يوسف اليوسف: حكام الخليج تقودهم العروش والسلطة لا الدين والوطن (حوار)

شدوى الصلاح | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

النظامان السعودي والإماراتي باتا يشكلان خطراً على دول المنطقة، في ظل الانكشاف المستمر لدورهما في إفشال الثورات العربية، فضلا عن تزايد دورهما السلطوي والاستبدادي في المنطقة.

فبينما تحاول الديمقراطية أن تشق طريقها في الجزائر والسودان بعد أن تمكن شعبا البلدين من اقتلاع رؤوس الأنظمة الديكتاتورية التي تحكمهما منذ سنوات، تستمر محاولات الرياض وأبوظبي في التلاعب بالثورتين ومحاولة السير بهما لما آلت إليه الأمور في مصر.

في محاولة من "الاستقلال" لقراءة المشهد العربي والخليجي عن قرب وبشكل أوضح، والوقوف على مآلات الثورات العربية المتتابعة، أجرت حوارا مع الأكاديمي الإماراتي الدكتور يوسف اليوسف أستاذ الاقتصاد والباحث في قضايا النهضة والتنمية بدول الخليج.

الإمارات

  • بصمة حكام أبو ظبي تظهر في كل الثورات المضادة تتفق معي..

نعم لأن القيادات الحالية في الإمارات غير مؤهلة، وأسيرة شهواتها، وأحاطت نفسها بالمرتزقة، وهي قيادات غير قادرة على التفكير الإستراتيجي للتعامل مع المتغيرات، واعتقدت أنها تستطيع أن توقف عجلة التاريخ وتبقى في لهوها وعبثها باستخدام الثروة المتراكمة من النفط؛ ولكن هذا وهم بدأت تبدده الموجة الثانية من الربيع العربي.

  • لكن هذا يؤثر على اقتصاد الدولة.

بالطبع، مزيج من هدر للثروات وتدمير البنى الأساسية وتعميق الفساد وتعطيل التنمية وزيادة تبعية المنطقة للقوى الإقليمية والعالمية، أموال الإمارات يتم إنفاقها على الأسلحة والحروب العبثية وجزء كبير منها يذهب إلى الجيوب الخاصة عبر واجهات مالية هي في الحقيقة وسائل نهب للثروة.

  • يبدو أن اقتصاد الإمارات تأثر بحصار قطر وحرب اليمن.

نعم تأثر خاصة إمارة دبي ومرافقها السياسية وقطاعها العقاري، وكذلك قطاع النقل الجوي، وكان بالإمكان أن تكون الآثار أكبر لو أن قطر عاملت الإمارات بالمثل ومنعت عنها الغاز الذي تصدره لها، وبالطبع تدفق مئات الملايين من الدولارات لتغذية الحرب في اليمن وما يرافقها من محاولة شراء التأييد بأشكاله المختلفة أمر مكلف لأهل الإمارات، لأن هذه الأموال تتسرب إلى الخارج بدلا من أن يتم إنفاقها على مشروعات تنموية؛ اقتصاد الإمارات في أمسّ الحاجة لها، وقد يكون تراجع القطاع العقاري في الإمارات مؤشرا على الآثار السلبية لهذه الحرب وإن لم يكن هو المؤشر الوحيد.

  • تقارير غربية تحدثت عن عبث "بن زايد" بثروات أبو ظبي، ما تعليقك؟

عندما تغيب الرقابة المجتمعية على إدارة القرار والثروة فإن باب الفساد والهدر ينفتح على مصراعيه؛ خاصة إذا كانت القيادات غير رشيدة بل وأسيرة لفهم خاطئ وقصير المدى لكيفية بناء المجتمع والتعامل مع التطورات بأشكالها، وهذا هو واقع إمارة أبوظبي منذ غياب الشيخ زايد من مسرح الأحداث.

  • أيضا هناك تقارير أفادت باتجاه السعودية والإمارات لشراء برامج تجسس وأخرى لكسب ود لوبيات غربية لدعم سياستهم في المنطقة.

إذا لم يستمد الحاكم شرعيته من شعبه فإنه يظل يلهث وراء القوى الخارجية لسد هذا العجز، ويصبح على استعداد لرهن القرار في بلده وثرواتها للأعداء حتى يقفوا بجانبه وهو يحاول فرض نفسه على شعب لم يختره، ووسائل التجسس واستخدام المرتزقة بأنواعهم في الترويج لهذه الأنظمة هي آليات للتعامل مع فقدان هذه الحكومات لشرعيتها، وإن كانت هذه السبل تفشل على المدى البعيد؛ لأنها لا تتعدى المسكنات الوقتية التي إذا انتهى مفعولها بدأت الأنظمة في السقوط.

  • هل تخلت الحكومة الإماراتية عن جزرها الثلاث المحتلة من قبل إيران؟

جزر أبوموسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى هي جزر إماراتية بحسب حقائق التاريخ وسيطرة إيران عليها منذ السبعينات هي نتيجة لاختلال موازين القوى بينها وبين الإمارات، وهذا يعني أن استعادة الجزر يتطلب جبهة داخلية قوية وتحالفا عربيا متينا يرفع كلفة احتفاظ إيران بالجزر، ويؤدي في النهاية إلى حل عادل ولكن حكومة الإمارات الحالية أضعفت جبهتها الداخلية بعدم إيجاد انفتاح سياسي تنتج عنه بيئة مؤسسية فاعلة وأضعفت جبهتها الخارجية بمقامرات صبيانية مكلفة وأدت إلى توتر مع محيطها، وبالتالي الحل يتطلب تصحيحا في الداخل وفي العلاقات الإقليمية.

  • لماذا تقف قيادات الإمارات موقف المعادي للتيار الإسلامي وتبدو كأنها تحارب الدين؟

لأن القيادات محدودة الوعي ووقعت في أحضان بطانة سيئة وتتصف بالارتزاق، وقد أوهمت هذه القيادات بأن الحفاظ على سيطرتها على الثروة والقرار يتطلب منها أن تسخر ثرواتها لإخماد ثورات الشعوب حتى لو تطلب ذلك التعامل مع الأعداء وتمزيق هذه الأمة، باختصار حب السلطة والثروة هو أكثر أهمية لهذه القيادات من أي اعتبار آخر فهي تحارب الإسلام؛ لأنها ترى فيه قوة قادرة على تصحيح الأوضاع الحالية وتجريدها من نفوذها ومنعها من العبث بثروات الأمة.

هذه القيادات تكره كل قوة مجتمعية تمنعها من العبث بالقرار والثروة، ولو كانت هذه القوة هي تيار ليبرالي أو قومي جاد فإنها ستحاربه كما تحارب التيار الإسلامي اليوم.

فالحكومات الخليجية لا تحكمها رؤية عربية أو إسلامية أو حتى وطنية، وإنما تحكمها رؤية كراسي وسلطة ترى أنها إذا استخدمت ثرواتها في إخماد المد الثوري في الدول العربية الكبرى فإنها تستطيع بذلك أن توجد سياجا يحفظها من هذه التطورات.

ولكن أحداث الربيع العربي أثبتت أن هذه الثورات قد تتراجع وقد تضعف لفترة ولكنها تعود إلى الانفجار؛ لأن محركاتها قوية وتنبع من تطلع الشعوب إلى الحرية والعدالة، كما أنها تنبع من فشل هذه الحكومات منذ الاستقلال في تحقيق نهضة فعلية لشعوب المنطقة.

  • ما تقييمك للأوضاع في الإمارات حاليا؟

الإمارات تزداد فيها التصدعات الداخلية السياسية منها والاقتصادية يوما بعد يوم، وإذا لم يتداعَ العقلاء لتصحيح المسار فإن أوضاع هذه الدولة ستزداد سوءا؛ لأن القبضة الأمنية والحكم الفردي ومصادرة الحريات هي وصفة لانحدار المجتمع اقتصاديا وتمزقه اجتماعيا وسياسيا.

  • أنت شخصيا هل تتعرض عائلتك لمضايقات؟

المضايقات التي أتعرض لها أنا وغيري من أحرار الإمارات مسألة طبيعية؛ لأن الحرية لا تقدم للشعوب على طبق من فضة، وإنما تكون نتيجة لنضال وتضحيات، وقد قررنا أن نتحمل كل تكاليف الطريق الذي سلكناه، ونسأل الله أن يفتح بيننا وبينهم بالحق.

  • ماذا عن أوضاع السجون الإماراتية؟

بحسب التقارير المتوفرة هي سجون تتصف بالظلم والوحشية وغياب الحد الأدني من حقوق البشر، وهو أمر لم تعهده هذه الدولة منذ تأسيسها إلا بعد تصدر هذه القيادات للمسرح السياسي.

  • والقضاء؟

الحكومة الإماراتية تستغل القضاء كأداة للانتقام من الناشطين، فهذه مسرحيات وليست محاكمات، فتقارير وزارة الخارجية الأمريكية تؤكد أن القضايا في الإمارات تذهب إلى دواوين الحكام قبل وبعد عرضها على القضاء.

  • وإصلاحيو الإمارات كيف يرون مستقبل بلادهم؟

هم كبقية أحرار الأمة فرض عليهم النضال من أجل الحرية، وسيواجهون هذا التحدي بوعي وإصرار وثبات وتعاون مع بقية أبناء الأمة من الخليج إلى المحيط؛ حتى تنجلي هذه الغمة ويتم تفكيك الاستبداد وتحقيق الحرية ووحدة الأمة والسير في طريق النهضة بمشيئة الله.

حراك الجزائر والسودان

  • هل نقف أمام ربيع عربي جديد؟

نعم نحن أمام موجة ثانية من الربيع العربي وقد استفاد أصحاب الحراك من التجارب السابقة، ولكن ذلك ليس ضمانا لنجاحها، فالعقبات في طريقها محلية وإقليمية ودولية وعليها أن تتعامل مع هذه المعوقات بفطنة ووعي.

  • برأيك هل من الوارد تكرار السيناريو المصري في الجزائر أم أن ثوار الجزائر 2019 استفادوا مما حدث لثوار يناير 2011؟

 الاحتمال قائم وإن كان أضعف؛ لأن الشعوب تستوعب تجاربها ويبدو أن الشعب الجزائري استوعب تجارب الربيع العربي، فاستمرار الحراك الجزائري بعد إعلان بوتفليقة استقالته مؤشر وعي لدى الحراك الجزائري بأن إزالة رأس النظام لا تعني بالضرورة التخلص من النظام نفسه، وهذا درس من تجارب مصر واليمن وليبيا.

لكن خطورة نجاح الثورة الجزائرية سيجعل الأعداء يجندون كل قدراتهم لإفشالها وتمييعها؛ لأن نجاحها سيغير موازين القوى في المنطقة العربية بصورة جذرية ستشكل خطرا ليس على الأنظمة وحدها وإنما على مصالح القوى الأجنبية في المنطقة.

لقد تمكن كل من أحرار الجزائر والسودان أن يكسروا حاجز الخوف الذي زرعته الثورة المضادة، وقد استفاد الأخوة في الجزائر والسودان من تجارب الربيع العربي السابقة، أعتقد أنهما على أرضية صلبة في كيفية التعامل مع العصابات الحاكمة خاصة القيادات العسكرية.

  • لكن….

أتخوف من غياب الرؤية والتوافق لدى الحراك الشعبي، وهو أمر تستثمره قوى الثورة المضادة المدعومة من الإمارات والسعودية ولكن حتى الآن الأمور تدعو إلى التفاؤل الحذر.

  • ما رؤيتك لمستقبل الحراك في الجزائر؟

الثورة الجزائرية ستمر بكثير من المد والجزر؛ لأن الشعب الجزائري كغيره من الشعوب العربية يحاول أن يمارس السياسة بحرية ويبني مؤسساته ويتعلم مهارات المنافسة والتوافق، وهذه عملية تعليمية بطيئة ومحفوفة بالمخاطر عادة وكل منعطف أو أزمة ستشكل فرصة للعسكر والقوى الأجنبية للعودة إلى المسرح واستعادة السلطة من الشعوب تحت شعارات الأمن والتنمية وغيرها، وهذا يجب ألا يحدث إذا تمكنت قوى الحراك من إفراز قيادات لديها رؤية لبناء مجتمع المؤسسات وكانت قادرة على علاج خلافاتها من غير العودة إلى الجيش.

  • هل كان له تأثير على حكام الخليج والعرب؟

في اعتقادي أن نجاح الثورة الجزائرية لا يقل خطورة على الأنظمة الخليجية والعربية من نجاحها في مصر؛ خاصة وأن نجاح الثورة الجزائرية كما ذكرنا قد كسر حاجز الخوف الذي أوجدته الثورة المضادة مما يعني أن العالم العربي أصبح كله الآن مهيأ للثورة مع تفاوت في زخمها وفرص نجاحها، فلا أستبعد أن يحاول آل زايد وآل سعود إجهاض ما حققته الجزائر خوفا أن يطالهم أمل الربيع العربي، والروابط التاريخية بين هذه الحكومات وبعض القيادات في الحكومة الجزائرية.

  • المشهد في السودان الآن كيف تقرأه؟

السودان سيشهد تغيرات متتالية وتنازلات مستمرة من قبل الجيش طالما أن الحراك يملأ الشارع، أما آفاق التغيير فتعتمد على قدرة الطرفين على الثبات، فإذا تمكن الحراك من الاستمرار والتوحد وطرح رؤية للتغيير فإن السودان قد يكون في طريقه إلى تحول ديمقراطي تدريجي، أما إذا استطاع الجيش تفتيت الحراك من خلال بعض التنازلات فإن ذلك قد يوفر للجيش فرصة لإضعاف إنجازات الحراك.

ليبيا واليمن

  • نجاح ثورة الجزائر في اقتلاع بوتفليقة هل يمثل دفعة معنوية لنجاح الثوار في ليبيا؟

لا شك أن كلاً من الحراك السوداني والجزائري يشكل دفعة معنوية قوية للثوار في ليبيا، ولكن الحسم في ليبيا يتطلب توحد قوى المعارضة وتوافقهم على خارطة طريق تهدف إلى بناء دولة مؤسسات لا تقصي أحدا، وتقلل من التدخلات الإقليمية لأن هذه التدخلات هي السبب في عدم قدرة مكونات المجتمع على الوصول إلى بر الأمان.

  • لكن حفتر يبدو أنه في طريقة للسيطرة على طرابلس

أستبعد ذلك وإن كنت لا أستبعد أن يطول أمد المعركة خاصة إذا تمكن حفتر من الحصول على إسناد خارجي من كل من السعودية والإمارات ولاذت القوى الأجنبية بالصمت، لكني أعتقد أن قضية حفتر خاسرة على المدى البعيد ومكلفة للمجتمع على المدى القصير، وقد تؤدي إلى تجزئة ليبيا إلى ثلاثة أقاليم.

فرنسا نفت أن تكون لها خطة خفية لدعم حفتر، والاتحاد الأوروبي دعاه لوقف هجومه تجنبا لحرب أهلية، ما تفسيرك؟

القوى الإقليمية كالإمارات والسعودية والغربية خاصة فرنسا لها مصالح كالهجرة وبيع السلاح ومحاربة ما تسميه الإرهاب والحفاظ على أنظمة الاستبداد، وهي تحاول أن تحفظ هذه المصالح وهي تتنافس مع بعضها البعض، وبالتالي فالتصريحات التي نسمعها أغلبها للاستهلاك، بينما السياسات الفعلية تحكمها مصالح هذه الدول حتى لو استمر الصراع وتراكمت الجثث.

لكن الشعب الليبي بالدرجة الأولى هو من بيده تقرير مصير بلاده، والقوى الإقليمية والدولية هي ضد التغيير في عالمنا العربي وحفتر يمثلها في ظل هذه المعطيات.

  • الإمارات ماذا تريد بالضبط من اليمن؟

إجهاض الثورة اليمنية والسيطرة على مدنه وموانئه الإستراتيجية، وتجزئته حتى تسهل السيطرة عليه، وهذه أهداف كلها قابلة للنجاح على المدى القصير ولكنها ستفشل في المدى البعيد، الإمارات عطلت موارد اليمن واقتصادياته وأهدرتها وأعاقت تنميتها فازداد المجتمع اليمني فقرا، أضف لذلك الانتهاكات الحقوقية المحزنة للإمارات هناك، وهي إفراز لسياسات متهورة واعتماد مفرط على المرتزقة الذين لا يلتزمون بقيم أو دين أو عادات، وهي ممارسات تعبر عن خسة من اقترفها أو شجعها.

  • كيف ترى مستقبل الأوضاع في اليمن؟

للأسف الأوضاع في اليمن متجهة إلى مزيد من العنف والتمزيق الاجتماعي والتجزئة الجغرافية والتدخلات الإقليمية والدولية؛ ما لم يحسم أهل اليمن أمرهم ويصلوا إلى توافق يبعد عنهم شرور التدخلات بأنواعها ويجنبهم مزيداً من العنف والصراع الطائفي.

شرعية الحكومات العربية

  • الحكومات العربية تستمد شرعيتها من شعوبها..

الحكومات العربية لا تستمد شرعيتها من شعوبها وإنما من إرضاء الدول الكبرى، وهذا يعني أنها ميدان لصراع القوى الكبرى لأنها تدور في فلك هذه الدول فهي فاقدة للشرعية السياسية، وهي كذلك فاقدة للقرار السياسي المستقل، أهم نقاط ضعف هذه الأنظمة هي طبيعتها الاستبدادية التي تفقدها الشرعية المجتمعية وتدفعها إلى بقية الأخطاء كالتبعية وهدر المواد والعمالة  للأعداء.

  • لذلك تفتقد للرقابة خاصة حكومات الخليج..

النظم الاستبدادية طبيعتها ليست نظما مؤسسية فهي تعيش في ظل السرية وندرة البيانات وضعف الرقابة المجتمعية، فمن أين تتحقق الرقابة الآلية في هذه النظم الشبيهة بالمزارع الخاصة؟ فمثلا محمد بن سلمان يدير ثروات المملكة بشكل يسيئ للسلطة ويعيق تنمية المجتمع، ويقلل من مصداقية الحاكم ويؤدي إلى مزيد من التذمر والقلاقل، أيضا الطريقة التي تم بها التعامل مع الصحفي السعودي جمال خاشقجي تدل على سياسة فردية متهورة تشير إلى قلة وعي ودراية وفهم للواقع العالمي، كما أنها تشير إلى عجز هذا النظام الاستبدادي في التعامل مع من يختلف معه في الرأي.

مثلا رؤية المملكة 2030 التي روج لها بن سلمان مع بروز نجمه، هذه الرؤية وبقية رؤى دول المجلس هي أشبه بالمعلبات الجاهزة التي قدمتها دور الاستشارات الغربية، هي وبعض النخب في المنطقة لتكسب مادياُ وهي رؤى بعيدة عن فهم الواقع أو إيجاد حلول لمشاكله، بل إنها قد تؤدي إلى تشويه التركيبة السكانية لهذه الدول.

  • الأزمة الخليجية مع قطر هل يمكن أن تجد طريقها للحل؟

الخليج ما بعد الربيع العربي ومقاطعة قطر لن يعود كما كان؛ لأن هذه التغيرات لها مضاعفات وانعكاسات ستؤدي إلى إعادة تشكيل المنطقة كلها، ولن تستقر المنطقة بعد الآن إلا إذا أفرزت نظما سياسية شرعية تنطلق من إرادة شعوبها وتتعاون أمنيا وتنمويا لتحقيق نهضة فعلية.

مصر

  • السيسي إلى أين يتجه بمصر؟

إلى مزيد من التخلف والفقر والتمزق الاجتماعي والتبعية، فهو يصر على تمرير التعديلات الدستورية، وفي ظل غياب حراك شعبي قوي تصبح القوانين عبارة عن أداة لتسيير الدولة، وهو يرغب في تكبيل المجتمع بقيود تمنعه من تحقيق الحد الأدنى من التعبئة أو التحرك.

اللقاء الأخير الذي جمع ترامب بالسيسي لن يخرج عن تعميق مسار الاستبداد في منطقتنا وبقاء أوضاعنا على حالها؛ إن لم يكن أسوأ.

  • هل تتوقع حراكا شعبيا قريبا في مصر؟

قبل الحراك الجزائري والسوداني لم أكن أرى هذا الاحتمال بسبب ضعف النخب وعدم توافقها، أما بعد الحراكين السابقين فإن احتمال حصول حراك في مصر أصبح ممكنا، ولكنني لا أستطيع التنبؤ بوقته.

الخطاب الثوري

  • الخطاب الثوري العربي منذ 2011 وحتى الآن ماذا أنتج؟

لقد قطع هذا الخطاب شوطا لا بأس به في الارتقاء بالوعي؛ خاصة بالنسبة للذين يتعاملون مع وسائل التقنية ولكن تأثيره لا زال محدودا على عموم الشعوب التي تتعرض لغسل دماغ من قبل الإعلام الرسمي، كما أن هذا الخطاب لم ينتقل بجدية إلى إيجاد تواصل مؤثر بين النخب العربية.

  • لكن تغيير الأنظمة المستبدة عبر الثورات يولد عنفا.

لا يمكن تغيير أنظمة مستبدة وعميلة وفاسدة من غير كلفة، كما أن العنف الذي حصل في كل بلدان الربيع العربي لم تكن الشعوب هي مصدره، فهي لا تملك طائرات ودبابات وأسلحة فتاكة؛ فجميع هذه الأسلحة هي في حوزة الأنظمة المستبدة، وحتى العنف الذي مارسته بعض القوى الثورية هو من باب دفع الأذى الذي سببته الأنظمة نفسها.

الدور الفعلي للثورات هو تعميق الوعي وتجميع قوى المجتمع وإيجاد التوافق بينها، وبلورة بدائل للنظم الحالية حتى لا ينحرف مسار الثورات بعد سقوط هذه الأنظمة.

الغرب ومصالحه

  • السياسة الأمريكية والغربية في اتجاه المنطقة العربية إلى أين تتجه؟

السياسة الأمريكية والغربية في المنطقة ستظل تحكمها المصالح، وطالما أنها تشعر بأن هناك إمكانية لبقاء النظام العربي الحالي فإنها ستساعد على ذلك، ولكنها إذا وجدت موازين القوى تتغير لصالح الثوار والشعوب فإنها ستتعامل مع الواقع الجديد بواقعية.. هكذا هو حال المستعمر.

  • هل نجحت أمريكا بمعاونة دول الخليج في محاربة الإسلام السياسي؟

نجحت في محاربة الإسلام وساعدها على ذلك ضعف التيارات كافة في منطقتنا؛ لأنها تفتقد إلى الفقه السياسي بما في ذلك التوافق وعدم إقصاء الآخر مهما كان الاختلاف معه.

الغرب يدعم وأد ثورات الربيع العربي حتى يبقى العالم العربي ضعيفًا وممزقًا؛ لتسهيل عملية نهب ثرواته والسيطرة عليه.

المؤسسات الغربية تستخدم الإسلاموفوبيا كأحد أدوات السيطرة على المنطقة وثرواتها وقراراتها، وستستمر في ذلك لأن الرؤية الاستشراقية التي يتبناها الغرب هي رؤية مهمتها رسم صورة لمنطقتنا وحضارتنا تسهل للغرب تحقيق مصالحه.

فلسطين والتطبيع

  • دول الخليج انتقلت مؤخرا من مربع التطبيع الخفي مع إسرائيل إلى التطبيع العلني..

الربيع العربي ووعي الشعوب جعلها مكشوفة وفاقدة للشرعية؛ مما دفعها للقبول بالسقوط العلني في أحضان الصهاينة عسى أن يجنبها ذلك السقوط الذي تعرضت له بعض الأنظمة العربية.

تقارير عديدة تحدثت مؤخرا عن وجود تعاون بين السعودية والإمارات وإسرائيل بشكل دائم في تبادل الكثير من المعلومات الاستخبارية، هذا الأمر أصبح تحصيل حاصل وليس مستغربا لأن هذه الأنظمة غير الشرعية لم تعد لها كما ذكرت سابقا ثوابت إلا البقاء في السلطة بأي ثمن.

  • إلى أين تتجه القضية الفلسطينية؟

القضية الفلسطينية ستظل في حالة ركود أو مزيد من التراجع حتى تتمكن القوى الفلسطينية من توحيد صفها الداخلي، وحتى تتضح الرؤية فيما يتعلق بالموجة الثانية من الربيع العربي هذا على المدى القصيرة والمتوسط أما على المدى البعيد فإن ثورات التحرر في البلدان العربية ستغير من موازين القوى مع بقية القوى بما في ذلك الكيان الصهيوني.

الكلمات المفتاحية