بلغت 60 بالمئة.. صحيفة إيرانية: استفحال الفقر يكرس أزمة الطبقية في المجتمع

باتت تداعيات الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في إيران، تؤثر بصورة ملحوظة على شرائح كبيرة من المجتمع، على عكس مزاعم حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي.
وأوضحت صحيفة "اعتماد" الإصلاحية الإيرانية، أن الأوضاع السلبية أدت إلى أن 60 بالمئة من الشعب الإيراني أصبح يعيش تحت خط الفقر، الأمر الذي يكرس لمشاكل اجتماعية كبيرة، في مقدمتها الطبقية.
معدلات مخيفة
وذكرت الصحيفة أنه مع نهاية عام 2022، جرى تحديد خط الفقر للفرد في إيران بمليونين و800 ألف تومان (نحو 50 دولارا)، بحسب وزارة التعاون والعمل والرفاه الاجتماعي الإيرانية.
ووفقا للتقديرات الحكومية، فإن خط الفقر بالنسبة لكل أسرة مكونة من 4 أفراد جرى تحديده عند 7.7 ملايين تومان (نحو 170 دولارا)، وعليه فإن أكثر من ثلث سكان إيران يقع تحت هذا الخط.
ويزداد معدل خط الفقر في العاصمة طهران عن غيرها من المدن الإيرانية، إذ يقدر خط الفقر فيها بـ14.7 مليون تومان (نحو 335 دولارا) للأسرة المكونة من 4 أفراد، و11.9 مليون تومان (حوالي 260 دولارا) للأسرة المكونة من 3 أفراد.
وهذه المعدلات في ارتفاع منذ عام 2018، بالتزامن مع الجولة الثانية من العقوبات التي تعرضت لها إيران من جانب الولايات المتحدة والغرب، بالإضافة إلى النمو الحاد لمعدلات التضخم.
ووفقا للأرقام الحكومية التي شكك فيها كثيرون، فإن عدد الفقراء في إيران بلغ ما يقرب من 26 مليونا، من أصل 88 مليونا يمثلون إجمالي عدد السكان.
بينما يؤكد خبير التنمية الإيراني كمال أطهاري، أن 6 أعشار المجتمع تقع الآن تحت خط الفقر "النسبي"، وهو الفقر الذي يحدد على أساس السياق الاجتماعي.
ويتمثل أحد مقاييس النسبية في مقارنة الثروة الإجمالية لأفقر ثلث السكان بالثروة الإجمالية لأغنى 1 بالمئة من السكان.
وفي هذه الحالة، يمكن أن يزداد عدد الأشخاص الذين يُعدُّون فقراء رغم دخولهم المرتفعة نسبيا.
لهذا يتعجب أطهاري من "سخافة" الأرقام المذكورة في مقترح الحكومة بتقديم 500 إلى 600 ألف تومان كزيادة إسكان للأسر الطهرانية.
مصيدة الطبقية
بحسب وزارة التعاون والعمل والرفاه الاجتماعي، فإن عام 2021 بدأ بتضخم مرتفع، ولكن في الأشهر الأخيرة من ذلك العام، كان هناك اتجاه تنازلي.
ولكن على الرغم من انخفاض معدل التضخم، فإن هذا المعدل مايزال أعلى بكثير من توجهاته طويلة الأجل، ومايزال الاقتصاد في حالة غير مستقرة.
وبحسب الخبير أطهاري، فإن كل 1 بالمئة من التضخم يؤدي إلى زيادة بنسبة 20 بالمئة في الفجوة الطبقية.
كما أن تنامي الفقر "المطلق" يزيد من وقوع المجتمع الإيراني في مصيدة الطبقية، لأن الفقراء سوف يتجمعون معا، ولن يستطيعوا التواصل بعدها مع الطبقات الأعلى.
والفقر "المطلق" هو الفقر المستند إلى معيار ثابت، كتحديد النسبة المئوية من السكان الذين يتناولون غذاء أقل مما هو مطلوب لدعم جسم الإنسان.
وحذر أطهاري من أن هذه الفجوة الطبقية هي التي ستدمر المجتمع، وستدفعه إلى الرد على تبعاتها، وهو ما سوف تسميه الدولة "اضطرابا".
وأكد أن هذا الفقر لن يزول بنثر الأموال وتوزيعها، لأن الأمر يحتاج إلى إصلاح سلسلة السياسات الاقتصادية الموجودة.
استهلاك الغذاء
استنادا إلى المعلومات الواردة في بيان الوزارة حول نفقات الأسرة، وبحساب نصيب الفرد من استهلاك المجموعات الغذائية، يتضح انخفاض الاستهلاك الإجمالي للغذاء عن المقدار المطلوب منذ عام 2011، وفق الصحيفة.
وأشارت إلى الاتجاه التنازلي لاستهلاك السعرات الحرارية، مؤكدة وجود انخفاض في استهلاك اللحوم من جانب الأسر ذات الدخول المنخفضة، وثبات في استهلاكها من جانب الشرائح عالية الدخل.
والمهم هنا من وجهة نظر خبراء التنمية هو انخفاض نسبة استهلاك الأسر ذات الدخول المنخفضة للسلع الأساسية، بسبب التضخم.
وخلافا لما تدعيه الوزارة حول تحسن مستوى رفاهية المجتمع بشكل عام في 2021، فإنه لم يكن هناك تحسن كبير في رفاهية الفئات ذات الدخل المنخفض.
كما أنه من غير المعقول القول إن أكثر من مليون عاطل قد عادوا إلى العمل، فانخفضت مشاكلهم ومشاكل أكثر من مليون أسرة معهم، للانخفاض الطفيف في معدل الفقر الذي حدث بعد إزالة القيود التي فرضت مع أزمة كورونا.
وتخلص الصحيفة إلى توصية مفادها أنه "على وزارة التعاون والعمل والرفاه الاجتماعي أن تضع من الآن فصاعدا قضية الفقر بجانب قضية عدم الاستقرار السياسي للمجتمع، وتحللها".
فضلا عن السعي إلى إصلاح السياسات الحكومية في مجال الإسكان والتوظيف والتأمين الصحي والعليم، ومراقبة السياسات الاقتصادية، بدلا من مجرد إصدار سلسلة من الإحصائيات، تختم الصحيفة الإيرانية.