وضع متفجر.. ما حقيقة الخلاف بين أميركا وإسرائيل حول أحمد الشرع؟

منذ ٩ ساعات

12

طباعة

مشاركة

في ظل العدوان الإسرائيلي، أفاد مسؤول أميركي رفيع المستوى لموقع "القناة 12" العبرية بأن إدارة دونالد ترامب طلبت من إسرائيل في 16 يوليو/تموز 2025، وقف الهجمات في سوريا وفتح حوار مع حكومة دمشق لتهدئة التوترات.

بالتزامن مع ذلك، صرح وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، بأن "الولايات المتحدة قلقة من الغارات الإسرائيلية على الأراضي السورية"، مضيفا: "نتحدث مع جميع الأطراف، ونرغب في وقف التصعيد".

وتثير هذه التصريحات الأميركية تساؤلات حول مدى التنسيق بين إسرائيل والولايات المتحدة فيما يتعلق بالتصعيد العسكري الأخير في السويداء ودمشق، ومدى التوافق بين الطرفين بشأن الموقف من الحكومة السورية.

ضربة قاسية 

وأشار الموقع إلى أنه "في ضوء التصعيد المتزايد، قررت الولايات المتحدة التدخل بشكل مباشر تحمل زمام المبادرة من خلال ممارسة ضغوط على كل من إسرائيل وإدارة أحمد الشرع".

يأتي هذا في وقت أعلن فيه وزير الخارجية روبيو، أنه وبعد ساعات من المحادثات الدبلوماسية مع الأطراف المعنية، التوصل إلى تفاهمات بشأن خطوات من شأنها أن تنهي الوضع المتفجر في سوريا، ابتداء من الليلة نفسها".

وعقب الموقع على هذا الموقف الأميركي قائلا: "على عكس التنسيق الوثيق واللافت الذي ساد بين الحكومة الإسرائيلية وإدارة ترامب في خطوات سياسية سابقة، لا سيما فيما يتعلق بالملف الإيراني؛ تكشف القضية السورية عن خلافات جوهرية بين البلدين".

وتابع: "فبالإضافة إلى المساعي الأميركية لدفع إسرائيل إلى وقف هجماتها في جميع أنحاء سوريا، هناك أيضا اختلافات كبيرة في وجهات النظر بشأن الرئيس الشرع".

وبحسب القناة العبرية، أعرب العديد من المسؤولين الأميركيين عن قلقهم من أن "غارات إسرائيل، بما في ذلك تلك التي استهدفت محيط القصر الرئاسي ومقر القيادة العامة للجيش في دمشق، قد تؤدي إلى زعزعة استقرار الحكومة الجديدة بشكل كبير، وتعيق الجهود الجارية لتطبيع العلاقات بين إسرائيل وسوريا".

وأضافت: "كانت الأسابيع الأخيرة قد شهدت -بفضل جهود الولايات المتحدة- تقدما ملموسا نحو التوصل إلى اتفاق أمني جديد بين إسرائيل وسوريا، من شأنه أن يشكل خطوة أولى نحو تطبيع العلاقات بين البلدين في المستقبل".

واستدركت: "إلا أن مسؤولا أميركيا حذر من أن التطورات خلال الـ48 ساعة الماضية قد تشكل ضربة قاسية لهذه المساعي".

في هذا السياق، قالت القناة: إن المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توم براك، أجرى عدة اتصالات في 15 و16 يوليو مع وزير الشؤون الإستراتيجية في إسرائيل، رون ديرمر، أحد أقرب المستشارين إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مطالبا الجانب الإسرائيلي بتهدئة الوضع، وفق ما أفاد به مسؤول أميركي.

وأكد المسؤول للقناة أنهم "طلبوا من الإسرائيليين التوقف والتقاط الأنفاس"، فيما لم يصدر أي تعليق رسمي من مكتب الوزير ديرمر.

ووفق القناة العبرية، شدد المسؤول الأميركي على أن "إدارة ترامب تسعى حاليا لدفع إسرائيل وسوريا إلى الدخول في حوار مباشر، بهدف إيجاد مخرج للأزمة المتصاعدة".

خلافات جوهرية

في ظل هذا التوتر، كشف الموقع العبري أن "هناك خلافات واضحة تبرز بين إسرائيل والولايات المتحدة بشأن ما إذا كانت الحكومة السورية متورطة فعلا في الهجمات التي استهدفت الطائفة الدرزية في مدينة السويداء جنوب سوريا".

في الوقت ذاته، أوضح الموقع أن "مسؤولا إسرائيليا كبيرا شدد على التزامهم بحماية الأقلية الدرزية في سوريا، بعدّ ذلك امتدادا لمسؤولياتهم تجاه الطائفة الدرزية داخل إسرائيل".

في المقابل، نقل الموقع عن مسؤول أميركي نفيه "وجود أي أدلة استخباراتية تدعم رواية إسرائيل"، مشيرا إلى أن "المعلومات المتوفرة لدى واشنطن لا تؤكد تورط الحكومة السورية بشكل مباشر في الهجمات".

كما أشار المسؤول إلى أن "إسرائيل أوضحت لإدارة ترامب أنها تعد ما جرى في السويداء بمثابة (هجوم شبيه بـ7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023) على المجتمع الدرزي". 

وبحسب هذا المسؤول، فإن "رد الفعل الإسرائيلي مدفوع جزئيا بضغوط سياسية داخلية من أبناء الطائفة الدرزية داخل إسرائيل على حكومة نتنياهو".

على الجانب الآخر، أوضح مصدر سياسي إسرائيلي للقناة أن "الشرعية التي حصل عليها النظام السوري الجديد أخيرا تسببت في اضطراب تقديراته للواقع".

وبحسب القناة العبرية، "تتهم إسرائيل النظام السوري بوجود فجوة كبيرة بين سلوك رئيسه على الساحة الدولية، وبين ممارساته الداخلية".

وترى المصادر الإسرائيلية أن "ما يجري حاليا في سوريا، خصوصا ما يتعلق بالمليشيات التي تعمل تحت سلطة النظام الجديد، لا يعد نتيجة خطأ في التقدير، بل هو (تخطيط مدروس) من قبل هذا النظام".

"بالتوازي مع ذلك، يدور نقاش سياسي واسع في الساحة الداخلية في إسرائيل، يصفه بعض الأطراف بأنه (جدل خفي)، حول المصالح الإسرائيلية الإستراتيجية تجاه سوريا"، تقول القناة.

وأكملت: “يتمحور هذا الجدل حول سؤال رئيس: هل هناك بالفعل مجال للتقارب مع النظام السوري الجديد، وإن وُجد، فبأي وتيرة يجب أن يتم؟”

وفي هذا الصدد، توقع الموقع أن "يزداد هذا الجدل حدة مع تطورات الأحداث الميدانية".

وفي تعقيبه على التطورات الميدانية في سوريا، صرح وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قائلا: "أوصلت رسائل واضحة للنظام في سوريا، وهو يعرف بالضبط كيفية استعادة الهدوء والاستقرار إذا أراد ذلك".

وأوضح أن "هذا الموقف الإسرائيلي يُنقل أيضا إلى الأميركيين والفرنسيين وعدد من الشركاء الدوليين الآخرين".

بدوره، يرى الموقع أن "الرسالة الإسرائيلية واضحة: كل ما تقوم به إسرائيل، سواء على المستوى الميداني أو الدبلوماسي، سيعتمد على تصرفات النظام السوري، حتى في حال توقف التصعيد مؤقتا".

انتقادات حادة

في الوقت ذاته، وُجهت انتقادات حادة لأداء الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الإسرائيلية، التي يُنظر إليها على أنها أسهمت في الوصول إلى الوضع الراهن في الشمال، وفق الموقع العبري.

وتابع موضحا: "إذ أشارت مصادر أمنية إلى أن إسرائيل كانت على علم بإمكانية حدوث موجة من العنف على خلفية الهجمات التي استهدفت الطائفة الدرزية في سوريا، لكنها لم تقم بنشر قوات كافية للتعامل مع تلك التطورات".

وأردف: "بحسب الادعاءات، لم يعزز الجيش الإسرائيلي قواته بشكل كافٍ رغم أن المخاوف طُرحت في جميع النقاشات، واستندت إلى (معلومات استخباراتية وتصريحات سابقة)". 

واستطرد: "نتيجة لذلك، عندما وقعت الأحداث على السياج الحدودي وفي منطقة الحدود، اضطر الجيش إلى نقل قوات من قطاع غزة للسيطرة على الوضع في الشمال".

تأتي هذه الانتقادات -حسب التقرير- على خلفية عبور عدد من أبناء الطائفة الدرزية في إسرائيل الحدود إلى سوريا، عقب أحداث السويداء.

في الوقت نفسه، ذكر الموقع أنه "رغم جاهزية وحدات حرس الحدود المعدة للتعامل مع حالات الطوارئ، إلا أن عددها لم يكن كافيا لاحتواء الموقف والأحداث المتسارعة".

وأشار إلى أن "الجيش الإسرائيلي يستعد لسيناريو بالغ الخطورة، يتمثل في محاولة فصائل سورية اختطاف دروز إسرائيليين، بهدف استخدامهم كورقة (تفاوض) للضغط على إسرائيل لوقف تدخلها في الصراع السوري".

في هذا السياق، أفاد الموقع بأن "مسؤولين مطلعين حذروا في بداية الأحداث من أن التوتر في منطقة الحدود قد يتحول إلى أزمة واسعة النطاق".

وأضاف: "مع تصاعد الأحداث بشكل دراماتيكي، تتصاعد موجة انتقادات حادة ضد تقديرات الأجهزة الأمنية والعسكرية التي يُعتقد أنها أسهمت في إيصال الوضع إلى هذا التصعيد".

من جهة أخرى، يقدر الموقع أن "للشرع مصالحه الخاصة في احتواء الأزمة وتخفيف حدة التوتر داخل البلاد، حيث يحاول أن يظهر أمام المجتمع الدولي بمظهر من يسعى لتهدئة التوتر داخل سوريا".

وترتبط رغبة الشرع أيضا بالجانب الاقتصادي، إذ يرى أن "زعيم سوريا يسعى للحصول على تمويل سعودي لإعادة إعمار البلاد، ويخشى بشكل كبير من إعادة فرض العقوبات الأميركية التي رُفعت أخيرا بعد سنوات طويلة".

كما أنه "يريد تصوير نفسه كرئيس موحد لجميع الأقليات في سوريا، في خطوة تهدف في نهاية المطاف إلى توقيع اتفاق أمني جديد مع إسرائيل"، وفقا لزعم الموقع العبري.