تهديد هو الأول من نوعه.. هل تستطيع إسرائيل تصفية قادة "الحوثيين" في اليمن؟

يوسف العلي | منذ ٤ أشهر

12

طباعة

مشاركة

في تهديد هو الأول من نوعه، توعد الاحتلال الإسرائيلي على لسان وزير دفاعه، يسرائيل كاتس، باغتيال قادة “الحوثيين" في اليمن، على غرار ما فعلوا مع قادة “حزب الله” اللبناني وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية “حماس”، وذلك ردا على صواريخ للحوثي استهدفت وسط تل أبيب.

التهديد الإسرائيلي بتصفية قادة الحوثي أثار جملة من التساؤلات عن مدى تمكن الاحتلال من تحقيق ذلك، على تقدير الجغرافيا اليمنية بعيدة، ولم يسبق لها أن نفذت اغتيالات نوعية هناك، عكس ما قامت به في إيران وسوريا ولبنان، والذي مثل في حينها اختراقا كبيرا.

"رسالة واضحة"

وفي اعتراف إسرائيلي هو الأول من نوعه، أقرّ وزير دفاع الاحتلال كاتس باغتيال الزعيم الراحل لحركة حماس، إسماعيل هنية، وهدد قادة الحوثيين بنفس المصير، مضيفا: "سنفعل في الحديدة وصنعاء كما فعلنا في طهران وغزة ولبنان".

يأتي تصريح كاتس ضمن كلمة بثتها هيئة البث العبرية الرسمية، في 23 ديسمبر/ كانون الأول 2024، عقب فشل أنظمة الدفاع الإسرائيلية في اعتراض صاروخ باليستي أطلقه الحوثيون على تل أبيب، وأسفر عن إصابة 20 شخصا بجروح وتضرر عشرات الشقق بالمنطقة.

وقال كاتس خلال كلمته إنه "في هذه الأيام التي تطلق فيها منظمة الحوثي الصواريخ على إسرائيل، أريد أن أنقل لهم رسالة واضحة في بداية كلامي، سنشل بشدة منظمة الحوثيين الإرهابية في اليمن التي لا تزال آخر منظمة باقية".

وهدد كاتس الحوثيين قائلا: "سندمر بنيتها التحتية الإستراتيجية ونقطع رؤوس قادتها تماما كما فعلنا مع (إسماعيل) هنية و(يحيى) السنوار و(حسن) نصر الله، وسنفعل في الحديدة وصنعاء كما فعلنا في طهران وغزة ولبنان".

وفجر 23 ديسمبر، أعلن الحوثيون أنهم هاجموا بواسطة طائرتين مسيرتين هدفين عسكريين في يافا وعسقلان وسط وجنوب إسرائيل.

وقبل ذلك بيوم واحد، قال رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، إن “إسرائيل ستواصل التحرك ضد الحوثي”، متهما إياها بتهديد الملاحة العالمية والنظام الدولي، ودعا الإسرائيليين إلى الثبات.

وأضاف نتنياهو قائلا: "مثلما تحركنا بقوة ضد الأذرع الإرهابية لمحور الشر الإيراني، فسنتحرك بقوة أيضا ضد الحوثيين"، حسبما نقلت وكالة "رويترز" بعد يوم من سقوط صاروخ أُطلق من اليمن على عاصمة الاحتلال تل أبيب.

وفي 19 ديسمبر، أعلن جيش الاحتلال شن غارات على أهداف في اليمن على موجتين، الأولى تركزت فيها الهجمات على مواقع للحوثيين في منطقة الساحل، في حين استهدفت الثانية مواقع للجماعة في العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الأخيرة منذ 2014.

المناطق التي استهدفتها إسرائيل في اليمن، يعدها الجيش الإسرائيلي تمثل مصادر اقتصادية وحيوية للحوثي المصنفة على قوائم الإرهاب الأميركية، ومنها موانئ "يتم استخدامها لتهريب الأسلحة"، وفق قوله.

"بنك أهداف"

وبخصوص مدى قدرة إسرائيل على استهداف قيادات حوثية، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني، عبد الباقي شمسان، إن "ما صدر من تهديد إسرائيلي أعتقد أنه جدي، لأن المرحلة الأولى كانت في لبنان وسوريا، وأن تل أبيب تسعى لاستكمالها وتوفير نوع من الاستقرار لها".

وأوضح شمسان لـ"الاستقلال" أن "الحوثيين يحاولون إرباك المشهد باستهداف متكرر لإسرائيل، وليست الأخيرة هي الهدف منها فقط، وإنما أيضا رسائل لدول الجوار بأننا قادرون على إرباك خططكم ونستطيع استهداف كل الدول التي تريد استغلال الوقت لاستهداف الحوثي".

ولفت إلى أن "إيران أعطت الأوامر بشكل واضح من أجل رفع وتيرة الاستهداف حتى تقول للآخرين إنها مازالت لاعبا رئيسا في المعادلة بالشرق الأوسط، وأنها قادرة عبر أذرعها على إرباك المشهد، وبالتالي لا بد من التفاوض معها لخفض التصعيد".

وأكد شمسان أن "هناك نقلا للمعركة إلى الجغرافيا اليمنية عبر الحوثيين، وهذا يؤدي إلى إبعاد استهداف إيران، وكذلك للحفاظ على ما تبقى من حزب الله وإمكانياته، وأن الحوثي اليوم أخذت الأضواء من سوريا ولبنان إلى اليمن".

وأعرب عن اعتقاده بأن "تل أبيب ستنفذ وعودها ضد قادة الحوثي، فهي قدمت نفسها كدولة إقليمية قادرة على أن توقف إيران عند حدودها وتخفض من خطرها، وهذا ما أطلق عليه مشروع إبراهام، بمعنى إقامة تحالفات مع إسرائيل بصفتها قوة إقليمية مدعومة من الولايات المتحدة".

وأوضح شمسان أن "الكثير من الدول العربية ستقدم المعلومات إلى إسرائيل لكن ليس بشكل مباشر، فهناك اتفاقيات تعاون أمني وعسكري أميركي أوروبي مع دول المنطقة، وسيتم تبادل المعلومات، وبالتالي يمكن للجانب الإسرائيلي أن يحصل على بنك للأهداف الحوثية".

واستطرد: "أعتقد أن نتنياهو بحاجة إلى فتح جبهات كثيرة، واستغلال ما حصل في المنطقة لاستكمال مشروع إسرائيل الإستراتيجي، بمعنى إيصال رسالة لكل المنطقة بأنها دولة موجودة وقوية، ولن تستطيعوا اجتثاثها بواسطة العمل العسكري".

وتوقع شميان أن "يتم استهداف القيادات الحوثية وإضعاف الحوثيين،  ولذلك لا بد من ترتيب الداخل اليمني، حتى يكون قادرا على السيطرة في حال الاستهدافات الجوية واغتيال القيادات الحوثية".

وأردف: "لذلك، نحن بحاجة إلى قوة يمنية على الأرض، وهذه يعيق وجودها تعدد المشاريع في الداخل، وانقسام السعودية والإمارات وسلطنة عمان بشأن ترتيب الجغرافيا اليمنية والنظام السياسي".

"إيران أولا"

لكن الصحافة العبرية، رأت أن الرد الإسرائيلي على الهجمات الحوثية “يجب أن تركز على إيران، وتوجه ضربة إليها في حال أرادت إسرائيل أن تحد من التهديد الحوثي”، حسبما رأى الكاتب بن درور يميني، في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" في 23 ديسمبر.

وقال يميني إن الغارات الإسرائيلية والأميركية والبريطانية على صنعاء، لن تؤدي إلى نتيجة ملموسة أكثر من مجرد منح "راحة مؤقتة" من هذا التهديد.

ووصف الحوثيين في اليمن بأنهم "ليسوا دولة بمعنى الكلمة، بل منظمة إرهابية" تسيطر على أكثر من نصف اليمن، حيث يعاني ثلثا السكان من انعدام الأمن الغذائي والجوع، كما أن الحرب الأهلية قتلت على مدى عقد من الزمن نحو نصف مليون إنسان".

وأضاف يميني أن “الحوثيين سيطروا على مضيق باب المندب بدعم إيراني، لكنهم غير مهتمين برفاه ورخاء الشعب اليمني، إذ يستغلون الدعم العسكري الإيراني لتعطيل حركة التجارة، وإطلاق الصواريخ الباليستية باتجاه إسرائيل، فيما يعاني ملايين اليمنيين من الجوع”. 

ورأى أنه “لا يمكن ردع الحوثيين عبر توجيه ضربات مدمرة لهم”، ويستشهد في هذا السياق بالتدخل السعودي والإماراتي في اليمن، إذ وجهت الدولتان ضربات مدمرة للبنى التحتية للحوثيين، لكن ذلك قوبل بـ "صمود لا يتزعزع" من قبلهم، وهو ما أدى في النهاية إلى "تراجع" أبوظبي ومن ثم الرياض، وتحقيق "نصر إستراتيجي" لإيران.

وأكد يميني أن إسرائيل تسير على نفس الطريق إذا استمرت في توجيه ضربات مدمرة للحوثيين، لأن ذلك لن يردعهم، حتى ولو كان حجم الرد الإسرائيلي أقوى بكثير من الضرر الذي تحدثه صواريخ الحوثيين. 

ويشرح الكاتب بالقول إن هناك نهجين مكملين لبعضهما البعض، لتحييد "التهديد الحوثي"، الأول هو التفاوض على صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار في غزة. فـ"الحوثيون، على عكس حزب الله، أظهروا أنهم مصممون على الاستمرار حتى تنتهي الحرب".

وبرأي يميني، فإن الحوثيين ليسوا تهديدا وجوديا لإسرائيل، بل "مصدر إزعاج"، هدفهم هو جر إسرائيل إلى حرب استنزاف، لكن "بالنظر للظروف الحالية، فإن إيران هي الخطر الأعظم، والهدف الأكثر هشاشة، وهناك حيث يجب أن ينصبّ التركيز".

وفي السياق ذاته، قالت صحيفة "معاريف" العبرية في 21 ديسمبر، إن إسرائيل غير قادرة على مواجهة تحدي الحوثيين، كما أنها "استيقظت متأخرة في مواجهة التهديد القادم من الشرق"، وكان ردها ضعيفا على ذلك التهديد، حسب قولها.

ودعت الصحيفة الجيش إلى عدم الاكتفاء بقصف "خزان وقود أو بضعة زوارق قطْر قديمة في ميناء صغير في اليمن"، وأن "يتخذ قرارا حقيقيا بالتصرف بحزم ليس فقط في اليمن، ولكن أيضا ضد مشغلي ومبادري نشاط الحوثيين" الذين يتمركزون في طهران، على حد زعمها.

ومنذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، يشن الحوثيون هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر وخليج عدن انطلاقا من المناطق الخاضعة لسيطرتهم في اليمن، فيما يعدونه "دعما" للفلسطينيين في قطاع غزة حيث يشن الاحتلال حربا مدمرة هناك منذ 7 أكتوبر من العام نفسه.