بعد فوز نتنياهو.. ما احتمالات عودة القطيعة مع تركيا وإلغاء اتفاق لبنان؟
.jpg)
سلطت صحيفة جيروزاليم بوست العبرية الضوء على المشكلات المتوقعة بين دولة الاحتلال الإسرائيلي، وكل من تركيا ولبنان، مع عودة رئيس الوزراء الأسبق بنيامين نتنياهو إلى منصبه.
وأعلنت لجنة الانتخابات المركزية الإسرائيلية، مساء 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، فوز معسكر نتنياهو بـ64 من مقاعد الكنيست (البرلمان) الـ120 في انتخابات هي الخامسة في غضون أقل من 4 سنوات وسط ترقب تشكيلة حكومته المقبلة التي يسود الظن أنها ستكون يمينية.
تقول الصحيفة إن بانتظار "نتنياهو" العديد من مسائل السياسة الخارجية التي تعامل معها من قبل، موضحة أنه عائد بتحالف أقوى، وربما أكثر استقرارا مما كان عليه في السابق.
وذكرت بعض القضايا التي ستواجه نتنياهو، منها: العلاقات الوثيقة بين إسرائيل والهند، وإدارة التحالف مع الولايات المتحدة، والتعاون مع الاتحاد الأوروبي، واتفاقيات أبراهام، واليونان، وقبرص، هذا علاوة على الغزو الروسي لأوكرانيا.
وأضافت الصحيفة أن هناك دولتين تبدو العلاقات معهما كسلسلة معقدة من المشكلات بالنسبة لنتنياهو، وهما تركيا ولبنان، إذ تركت حكومة، يائير لابيد، له الكثير من الملفات المفتوحة.
فخلال فترة الحكومة الإسرائيلية منتهية الولاية، جرى استئناف العلاقات مع تركيا، وكان هناك العديد من الزيارات رفيعة المستوى.
وتعقب "جيروزاليم بوست" على تلك الزيارات، بالقول إن "عددها كان كبيرا في مثل هذه المدة القصيرة".
ففي مارس/آذار 2022، زار الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، أنقرة. ثم زار وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو تل أبيب في مايو/أيار من العام نفسه.
ليزور بعدها وزير الجيش الإسرائيلي، بيني غانتس، تركيا، في أكتوبر/تشرين الأول 2022.
عقد من المشكلات
وتصف الصحيفة تركيا بأنها كانت من أكثر الدول "عداء" لتل أبيب خلال العقد الماضي، فقد شبه حزب العدالة والتنمية الحاكم "إسرائيل" بألمانيا النازية عدة مرات في عامي 2018 و2019.
كما استضافت تركيا قادة من حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وأفادت تقارير لوسائل إعلام أجنبية أن الحركة خططت لهجمات من تركيا، حسب زعم جيروزاليم بوست.
كما ادعت الصحيفة العبرية أن تنظيم تركيا لأسطول الحرية، الذي حاول تقديم المساعدة الإنسانية لسكان قطاع غزة في مايو 2010، "كان أحد الأعمال العدائية من تركيا ضد إسرائيل"، بحسب تعبيرها.
وأشارت أيضا إلى "محاولة تركيا إفساد اتفاقيات التطبيع، في سبتمبر/أيلول 2022، عبر التهديد بقطع العلاقات مع الإمارات، علاوة على تدخلها في علاقات إسرائيل بكل من اليونان وقبرص".
وتذكر الصحيفة أن أنقرة سعت إلى تدوير الزوايا وتسوية الخلافات مع العديد من دول المنطقة، منها الإمارات، ومصر، والسعودية، وإسرائيل.
ووفق "جيروزاليم بوست"، فإن الحكومة الإسرائيلية منتهية الولاية كانت حريصة على عودة العلاقات مع تركيا، وقدمت الكثير في هذا السياق، لدرجة أنه ليس من الواضح ما إذا كانت قد تأكدت من نوايا أنقرة أم لا.
وطرحت الصحيفة عدة أسئلة تشكك في أن أنقرة قدمت شيئا يذكر مقابل التطبيع، إذ تساءلت: هل كانت تركيا تستخدم "إسرائيل" كورقة للتأثير على الولايات المتحدة؟ وماذا قدمت لها؟
وادعت أن احتجاز تركيا لسائحين، في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، بتهمة التجسس، ثم الإفراج عنهما، جعل الأمر يبدو وكأن أنقرة قدمت شيئا إيجابيا.
وتضيف أن "تركيا أعلنت أنها أحبطت هجمات إيرانية ضد إسرائليين على أراضيها. لكن قد يتساءل المرء: لماذا تحاول إيران في الأساس مهاجمة إسرائيليين على الأراضي التركية؟".
كما تطرح الصحيفة بعض "التساؤلات الجوهرية" بشأن مستقبل العلاقات بين الطرفين، قائلة: "هل ستستخدم أنقرة الانتخابات التركية القادمة في 2023 للانقلاب على مسار التطبيع مع إسرائيل؟ وهل سيرد نتنياهو؟ أم أن الحذر سيسود الجانبين؟".
كذلك أشارت إلى أن "تركيا تابعت اتفاق ترسيم الحدود البحرية الأخير بين إسرائيل ولبنان، ولا بد أنها تساءلت عن دلالات ذلك"، في إشارة إلى رغبة أنقرة في اتفاق مماثل.
علاوة على ذلك، فإن الصفقات البحرية والدفاعية التي تبرمها أنقرة مع طرابلس الليبية، من شأنها أن تؤدي إلى أزمة جديدة بين أنقرة وأثينا.
وتؤكد "جيروزاليم بوست" على أن "إسرائيل" تربطها علاقات وثيقة بكل من اليونان وقبرص، وأنه بالرغم من رغبة تل أبيب في النأي بنفسها عن الصراع في البحر الأبيض المتوسط، فإن نتنياهو حريص على العلاقات الإسرائيلية-اليونانية.
الحدود البحرية
ولأن الحدود البحرية مهمة، فإن اتفاق ترسيم الحدود البحرية الأخير بين إسرائيل ولبنان يثقل كاهل أي حكومة إسرائيلية قادمة بعدة مشكلات معقدة، حسب الصحيفة.
فقد هرولت حكومة لابيد إلى تلك الصفقة، بدعم من الولايات المتحدة، ووسط تهديدات من حزب الله، ومطالبات منه بعدم استغلال إسرائيل لموارد الطاقة في حقل كاريش.
وفي حين أن لإسرائيل الحق في فعل ما تريده في حقل كاريش، وفق ادعاء الصحيفة، فقد تمادى لبنان في مطالبه، ما أدى إلى احتمالية نشوب جولة من التصعيد.
وأضافت "جيروزاليم بوست" أن إيران وحزب الله كانا خلف هذه المطالب اللبنانية، إلا أنه جرى توقيع الاتفاق في النهاية. وعلى أساسه يرى البعض أنه سيؤدي إلى السلام والازدهار لدى الجانبين.
واستدركت أنه "ليس هناك ما يضمن أن الانتصار الذي حققه حزب الله في الصفقة، وفق ما أعلنه قادته، لن يؤدي إلى استفزازات".
إذ يمكن للحزب أن يستخدم غطاء الشركات الأجنبية التي تنقب في حقل قانا، على الجانب اللبناني من خط الترسيم، لتهديد إسرائيل أو إثارة التوترات.
وفي هذه الحالة، إذا ردت إسرائيل، فيمكن تصويرها على أنها تخرق الاتفاق، كما أن بإمكان حزب الله أن يفعل ما يشاء لأنه "مليشيا غير شرعية"، بحسب وصف الصحيفة. وهنا، سيعلن لبنان عدم تحمله أي مسؤولية، متظاهرا أن حزب الله يتصرف من تلقاء نفسه.
وتعتقد "جيروزاليم بوست" أن على الحكومة القادمة، بقيادة نتنياهو، أن تعيد النظر في اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، مشيرة إلى انتقاد رئيس الوزراء الأسبق له.
لكنها استدركت أن تلك الانتقادات ربما تكون غير حقيقية وأتت في السياق الانتخابي. ومع ذلك، يبدو أن الأهمية التي حازها الاتفاق ستشكل معضلة بالنسبة للحكومة الجديدة، بشكل يمنعها من التملص منها.
وأردفت الصحيفة أن إيران وأذرعها في المنطقة يفضلون فرض صفقات على الديمقراطيات، من خلال التهديد بالحرب، إذا لم تقبل هذه الديمقراطيات بشروطهم. وتعويلهم في ذلك إنما هو على عادة تلك الدول في تفضيل الصفقات على الانخراط في الحروب.
وتذكر أن سياسة نتنياهو بشكل عام كانت محاولة تجنب الحرب، ولكن أيضا الحفاظ على الردع، أو على الأقل البقاء في نمط معين من إدارة الصراعات، كما فعل في سوريا لعقد من الزمان.
وإذا ما أضفنا هذا النهج، لمعرفة نتنياهو الواسعة بالمسائل المتعلقة بالحدود البحرية الشمالية لـ"إسرائيل"، ومحور إيران وحزب الله، فإن الصفقة البحرية الجديدة ستعطي حرية أكبر للتحركات الإسرائيلية في الشمال، حسب جيروزاليم بوست.
وتختم الصحيفة بالقول إن العلاقات مع تركيا، والمشكلات المعقدة مع لبنان، ترتبطان بتحديات أوسع في المنطقة ككل. ولذا، فإنه يتعين على نتنياهو، حال تشكيله الحكومة، أن يتعامل مع أزمتين متداخلتين في الوقت نفسه.