تحركات عمانية وسعودية وأممية في صنعاء.. وجهة واحدة ومقاصد متعددة

عصام الأحمدي | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

في 22 أبريل/ نيسان 2022، وصل وفد عماني إلى مطار صنعاء على متن طائرة تابعة لسلاح الجو السلطاني، أقلت أكثر من 80 جريحا من الحوثيين.

وذكرت مصادر حوثية، أن الوفد العماني وصل إلى صنعاء برفقة فريق التفاوض الحوثي برئاسة محمد عبد السلام المقيم في مسقط، وتعد الزيارة الثانية بعد أشهر من زيارة سابقة.

وبحسب وكالة "سبأ" للأنباء بنسختها الحوثية، تهدف زيارة الوفد العماني إلى متابعة الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة ومناقشة آخر المستجدات مع رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط.

وتتزامن زيارة الوفد العماني مع هدنة إنسانية "هشة" ترعاها الأمم المتحدة في اليمن للأسبوع الرابع، وسط تحركات مكثفة تقودها المنظمة الدولية وسلطنة عمان لتوطيد وقف إطلاق النار وتمديد الهدنة.

إضافة إلى الشروع في تنفيذ خطوات جديدة لبناء الثقة بين أطراف الصراع، بما يقود إلى عملية سلام شاملة.

وذكرت مصادر يمنية وعمانية أن الوفد العماني، يسعى لإقناع قيادة جماعة الحوثي بتنفيذ خطوات جديدة لبناء الثقة، وعلى رأس ذلك إطلاق الأسرى والمعتقلين بشكل كامل، ثم الانتقال إلى الملفات الاقتصادية.

كما يسعى الوسطاء العمانيون للدفع نحو إجراء مشاورات يمنية- يمنية مباشرة بين الحوثيين والمجلس الرئاسي الذي تم تشكيله برئاسة رشاد العليمي، في 8 أبريل 2022، بناءً على رغبة سعودية إماراتية.

وفي مقدمة اختصاصات هذا المجلس، إدارة عملية التفاوض مع الحوثيين لوقف إطلاق نار دائم في جميع أنحاء اليمن، ومن ثم التوصل إلى حل سياسي نهائي وشامل يتضمن مرحلة انتقالية تنقل البلاد من حالة الحرب إلى السلام، وفق إعلانه التأسيسي.

دور محوري 

وفي بيانها عن الزيارة، قالت وزارة الخارجية العمانية، إن جماعة الحوثي أفرجت عن 14 أجنبيا محتجزا، تم نقلهم من صنعاء إلى العاصمة مسقط.

ونشر البيان أسماء الـ 14 المفرج عنهم، وهم 3 بريطانيين، و7 هنود، وفلبيني، وإثيوبي، وإندونيسي، وميانماري.

وأخيرا، تعاظم الدور العماني في الملف اليمني، وأصبحت مسقط محور ارتكاز محليا وإقليميا ودوليا للمباحثات بشأن اليمن.

وذلك على حساب الدور السعودي الذي كان آخره استضافة مشاورات الرياض، التي رفض الحوثيون المشاركة فيها.

وتستضيف عمان قادة حوثيين منذ عام 2018، على أراضيها، أهمهم الناطق الرسمي باسم الجماعة محمد عبد السلام وفريقه التفاوضي، وتقدم لهم التسهيلات وتسمح لهم بمغادرة مسقط إلى طهران والعودة بشكل طبيعي.

وكذلك اللقاءات الرسمية والسرية مع وفود الدول الأجنبية، وتسمح لهم بعمل لقاءات صحفية والتواصل السياسي مع اليمن وجميع الأطراف الدولية.

وفي قراءته للمشهد، قال الأكاديمي اليمني وخبير الإعلام والاتصال عبدالله التميمي، إن "سلطنة عُمان لعبت وتلعب دورا محوريا في الأزمة اليمنية منذ انطلاقتها".

وأضاف التميمي لـ"الاستقلال"، أن السلطنة استطاعت أن تحظى باحترام وثقة الحوثيين، الأمر الذي مكنها من تقريب العديد من وجهات النظر سعيا منها لإحلال السلام بين اليمنيين، وعمان من أكثر الدول التي تستضيف جميع الأطياف السياسية المختلفة على الساحة اليمنية".

وأوضح: "عمان ليس من مصلحتها تقسيم اليمن وبقاء الصراع فيه فذلك يؤثر على أمنها القومي كونها دولة جارة، ولذلك لاحظنا أنها تبنت العديد من المبادرات والوساطات منذ اندلاع الأزمة".

وتابع: "آخرها الوساطة لاستمرار وقف إطلاق النار وإنهاء الاقتتال، والدخول في حوار مع مختلف القوى الأخرى".

ورأى التميمي، أن "الكثير من المراقبين المحليين والدوليين يرون في سلطنة عمان المنقذ الوحيد للأزمة اليمنية، وهذا ما يأمله الشارع اليمني ويعول عليه في المرحلة المقبلة".

وعقب اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء وإسقاطها في سبتمبر/ أيلول 2014، وتدخل التحالف السعودي الإماراتي في مارس/ آذار 2015، بمشاركة عشر دول عربية في ذلك التحالف، رفضت عمان أن تزج بنفسها في الحرب اليمنية وبقيت محايدة دون أن تغير من موقفها رغم تمديد زمن النزاع.

تحركات أممية

وبخصوص المساعي الأممية لإنهاء الحرب في اليمن أشار التميمي إلى أن "الأزمة اليمنية شهدت خلال المراحل الماضية العديد من المساعي الداعية لإنهاء الحرب وإحلال السلام بين الفرقاء اليمنيين، فرعت الأمم المتحدة العديد من المفاوضات".

ابتداء من مفاوضات جنيف 1 في 2015، ثم جنيف2، ومفاوضات الكويت في 2016 التي استمرت أكثر من 4 أشهر، مرورا بجنيف 3 واتفاق ستوكهولم في 2018، إضافة إلى دعمها ومشاركتها في المبادرات السعودية والخليجية.

وأردف الخبير اليمني: لقد فشلت كل تلك الجهود في وقف الحرب نتيجة لتباين وجهات النظر واتساع الهوة بين الأطراف وخروج القرار من أيدي اليمنيين.

ومضى يقول: "ولاتزال تلك المساعي جارية، ونجاحها كما أكد المبعوث الأممي يعتمد على التزام الأطراف اليمنية بتنفيذ اتفاق الهدنة بما يتضمن الإجراءات الإنسانية المصاحبة".

وفي 1 أبريل 2022، وافقت الأطراف المتحاربة في اليمن على هدنة توسطت فيها الأمم المتحدة لمدة شهرين.

وهو أول اختراق جوهري للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، لتحريك الجمود الذي أصاب عملية السلام، منذ تعيينه مطلع سبتمبر/ أيلول 2021.

ويصف مراقبون الهدنة بالهشة مع استمرار الخروقات المتواصلة وعدم فتح المنافذ واستئناف الرحلات الجوية التجارية من وإلى مطار صنعاء الدولي.

وهو ما دفع غروندبرغ إلى زيارة صنعاء في 11 أبريل، لأول مرة منذ تسلم مهامه، لمحاولة تثبيت الهدنة، والانتقال إلى ما تبقى من الملف الإنساني وكذلك الملف الاقتصادي في الأزمة.

وحتى نهاية 2021، أودت الحرب بحياة 377 ألف شخص، وكبدت الاقتصاد خسائر 126 مليار دولار، وفق الأمم المتحدة، وبات معظم السكان البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات، في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية بالعالم.

وفشلت الأمم المتحدة، على مدى سبع سنوات في جميع الملفات التي تصدرت لها باستثناء صفقة تبادل أسرى واحدة في سبتمبر/ أيلول 2020.

وتحاول السعودية تقديم المزيد من التنازلات للحوثيين من أجل وقف دائم للحرب والخروج من اليمن بعد سنوات من الحرب المدمرة، التي لم تحقق أهدافها.

وعلى نفس طائرة سلاح الجو العماني التي أقلت الوفد، سمح التحالف بنقل أكثر من ثمانين جريحا من المقاتلين الحوثيين إلى صنعاء بعد استكمال علاجهم في مسقط.

كما سمح بنقل العشرات من جرحى مقاتلي الحوثي، في طريق مغادرة الطائرة من مطار صنعاء المغلق في وجه الرحلات التجارية منذ سنوات.

تحول دراماتيكي

وتعليقا على هذه التحركات، قال الصحفي اليمني عبدالله الحرازي، إن "السعودية نظمت انقلابا يمنيا وأجهزت على الشرعية بإزاحة من قام بطلب تدخلها ووافق على تحالفها ومنحها شرعية التدخل وهو الرئيس عبدربه منصور هادي غير المعروف مصيره حتى الآن".

وأضاف لـ"الاستقلال"، "كما قامت بتنصيب أتباع لها بالتقاسم مع الإمارات وطعمتهم بشخصية وطنية، بينما مازالت تبيع الوهم لليمنيين بوعود سئم منها الخصوم قبل ما تبقى من حلفاء لها، نظرا لأنها تمارس الفوقية عليهم وتخضعهم لإرادتها".

ومضى الحرازي قائلا، "بينما تعمل السعودية على مسار تفاوضي خانع للغاية مع العمانيين رعاة الفريق التفاوضي للمليشيا الحوثية الذين يرشح من تصريحاتهم ومواقفهم مدى الخنوع السعودي لشروطهم ومنحهم كل الوقت لتقرير ما يريدون وانتظار أية اشارة إيجابية منهم".

وأضاف، "تعتقد السعودية أنها بهذه الطريقة ستنجح في إغلاق القضية اليمنية بهذه العجلة والسطحية عبر سلق حل على حساب حقوق الشعب اليمني في استعادة دولته وسيادته والتخلص من مليشيا الخليج بضفتيه الشرقية والغربية".

وتابع الصحفي اليمني، "يعتقدون أن سلق مثل هذه الحلول بمسرحيات هزلية توافق الرغبة الأميركية والدولية حاليا في إخماد كل الصراعات أو على الأقل كتم أصواتها والتركيز على الصراع مع روسيا، وأنه الوقت الأنسب لتقدم السعودية نفسها بشكل أفضل للغرب".

وأردف: "كما سيمثل ذلك مخرجا لفرار السعودية سياسيا وإعلاميا من الكارثة التي ساهمت في صناعتها في اليمن مع الإمارات وبالطبع إيران كخصم".

وفي نفس الاتجاه، رأى التميمي، أن "التحالف السعودي الإماراتي يسعى إلى لملمة الملف اليمني، وحله بعد سبع سنوات حرب، وهذا ما دعاها إلى دعوة اليمنيين من كل الأطياف السياسية إلى الرياض، للتشاور وتشكيل مجلس للقيادة لمباشرة التفاوض مع الجانب الحوثي".

كما لفت إلى قيام السعودية بحوار مباشر مع الحوثيين عبر الوسيط العراقي حينا والعماني حين آخر، من أجل تحقيق هذا الهدف.