رغم الفرص المهدرة.. لماذا تعد تونس وجهة مفضلة للاستثمار الياباني في إفريقيا؟

"تونس لم تستثمر الفرصة كما يجب لتطوير مشاريع هيكلية بالشراكة مع اليابان"
تمر خلال العام 2025، الذكرى الخمسين لانطلاق الشراكة بين تونس واليابان بالتزامن مع قرب انعقاد الدورة المقبلة من مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في إفريقيا (TICAD) في مدينة يوكوهاما في 20 - 22 أغسطس/آب.
وسلطت مجلة "جون أفريك" الفرنسية، الضوء على حصيلة هذا التعاون الثنائي، خاصة في أعقاب تنظيم الدورة الثامنة من المؤتمر المذكور في تونس عام 2022.
وأشارت إلى أن هذه الذكرى تمثل لحظة مفصلية لتقييم مدى تأثير هذا الحدث على الشراكة المتواصلة بين البلدين منذ عام 1956.
ورغم توقيع اتفاقيات ومشاريع بقيمة 2.7 مليار دولار تشمل قطاعات الطاقة والمياه والتكوين المهني، يرى عدد من المسؤولين والخبراء أن تونس لم تستثمر الفرصة كما يجب لتطوير مشاريع هيكلية بالشراكة مع اليابان.
ومع ذلك، تبقى تونس وجهة استثمارية مفضلة للقطاع الخاص الياباني في إفريقيا، حيث تحتضن 22 شركة يابانية وفرت نحو 10 آلاف وظيفة، في علاقة توصف بأنها هادئة ومثمرة وتستحق المزيد من الدعم والترويج.

الذكرى الخمسين
في عام 2025، تحتفل تونس واليابان بالذكرى الخمسين لشراكتهما التي بدأت منذ تأسيسها تحت رعاية الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (JICA).
وعدت المجلة الدورة الجديدة من المؤتمر المذكور، فرصة مناسبة لقياس تأثير هذا الحدث على الشراكة المستمرة بين تونس واليابان منذ عام 1956.
وفيما يخص الاستثمارات، وصفت الدورة الثامنة من "تيكاد" بأنها كانت مثمرة، إذ وقع 92 مشروعا بلغت قيمتها الإجمالية 2.7 مليار دولار، مع توقعات بخلق نحو 36 ألف وظيفة في القارة الإفريقية.
فقد أبرمت تونس 6 اتفاقيات ثنائية مع الهيئات العامة اليابانية، من بينها قرض بقيمة 100 مليون دولار يتعلق بالحماية الاجتماعية والتكوين المهني.
ومن بين المشاريع الأخرى التي أقرت، أشارت المجلة الفرنسية إلى إنشاء 3 محطات لإنتاج الطاقة الشمسية الكهروضوئية، ومحطة لمعالجة المياه العادمة، وأخرى لتحلية مياه البحر.
ورغم ذلك، نقلت عن ناصف بلخيرية، نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة بي إس بي تويوتا ورئيس غرفة التجارة والصناعة التونسية اليابانية (CCITJ)، قوله: إن "إمكانات تونس تفوق بكثير ما نطمح إليه حاليا".
وعبر عن أسفه بسبب "تعقيد تطبيق الشراكات بين القطاعين العام والخاص في تونس، مما يحول دون فعاليته".
وأكد أن تونس لم تعرف كيف تستغل فترة ما قبل مؤتمر "تيكاد" لتطوير رؤية مشتركة مع اليابانيين حول مشاريع هيكلية، وخصوصا في مجال النقل.

وجهة جذابة
وبالرغم من قول المجلة إن نتائج "مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في إفريقيا" كان يمكن أن تكون أفضل، لكنها تؤكد أن ذلك "لم يمنع تونس من البقاء وجهة جذابة للغاية بالنسبة للقطاع الخاص الياباني" في القارة السمراء.
وأشارت إلى أن البلاد تستضيف اليوم 22 شركة يابانية وفرت معا ما يقارب 10 آلاف وظيفة.
ومن بين هذه الشركات، ذكرت أسماء كبرى في الصناعة مثل ميتسوبيشي (في مكونات السيارات) وسوميتومو (في تصنيع الكابلات والأسلاك الكهربائية).
وهذا بالإضافة إلى شركات متخصصة مثل Ovice، وهي فرع تابع لمجموعة YKK، وتنشط في مجال الذكاء الاصطناعي.
وفي هذا الصدد، أكد دبلوماسي تونسي سابق أن هذه الأمثلة تشكل "روابط نسجت بهدوء على مر الزمن مع طوكيو".
وشدد على أن هذه العلاقات "تسير في الاتجاهين"، ضاربا المثل بإحدى الشركات التونسية التي تصنع زيت زيتون، وتحتل بضائعها مكانة بارزة على رفوف المتاجر اليابانية الكبرى.
وقالت المجلة: إن مثل هذه الأمثلة يجب أن تسلط عليها تونس الضوء خلال المعرض العالمي في أوساكا هذا العام، لتعزيز تعاونها الراسخ مع اليابان.