ترحيل طالبي اللجوء الأفغان من طهران.. ما تداعياته على اقتصاد كابول؟

منذ ١٢ ساعة

12

طباعة

مشاركة

في أعقاب حرب الاثنى عشر يوما بين إيران وإسرائيل صعّدت طهران من عمليات ترحيل طالبي اللجوء الأفغان، حيث تقوم يوميا بإعادة ما يصل إلى 30 ألف شخص إلى الأراضي الأفغانية، وهو ما أثار قلقا كبيرا في الأوساط السياسية والإنسانية.

وبحسب صحيفة "8 صبح" الأفغانية، فقد أدى الترحيل القسري للمهاجرين من إيران إلى أزمة إنسانية حادة في أفغانستان، وألحق ضررا بالغا بالاقتصاد الوطني.

وفقدت العديد من الأسر الأفغانية مصدر دخلها الرئيس؛ حيث كانت تعتمد بالأساس على الحوالات المالية من أقاربهم المقيمين في إيران، الأمر الذي أدخل هؤلاء العائلات في دوامة من المصاعب الاقتصادية والاجتماعية. 

كما كان لهؤلاء المهاجرين دور بارز في توفير السيولة النقدية للاقتصاد غير الرسمي في أفغانستان؛ حيث كانت الأموال تحول إلى السوق عبر نظام الحوالات غير الرسمي، وتؤمن الحد الأدنى من الاستقرار المعيشي للأسر.

وفي 13 يونيو/ حزيران 2025، شنّت إسرائيل بدعم أميركي عدوانا على إيران استمر 12 يوما، شمل مواقع عسكرية ونووية ومنشآت مدنية واغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين.

وردّت إيران باستهداف مقرات عسكرية واستخبارية إسرائيلية بصواريخ باليستية وطائرات مسيّرة، ثم أعلنت واشنطن في 24 من الشهر ذاته وقفا لإطلاق النار بين الجانبين.

انخفاض حاد 

وتشير تقديرات الخبراء الاقتصاديين إلى أن "المهاجرين الأفغان المقيمين في إيران كانوا يرسلون سنويا ما يقارب 500 مليون دولار لدعم ذويهم، أو لشراء ممتلكات أو تنفيذ مشاريع خيرية في بلادهم".

وأوضحت الصحيفة أنه "مع الترحيل الجماعي للمهاجرين، تراجعت هذه التحويلات بشكل حاد، ما أثّر سلبا على القدرة الشرائية للأسر، وأدى إلى تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد".

ووفقا لها "كانت هذه التحويلات تتم بطريقة غير رسمية، وتدخل في دورة الاقتصاد الأفغاني مباشرة، وتلعب دورا أساسيا في دعم الاستقرار المالي وتأمين احتياجات المعيشة لآلاف الأسر".

واستدركت: "لكن مع بدء الترحيل الجماعي، تقلص الوصول إلى هذه الموارد المالية، ما أدى إلى انخفاض تدفق الأموال، وزيادة الركود في الاقتصاد غير الرسمي، وتفاقم الضغوط على الأسر التي كانت تعتمد على تلك التحويلات".

ونتيجة لذلك، "تصاعدت معدلات الفقر داخل هذه العائلات بشكل ملحوظ، وارتفعت مخاطر الهجرة من جديد، أو الاعتماد المتزايد على المساعدات الإنسانية الخارجية بشكل مقلق".

من جانبهم، أكّد عدد من العاملين في مجال الحوالات المالية وجود انخفاض حاد في حجم التحويلات التي يقوم بها عملاؤهم، بعد عمليات الترحيل الواسع للمهاجرين من إيران.

ووفقا لهم، كان المهاجرون الأفغان في إيران يرسلون أموالا إلى أقاربهم في باكستان أيضا، لكن مع عمليات الترحيل الجماعي، تقلصت هذه العمليات وأصبحت محدودة.

وقال أحد أصحاب مكاتب الحوالات، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه: "في الأيام الأخيرة، انخفضت الحوالات بشكل كبير، خلال فترة الترحيل هذه، لم نتلق سوى حوالة واحدة".

وأضاف: "في السابق، كنا نتلقى حوالات كثيرة، أما حاليا فنحن نجلس دون عمل". 

واستطرد: "رُحل معظم المهاجرين أو لم يحصلوا على أجورهم من أصحاب العمل، مما أثر بشكل كبير على السوق المالية".

كارثة اقتصادية

وقال الخبير الاقتصادي وعضو مجلس إدارة غرفة التجارة والاستثمار في أفغانستان، أذارخش حافظي: إن "هذا التراجع الحاد في التحويلات بعد الترحيل الجماعي أدى إلى انخفاض القدرة الشرائية لدى العائلات، وركود الأسواق، وتضرر التوازن النقدي، وتراجع في تدفق الأموال والخدمات المالية في البلاد".

وأوضح حافظي للصحيفة أن "التقديرات حتى نهاية عام 2024 تشير إلى أن إجمالي التحويلات السنوية من المهاجرين الأفغان إلى وطنهم بلغ نحو 2.7 مليار دولار، منها 500 مليون قادمة من إيران".

"وهو ما يؤكد الأثر الكبير لهذه الفئة في تنشيط السوق وزيادة القوة الشرائية في أفغانستان، ولذلك يشكل ترحيلهم كارثة اقتصادية حقيقية"، بحسب تعبيره.

وأكد أن "معظم الأشخاص الذين يرحلون من الدول المستضيفة هم من فئة الشباب أصحاب الكفاءات والخبرة العملية، في حين أن السوق المحلي الأفغاني لا يوفر لهم فرص عمل كافية، مما يؤدي إلى أزمة اقتصادية واجتماعية أعمق".

كما أوضح حافظي أن "إيران وباكستان، إلى جانب دول أخرى مثل الولايات المتحدة وألمانيا وتركيا، حين تقوم بطرد المهاجرين الأفغان، لا تعرض حياة هؤلاء الأفراد للخطر فحسب، بل تُعرض كذلك معيشة أسرهم داخل أفغانستان لصعوبات كبيرة".

من جهته، شدد المسؤول السابق عن تطوير الخدمات المالية في المصرف المركزي لحكومة أفغانستان السابقة، مير شكیب میر، في حديثه مع الصحيفة، على أن "تحويلات المهاجرين الأفغان في إيران كانت تلعب دورا أساسيا في تأمين معيشة أسرهم، وكان لها أثر إيجابي على الاقتصاد".

مصدر رئيس

في هذا الصدد، أفادت تقارير سابقة لمنظمة الهجرة الدولية أنه "بعد انهيار النظام المالي في أفغانستان، أصبحت نحو 90 بالمئة من المعاملات تتم عبر نظام الحوالات".

ووفقا لتقرير المنظمة، "تنشط أكثر من 900 شركة وفرد في مجال الحوالات في جميع أنحاء أفغانستان، وهم يلعبون دورا حيويا في توفير السيولة النقدية وتدوير الأموال".

كما أظهر التقرير الدولي أن "حوالي 15 بالمئة من العائلات الريفية في أفغانستان تتلقى تحويلات مالية، وهي مصادر تغطي في المتوسط ما يصل إلى 20 بالمئة من نفقاتهم المعيشية".

وعقبت الصحيفة: "لطالما شكلت الحوالات المرسلة من المهاجرين مصدرا رئيسا للدخل للعديد من الأسر الأفغانية؛ حيث تُظهر التقديرات أن حوالي 5 بالمئة من سكان أفغانستان يعيشون ضمن أسر تعتمد بشكل رئيس على الحوالات كمصدر دخل".

فعلى سبيل المثال، "في عام 2020، قُدرت قيمة التحويلات المرسلة إلى أفغانستان بنحو 787 مليون دولار، وهو مبلغ يمثل قرابة 4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للدولة".

من جانب آخر، أشارت الصحيفة إلى "تزايد المخاوف لدى المهاجرين الأفغان بعد صدور تعليمات من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية الإيرانية، تنص على أن العمال الأفغان يسمح لهم فقط بالعمل في وظائف شاقة ومنخفضة الدخل، مثل العمل في البناء وجمع القمامة والزراعة".

وهو ما تعتقد الصحيفة أنه "يحد من فرص العمل المتاحة لهم، ويجعلهم عرضة للاستغلال، وانعدام الأمن الاقتصادي، والترحيل القسري".

بدورها، دعت روزا أوتونباييفا، رئيسة بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان (يوناما)، إلى التحرك العاجل لمعالجة أوضاع العائدين قسرا.

وحذرت أوتونباييفا من أن "هذه الأزمة يجب أن تطلق ناقوس الخطر أمام المجتمع الدولي"، مؤكدة أن “إدارة هذه الأزمة تتجاوز قدرات المؤسسات الإنسانية العاملة حاليا”