بعد لقاء الحوثي وفدا سعوديا.. هل تكتب الرياض وطهران نهاية حرب اليمن؟ 

إسماعيل يوسف | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

كان من الواضح أن اتفاق التطبيع السعودي الإيراني الذي رعته الصين يوم 10 مارس/ آذار 2023 هدفه الأول هو إنهاء حرب اليمن، لذا لم يكن مستغربا أن تبدأ سريعا مفاوضات في الكواليس لإنهاء هذا الصراع الذي أسال دماء مئات الآلاف من الأبرياء.

تطورات متسارعة جرت، شملت لقاءات سعودية يمنية وحوثية، وحديثا عن ضمانات إيرانية سعودية عمانية لاتفاق هدنة طويل يمهد لسلام وانتهاء الحرب قبل عيد الفطر.

وألقى التقارب السعودي الإيراني بظلاله على مجريات الملف اليمني، كما نجحت جهود وساطة مكثفة قادتها مسقط في وضع إطار عام لتمديد الهدنة المتعثرة في الأزمة اليمنية وفتح مسار جديد للحوار السياسي.

ودعم ذلك بروز رغبة إقليمية في خفض مستوى التصعيد في المنطقة وتراجع العامل الإقليمي في الحرب اليمنية.

ويعاني اليمن، منذ أكثر من 8 سنوات، من حرب مستمرة بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف سعودي إماراتي، وقوات الحوثيين، المدعومين من إيران والمسيطرين على عدة محافظات، في مقدمتها العاصمة صنعاء منذ 2014.

تطور سريع

وأعلنت جماعة الحوثي اليمنية، في 9 أبريل/ نيسان 2023، أن "وفدين عماني وسعودي وصلا إلى العاصمة صنعاء في إطار جهود مسقط لإحلال السلام في اليمن".

ونقلت النسخة الحوثية لوكالة "سبأ" اليمنية، عن مصدر في الجماعة (لم تسمه)، أن  "مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى (لجماعة الحوثي)، سيبحث مع الوفدين رفع الحصار بكل تداعياته ووقف العدوان"، في إشارة لعمليات التحالف السعودي الإماراتي والحكومة اليمنية ضد قوات الحوثي.

كما ستشمل المباحثات، حسب المصدر ذاته، "صرف مرتبات موظفي الدولة كافة (في مناطق الحوثي) من إيرادات النفط والغاز".

وفي 8 أبريل، أفادت مصادر ملاحية في مطار صنعاء، بوصول وفدين سعودي وعماني إلى العاصمة صنعاء، كما أعلن وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك  في مقابلة مع قناة "القاهرة" الإخبارية المصرية عن وجود "مباحثات مباشرة بين السعودية والحوثيين لإحياء الهدنة".

وتتصاعد مساعي إقليمية ودولية لتجديد هدنة استمرت 6 أشهر وانتهت في 2 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي وتتبادل الحكومة الشرعية والحوثيون اتهامات بشأن المسؤولية عن فشل تمديدها.

وفي 7 أبريل نقلت عدة وسائل إعلام دولية عن الحكومة اليمنية، أنه "جرى الاتفاق على تمديد الهدنة من ستة أشهر إلى سنة".

وفي 7 أبريل، نقلت وكالة "رويترز" عن مصادر لم تسمها أن الوساطة التي تقودها سلطنة عمان حققت تقدما، وأنه إذا تم التوصل إلى اتفاق سعودي مع الحوثيين، فقد تعلن الأطراف المتحاربة عن الاتفاق قبل عطلة عيد الفطر، في 20 أبريل.

أيضا أكدت قناة "الميادين" اللبنانية المقربة لإيران، في 7 أبريل، أن الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع دعا رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني والعديد من أعضائه إلى الرياض وأطلعهم على صورة التفاهمات التي جرى التوصل إليها مع حكومة صنعاء حول تمديد الهدنة وتخفيف حدة الحصار.

وأعلن مسؤول حكومي يمني رفيع، لوكالة "الأناضول" في 7 أبريل أنه تم التوصل بالفعل إلى اتفاق لتمديد الهدنة مع الحوثيين لنهاية العام الجاري 2023 على أن يعقب ذلك حوار سياسي مباشر لحل شامل لأزمة البلاد.

أوضح: "اتفق الطرفان أيضا على فتح حوار سياسي مباشر لحل الأزمة في البلاد وإنهاء الحرب". 

أكد أن الهدنة سيتم توسيعها لتشمل إجراءات إنسانية واقتصادية حيث "تشمل بنود الاتفاق فتح الرحلات إلى مطار صنعاء الدولي بشكل أكبر، واستئناف تصدير النفط من الموانئ اليمنية، وفتح الطرقات في محافظة تعز (جنوب غرب)، وإطلاق سراح الأسرى (الكل مقابل الكل)، ونقل البضائع إلى ميناء عدن (جنوب) مباشرة".

فيما قالت مصادر يمنية مطلعة لموقع "العرب" الذي يصدر في بريطانيا، أن الاتفاق السعودي الحوثي سيتم عبر مرحلتين، بعد استيعاب ملاحظات جميع الأطراف ووضع آلية مؤقتة تتضمن إجراءات عديدة لبناء الثقة في الجوانب السياسية والاقتصادية والعسكرية.

من بينها خفض مستوى التوتر واستكمال برنامج تبادل الأسرى على قاعدة الكل مقابل الكل، وتفعيل قرارات لتوحيد البنك المركزي اليمني، بالتوازي مع تنفيذ حزمة من البنود المرتبطة بالمسار الإنساني مثل فتح المطارات والموانئ واستئناف تصدير النفط وصرف رواتب موظفي الدولة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

وقالت مصادر "العرب"، إن المرحلة الثانية من الاتفاق ستأتي بعد تعزيز خطوات بناء الثقة وخفض مستوى التوتر والتعاطي مع المسارات ذات الطابع الإنساني، حيث سيتم إحياء المسار السياسي للتسوية عبر حوارات شاملة ومباشرة لإنهاء الحرب.

وأن هذه الحوارات من المفترض أن تفضي إلى التوافق على فترة انتقالية لم تحدد مدتها بعد لتوحيد مؤسسات الدولة والاتفاق على شكل المرحلة الانتقالية وعناصرها وهيكلتها.

وكانت الهدنة التي استمرت 6 أشهر بين طرفي الصراع في اليمن انتهت في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2022 وتتبادل الحكومة والحوثيون اتهامات بشأن المسؤولية عن فشل تجديدها.

تداعيات الاتفاق 

إذا صحت الأنباء التي تقول إن السعودية قررت إنهاء الحرب في اليمن، وهي تبدو صحيحة في ظل تسارع التقارب السعودي الإيراني، ولقاء وزيري خارجية البلدين في 6 أبريل ببكين فإن هذا يعني نقطة تحول رئيسة في المنطقة.

"يمكن أن ينقل ذلك العلاقات بين أكبر قوتين في المنطقة من المواجهة إلى التعاون، وإغلاق صفحة الصراع بينهما لعقود قادمة"، وفق صحيفة "رأي اليوم" في 7 أبريل.

أولى تداعيات هذا الاتفاق الذي سيضع أوزار حرب استمرت 8 سنوات وهددت أمن ومصادر الطاقة في السعودية، ودمرت اليمن وأفقرت شعبه وقسمته مجددا، ستكون تبريد حدة الخلافات الإقليمية الناشبة بين الرياض وطهران.

"الخلافات الإقليمية ستتراجع بعدما اتفقت السعودية وإيران على إعادة العلاقات في مارس 2023 بعد سنوات من العداء ودعم الأطراف المتصارعة الشرق الأوسط، بما في ذلك اليمن"، تقول رويترز أيضا في 7 أبريل.

الأثر الثاني المتوقع هو فرملة اتفاقات إبراهام مع إسرائيل، أو على الأقل هدم الأساس الذي قامت عليه وهو تشكيل تحالف عربي إسرائيل لمجابهة إيران.

وهو ما يقلق أميركا وإسرائيل خصوصا، لأنه يهدم محور مواجهة إيران الذي سعت واشنطن وتل أبيب لبنائه بدعاوى التطبيع واتفاقات ابراهام.

وتوقع تحليل سابق لـ"الاستقلال" في 13 مارس/آذار 2023 أن يترتب على التطبيع السعودي الإيراني حل مشكلة أزمة اليمن، وأن يعصف تطبيع السعودية وإيران بمخططات إسرائيل وأميركا.

الأثر الثالث سيكون تخفيف العبء عن الشعب اليمني الذي عانى من الحرب التي أودت بحياة عشرات الآلاف وتركت 80 بالمائة من سكان اليمن يعتمدون على المساعدات الإنسانية، وفق تقارير إغاثية دولية.

حيث تركزت المناقشات على إعادة فتح الموانئ والمطارات اليمنية بالكامل، ودفع أجور الموظفين العموميين، وعملية إعادة البناء، والتحول السياسي، ما سينعكس إيجابيا على حياة اليمنيين.

وفرض التحالف الذي تقوده السعودية منذ 2015 قيودا صارمة على تدفق البضائع إلى اليمن المعتمد على الاستيراد، حيث دمرت الحرب الاقتصاد، وأسهمت فيما وصفته الأمم المتحدة بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، وهو ما سيتم إلغاؤه.

بداية النهاية

كان من الواضح أن عودة العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران ستؤثر بلا شك على مسار الحرب التي تدور في اليمن منذ 8 سنوات بين القوات الموالية للحكومة المعترف بها دوليا، والحوثيين المدعومين من إيران.

إذ ترغب المملكة في إنهاء الحرب التي طالت مدنها وحتى مصافي النفط وتريد ضمانات من إيران ألا تتكرر الهجمات من أنصارهم الحوثيين.

وقالت الباحثة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، سينزيا بيانكو، لوكالة "رويترز" في 11 مارس 2023، إن الرياض كانت تسعى للحصول على ضمانات أمنية من الإيرانيين لإنهاء حرب اليمن.

وهو ما توفر من خلال إعادة تفعيل الاتفاقية الأمنية لعام 2001 ضمن اتفاق التطبيع.

وحين رحب الطرفان الخارجيان اللذين يديران حرب اليمن باتفاق التطبيع السعودي الإيراني كان هذا مؤشرا على قرب توقيع وكلائهما في المنطقة اتفاق مماثل.

حيث رحبت الحكومة اليمنية الموالية للسعودية، وحكومة الحوثيين الموالية لإيران، كما رحب حزب الله اللبناني المدعوم من إيران بالاتفاق.

وتقول صحيفة "رأي اليوم" إن القيادة السعودية أدركت أن هذه الحرب التي دخلت عامها التاسع واستنزفت الأطراف المشاركة فيها ماديًّا وبشريًّا، لا يمكن حسمها عسكريًّا، من قبل أي من المعسكرين المتورطين فيها.

وأن أقصر الطرق لإنهائها هو الحوار، والتفاوض مع الخصم، وهذا ما حدث تحت الطاولة أولًا، سواء عبر الوسطاء، أو بشكل مباشر لاحقًا.

وأشارت إلى قيام القيادة السعودية بـ "انقلاب سياسي مدروس بعناية"، نتج عنه خطوات استراتيجية فاجأت الجميع سواءً على الساحة الإقليمية أو الدولية.

منها: فك الارتباط بشكل تدريجي مع الولايات المتحدة بعد فشلها في توفير الحماية لها، وسحب صواريخها (باتريوت وثاد) من قواعدها الأمريكية أثناء القصف الحوثي لمصافي النفط، والتوجه إلى الصين وروسيا، قائدتي النظام العالمي الجديد.

ثم الدخول في حوار مع الخصم الإيراني الداعم الأكبر لحركة أنصار الله الحوثيّة في جولات سرية تحولت إلى علنية (في بغداد ومسقط) برعاية صينية تكللت باتفاق جرى توقيعه في بكين لتبادل السفراء، ووقف التدخل في الشؤون الداخلية.

بخلاف "اختراع سعودي ذكي" كمقدمة تمهيدية للتسوية الشاملة للحرب تمثل في "منظومة الهُدن" المتدرجة، والمتجددة، والتي نجحت في تخفيف حدة العداء، وارِخاء العضلات العسكرية، للتمهيد لإغراءات وقف إطلاق النار، وحقن العداء والدماء.

وشملت هذه الخطوات السعودية بعض التنازلات المهمة حياتيًّا للشعب اليمني مثل زيادة عدد الرحلات الجوية في مطار صنعاء، وتخفيف حدة الحصار على ميناء الحديدة، ودفع جزء كبير من الرواتب للموظفين اليمنيين.

وأعلنت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في 6 أبريل 2023 أنه سيسمح لموانئ الجنوب، ومن بينها عدن، باستقبال كافة السفن التجارية مباشرة مع ضمان السماح بدخول كافة أنواع السلع عبر الموانئ باستثناء المحظورة قانونا.