روسيا تتجه إلى دول البلطيق بعد أوكرانيا وألمانيا تتوقع الحرب في 2029.. ما القصة؟

منذ ساعة واحدة

12

طباعة

مشاركة

في أكثر من مناسبة، تشدد وزارة الدفاع الألمانية على ضرورة زيادة أوروبا إنفاقها العسكري والاستعداد للدفاع عن أراضيها. 

وفي الأيام الأخيرة، استشهدت الوزارة بمعلومات استخباراتية عسكرية تشير إلى أن روسيا تخطط لشن هجوم على حلف شمال الأطلسي “ناتو” بحلول سنة 2029 على أبعد تقدير. 

وفي هذا السياق، تدعي صحيفة "الإسبانيول" الإسبانية إن كل شيء يشير إلى أن روسيا سوف تنخرط في حرب ضد الناتو. 

ففي حال لم تنهِ الحرب مع أوكرانيا، فسيكون الصراع ضد الناتو بمثابة امتداد لهذه الحرب، أما في حال أنهتها بشكل صوري، فهذا لا يعني أنها لن تبدأها مجددا. بحسب الصحيفة.

الكبرياء الروسي

وبشكل عام، لا شيء في الأفق القريب يشير إلى أن "القضية الأوكرانية"، كما يزعم قوميو الكرملين، ستُحل. 

وهنا، سؤال يطرح نفسه: لماذا ترغب روسيا في الانخراط في جبهة ثانية إذا لم تستطع السيطرة على الجبهة الأولى؟

في الواقع، هناك عدة أسباب: أهمها بالطبع الكبرياء. وإذا لم تستطع الاعتراف بالهزيمة، فستضاعف جهودها في الحرب.

أما فيما يتعلق بسيناريوهات الحرب المتوقعة في بلدان الناتو، هناك العديد من الأسئلة التي تطرح نفسها: هل ستشمل هذه الحرب هجمات متعددة على عدة دول؟ هل نتحدث عن حرب تقليدية أم حرب هجينة؟ هل سيكون صراعا واسع النطاق أم استفزازا قد يتصاعد لاحقا إلى مناوشات متفاوتة الشدة؟ 

في النهاية، هل نواجه نوعا من الحرب العالمية الثالثة أم حربا باردة شديدة الوطأة؛ حيث يُخيم التهديد النووي مرة أخرى في الأفق؟ 

فروسيا تدرك أنها لا تستطيع مهاجمة الناتو كتحالف. ومع ذلك، يشعر الكثيرون في الكرملين بأن هذا التحالف سينهار بمجرد تفعيل المادة الخامسة من معاهدة الدفاع المشترك.

بعبارة أخرى، لا إسبانيا، ولا البرتغال، ولا اليونان، ولا حتى القوى العسكرية الكبرى في القارة أو الولايات المتحدة، ستكون على استعداد لأخذ هذه المادة على محمل الجد وشن حرب عالمية للدفاع عن كل شبر من السيادة الإستونية. 

في الحقيقة، إن الإستونيين والليتوانيين واللاتفيين أنفسهم هم أول من يدرك هذه الحقيقة. 

كما تعد هذه المجموعة الحلقة الأضعف في اختبار الوحدة الحقيقية للحلف. وقد تحاول روسيا مهاجمة أي من الدول الثلاث مباشرة أو استخدام بيلاروسيا كوكيل لها.

على الرغم من الاستثمار الضخم في الدفاع ونشر قوات الناتو على الحدود، فإن السيناريو الأكثر ترجيحا هو أن يصل الجيش الروسي إلى تالين أو فيلنيوس أو ريغا في غضون ساعات. وعندها، سيتعين على دول الناتو إبعادهم.

كالينينغراد وممرّ سوالكي

يعتمد الامتداد الجغرافي لأراضي حلف الناتو في أوروبا بشكل حصري على مسافة الخمسة وستين كيلومترا التي تفصل كالينينغراد عن الحدود بين بيلاروسيا وبولندا. 

ويربط سوالكي، هذا الممر الضيق للغاية، بولندا بليتوانيا، وبالتالي بدول البلطيق، ويمكن إغلاقه بسرعة كبيرة، مما يعيق أي مساعدة في أي من الاتجاهين.

بعبارة أخرى، إذا تدخلت روسيا، أو بيلاروسيا مجددا، في الممر، فستُعزل قوات الناتو المنتشرة شرقا عن بقية دول الحلف. 

وهنا، سيكون الإغراء هائلا، إذا قرر بوتين شن هجوم، حيث إنه بموارد محدودة، يمكن تحقيق نتيجة مدمرة.

ومنذ فترة، تلعب روسيا بالنار على حدودها الغربية؛ حيث ترسل طائرات مسيّرة إلى بولندا ورومانيا، والتي تسقط دائما "عن طريق الخطأ" على أراضي الناتو.

ويعدّ هذا في حد ذاته عدوانا صريحا، وقد نددت به حكومات هذه الدول، مستندة إلى المادة الرابعة من ميثاق الحلف. ومع ذلك، كانت رسالة الأمين العام، مارك روته، فاترة نوعا ما.

يرى روته أن اختلال توازن القوى بين الناتو وروسيا كبير لدرجة أن الاستعراضات غير الضرورية لا تستحق العناء. بمعنى آخر، يحاول بوتين إثارة رد فعل لتبرير التصعيد، ولا يريد روته أن يُرضيه.

لكن، يعدّ جزءا من الرسالة منطقيا: فالذعر بسبب دخول الطائرات المُسيّرة المجال الجوي لحلف الناتو وهبوطها في أي مكان سيرسل رسالة قلق قد تفسرها روسيا على أنها علامة على الخوف.

من ناحية أخرى، قد يدفع هذا الصمت الكرملين إلى تكثيف هذه المناورات.

"الرايات الكاذبة"

إذا كان هناك مجال واحد يتخصص فيه النظام الروسي، فهو الحرب الهجينة وما يسمى "الهجمات الكاذبة"، أي تسلل الجماعات شبه العسكرية لشن هجوم على السكان ثم إلقاء اللوم على العدو.

في الواقع، كان هذا ما حدث في دونباس عام 2014. وتُعدّ ترانسنيستريا، المنطقة التابعة لمولدوفا والتي أعلنت استقلالها عام 1990، والتي يعتمد قادتها كليا على موسكو، من المواقع المثالية لمثل هذا الهجوم.

وفي هذا السياق، قد تشن روسيا هجوما على مصالح ترانسنيستريا وترسل قواتها إلى هناك "للدفاع" عن حلفائها، مما قد يشعل حربا مع مولدوفا. 

ونقلت الصحيفة أن أخطر السيناريوهات التي يمكن أن يشهدها حلف الناتو في مواجهة روسيا، يتمثل في الخيارات التي دائما ما يضعها الكرملين ودعاته على الطاولة. 

وفي هذا السياق، يمكن التحدث عن غواصات نووية مرعبة بطوربيدات لا يمكن رصدها، وصواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت ستحوّل دولا بأكملها إلى ألسنة لهب مشعّة قبل أن تتمكن الدفاعات الجوية من الرد، وعشرات من هيروشيما وناغازاكي في جميع أنحاء أوروبا، "القارة الصغيرة للغاية، ذات الكثافة السكانية الهائلة"، كما حذّر بوتين نفسه بابتسامة ساخرة.

وسيتبع هذا الهجوم الاستباقي ردّ فعل آلي من فرنسا والمملكة المتحدة، ومن المُفترض الولايات المتحدة. 

ومن المرجّح أن يصل التهديد إلى الأراضي الصينية ويُسبّب ملايين الوفيات هناك أيضا، مع ما يترتب على ذلك من ردّ انتقامي. 

وفي هذا السيناريو، ستُدمر روسيا، بالطبع، تماما مثل بقية أوروبا. لكن، لا يعدّ هذا الخيار جذابا لمن يريد بناء إمبراطورية، إلا أنه حل يائس لمن يرى أن مثل هذه الإمبراطورية مستحيلة وأن ما تبقى منها في خطر.