فجوة واضحة.. أين محور المقاومة من الحرب بين إيران وإسرائيل؟

حزب الله اكتفى حتى الآن بإدانة الهجمات الإسرائيلية على إيران
خلال تصاعد المواجهة بين إيران وإسرائيل، بقى الحلفاء الإقليميون للجمهورية الإسلامية المعروفون بـ"محور المقاومة"، غير نشطين إلى حد بعيد. وفق تقدير صحيفة تاز الألمانية.
وقالت: إن "هذا المحور يُشكّل في الأصل طوقا يحيط بإسرائيل، ففي لبنان المجاور من الشمال، تتمركز قوات حزب الله، وفي الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية وقطاع غزة تُعدّ حركتا (المقاومة الإسلامية) حماس والجهاد الإسلامي عناصر رئيسة".
وفي العراق القريب توجد عدة مليشيات مدعومة من إيران تُعرف مجتمعة باسم "المقاومة الإسلامية"، أما في الجنوب البعيد، فيوجد الحوثيون في اليمن.
وفي سوريا، كان بشار الأسد -الحليف الوثيق لطهران- يحكم حتى ديسمبر/ كانون الأول 2024، ومع سقوط نظامه، بات الحكام الجدد أقرب إلى دول الخليج العربي من إيران، وهكذا تكون الجمهورية الإسلامية قد فقدت أحد عناصر المحور على الأرجح إلى الأبد.
وهنا، تساءلت صحيفة "تاز" الألمانية عن سبب عدم اشتباك محور المقاومة مع إسرائيل طيلة 12 يوما من الحرب، تاركين طهران بمفردها في المواجهة.

فجوة واضحة
وتحدثت في البداية عن موقع حزب الله من الصراع الإيراني الإسرائيلي، لا سيما في ظل الوضع الداخلي الجديد الذي يعيشه لبنان.
وقالت: "يعيش الرئيس جوزيف عون أياما شاقة؛ إذ يبذل جهودا دبلوماسية مكثفة لمنع انزلاق لبنان إلى حرب جديدة مع إسرائيل".
وأضافت: "عون هو الضامن لاتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، الساري منذ 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024".
"منذ ذلك الحين، لم يطلق حزب الله أي صواريخ باتجاه إسرائيل، ويعمل عون على الحفاظ على هذا الوضع". وفق الصحيفة.
في المقابل، تواصل إسرائيل قصف جنوب لبنان وجنوب العاصمة بيروت، مما أسفر عن مقتل أكثر من 175 شخصا (بعد توقيع الاتفاق).
وذكرت الصحيفة الألمانية أنه "وفقا لوسائل إعلام محلية، يعتمد عون على تعهدات غير مباشرة من حزب الله بالالتزام باتفاق وقف إطلاق النار".
في هذا الإطار، أتى تصريح النائب عن حزب الله، علي فضل الله أن: "إيران تعرف كيف تدافع عن نفسها". فيما أوضح مسؤول في الحزب للصحيفة أن الأخير "ينسق تحركاته مع الجيش والرئاسة".
أما الأمين العام الحالي للحزب، نعيم قاسم، فقد اكتفى حتى الآن بإدانة الهجمات الإسرائيلية على إيران.
وعزت "تاز" هذا الموقف إلى "الفجوة الواضحة في ميزان القوة"، فقد تمكن الجيش الإسرائيلي من اغتيال أبرز قيادات حزب الله، وعلى رأسها أمينه العام السابق حسن نصر الله في سبتمبر/ أيلول 2024.
كما دُمرت العديد من مستودعات الأسلحة، وأُضعفت البنية التحتية المالية للتنظيم عبر استهداف مؤسسته الاقتصادية المعروفة باسم "القرض الحسن"، وأُربكت اتصالاته الداخلية من خلال هجمات إلكترونية على أجهزة الاتصالات.
وهكذا، ترى الصحيفة أن "الصراع الأخير كشف عن هشاشة الهيكل الأمني الداخلي لحزب الله، بما في ذلك حالات اختراق داخل صفوفه".
وأضافت: "ومع سقوط نظام الأسد، قُطع طريق الإمداد البري من إيران إلى حزب الله، وبات الأخير بمفرده".
علاوة على ذلك، "هناك فجوة كبيرة بين الطرفين في قدرات القتال؛ إذ تمتلك إسرائيل تجهيزات عسكرية متقدمة، فيما تعتمد المليشيات غير النظامية على تكتيكات حرب العصابات وصواريخ ذات دقة محدودة، وهو أمر تدركه قيادة حزب الله جيدا".

تحالف فضفاض
وذهبت الصحيفة إلى القول: إن "الحزب قد يكون مستاء أيضا من أن إيران لم تُقدم له دعما أكبر عندما شنّت إسرائيل هجماتها عليه عام 2024".
في هذا الصدد، يؤكد أندرياس كريغ المحلل العسكري في كلية كينغز في لندن، أن "تصوير محور المقاومة كشبكة وكلاء يتحكم بهم الإيرانيون بشكل كامل كان دوما تصورا خاطئا".
وأضاف للصحيفة: "هو بالأحرى تحالف فضفاض، ينشغل فيه كل طرف بضمان بقائه أولا". واستنادا إلى هذا الرأي، تعتقد أن المليشيات العراقية "تنتهج نفس مسار حزب الله".
فهي "تلتزم حتى الآن بالحذر في تصريحاتها، وبعد هجوم كبير بطائرات مسيرة على جنود أميركيين في العراق عام 2024، رُدعت عبر غارات أميركية".
وبالنسبة للحوثيين، تشير الصحيفة إلى أنهم "كانوا إلى جانب حزب الله أقوى أذرع محور المقاومة".
ولكن مع تراجع دور المحور باتوا اليوم على الأرجح أقوى وكلاء إيران النشطين في المنطقة، والوحيدين الذين قدموا حتى الآن دعما مباشرا لطهران.
ففي 15 يونيو/ حزيران، أطلقوا صواريخ فرط صوتية على إسرائيل، وفقا للمتحدث العسكري باسمهم يحيى سريع، دون تحديد العدد.
واستطردت: "دعمت إيران الحوثيين سابقا بشكل كبير، من خلال تزويدهم بالسلاح أو مكوناته".
واستدركت: "لكن مع تعرّض إيران لموجة من الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت كبار قادة الحرس الثوري والجيش، يبدو أن هناك فراغا في قيادة البنية الأمنية الإيرانية، مما أضعف قدرتها على توجيه حلفائها الإقليميين، ولهذا يبدو أن الحوثيين اليوم أكثر ترددا وارتباكا".

تحول إستراتيجي
في غضون ذلك، ذكرت الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي، حاول في 14 يونيو اغتيال رئيس أركان الحوثيين، اللواء محمد عبد الكريم الغماري، أثناء اجتماع سري في صنعاء.
وتابعت: "وعلى الرغم من نجاته، تمثل هذه العملية تحولا في الإستراتيجية الإسرائيلية تجاه الحوثيين؛ إذ باتت إسرائيل تستهدف الآن قيادات رفيعة بعدما ركزت في السابق على المطارات والموانئ والبنية التحتية المدنية".
ووفقا للصحيفة، "أدى هذا إلى حالة من الارتباك في صفوف الحوثيين؛ حيث فرضوا قيودا على تحركات كبار مسؤوليهم وأعادوا النظر في بروتوكولاتهم الأمنية".
وأضافت: "تعرض الحوثيون لضربات موجعة قبل ذلك، فقد شنت الولايات المتحدة، في الفترة ما بين منتصف مارس/ آذار وأوائل مايو/ أيار 2025، حملة جوية ألحقت بهم خسائر كبيرة".
وبينما تحدثت واشنطن حينها عن "استسلام" الحوثيين، فقد جرى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار يقضي بوقف الهجمات الأميركية مقابل وقف هجمات الحوثيين على سفنها بالبحر الأحمر.
وقالت الصحيفة: إنه "خلال الحملة، استخدمت القوات الأميركية قاذفات B-2 وقنابل خارقة للتحصينات، ودمرت مصانع أسلحة ومخازن تحت الأرض وقتلت قادة ميدانيين بارزين، علما أن هيكل الحوثيين، المشابه لحزب الله، يعتمد كثيرا على هؤلاء القادة الأفراد".
أما إيران، فـ "تتبنى في المقابل سياسة التصعيد المحسوب؛ إذ تواصل تبادل الضربات مع إسرائيل بهدف الردع، دون الانزلاق إلى حرب شاملة حتى الآن".
مع ذلك، توقعت أنه "في حال توسع القتال ليشمل اليمن، فقد يصبح الثمن باهظا وغير متوقع لطهران". وفسرت ذلك بأن "قيادة الحوثيين تواجه معضلة إستراتيجية".
ورغم استمرار ارتباط جماعة الحوثيين الأيديولوجي القوي بطهران، فإن كلفة الدخول في حرب مفتوحة -لا سيما دون نتائج مضمونة- قد تهدد بقاءها.
ولهذا "تضع القيادة الحوثية البقاء في المرتبة الأولى وتتجنب الانخراط في صراع قد يؤدي إلى انهيارها".
واختتمت الصحيفة قائلة: "في الوقت ذاته، يرى بعض المحللين أن إيران قد تتعمد الحفاظ على الحوثيين كقوة احتياطية لصراع إقليمي أوسع، ربما في حال دخول الولايات المتحدة الحرب بشكل مباشر".
وهو ما حدث بالفعل بإعلان الرئيس دونالد ترامب، فجر 22 يونيو تنفيذ هجوم "ناجح للغاية" استهدف 3 مواقع نووية، هي الأبرز في إيران، هي منشآت فوردو ونطنز وأصفهان.