاسي، معتبرا أن السعودية تحاول من خلال هذه القرارات "الهروب من تحمل المسؤولية حول الجرائم التي ارتكبت في اليمن.[42]

وقد يكون موقف الحوثيين متفهما هنا في سياق أن هذه ورقة تفاوضية، وأنه ليس متوقعا أن يصدر منهم اعترافا مجانيا بالسلطة الجديدة، في ظل المساعي الرامية إلى إنهاء الصراع والجلوس على طاولة المفاوضات.[43]

لذا، فإن الحوثيين يحاولون ممارسة أقصى الضغوط على جناح الشرعية للخروج بأكبر قدر ممكن من المكتسبات. ومن المتوقع أن يستمر موقف المليشيا حتى الوصول إلى حلول حقيقية تحلحل الأزمة بينها وبين معسكر الشرعية.

مصر:

منذ نحو عام، ونظام قائد الانقلاب في مصر، عبد الفتاح السيسي، يحاول تحسين صورته عالميا لتفادي الصدام مع قيادة الولايات المتحدة الأميركية. فبعد صعود جو بايدن، إلى رئاسة الولايات المتحدة، حاولت بعض الأنظمة العربية تنفيذ إصلاحات شكلية في المجال الحقوقي.

فعلى سبيل المثال، أفرج ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، عن الناشطة، لجين الهذلول، بعد حوالي 3 سنوات قضتها في سجون المملكة.[44]

وفي مصر، أفرج السيسي عن بعض الوجوه السياسية والصحفية، كالناشطة إسراء عبد الفتاح، بعد مكوثها قرابة عامين في الحبس الاحتياطي، والناشطة والمحامية ماهينور المصري، والصحفي مصطفى الأعصر، ومعتز ودنان، وغيرهم.[45] لكن هذه الإجراءات تبدو "شكلية" فقط، بهدف تحسين صورة النظام خارجيا .

وما يدلل على ذلك، هو أن أعداد المعتقلين في مصر تقدر بـ 65 ألف معتقل ومعتقلة، وفق تقرير أصدرته الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، في أبريل 2021.[46] وبالتالي، فإن الإفراج عن بضعة عشرات منهم لا يكفي للقول إن هناك "إصلاحات حقوقية" بمفهومها الشامل.

علاوة على ذلك، فإنه في الوقت الذي يفرج فيه النظام المصري عن أحد المعتقلين، فإنه في المقابل يعتقل آخرين. بل إن سياسة الاختفاء القسري والتعذيب والقتل خارج نطاق القانون التي ينتهجها النظام المصري ما زالت مستمرة حتى الآن.

وربما أقرب دليل على ذلك هو الوفاة غير الطبيعية التي تعرض لها الباحث الاقتصادي، أيمن هدهود في 9 أبريل 2022 بعد اختفائه قسريا على يد أجهزة الأمن منذ أوائل فبراير من ذات العام.[47]

وكعادة السلطات المصرية في مثل هذه القضايا، فإن الرواية التي قدمتها لم تكن مقنعة للعامة، حيث ادعت السلطات أن وفاة الباحث الاقتصادي جاءت طبيعية، بعد إيداعه مشفى للأمراض العقلية، بسبب تصرفات غير طبيعية صدرت منه.[48]

وندما ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بخبر وفاة "هدهود"، مشككين في رواية السلطة، أصدرت وزارة الداخلية بيانا عن الوفاة لإثبات ادعاءاتها.

وقالت الوزارة إن القبض عليه جاء بسبب بلاغ من حارس أحد العقارات بمحاولته اقتحام أحد المنازل، ومناداته باسم إحدى السيدات، إذ عرض على النيابة التي وجدت حالته النفسية غير متّزنة وثمة صعوبة في استجوابه، فحوّلته إلى المستشفى.

وأصدرت النيابة العامة بيانا في 12 أبريل يؤكد سيناريو اهتزاز الحالة النفسية لهدهود، واحتمالية وفاته بسبب إصابته بفيروس كورونا.[49]

لكن السلطات المصرية عادت وأصدرت بيانا آخر ادعت فيه انتفاء الشبهة الجنائية بعد تشريح الجثة، مشيرة إلى احتمالية وفاته بسبب مرض مزمن في القلب.

لذا، فإن هذا التغير في رواية الداخلية المصرية، وهذه الفجوات والأسئلة التي تُركت دون إجابة، أكدت بشكل أو بآخر أن وفاة الباحث –خريج الجامعة الأميركية- لم تأت على نحو طبيعي.[50]

ومن الأسئلة التي تُركت دون إجابة في هذا السياق هو لماذا تأخرت السلطة في إعلان وفاة "هدهود"؟. فحسب الرواية الرسمية، فإنه تُوفي في 5 مارس، ولم يعلن عن ذلك إلى بعد شهر ونيف، ما يضع الكثير من علامات الاستفهام حول حقيقة رواية السلطة.

كذلك، فإنه عند اختفاء "هدهود"، سألت عليه أسرته، ليجري إخبارها أنه محتجز في أحد مقارّ الأمن الوطني في القاهرة، حيث أُخبروا أنّه سيخرج خلال يومين. والمعلوم أن اختصاص جهاز الأمن الوطني هو القضايا السياسية وليست الجنائية. فلماذا احتجز "هدهود" لدى الجهاز المذكور إذا كانت تهمته محاولة اقتحام أحد المنازل (وهي تهمة جنائية صريحة)؟[51]

أضف إلى ذلك أن رواية الشرطة لم تُعدم فجوات كثيرة تجعل تكذيبها أقرب من تصديقها ولو بالحد الأدنى.

فمن هي السيدة التي حاول اقتحام منزلها؟ ولماذا لم يذكر اسمها في محاضر وبيانات النيابة العامة؟ ولماذا لم يجر تعريف الأسرة بعرض هدهود في مكانه، وموعد تحقيق النيابة العامة معه، لكي يزوروه ويعينوا محاميا له؟

ولماذا حاولت المستشفى استصدار أمر بدفن "القتيل" في مقابر الصدقة، التي يدفن فيها المجهولون، رغم وجود محضر يتضمّن بياناته الرسمية؟[52]

وبالرجوع إلى موقف "هدهود" من السلطة في مصر، وإلى سوابق النظام المصري في قتل المختفين قسريا، يتبين أن الباحث الاقتصادي كان ضحية تعذيب تعرض له على يد أجهزة النظام، ولم يستطع تحمله.

وكان أيمن هدهود معروفا بمعارضته لسياسات النظام المصري، وجولة سريعة في حسابه على موقع "فيسبوك" تدلل على ذلك.[53] والنظام –بدوره- له سوابق في قتل من اعتقلهم تحت التعذيب.

من ذلك، المواطن المصري خالد سعيد، الذي كانت وفاته أحد أسباب اشتعال فتيل ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011. حتى أن النظام المصري ادعى حينها أنه توفي إثر بلع لفافة من المخدرات.[54]

أضف إلى ذلك، ما حدث مع الباحث الإيطالي، جوليو ريجيني، الذي ما زالت قضيته جارية حتى الآن. فقد اختفى قسريا في 25 يناير 2016، ثم عُثر عليه جثته مشوهة في صباح 3 فبراير في منطقة صحراوية بمدينة 6 أكتوبر بالقاهرة.[55]

وبعد تحقيق أجرته السلطات الإيطالية في القضية –استمر لسنوات- اتهمت روما أربعة ضباط أمن مصريين، منهم ضباط كبار في "قطاع الأمن الوطني" المنتهِك، باختطاف وتعذيب وقتل ريجيني، وهم: اللواء طارق صابر، والعقيد آسر كامل محمد إبراهيم، والنقيب حسام حلمي، والرائد مجدي إبراهيم عبدالعال شريف.[56]

لذلك، فإن كثير من المراقبين والمتابعين للشأن المصري يؤكدون أن ما حدث مع "هدهود" شبيه لما جرى لخالد سعيد وريجيني، سواء في طبيعة الوفاة ذاتها، أم في محاولات النظام للتغطية على قتل من أخفاهم قسريا .

وبعيدا عن التحليل، فهناك صور مسربة تُظهر جثة "هدهود" وفيها بوضوح آثار للضرب وكدمات وقرح بالوجه وكسر بالأنف والجمجمة، ما يشير بقوة إلى أنه تعرض لإصابات عديدة قبل وفاته، وإلى الإيذاء الممنهج المتكرر الذي تعرض له في آخر أيام حياته.[57]

وعلى هذا، فإن كل المؤشرات تؤيد بعضها بعضا، بحيث لا تدع مجالا للشك أن "هدهود" قُتل تحت التعذيب، وأن ما دون ذلك هي محاولات لتضليل الرأي العام.

وعَودا إلى سياسة الانفتاح والحوار المجتمعي التي يدعي السيسي تنفيذها، فإن منصب "هدهود" الحزبي يشكك بشكل واضح فيما يزعمه قائد الانقلاب.

فالباحث المتوفى كان عضوا في الهيئة العليا لحزب الإصلاح والتنمية الذي يرأسه النائب السابق، محمد أنور السادات، الذي يعمل داخل السلطة على ملف المعتقلين السياسيين، ويعد أحد أصحاب الحظوة لدى النظام الحاكم في مصر.[58]

لذلك، فإن انتقام السلطة من شخص يعد قريبا بشكل أو بآخر من أحد حلقاتها يدلل على عدم جديتها في أي حوار سياسي، ويفتح الباب أمام السؤال حول مصير من يختلفون مع النظام بشكل جذري، ويرون أنه قائم على انقلاب عسكري لا شرعية دستورية له، إذا كان ذلك هو مصير مَن له علاقة وثيقة بمن يهتم بالملف الحقوقي داخل دوائر النظام.


المحور الثاني: السياسة الدولية والمنطقة

تعد نتيجة الانتخابات الرئاسية الفرنسية أحد أبرز الأحداث على الساحة السياسية الدولية خلال أبريل. ونظرا لطبيعة المتنافسين في تلك الانتخابات، وكذلك للعلاقات الوثيقة التي تربط الجمهورية الفرنسية بالمنطقة العربية، يناقش التقرير انعكاسات تلك النتيجة على عدد من الملفات الساخنة في المنطقة.

أولى هذه الملفات هو الملف الليبي، المستمر منذ عشر سنوات. وثانيها الملف السوري، وثالثها الشأن اللبناني، كما عرج التقرير على التطورات الإيجابية المرتقبة بين الجزائر وفرنسا، عقب تهنئة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ودعوته لزيارة بلاده قريبا.

كما يحلل التقرير ارتفاع شعبية اليمين المتطرف في فرنسا، طبقا لما أظهرته نتيجة الانتخابات الرئاسية الفرنسية، وآثار ذلك المرتقبة على المنطقة العربية.

ويُختتم هذا المحور بعرض التوترات الحادثة بين واشنطن والرياض، إثر رسالة وجهها 30 مشرعا أميركيا إلى إدارة بايدن، للمطالبة بإعادة تقييم العلاقات مع السعودية، وكذلك بعد تقرير استخباراتي مهم سلمته وكالة الاستخبارات الأميركية إلى مكتب الرئيس ركز على السياسات العدائية التي ينتهجها ولي العهد محمد بن سلمان تجاه الولايات المتحدة، وكيفية مواجهتها.

انعكاسات فوز ماكرون على الملف الليبي

بعد نحو عقد من الزمان على بدء الحرب الليبية، كان ولا يزال الجزء الأكبر من الأزمة الليبية معزوا إلى تقاذف وتجاذب المصالح بين الأطراف الخارجية المتشابكة في الشأن الليبي، ولذلك، بقي هذا الملف متأثرا بشكل أو آخر بالتطورات السياسية الحادثة في تلك الدول.

أحد أبرز تلك الدول هي فرنسا، حيث إنها أحد أهم الداعمين لانقلاب الجنرال خليفة حفتر عام 2020، والحملة الفاشلة التي شنها للسيطرة على طرابلس والانقضاض على الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، ممثلة آنذاك في حكومة الوفاق الوطني، برئاسة فايز السراج.[59]

وكان الحدث الأبرز داخل فرنسا في أواخر أبريل، هو الانتخابات الرئاسية التي أسفرت عن فوز الرئيس إيمانويل ماكرون بولاية ثانية، كأول رئيس يُعاد انتخابه لفترة ثانية منذ عقدين، بنسبة تبلغ نحو 58 بالمئة، في حين حصلت منافسته الخاسرة، مارين لوبان، مرشحة أقصى اليمين المتطرف، على نحو 42 بالمئة من أصوات الناخبين[60].

يعتقد البعض أن تجديد رئاسة ماكرون ستحرك المياه الراكدة في عدة ملفات أوروبية وإقليمية؛ وعلى رأسها الملف الليبي، باعتبار أن فرنسا إحدى أهم الدول المؤثرة في سياسات الاتحاد الأوروبي، بل تعتبر في بعض القضايا القاطرة الفعلية للسياسات الأوروبية.[61]

لكن آخرين يعتقدون أن الملف الليبي غير مرتبط بشكل كبير بنتيجة الانتخابات الرئاسية، باعتباره ملفا إستراتيجيا بالنسبة للدولة الفرنسية، لكونه منطقة نفوذ تؤثر بشكل كبير على المصالح الفرنسية، نظرا لأن ليبيا هي المدخل الرئيس لضمان الاستقرار في منطقة ما وراء الصحراء، التي تمثل أهمية جيوسياسية وإستراتيجية واقتصادية لفرنسا. وبالتالي، حسب وجهة نظرهم، لن تؤثر النتيجة على الوضع الليبي في شيء.[62]

لكن وبالنظر إلى وجهتي النظر السابقتين، فلا تعارض بينهما كبير، حيث إن الأهمية الإستراتيجية للملف لا تعني أن هوية القابع في قصر الإليزيه وخلفيته الحزبية والأيديولوجية غير مؤثرة في السياسات تجاهه. فكلا المرشحيْن كانا سيوليان اهتماما بقدر أو آخر بالملف الليبي، لكن الاختلاف سيكون في موضعه وترتيبه على سلم الأولويات.

فعلى سبيل المثال، كانت تنتوي لوبان انتهاج سياسات قد ينتهي بها المآل إلى صدام حقيقي مع القارة العجوز، وقد يكون الخروج أو الطرد من المنظمة الأوروبية بشكل كامل؛ حيث وعدت لوبان بتقليص سلطات الاتحاد الأوروبي، لمصلحة ما اعتبرته "الدولة الوطنية".

كما أنها تدعو إلى "إنشاء تحالف أوروبي للأمم يهدف إلى استبدال الاتحاد الأوروبي تدريجيا "، وإفساح المجال لتحالف أوسع مع دول صديقة أخرى مثل المجر وبولندا.

وأعلنت لوبان بالقول: "نريد رد منح الدول ذات السيادة المزيد من الصلاحيات وللاتحاد الأوروبي القليل من الصلاحيات التي استحوذ عليها بنفسه"، إضافة إلى تعهدها بخفض مساهمة فرنسا في الاتحاد الأوروبي، والبالغة خمسة مليارات يورو.[63]

وبشأن ما إن كان يتعين على فرنسا الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، قالت لوبان لمجلة "تايم" الأميركية: "يمكن للفرنسيين إعادة تقييم وجودهم في أي منظمة دولية يختارونها". وهذا القرار، حال حدوثه، فإن من شأنه إعادة هيكلة المنظومة الأوروبية بشكل جذري، مع تداعيات دراماتيكية في جميع أنحاء العالم[64].

لكن على الجانب الآخر، يدافع ماكرون عن تعزيز الموقف الأوروبي في غالب القضايا، سواء السياسية أو الاقتصادية أو الدفاعية أو الاجتماعية، وكذلك يتبنى الدفاع عن الوجود الجيوسياسي للاتحاد الأوروبي أمام الولايات المتحدة والصين.

وصرح ماكرون: "فرنسا التي تتمتع بتكافؤ الفرص والسلطة والاستقلال الاقتصادي لا يمكن أن تتحقق إلا إذا كانت أقوى في أوروبا".[65]

كذلك فإن أحد أهم هذه السياسات هو الموقف من الحرب الروسية الأوكرانية، فلوبان مشهورة بتعاطفها وقربها من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.

وأكدت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، أن المرشحة اليمينية كانت ستتبع سياسات تضعف جبهة الحلفاء الموحدة لإنقاذ أوكرانيا من هجوم روسيا، وكانت ستعرض على بوتين خرقا لاستغلاله في أوروبا، وستعوق سياسات الاتحاد الأوروبي، الذي كان مدفوعا دوما بالتزام فرنسي ألماني مشترك تجاهه.

ومما يدل على الأثر الكبير الذي كان سيحدثه فوز لوبان على المشهد الأوروبي ككل، تصريح المستشار الألماني، أولاف شولتز، بأن فوز ماكرون كان "تصويتا على الثقة في أوروبا".

كما اعتبرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أنه إذا كان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ضربة للوحدة، فإن شبه خروج قومي فرنسي من الاتحاد، على النحو المنصوص عليه في مقترحات لوبان، كان سيترك الكتلة الأوروبية في حالة تأهب.[66]

كل ما سبق ذكره من خلافات جوهرية يرجح أن فوز لوبان كان من الممكن أن يتسبب في أزمة أوروبية كبيرة، كانت ستلقي ظلالها بلا شك على الملف الليبي.

ففوزها كان سيشغل الأوروبيين باحتواء الأزمات التي ستسببها داخل الاتحاد، وسيتراجع الاهتمام الغربي بالداخل الليبي، مما كان سيفسح المجال واسعا أمام الحكومات الاستبدادية في المنطقة العربية للتصرف غير المقيد في الشأن الليبي، من خلال المليشيات والمرتزقة التابعين لها.

ورغم أن فرنسا خصوصا ليست ذات موقف إيجابي في الشأن الليبي، وأن السياسات الأوروبية والأميركية لم تحسم الصراع طيلة السنوات العشر الماضية، فإن توازن القوى وتشابك المصالح وتعقدها بين الأطراف الإقليمية والدولية اضطر جميع الأطراف في النهاية إلى محاولة التهدئة النسبية للصراع المسلح خلال الشهور الأخيرة.

وبالتالي، فإن الاختلال في موازين القوى قد يقود في النهاية إلى تجدد وتأزم الصراع مرة أخرى، لتتكرر المواجهات المسلحة التي تضر بالدولة والشعب أيما ضرر.

الملف السوري

وفيما يخص انعكاسات الانتخابات الفرنسية على الملف السوري، فمن الممكن القول إن هذا الملف لم يكن حاضرا في برامج جميع المرشحين، حيث انصب غالب تركيزهم على الحرب الروسية الأوكرانية وارتداداتها على أوروبا وفرنسا، وكذلك الموقف من الاتحاد الأوروبي، فيما غلب الاقتصاد على السياسة في الشأن الفرنسي الداخلي.

لكن اللافت للنظر أن مرشحيْ اليمين رئيسة حزب الجبهة الوطنية اليميني مارين لوبان، ومرشح حزب الاستعادة إريك زيمور، لم يخفيا إعجابهما برأس النظام السوري بشار الأسد، وأكدا دعمه في حال فوزهما، لكن ماكرون بقي على موقفه خلال ولايته السابقة.

بل إن لوبان كانت ستسعى صراحة لإحياء علاقات بلادها مع النظام السوري، حيث اعترفت، خلال مؤتمر صحفي في 13 أبريل أنها طالبت بإعادة العلاقات الدبلوماسية بين فرنسا وسوريا، وقالت ردا على سؤال لأحد الصحفيين: "شعرت بالأسف لانقطاع العلاقات، الأمر الذي جعلنا نصاب بالعمى لا سيما في مجال مكافحة الإرهاب الإسلامي ربما في أخطر لحظة كانت تمر بها البلاد".[67]

وبالتالي، كان نجاح لوبان يعني بشكل أو آخر جرعة أكسجين أخرى تنعش النظام السوري وجميع الأنظمة الديكتاتورية في العالم عموما، والمنطقة العربية بشكل خاص.

 أما تجديد الثقة لماكرون، فيعني استمرار الموقف الفرنسي، المتماهي مع الموقف الأوروبي والأميركي المناهض لنظام الأسد، والمندد بجرائم الحرب التي ارتكبتها قواته ومليشياته.[68]

الشأن اللبناني

أما بخصوص الشأن اللبناني، فليس من المتوقع حدوث تغييرات جوهرية في السياسة الفرنسية تجاه لبنان عقب تجديد ولاية ماكرون، حيث إنه مدرك بشكل جيد للوضع داخل البلاد.

لكن في ذات الوقت، هناك حالة من الترقب لما ستصير إليه نتائج الانتخابات التشريعية في باريس، حيث تخوض الأحزاب معركة انتخابية أخرى، قد تساهم بشكل كبير في تشكيل السياسات الفرنسية خلال الفترة القادمة.

فالاستحقاق التشريعي القادم، المقرر إجراؤه في 12 و19 يونيو/حزيران 2022،[69] لا يقل أهمية عن انتخابات الرئاسة بأي حال من الأحوال، نظرا للصلاحيات الممنوحة للنواب البرلمانيين ودورهم في تمرير القوانين المرتبطة بخطط الإصلاح في البلاد.

وفي الذاكرة الفرنسية تجارب للتعارض بين الرئاسة والسلطة التشريعية، ففي حقبة كل من الرئيسين الراحلين فرانسوا ميتران وجاك شيراك، كان الحزب الاشتراكي من يتولى السلطة في فرنسا، وأتت الانتخابات التشريعية باليمين، وفي مرحلة لاحقة فاز اليسار.

ومن الطبيعي عندما يكون نهج رئيس الوزراء الفرنسي مختلفا عن نهج رئيس الجمهورية، وتضم حكومته عددا لا يستهان به من الوزراء، وتحديدا وزارة الخارجية، فذلك قد يبدّل في الأداء ويغير النظرة في الكثير من الملفات. [70]

تطورات إيجابية في العلاقة بين فرنسا والجزائر

يعد اليمين المتطرف الفرنسي عدوا للجزائر، تماما كما هو خصم لماكرون، وبالتالي، يبدو أن الجزائر هي الأخرى اعتبرت أن فوز ماكرن انتصار لها.

وقد تُرجم هذا الشعور من خلال الدعوة المفاجئة التي قدمها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لنظيره الفرنسي عقب فوزه مباشرة لزيارة الأراضي الجزائرية "قريبا "[71].

ومكمن المفاجأة هنا هو التوترات الشديدة التي حكمت العلاقة بين الطرفين خلال الأشهر الماضية، وتحديدا منذ سبتمبر 2021، بعدما قلصت الحكومة الفرنسية حصة التأشيرات الممنوحة للجزائريين، متذرعة في ذلك بـ "عدم تعاون الجزائر في إعادة مهاجريها غير النظاميين"[72].

وكانت الأزمة الكبرى في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، حين شكك ماكرون في وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي (1830-1962).[73]

وحينها اتخذت الجزائر عددا من الخطوات التصعيدية ضد باريس، التي يبدو أنها لم تكن تتوقعها، فسحبت سفيرها منها للتشاور[74]، وحظرت الطائرات العسكرية الفرنسية من التحليق عبر أراضيها باتجاه مالي[75]، إضافة إلى تقليص شحنات القمح الواردة منها.

ورغم أن العلاقة بين الجزائر وباريس لم تكن في أحسن حالاتها خلال الفترة الأولى من حكم ماكرون، فإن ذلك لم يغير من حقيقة أن فوز لوبان زعيمة كان يمثل أسوأ الاحتمالات بالنسبة للجزائريين.

فالجالية الجزائرية هي الأكبر في فرنسا (منهم نحو 1.2 مليون ناخب له حق التصويت في الانتخابات الفرنسية)، كما أن برنامج لوبان المعادي للمهاجرين والمسلمين يضيق الخناق على تلك الجالية المقدر عددها بنحو 4 ملايين مواطن.[76]

ومن المحتمل أن تكون زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان للجزائر عقب 4 أيام من انتخابات الجولة الأولى للرئاسيات الفرنسية وقبيل 10 أيام من الجولة الثانية، تطرقت لمسألة دعم ماكرون ضد لوبان، من خلال توجيه الجالية الجزائرية التي تملك حق الانتخاب للتصويت لصالح ماكرون.

وما يدعم هذا الاحتمال هو ما أعقب هذه الزيارة، فقد دعا شمس الدين حفيظ عميد مسجد باريس الكبير -الذي تموله الجزائر- المسلمين للتصويت لصالح ماكرون ضد لوبان. ولذلك، تعد هزيمة الأخيرة انتصارا للدولة المغاربية بشكل أو آخر.

إذن، فالجزائر كانت داعمة ضمنيا لماكرون رغم خلافاتها الشديدة معه خلال فترة رئاسته الأولى، وفوزه أمام اليمين المتطرف يعد مكسبا بالنسبة لها.

وهو ما حدا بالرئيس تبون أن يتخذ هذه الخطوة بدعوة ماكرون لزيارة الجزائر من خلال رسالة ودودة عبر فيها عن ارتياحه لجودة "علاقته الشخصية" بماكرون، معتبرا أنها تتسم بـ"الثقة والمودة"[77]، وهو ما يمكن اعتباره طيا لصفحة الأزمة التي اشتعلت بين البلدين منذ عدة أشهر.

ومن المنتظر خلال الفترة الرئاسية الثانية غير القابلة للتمديد أن تتطور العلاقات إيجابيا بين البلدين، نظرا لتحرر ماكرون من الضغوط الانتخابية التي كان يتعرض لها في الفترة الأولى من قبل اليمين المتطرف الذي تتصاعد شعبيته في فرنسا.

خطر اليمين المتصاعد

من ناحية أخرى، وبالرغم من تمكن ماكرون من الحفاظ على مكانه في الإليزيه، فإن نتيجة الانتخابات تحمل في طياتها مؤشرات مقلقة عن صعود شعبية اليمين المتطرف في فرنسا، وهو ما يؤثر -حال استمراره- على سياسات باريس تجاه غالب القضايا الداخلية والخارجية.

فاز ماكرون بحصوله على نحو 58 بالمئة من أصوات الناخبين، بفارق 16 نقطة بينه وبين منافسته الخاسرة التي حصدت 42 بالمئة، لكن النتيجة بالرئاسيات السابقة عام 2017، كانت 66.1 بالمئة لماكرون، ولوبان 33.9 بالمئة، بفارق 32.2 نقطة.[78]

وهو ما يعني أن لوبان -أي اليمين المتطرف- استطاعت تقليص الخسارة بنحو 16 نقطة، وهنا يمكن القول إن شعبيتهم تصاعدت خلال السنوات الخمس الأخيرة بنحو 10 بالمئة، لتقترب من نصف الشعب الفرنسي.

وتعد هذه المرة الأولى في تاريخ اليمين المتطرف التي يحصل فيها على نسبة تتجاوز الـ 40 بالمئة. كما أنه لم يسبق أن صوّت لليمين المتطرف نحو 14 مليون مقترع في أي انتخابات سابقة.

وتعد هذه النسب والأرقام خطيرة للغاية -إن استمر تصاعدها- بالنسبة للمنطقة العربية والمهاجرين في فرنسا، إذا ما نظرنا إلى خطر ما تحمله تلك الأيديولوجيا من أفكار، تعادي المهاجرين عموما، والمسلمين خصوصا، وتدعم الحكومات الاستبدادية الحاكمة بقوة السلاح لشعوب المنطقة العربية.

توترات بين واشنطن والرياض

كان شهر أبريل حافلا بالعديد من التوترات بين الحكومة الأميركية وولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، التي قد تساهم في تقريب مرحلة المواجهة المرتقبة بينهما.

ففي منتصف الشهر، أرسل 30 عضوا بالكونغرس الأميركي رسالة إلى الإدارة مطالبين بإطلاعهم على معلومات حول تقييمها للعلاقة مع السعودية، وكيفية عمل السياسة الحالية تجاه المملكة على تعزيز مصالح واشنطن.

وفي الرسالة الموجهة إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، قال أعضاء الكونغرس: "في الآونة الأخيرة، تشير التقارير إلى أن ولي العهد رفض مكالمة هاتفية من الحكومة لمناقشة الغزو الروسي لأوكرانيا وأزمة النفط اللاحقة".

وأردفت الرسالة: "بدلا من قبول النداءات من حكومتنا لإنتاج المزيد من النفط، وهي خطوة أولية من شأنها أن تخفض الأسعار على الفور للأميركيين، اختارت المملكة الدخول في محادثات مع بكين لمناقشة تسعير جزء من مبيعاتها النفطية إلى الصين باليوان.. وهو اقتراح من شأنه أن يضعف وصول الدولار".

وتابعت الرسالة: "لقد استجابت الحكومات التي شكلت تحالفات حقيقية صلبة مع الولايات المتحدة، جرى تشكيلها في قيم مشتركة من المعايير الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، لنداء العمل في أعقاب الغزو غير المبرر".

وأكدت أنه "لسوء الحظ، لم تسفر علاقتنا الطويلة الأمد مع السعودية عن استجابة مماثلة. إن عدم قدرة المملكة على الدفاع عن القانون الدولي يجسد المخاطر قصيرة وطويلة المدى المرتبطة بالحفاظ على الدعم الأميركي غير النقدي للنظام السعودي. يؤكد هذا الانتهاك الأخير فقط أن إعادة التقييم الجادة للعلاقة ضرورية على الفور لضمان أنها تعزز المصالح الأميركية".

وأضاف أعضاء الكونغرس: "في فبراير 2021، أصدر مكتب مدير المخابرات الوطنية تقريرا يقيّم أن ولي العهد السعودي وافق على عملية في إسطنبول بتركيا أدت إلى مقتل الصحفي السعودي المقيم في فرجينيا جمال خاشقجي.. رغم هذا التقرير العلني، فقد جرى حماية ولي العهد - والمملكة بشكل عام - من المساءلة عن القمع العابر للحدود وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان، مما دعا إلى ارتكاب المزيد من الفظائع".

وواصلت الرسالة: "يجب أن تكون السياسة الأميركية التي تضمن العدالة لجمال خاشقجي، وكذلك للسعوديين الآخرين الذين تعرضوا للقمع المنهجي من قبل المملكة، بما في ذلك المواطنون الأميركيون المحاصرون في البلاد، السبيل الوحيد للمضي قدما لضمان علاقة أقوى مع السعودية".

واستطردوا: "نتطلع إلى ردكم بشأن حالة مراجعة مجمل العلاقات الأميركية السعودية.. نحن نقف عند نقطة انعطاف. يمكن للولايات المتحدة أن تواصل وضعنا الراهن المتمثل في الدعم غير المشروط على ما يبدو لشريك استبدادي، أو يمكننا الدفاع عن حقوق الإنسان وإعادة التوازن في علاقتنا لتعكس قيمنا ومصالحنا".

وبينت الرسالة أنه "كيف نمضي قدما سيرسل رسالة قوية إلى الديمقراطيات والناشطين الذين يناضلون من أجل الديمقراطية والمدافعين عن حقوق الإنسان وسوف يلعبون دورا مهما في حربنا ضد الاستبداد في جميع أنحاء العالم".[79]

وبالتالي، فإن الأعضاء الثلاثين -القياديين في الحزب الديمقراطي- يرون ضرورة مراجعة العلاقات بين واشنطن والرياض، باعتبار أن السعودية "شريك إستراتيجي سيء"، كما أوردت رسالتهم إلى الخارجية.

وقبيل رسالة أعضاء الكونغرس، أصدرت وكالة الاستخبارات الوطنية الأميركية تقريرا سلمته إلى مكتب الرئيس لتحديد كيفية مراجعة وتقييم العلاقات مع السعودية. وحسب وسائل إعلام أميركية، ركز التقرير الأخير على السياسات "العدائية" التي ينتهجها ابن سلمان تجاه الولايات المتحدة، وكيفية مواجهتها.

ورغم عدم نشر تفاصيل التقرير كاملة، فإنه من الراجح أنه وضع خططا غير معلنة للتعامل مع المملكة. ومن المهم الإشارة إلى أن التقرير الاستخباراتي يعد الأول من نوعه منذ إدارة الرئيس جورج دبليو بوش، وهو إشارة على مدى تدهور العلاقات بين واشنطن والرياض.

وبناء على رسالة المشرعين الديمقراطيين، وكذلك التقرير الاستخباراتي الأخير، وعطفا على المواقف السعودية الأخيرة غير المتوائمة مع المصالح والسياسات الأميركية، ترجح تحليلات أن إدارة بايدن قد تصعد ضد ابن سلمان في الفترة القادمة.[80]


المحور الثالث: الاقتصاد العربي

خلال أبريل، استمرت المباحثات بين الدول العربية المتعثرة اقتصاديا وبين صندوق النقد الدولي، أملا في الخروج من دائرة التعثر والعجز المالي الذي تشهده ميزانيات هذه الدول، وذلك بسبب عوامل متعددة خارجية وداخلية.

فبغض النظر عن قدرة كل من مصر وتونس ولبنان، في التوصل إلى اتفاق نهائي مع مسؤولي صندوق النقد الدولي، فإنه من الثابت أن نهج الاقتراض والاعتماد على الدعم الخارجي لن يخرج هذه البلاد من أزماتها الاقتصادية المتكررة.

لكن على العكس من ذلك، فهي تغرق البلاد في أزمات متتالية غير متناهية، يتحمل المواطن البسيط فيها الثمن الأكبر.

وتشترك هذه الدول جميعا في افتقاد قياداتها السياسية إلى الإرادة والجادة للدخول في مشاريع تنموية حقيقية، تهدف لإحداث إصلاحات عميقة في القطاعات الإنتاجية.

الاقتصاد المصري يستمر في التعثر

تستمر تداعيات الأزمات الدولية المتلاحقة على الاقتصادات المحلية النامية، ففي تقرير شامل نشرته وكالة "بلومبيرغ" الأميركية، "تتعرض الأسواق الناشئة إلى وابل من الصدمات تنذر بسلسلة من الأزمات المتتالية".

وبالفعل، تجتاح الاضطرابات الناجمة عن ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة دولا مثل مصر وتونس وبيرو. كما أن الأزمة الراهنة تزيد مخاطر التحول إلى كارثة ديون أوسع، وتهدد التعافي الهش للاقتصاد العالمي من وباء كورونا.

لكن ما يضاعف هذه الأخطار ويزيد من أثر هذه الاضطرابات هو حملة التشديد النقدي التي ينتهجها الاحتياطي الفيدرالي خلال السنوات الأخيرة، والتي كان آخر تداعياتها رفع البنك المركزي الأميركي أسعار الفائدة ربع نقطة مئوية منتصف مارس 2022[81].

ومن المعلوم أن رفع سعر الفائدة يعني في ذات الوقت ارتفاعا ضخما في تكاليف خدمة الديون، خصوصا في الدول النامية التي اقترضت مليارات الدولارات لمواجهة وباء فيروس كورونا، فضلا عن تلك الدول التي تنتهج هذا أسلوب الاقتراض من الخارج منذ زمن ما قبل كورونا.

ومنها النظام العسكري الحاكم في مصر منذ انقلاب 2013، الذي أوصل ديون البلاد إلى 392 مليار دولار في نهاية العام المالي 2020-2021، منها 137 مليار دولار من الديون الخارجية[82].

وهو ما يعني تضاعف الدين الخارجي نحو 4 مرات مما كان عليه الحال عام 2010، حيث كان يقدر آنذاك بـ 33.7 مليار دولار[83].

وإثر هذه الديون المتضخمة، وكذلك تداعيات سوء التخطيط الاقتصادي، والأزمات الدولية وعلى رأسها وباء كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، وضعت بلومبيرغ مصر على رأس قائمة الأسواق الناشئة الرئيسة المعرضة "للتداعيات الاقتصادية والمالية" من حرب أوكرانيا[84]، كما نشرت تقريرا ذكرت فيه الأضرار الناجمة عن الضغوط التضخمية التي يواجهها الاقتصاد[85].

وأحد أهم هذه الأضرار سيكون تقييد الإنتاج وحدوث زيادة كبيرة في تكاليف الديون والإنتاج، ما يعني ارتفاعا كبيرا في أسعار البيع. لذلك فليس من المستغرب أن يقيَّم الاقتصاد المصري على أنه اقتصاد متدهور، حسبما صرحت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا[86].

ويبدو أن الوضع لن يكون أحسن حالا عام 2022 عما كان عليه في الأعوام السابقة، فقد أعلن البنك المركزي المصري خلال أبريل 2022، أن الدين الخارجي للبلاد ارتفع ليصل لـ 145 مليار دولار، بنهاية الربع الثاني من العام المالي الحالي 2021-2022.[87]

ومما سيضاعف الآثار السلبية المذكورة عالية، الأنباء الواردة بشأن موجة انهيار جديدة ستشهدها العملة المصرية خلال الأسابيع القليلة القادمة.

وصرح مصدر في البنك المركزي المصري، أن الجنيه سيشهد تعويما جديدا قبل نهاية يونيو 2022، ما سيدفعه إلى انخفاض آخر يتوقع أن تبلغ نسبته بين 16 إلى 18.5 في المئة.[88] وهو ما يعني أن سعر الصرف قد يصل إلى ما بين 21 و22 جنيها للدولار الواحد.

بدورها، فإن الحكومة مستمرة في انتهاج نفس الأساليب التي سببت التدهور الحالي في الاقتصاد المصري، حيث تجري محادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج دعم إضافي قد يصل إلى 3.5 مليارات دولار.

وكما الحال في القروض السابقة، توجه الحكومة معظم اقتراضاتها لخدمة الديون القديمة، أو في أحسن الأحوال، لتأسيس مشاريع عملاقة ذات تكلفة مرتفعة للغاية، لكنها ذات قيمة رمزية، وليس لها مردود اقتصادي يُذكر، مثلما هو الحال في العاصمة الإدارية الجديدة ومشروع توسيع قناة السويس.

رغم أن الوضع الاقتصادي الراهن يحتاج إلى مشاريع تدر عائدا على الدولة لمساعدتها في سداد القروض والديون التي أثقلت بها الحكومة كاهل المصريين، فمن الضروري أن تتوجه الحكومة لاستخدام القروض في إنتاج السلع والخدمات، وليس في سداد الديون وخدمة القروض، لأن ذلك في النهاية يكبل الدولة، ويرهق الموازنة العامة، ويضاعف الأعباء المعيشية على المواطنين.

وبدلا من أن تنحى الحكومة هذا المنحى، تتخذ سبيلا آخر، وهو تحميل المواطنين فاتورة الديون، ففي كلمته أمام البرلمان المصري، أشار وزير المالية محمد معيط، إلى أن هناك اتجاها لزيادة الضرائب من خلال توسيع القاعدة الضريبية، وضم الاقتصاد غير الرسمي إلى منظومة الدولة.[89]

حتى هذه اللحظة، لا يبدو أن للحكومة المصرية أي خطة فاعلة لتغيير حقيقي وهيكلي في بنية الاقتصاد للخروج من دوامة العجز، فحتى لو استطاعت الوصول لاتفاق نهائي مع صندوق النقد لسد العجز في العام 2022، فهي لا تملك أي خطة مختلفة لسد العجز في العام التالي.

لا سيما وأن العجز في الموازنة مزمن وهيكلي، وهو ما يعني أن اللجوء إلى صندوق النقد الدولي بشكل خاص، أو إلى بوابة القروض بشكل عام، هو مجرد مسكنات، ولا تصل بالبلاد إلى حلول جذرية.[90]

عقبات تواجه اتفاق لبنان مع صندوق النقد الدولي

بعد مفاوضات مضنية، بدأت في مايو/ أيار 2020، أعلن صندوق النقد الدولي، في 7 أبريل 2022، توصله لاتفاق مبدئي ​​لتمويل بقيمة 3 مليارات دولار يصرف على مدى أربع سنوات، لكن هذا التمويل مشروط بموافقة مجلس الصندوق التنفيذي[91].

لا شك أن التوصل لاتفاق مبدئي يمثل خطوة إيجابية في مسار المحادثات بين لبنان وصندوق النقد، لكنه لن يكون كافيا بأي حال من الأحوال لدخول البلاد برنامج القرض مع الصندوق، فلا يزال الطريق للتفاهم النهائي بين الطرفين مليئا بالعوائق والصعوبات.

ففي الاتفاق المبدئي، طالب موظفو صندوق النقد مسؤولي الحكومة اللبنانية بعدد من الإصلاحات لكي يجري التوصل لاتفاق نهائي بشأن التمويل.

هذه الإصلاحات تشكل أربع ملفات رئيسة؛ وهي الموازنة العامة، قانون الكابيتال كونترول، السرية المصرفية، وإعادة هيكلة المصارف[92].

مكمن الصعوبة هنا هو أن هذه الملفات أو الشروط الموضوعة من قبل صندوق النقد هي ذاتها التي أخفق المسؤولون اللبنانيون في تحقيقها خلال العامين المنصرمين، وهو ما نتج عنه عرقلة الجولات التفاوضية السابقة وعدم التوصل لأي نتيجة خلالها.

فتحقيق هذه الشروط مرهون بإرادة الطبقة السياسية اللبنانية لتنفيذ هذه الإصلاحات بشكل جاد، لكن ذلك مشكوك فيه لدى الكثيرين من المراقبين للشأن اللبناني حتى الآن، حيث إن الإصلاحات المطلوبة تتعارض بشكل صريح وواضح مع مصالح النخبة الحاكمة في البلاد.

فعلى سبيل المثال، تعديل قانون السرية المصرفية يمكن الجهات المختصة من الكشف عن الجرائم المالية المرتكبة في الماضي، وتسهل عملية تتبع خيوطها داخل المنظومة المصرفية.

وهذا التعديل -حال حدوثه- سيسمح بالوصول إلى البيانات والمعلومات، التي من المتوقع أن تدين كثيرا من المتورطين في صفقات مالية مشبوهة أو اختلاس من المال العام، وغالب هذه الجرائم سيُدان فيها معظم قيادات القوى السياسية الحاكمة.

كذلك يطلب الصندوق من الحكومة وضع إستراتيجية واضحة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي اللبناني، بعد أن جرى الاعتراف بجميع الخسائر المتراكمة في القطاع المصرفي، وهو ما يتطلب من المجلس النيابي إقرارا بعدد من التشريعات اللازمة لتطبيق هذه الإستراتيجية.

لكن هذه الخطوة تتعارض هي الأخرى مع مصالح الطبقات النافذة في النظام المالي اللبناني، والتي كانت حريصة على مدار السنين الماضية على الحيلولة دون إحداث عمليات إعادة هيكلة قسرية للنظام المالي.

ولا شك أن امتناع أو تحفظ النخبة المالية قد يعرقل أو يبطئ إنفاذ مثل هذه الخطط أو الإستراتيجيات، نظرا للتشابك الشديد في المصالح بين نخبة السياسة ونخبة المال في لبنان.

وهو ما حدث سابقا بالفعل عام 2020 إبان تبني حكومة حسان دياب خطة للتعافي المالي، تشمل الاعتراف الصريح والفوري بالخسائر المتراكمة في القطاع المصرفي، وكذلك إعادة هيكلة القطاع المالي، وشطب الرساميل المصرفية[93].

لكن غالب الكتل النيابية حشدت قوتها آنذاك للإطاحة بهذه الخطة، نظرا لما كانت تحمله من تهديدات للنخبة المالية المتنفذة.

هذه التهديدات لم تختلف حاليا على الإطلاق، بل باتت أكثر وضوحا وصراحة، فالصندوق يطلب بشكل واضح شطب الرساميل المصرفية، باعتباره أحد أبواب معالجة الخسائر المصرفية، بالتوازي مع عمليات إعادة الهيكلة.

هذا بالإضافة إلى مطلبه بإعادة تقييم الأصول المملوكة للمصارف الكبرى في البلاد، والبالغ عددها 14 مصرفا، وهو ما يسمح بالوقوف على حجم الخسائر الحقيقي. هذه الإجراءات ستفتح المجال لإعادة تقييم الرساميل المصرفية، وهو ما يضر بمصالح أصحاب المصارف.

كل ما سبق ذكره، يؤدي إلى الاستنتاج بأن الوصول لاتفاق نهائي بين لبنان وصندوق النقد الدولي سيكون عبر طريق وعر وشاق، لكنه ليس مستحيلا، ويتطلب فقط إثبات حسن نية من النخبة السياسية والمالية الحاكمة في البلاد.

فالخيارات أو البدائل للتعافي المالي ليست كثيرة بأي حال من الأحوال، وهو ما يعني أن تكلفة عرقلة مسار التفاهم مع صندوق النقد قد تكون باهظة في المستقبل.

وختاما، من المهم التأكيد على أن بوابة القروض لم تكن يوما حلا جذريا لمشكلات الدول الاقتصادية، ولا تعدو كونها مسكنا لحظيا، قد يخفف نسبيا من آثار أزمة آنية، لكنها ذات سلبية للغاية على المستوى الإستراتيجي، فهي لا تخرج بلدا من كبوة، ولا تحدث نهضة أو استفاقة مالية حقيقية بأي حال من الأحوال.

التصعيد السياسي في تونس يعرقل التفاهم مع صندوق النقد الدولي

ولأن البلاد العربية كلها متشابهة في بنيتها السياسية والاقتصادية، فدائما تتوجه حكوماتها إلى ذات الوسائل حتى ولو أثبتت عدم نجاعتها مرارا وتكرارا .

 فها هي تونس التي تشهد واحدة من أسوأ أزماتها الاقتصادية منذ استقلالها منتصف القرن الماضي، تتوجه -كما هو الحال في لبنان ومصر- إلى صندوق النقد الدولي، آملة في التوصل إلى اتفاق نهائي تحصل من خلاله على حزمة إنقاذ قيمتها 4 مليارات دولار لتمويل برامجها.

ففي 19 أبريل، التقى وفد اقتصادي تونسي مع مسؤولين في صندوق النقد الدولي، في إطار المحادثات بين الجانبين حول حزمة تمويل لبرنامج إصلاح اقتصادي تقترحه الحكومة التونسية.

وضم الوفد التونسي وزيرة المالية سهام البوغديري، ووزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيّد، ومحافظ البنك المركزي مروان العباسي. بينما ترأس وفد الصندوق جهاد عزور، مدير دائرة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.[94]

وتبدو تصريحات المسؤولين إيجابية ومبشرة بالنسبة للجانب التونسي، حيث قالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجوفيا، في 20 أبريل 2022، إن "المحادثات الجارية بين الصندوق والدولة التونسية تسير بنسق مُرض إلى حد ما وهي تنبئ بقرب التوصل إلى اتفاق نهائي".

لكنها أشارت إلى أن المؤسسة المالية الدولية تحتاج لمزيد من الوقت لفهم طبيعة الإصلاحات التي ستنفذها حكومة نجلاء بودن لإصلاح الاقتصاد.[95]

ورغم استقبال البعض تلك التصريحات بإيجابية، والتنبؤ باقتراب التوصل إلى اتفاق نهائي بين الصندوق والحكومة التونسية، يستبعد مراقبون هذه النتيجة، ويعزون ذلك إلى أن المناخ السياسي والاجتماعي الذي تشهده البلاد لا يزال مشحونا، وهو ما يثير المخاوف بشأن تطبيق أي اتفاق مع المنظمات الدولية المالية المانحة.[96]

فبعد أن صرحت وزيرة المالية التونسية، سهام نمصية، نهاية مارس 2022، عن وجود مؤشرات إيجابية حول اتفاق القرض مع صندوق النقد الدولي[97]، فوجئ المراقبون بقرار من الرئيس التونسي قيس سعيد، بحل البرلمان، في تصعيد جديد للأزمة السياسية التي بدأها سعيد في يوليو 2021، عبر إجراءات استثنائية عرقل بها مؤسسات الدولة المنتخبة وقوض صلاحياتها، وجمع من خلالها الصلاحيات التنفيذية والتشريعية في جعبته.

ومن المعلوم أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لا يتعلق بنقاشات فنية فقط، وإنما يرتبط في ذات الوقت بالمناخ السياسي والاجتماعي، الذي يضمن تنفيذ بنود الاتفاق.

ولذلك، يرى خبراء أنه من المستبعد الوصول إلى حل في القريب العاجل مع صندوق النقد الدولي في ظل الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد ورفض الأطراف الاجتماعية لبنود وثيقة الإصلاحات الهيكلية التي تقترحها الحكومة[98].

وبغض النظر عما ستؤول إليه نتيجة المباحثات الجارية بين حكومة بودن وصندوق النقد، فإن الاقتصاد التونسي يحتاج إلى إصلاحات هيكلية بنيوية تخرجه من الأزمة الخانقة التي تعيشها البلاد.

 لكن هذه الإصلاحات تحتاج إلى تضافر وتكاتف الجهود الشعبية والسياسية، وهو ما يتطلب إرادة سياسية لدى كل الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين لإعلاء مصلحة المواطن التونسي فوق كل التحيزات والتحزبات.


المصادر:

[1] الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الأمريكية، الوزير أنتوني ج. بلينكن ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بعد اجتماعهما، 27 مارس/آذار 2022
https://bit.ly/39cZHzg
[2] فرانس 24، بلينكن قبيل انعقاد قمة أمريكية-عربية-إسرائيلية "غير مسبوقة": "لن نسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي"، 28 مارس/آذار 2022
https://bit.ly/37Aj4Su
[3] الأناضول، جهود دولية واسعة لضمان "رمضان هادئ" في القدس، 30 مارس/آذار 2022
https://bit.ly/3Ke7Obw
[4] تلفزيون المملكة، الملك لوزير الدفاع الإسرائيلي: ضرورة احترام حق المسلمين بتأدية شعائرهم الدينية في المسجد الأقصى، 28 مارس/آذار 2022
https://bit.ly/3OqP0Jz
[5] الأيام، مستوطنون يقتحمون ويحتلون فندقا في القدس ويحطمون منشآت تجارية ومركبات في برقة، 28 مارس/آذار 2022
https://bit.ly/3KgLD4I
[6] الجزيرة نت، الاحتلال يقتحم الأقصى ويعتقل المئات، 15 أبريل/نيسان 2022
https://bit.ly/3rLCfiZ
[7] عربي 21، بينيت: لا نية لذبح قرابين بالأقصى.. وإبعاد المسؤول عن الدعوة، 13 أبريل/نيسان 2022
https://bit.ly/36FCu7Z
[8] وكالة سما الإخبارية، الهيئة الإسلامية المسيحية: تمهيد إسرائيلي لتدمير الأقصى وإقامة الهيكل، 10 فبراير/شباط 2014
https://bit.ly/3vx3DlG
[9] وكالة صفا الفلسطينية، رصدت مكافآت للمقتحمين.. "جماعات الهيكل" عازمة على إدخال "القربان" للأقصى، 12 أبريل/نيسان 2022
https://bit.ly/3k8fph8
[10] الموقع الرسمي لحركة حماس، حماس تستنفر جماهير شعبنا للمشاركة في جمعة فجر حماة الأقصى، 14 أبريل/نيسان 2022
https://bit.ly/3rO7vhb
[11] الموقع الرسمي لحركة حماس، حماس: مخطط "ذبح القرابين" في الأقصى تجاوز لكل الخطوط الحمر، 13 أبريل/نيسان 2022
https://bit.ly/3rO7GJn
[12] القدس العربي، الرئاسة الفلسطينية تحذر من تصعيد خطير لا يمكن السيطرة عليه، 12 أبريل/نيسان 2022
https://bit.ly/3k8g1mW
[13] الجزيرة نت، إنجازات غير مسبوقة لـ"سيف القدس".. ما هي وكيف يستثمرها الفلسطينيون؟، 23 مايو/أيار 2021
https://bit.ly/3OxFh3V
[14] العربي الجديد، المستوطنون المتطرفون يصرون على تنظيم "مسيرة الأعلام" في القدس اليوم، 20 أبريل/نيسان 2022
https://bit.ly/3vASTmB
[15] RT، بالفيديو.. اشتباك بين المستوطنين والشرطة الإسرائيلية بعد منع "مسيرة الأعلام" من الوصول إلى الأقصى، 20 أبريل/نيسان 2022
https://bit.ly/3KmOfy1
[16] العين الإماراتية، "ثمار الاتفاق الإبراهيمي".. أول زيارة رسمية لرئيس إسرائيل إلى الإمارات، 29 يناير/ كانون الثاني 2022
https://bit.ly/38kAeDu
[17] The Jerusalem Post, Israel, UAE finalize historic free-trade agreement, April 2, 2022
https://bit.ly/3OMQpdE
[18] الخليج أونلاين، اتفاقية تجارة حرة بين الإمارات و"إسرائيل".. من المستفيد؟، 4 أبريل/نيسان 2022
https://bit.ly/3k86Ens
[19] المصدر نفسه
[20] الحرة، حاخام: محادثات جارية لإنشاء أول حي لليهود في الإمارات، 16 أبريل/نيسان 2022
https://arbne.ws/3k9rFht
[21] TRT عربي، موقع إماراتي: 5 آلاف إسرائيلي حصلوا على الجنسية الإماراتية خلال 3 أشهر، 2 يوليو/ تموز 2021
https://bit.ly/36KB77U
[22] المصدر نفسه
[23] وكالة الأناضول، وزيرا خارجية الإمارات وإيران يبحثان سبل تطوير العلاقات، 9 أبريل/نيسان 2022
https://bit.ly/3OBK8S0
[24] Financial Times, Abu Dhabi state funds were used to buy Israeli spyware group NSO, April 1, 2022
https://on.ft.com/3vhjJkQ
[25] القدس العربي، فايننشال تايمز: شركة إماراتية اشترت حصة في المجموعة المصنعة لـ”بيغاسوس” وأبو ظبي فكرت بشراء الشركة كاملة، 1 أبريل/نيسان 2022
https://bit.ly/3Kghylx
[26] العربية، الرئيس هادي يعفي نائبه علي محسن الأحمر من منصبه، 7 أبريل/ نيسان 2022
https://bit.ly/3xZkWif
[27] BBC، هل يكتب تشكيل مجلس قيادة رئاسي نهاية الصراع اليمني؟، 7 أبريل/ نيسان 2022
https://bbc.in/3vOFTto
[28] CNN، قائمة اختصاصات مجلس القيادة الرئاسي اليمني بعد الإعلان عن نقل صلاحيات هادي له وترحيب محمد بن سلمان، 7 أبريل/ نيسان 2022
https://cnn.it/3OGZHb2
[29] المصدر نفسه
[30] الشرق، الرئيس اليمني يقيل نائبه ويفوض "صلاحيات الرئاسة" إلى مجلس قيادة، 7 أبريل/ نيسان 2022
https://bit.ly/3EQEIxJ
[31] فرانس 24، السعودية دفعت الرئيس اليمني إلى التنحي (وول ستريت جورنال)، 18 أبريل/ نيسان 2022
https://bit.ly/3vkvoiN
[32] الأناضول، الأمم المتحدة: أدلة معقولة على جرائم حرب سعودية وإماراتية باليمن، 9 سبتمبر/ أيلول 2020
https://bit.ly/3kd4FOC
[33] وكالة سبوتنيك، الحد من تصدير الأسلحة... ما تأثير قرار مجلس النواب الأمريكي على السعودية؟، 24 أبريل/ نيسان 2021
https://bit.ly/3OEjuba
[34] سكاي نيوز عربية، التحالف يكشف تفاصيل الهجمات الحوثية على السعودية، 20 مارس/ آذار 2022
https://bit.ly/3kgHcfC
[35] مركز الجزيرة للدراسات، التكلفة الاقتصادية لحرب اليمن وأثرها على أطراف الصراع، 28 أغسطس/ آب 2018
https://bit.ly/3rSY0gP
[36] The National Interest, What Will a New Presidential Council Mean for Yemen, April 17, 2022
https://bit.ly/3viFNLK
[37] The Wall Street Journal, Saudi Arabia Pushed Yemen’s Elected President to Step Aside, Saudi and Yemeni Officials Say, April 17, 2022
https://on.wsj.com/3EXe4n1
[38] القدس العربي، اليمن: الإطاحة بـ”شرعية” هادي وإنهاء مبرر التحالف بتعيين مجلس رئاسي في “مهمة التفاوض” مع الحوثي، 7 أبريل/نيسان 2022
https://bit.ly/3KjaVz3
[39] العرب، عبدربه منصور هادي رئيس قاوم عشر سنوات ليعجز عن فرض سلطته في اليمن، 8 أبريل/نيسان 2022
https://bit.ly/3xUOvS5
[40] BBC، انتخاب عبد ربه منصور هادي رئيسا لليمن بغالبية الأصوات، 24 فبراير/ شباط 2012
https://bbc.in/3vkyEe1
[41] الحساب الرسمي للناطق باسم الحوثيين، تغريدة: " طريق السلام بوقف العدوان ورفع الحصار"، 7 أبريل/نيسان 2022
https://bit.ly/3OEJKlp
[42] فرانس 24، ما هو موقف الحوثيين من الإعلان عن تشكيل مجلس قيادة رئاسي في اليمن؟، 7 أبريل/نيسان 2022
https://bit.ly/3OGoj3o
[43] DW، لأول مرة منذ سنوات.. اتفاق على وقف القتال لشهرين في اليمن، 1 أبريل/نيسان 2022
https://bit.ly/3KkjrO0
[44] القبس، السعودية: إطلاق سراح لجين الهذلول، 10 فبراير/ شباط 2021
https://bit.ly/3ETQ6ZV
[45] الجزيرة مباشر، مصر.. الإفراج عن صحفيين وناشطين سياسيين بارزين، 18 يوليو/ تموز 2021
https://bit.ly/3Kglgvr
[46] الجزيرة مباشر، حقوقيون للجزيرة مباشر: عدد المعتقلين السياسيين في مصر “مخيف”، 12 أبريل/ نيسان 2021
https://bit.ly/3vlxtea
[47] المصري اليوم، القصة الكاملة لاختفاء أيمن هدهود .. من كسر باب شقة لوفاة بهبوط حاد في الدورة الدموية، 12 أبريل/ نيسان 2022
https://bit.ly/3rUHrBe
[48] الحرة، وفاة غامضة لباحث مصري بعد اختفائه شهرين.. وبيان أمني مقتضب، 12 أبريل/ نيسان 2022
https://arbne.ws/38ss6Ro
[49] الجزيرة نت، بيانات متباينة.. قضية اختفاء ووفاة أيمن هدهود تواصل إثارة الجدل بمصر، 12 أبريل/ نيسان 2022
https://bit.ly/3vnThFS
[50] الشرق الأوسط، النيابة المصرية تُرجع وفاة باحث أثناء احتجازه إلى «مرض مزمن»، 20 أبريل/ نيسان 2022
https://bit.ly/3vITy5o
[51] العربي الجديد، مقتل أيمن هدهود .. سيناريو متكرّر وأسئلة بلا نهاية، 24 أبريل/ نيسان 2022
https://bit.ly/3LmD6yn
[52] المصدر نفسه
[53] الحساب الشخصي للاقتصادي أيمن هدهود، تاريخ الوصول: 24 أبريل/ نيسان 2022
https://bit.ly/3xXybA1
[54] BBC، قضية خالد سعيد: السجن 10 سنوات لشرطيين لإدانتهما بقتل الشاب المصري، 3 مارس/ آذار 2014
https://bbc.in/38rWM5i
[55] TRT عربي، إيطاليا تحمّل الأمن المصري مسؤولية "اختطاف وقتل" الطالب جوليو ريجيني، 2 ديسمبر/كانون الأول 2021
https://bit.ly/3rUUAKq
[56] هيومان رايتس ووتش، إيطاليا تتهم ضباط أمن مصريين في قضية قتل جوليو ريجيني، 11 ديسمبر/ كانون الأول 2020
https://bit.ly/38u3JCM
[57] منصة تفنيد، صور جثمان ”أيمن هدهود“ تُكذب رواية النيابة العامة حول ظروف وفاته، 18 أبريل/ نيسان 2022
https://bit.ly/3vN4FKG
[58] الجزيرة مباشر، هل يعد السادات “همزة الوصل” مع النظام لنيل المعتقلين في مصر حريتهم؟ 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2021
https://bit.ly/3OKMUnN
[59] France 24، هجوم المشير خليفة حفتر على طرابلس، 13 يناير/ كانون الثاني 2020.
https://bit.ly/3vkER9E
[60] المصدر السابق، الانتخابات الرئاسية الفرنسية: ماكرون يؤكد بعد فوزه أن ولايته الثانية ستكون "انطلاقة جديدة لرفع التحديات"، 24 أبريل/ نيسان 2022.
https://bit.ly/3LnCXuA
[61] موقع العين الإخباري، فوز ماكرون.. هل تؤثر نتائج انتخابات فرنسا على الملف الليبي؟، 25 أبريل/ نيسان 2022.
https://bit.ly/3Ll4XPf
[62] المصدر السابق.
[63] موقع الميادين، ما هي أبرز نقاط الخلاف في الرؤى السياسية الدولية بين ماكرون ولوبان؟ 20 أبريل/ نيسان 2022.
https://bit.ly/38s3Fnk
 
[64] صحيفة الاستقلال، خوفا من “خطتها السرية”.. لماذا تفضل أميركا وأوروبا خسارة لوبان؟، 24 أبريل/ نيسان 2022.
https://www.alestiklal.net/ar/view/13238/dep-news-1650642232
[65] DW عربي، ماكرون ولوبان.. رؤيتان متناقضان لأوروبا والعالم والعلاقة مع برلين، 20 أبريل/ نيسان 2022.
https://bit.ly/3rVhKjY
[66] موقع الميادين، "نيويورك تايمز": فوز ماكرون تصويت على الوحدة الأوروبية، 25 أبريل/ نيسان 2022.
https://bit.ly/3kfyDBs
[67] موقع مهاجر نيوز، إحياء العلاقات مع النظام السوري.. مسعى مارين لوبان مرشحة اليمين المتطرف لرئاسة فرنسا، 20 أبريل/ نيسان 2022.
https://bit.ly/3vPBqa7
[68] وكالة أنباء سوريا، ما تأثيرات الانتخابات الفرنسية على الملف السوري؟، 24 أبريل/ نيسان 2022.
https://bit.ly/3LoqWou
[69] France 24 عربي، الانتخابات التشريعية الفرنسية: معركة شاقة تنتظر ماكرون في "الدورة الثالثة"، 25 أبريل/ نيسان 2022.
https://bit.ly/38peYMW
 
[70] موقع الديار اللبناني، بعد فوز ماكرون..هل سيحصل أي تغيير تجاه لبنان؟، 27 أبريل/ نيسان 2022.
https://bit.ly/3y113HB
[71] إرم نيوز، تبون يهنئ ماكرون ويدعوه لزيارة الجزائر، 25 أبريل/ نيسان 2022.
https://bit.ly/39qvJb5
[72] وكالة الأناضول، الجزائر تأسف لقرار فرنسا بشأن تقليص تأشيرات مواطنيها، 28 سبتمبر/ أيلول 2021.
https://bit.ly/3vSVs3k
[73] الجزيرة نت، بتساؤله عن وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار.. هل دفن ماكرون ملف المصالحة "التاريخية"، 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2021.
https://bit.ly/3OEV2GF
[74] BBC عربي، الجزائر تستدعي سفيرها في باريس احتجاجا على تصريحات وصفتها "بغير المسؤولة" لماكرون، 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2021.
https://bbc.in/3vramz5
[75] France 24 عربي، الجزائر تحظر على الطائرات الحربية الفرنسية التحليق في أجوائها وسط توتر بين البلدين، 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2021.
https://bit.ly/39tf0Ed
[76] وكالة الأناضول، خلفيات دعوة ماكرون لزيارة الجزائر قريبا، 28 أبريل/ نيسان 2022.
https://bit.ly/3EY8TDd
[77] الشروق، هذه رسائل الرئيس تبون في تهنئة ماكرون بالفوز، 26 أبريل/ نيسان 2022.
https://bit.ly/3LsMuR4
[78] وكالة الأناضول، ماكرون انتصر ولوبان رفعت رصيد اليمين المتطرف، 25 أبريل/ نيسان 2022.
https://bit.ly/3KkxvHy
[79] CNN عربي، ذاكرين "محادثات" تسعير السعودية لبيع نفط باليوان ومزاعم "رفض" محمد بن سلمان اتصال بايدن.. 30 مشرعا أمريكيا يخاطبون إدارة بايدن، 14 أبريل/ نيسان 2022.
https://cnn.it/38AJovy
[80] صحيفة الاستقلال، ثلاثة تطورات تنذر بنتائج خطيرة.. ما مصير التوتر بين بايدن وابن سلمان؟، 23 أبريل/ نيسان 2022.
https://bit.ly/3KlmO7r
[81] وكالة الأناضول، "المركزي" الأمريكي يرفع أسعار الفائدة ربع نقطة مئوية، 16 مارس/ آذار 2022.
https://bit.ly/3rM2Cp7
[82] CNBC عربية، كم بلغ إجمالي ديون مصر الخارجية في العام 2021؟، 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2021.
https://bit.ly/3xOG3DJ
[83] Independent عربية، الديون الخارجية والداخلية لمصر... من 1876 حتى 2018، 10 مايو/ آيار 2019.
https://bit.ly/3EEoeJd
[84] العربي الجديد، الجوع والعتمة بداية لأزمة اقتصادية عالمية: دولتان عربيتان في خطر، 23 أبريل/ نيسان 2022.
https://bit.ly/3Mtg34S
[85] Bloomberg, Egyptian Economy Displays Damage From Inflationary Pressur, 5 April 2022.
https://bloom.bg/3L9RF8s
[86] عربي 21، مديرة صندوق النقد الدولي: اقتصاد مصر في تدهور، 20 أبريل/ نيسان 2022.
https://bit.ly/3OB86fV
[87] RT عربي، ارتفاع ديون مصر الخارجية بمليارات الدولارات، 19 أبريل/ نيسان 2022.
https://bit.ly/36IqMtg
[88] عربي 21، مصدر لـ"عربي21": قرار بتعويم جديد للجنيه في يونيو، 23 أبريل/ نيسان 2022.
https://bit.ly/3La3CuL
[89] العربي الجديد، البرلمان المصري يعتمد الحسابات الختامية للموازنة المنقضية، 19 أبريل/ نيسان 2022.
https://bit.ly/37Gb16n
[90] صحيفة الاستقلال، تقرير الحالة العربية: مارس/ آذار 2022، 4 أبريل/ نيسان 2022.
https://bit.ly/3vaJfbl
[91] وكالة الأناضول، لبنان.. اتفاق مبدئي مع "النقد الدولي" على تمويل بـ3 مليارات دولار، 7 أبريل/ نيسان 2022.
https://bit.ly/3xMY858
[92] العربي الجديد، ميقاتي: 4 ملفات يطالب بها صندوق النقد لوضع لبنان على سكة التعافي، 23 أبريل/ نيسان 2022.
https://bit.ly/3ENUcCL
[93] موقع العهد الإخباري، خطة التعافي المالي: خطوات تقتحم المحظورات، 21 مايو/ أيار 2020.
https://bit.ly/38hC0p5
[94] وكالة الأناضول، تونس.. جولة محادثات مع "النقد الدولي" بشأن برنامج الإصلاح، 19 أبريل/ نيسان 2022.
https://bit.ly/38i9EL6
[95] Independent عربي، تونس على أبواب صندوق النقد تنتظر انطلاق مفاوضات مصيرية، 22 أبريل/ نيسان 2022.
https://bit.ly/3saAoVh
[96] Sky News عربية، رغم العقبات.. تونس تقترب من اتفاق نهائي مع صندوق النقد، 24 أبريل/ نيسان 2022.
https://bit.ly/3v6XVIq
[97] DW عربي، تونس.. سعيّد يحل البرلمان عقب تصويت ضد "الإجراءات الاستثنائية"، 30 مارس/ آذار 2022.
https://bit.ly/3LdTKQI
[98] عربي 21، ماذا لو فشلت تونس في الاتفاق مع صندوق النقد الدولي؟، 23 أبريل/ نيسان 2022.
https://bit.ly/3vD3EVr