موقع صيني: لهذه الأسباب قررت بكين الرهان على مصر بدلا من إيران

منذ يوم واحد

12

طباعة

مشاركة

أعلنت وزارة الدفاع الصينية عن إجراء تدريبات جوية هي الأولى من نوعها بين جيش بلادها والجيش المصري من منتصف أبريل/ نيسان 2025 وحتى منتصف الشهر، في أعقاب تصريحات للواء متقاعد بالجيش المصري بأن القاهرة باتت تملك منظومة HQ-9B الجوية الصينية.

وفي السياق، تستعرض صحيفة "سوهو" الصينية الدوافع الإستراتيجية الكامنة وراء اختيار الصين دعم مصر على حساب إيران في الشرق الأوسط، في ضوء تحولات جيوسياسية معقدة وتوازنات إقليمية دقيقة. 

ومن خلال تتبع التحركات العسكرية الصينية والتعاون الدفاعي المتزايد مع القاهرة، يتضح أن "بكين ترى في مصر شريكا أكثر استقرارا وموثوقية لتوسيع نفوذها ضمن مبادرة الحزام والطريق، بعيدا عن التوترات الداخلية والتقلبات السياسية التي تعاني منها طهران". 

وفي هذا الإطار، تبرز الصحيفة كيف يعكس هذا التوجه تنسيقا مدروسا بين الصين وروسيا في توزيع الأدوار بالمنطقة، بما يعزز مصالح بكين دون المساس بنفوذ موسكو.

خيارات متنوعة

تبدأ الصحيفة الصينية تقريرها بالإشارة إلى أن "طائرة نقل تابعة لسلاح الجو المصري طارت من الصين مرورا بباكستان، ووصلت إلى مصر بنجاح".

وهذا الحدث أثار تكهنات حول احتمال حملها لمنظومة دفاع جوي متطورة صينية الصنع. 

وتوضح الصحيفة أن "هذه التكهنات تستند إلى حادثة مماثلة قبل ثلاث سنوات، عندما نقلت طائرات شحن (Y-20) الصينية منظومة (FK-3) إلى صربيا". 

جدير بالذكر هنا أن الطائرة الحالية من طراز "Il-76MF"، وتتمتع بقدرات نقل مشابهة لـ "Y-20"، ما يمكنها من حمل أنظمة ثقيلة مثل منظومة "Hongqi-9BE". 

وفي هذا الإطار، تبرز الصحيفة أن مصر، رغم عدم وجود أدلة قاطعة، تبقى حاجتها ملحة إلى نظام دفاع جوي حديث واضحة.

ومن وجهة نظر الصحيفة: "تزداد أهمية هذه الحاجة في ظل تصاعد التوترات في الشرق الأوسط. خاصة مع تصاعد الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وهجمات الحوثيين بعيدة المدى، واستمرار الفوضى في سوريا والتدخلات الأميركية التي تزيد التعقيد الأمني في المنطقة". 

ولذلك، تؤكد الصحيفة أن "هذه الظروف تحتم على مصر تعزيز قدراتها الدفاعية بمنظومة دفاع جوي متطورة تضمن أمن البلاد".

وفي هذا الإطار، تشير الصحيفة إلى أن "مصر والصين نفذتا مناورة عسكرية واسعة، استعرضت فيها الطائرات الصينية مهاراتها في أجواء مصر". 

وهذا التوجه الجديد يتماشى مع إستراتيجية مصر لبناء نظام دفاع جوي شامل. كما يتيح التعاون مع الصين فرصة لتعزيز استقلالها العسكري بعيدا عن الاعتماد التقليدي على الولايات المتحدة. 

وهنا، تنوه الصحيفة إلى أن "الولايات المتحدة، منذ سنوات، تقدم مساعدات عسكرية سخية لمصر، لكنها استخدمتها أحيانا كأداة ضغط سياسي عبر تعليقها أو تقليصها لدفع القاهرة إلى تعديل سياساتها".

وبالإشارة إلى أن "النفوذ الأميركي في الشرق الأوسط يتراجع"، تبرز الصحيفة أن "خيارات مصر تزداد وتتنوع".

إذ كانت منظومة تسليح الجيش المصري تعتمد بشكل كبير على الأسلحة الأميركية التي رافقها أحيانا حظر تقني وشروط سياسية تعرقل تطوير القدرات الدفاعية.

ورغم العلاقة الطويلة بين مصر والولايات المتحدة كحليف إستراتيجي، إلا أن تقلبات سياسات المساعدات الأميركية جعلت الضمانات الأمنية أقل استقرارا، ما دفع مصر للبحث عن بدائل أكثر مرونة.

وبحسب الصحيفة: "تقدم الصين معدات بأسعار مناسبة مع خطط تمويل ميسرة، ما يجعلها خيارا جذابا في ظل الضغوط المالية التي تواجهها مصر".

وفي الوقت ذاته، تؤكد أن "النفوذ الأميركي يتراجع على الصعيد العالمي مع توجه نحو تعددية القطبية، كما تتجه دول كثيرة نحو تنويع شراكاتها الأمنية". 

وبالحديث عن مصر تحديدا، تشدد الصحيفة على أنه "إذا استمرت واشنطن بسياساتها المتشددة، فقد تزيد الأولى من تحالفاتها مع دول مثل الصين، ما يقلل من قدرة الولايات المتحدة على التأثير كما في السابق".

مصالح متوازنة

وفي هذا السياق، ورغم عدم صدور تأكيد رسمي، تشير وسائل إعلام دولية إلى أن "التعاون بين مصر والصين يتسارع، وأن الكميات المشتراة كبيرة".

ويثير هذا التساؤل حول "سبب اختيار الصين دعم مصر بدلا من إيران، التي تعد محورا إستراتيجيا في المنطقة". 

وللإجابة، تقول الصحيفة: إنه "يجب فهم العلاقة الإستراتيجية بين الصين وروسيا، فهما تحافظان على تعاون وثيق يشمل الجوانب الاقتصادية والسياسية والعسكرية، لمواجهة الضغوط الدولية من الولايات المتحدة وحلفائها".

وفي هذا الإطار، توضح أن "روسيا تعتمد على قوتها العسكرية وتتولى العمليات الميدانية"، بينما تركز الصين على التنمية الاقتصادية والدبلوماسية".

بالإضافة إلى ذلك، تعزز الصين علاقاتها الاقتصادية مع دول الخليج، بينما ترتبط روسيا عسكريا بإيران وسوريا.

ولهذا السبب، لا تستطيع الصين التدخل بحرية في شؤون إيران، التي تقع ضمن نفوذ روسيا، خصوصا في الملف السوري.

ويعكس اختيار الصين دعم مصر رغبتها في توسيع نفوذها العالمي دون الاصطدام بمصالح روسيا، والحفاظ على شراكة إستراتيجية معها، وفي الوقت ذاته ترسيخ موقعها في الشرق الأوسط.

وبدعمها مصر، تسعى الصين إلى "حماية مصالحها في قناة السويس، الشريان الرئيس لمبادرة الحزام والطريق، وتعزيز نفوذها في العالم العربي عبر شريك مستقر سياسيا وجغرافيا".

ومن ناحية أخرى، تتحدث الصحيفة عن "حالة عدم الاستقرار السياسي الداخلي في إيران. والتي تعاني من صراعات بين التيارات المتشددة والمعتدلة، وتدهور صحة المرشد الأعلى علي خامنئي، ما يزيد من عدم اليقين السياسي في طهران".

وهذا الاضطراب يشكل خطرا إستراتيجيا للصين، التي لا يمكنها الاعتماد على دولة غير مستقرة سياسيا في سياق رؤيتها الإستراتيجية العالمية.

وفي المقابل، تسلط الصحيفة الصينية الضوء على أن "مصر تتمتع باستقرار نسبي مقارنة بإيران".

فرغم الأحداث المضطربة بعد "الربيع العربي"، استعادت مصر استقرارها السياسي وأظهرت نهجا واقعيا في علاقاتها مع الولايات المتحدة وإسرائيل.

ومن جهة أخرى، تبرز الصحيفة أن "موقع مصر الجغرافي الإستراتيجي يُعد من أهم العوامل في قرار الصين، إذ إنها تسيطر على قناة السويس، التي يمر بها أكثر من 10 بالمئة من حجم التجارة العالمية سنويا". 

وهنا، تلفت إلى أنه "بالنسبة للصين، التي تربطها مشاريع ضخمة بأوروبا وإفريقيا ضمن "الحزام والطريق"، فإن ضمان أمن الملاحة في القناة أمر بالغ الأهمية". 

علاوة على ذلك، تشير إلى أن "استقرار العلاقات المصرية مع إسرائيل والولايات المتحدة يمنح الصين فرصة توسيع نفوذها دون صدام مباشر مع واشنطن".

وإلى جانب ذلك، تمتلك مصر عسكريا قدرات كبيرة وتلعب دورا محوريا في الأمن الإقليمي، مما يجعلها عنصرا مهما في الحسابات الإستراتيجية الصينية. 

وفي إطار ما ذُكر سابقا، بشكل عام، تخلص الصحيفة إلى أن "الصين، عبر التعاون مع مصر، تستطيع توسيع نفوذها في الشرق الأوسط وبناء تحالفات إستراتيجية أكثر توازنا".

تقسيم الأدوار

وبالحديث تفصيليا عن العلاقات الصينية الروسية في الشرق الأوسط، تشير "سوهو" إلى أنها تظهر نوعا من تقسيم الأدوار.

فكما ذُكر سابقا: "تركز روسيا على دعم إيران وسوريا عسكريا، بينما تتجه الصين لتعزيز تعاونها الاقتصادي والدبلوماسي مع دول الخليج ومصر".

وتضيف أن "إيران، المعروفة بمواقفها المتشددة وعدائها لإسرائيل، تحصل على دعم عسكري روسي مباشر، بينما تتعامل الصين بحذر معها، احتراما لتوازن المصالح مع موسكو".

وفي هذا السياق، تشير الصحيفة إلى أن "عدة عوامل داخلية في إيران تثير قلق الصين، منها الوضع السياسي غير المستقر بسبب صحة المرشد علي خامنئي وعدم وضوح مستقبل القيادة، إضافة إلى الانقسامات بين التيارات الموالية للغرب والمتشددة". 

وأضافت: "علاوة على ذلك، تعاني إيران من عدم اتساق أيديولوجي وسياسي منذ الثورة الإسلامية عام 1979، مما يقلل من موثوقيتها كشريك إستراتيجي طويل الأمد".

ورغم ذلك، تؤكد الصحيفة أن "الصين لا تتخلى تماما عن إيران، فهي تظل شريكا مهما ضمن مشاريع مثل الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني، مع تعاون في مجالات الطاقة والبنية التحتية".

وفي هذا الإطار، تبرز الصحيفة أن "اختيار الصين بين دعم إيران أو توسيع تعاونها مع مصر يبقى مرتبطا بتطور الأوضاع الإقليمية والدولية".

"كما أنه سيعكس التحولات في موازين القوى داخل الشرق الأوسط"، على حد قول الصحيفة الصينية.

الابتعاد عن أميركا

وبالإشارة مرة أخرى إلى التعاون العسكري بين الصين ومصر، تشدد الصحيفة على أن "دلالات هذا الأمر أعمق بكثير بالنظر إلى تطورات الشرق الأوسط".

وهنا، تقول: "في هذه المنطقة، عند مفترق آسيا وإفريقيا وأوروبا، ظننا أن إيران تمثل العدو الرئيس لأميركا، إذ كان هناك ما يُعرف بـ "المثلث الحديدي بين الصين وروسيا وإيران".

وبالفعل، أظهرت إيران موقفا معاديا للولايات المتحدة، كما أنها كانت رأس الحربة في محور المقاومة. ولكن الشجاعة وحدها لا تكفي؛ فبدون "إرادة حقيقية وتكنولوجيا وحكمة" يصعب الصمود.

وفي هذا الصدد، توضح الصحيفة أن "المرشد الإيراني علي خامنئي يفتقر إلى رؤية قيادية واضحة، ويدير البلاد عبر موازنة بين التيار المؤيد لأميركا والمعادي لها، مما أدى إلى تمزق داخلي مستمر وضعف الحافز لمعاداة أميركا". 

وبالإشارة إلى أن "إيران تبدو ظاهريا قوية"، تبرز الصحيفة الصينية أنها "فقدت القدرة على حماية حلفائها، وأصبح كل من يعتمد عليها ينهزم بسرعة". 

وبالنظر إلى الواقع الحالي، تلفت "سوهو" إلى أن "اليمن، من خلال الحوثيين، أصبح حليفا أكثر صلابة".

وبالإضافة إلى ازدياد قوته وتسليحه، تنوه الصحيفة إلى أنهم استُدعوا إلى الأمم المتحدة، وهو ما يعكس تغيرا في ميزان القوى.

ومن جهة أخرى، تسلط الصحيفة الضوء على أن "التركيز اليوم يتجه نحو تعزيز التحالف مع السعودية ومصر واليمن لتقليص النفوذ الأميركي تدريجيا، إذ يتيح موقع هذه الدول السيطرة على البحر الأحمر وإمكانية الضغط على إسرائيل". 

ومن الناحية الإستراتيجية، تتحدث عن أن "تعاون الصين مع باكستان يضعف إيران من الشمال الغربي"، لافتة إلى أنها "تسيطر على الشرق الأوسط من خلال تعاونها مع دول المنطقة".

وفي النهاية، تعكس الصحيفة أن "السعودية، تحت قيادة محمد بن سلمان، بدأت تحولا بعيدا عن النفوذ الأميركي نحو الصين، رغم احترامها الظاهري للولايات المتحدة".

وتضيف كذلك أن “علاقة الصين مع مصر في أوجها”، مشيرة إلى أنها "عانت من انحيازها السابق للولايات المتحدة، وتعرضت لأزمات اقتصادية وأمنية، ولم يساعدها إلا الصين". 

ومع اندلاع حرب الإبادة في غزة، ولأن سيناء أصبحت هدفا جديدا لإسرائيل، تشدد الصحيفة على أن "مصر تستعد لمواجهتها بدعم الصين".

وهنا، تختتم الصحيفة تقريرها بالتأكيد على أن "القوات المصرية ستعتمد بشكل أكبر على السلاح الصيني، مما يحول مصر إلى نقطة ارتكاز إستراتيجية صينية في الشرق الأوسط، متقدمة على إيران".