طموحات إستراتيجية وسلاح نووي.. لهذا تقف تركيا هذه المرة بقوة وراء باكستان

"باكستان تمتلك ما لا تملكه أي دولة إسلامية أخرى، وهو السلاح النووي"
يتواصل القصف المتبادل بين باكستان والهند عبر معظم خط وقف إطلاق النار في كشمير بعد أن قصفت الهند في 6 مايو/ أيار 2025، مواقع داخل باكستان قائلة إنها "بنية تحتية تابعة لإرهابيين مسؤولين عن هجوم مسلح في كشمير" وقع قبل أسابيع.
وأعلن الجيش الهندي إطلاق عملية عسكرية ضد "أهداف" في باكستان وإقليم "آزاد كشمير" المتمتع بحكم ذاتي والخاضع لسيطرتها.
بالمقابل، أعلن الجيش الباكستاني إسقاطه 5 مقاتلات هندية خلال الهجوم، فيما نفت نيودلهي صحة ذلك.
ومع تواصل هذا التوتر، دخلت تركيا على خط المواجهة بين الطرفين؛ إذ تنتشر أخبار في وسائل الإعلام التركية حول إرسال أنقرة دعما عسكريا كبيرا لباكستان، وتُثار "مناقشات ساخنة" في المجتمع الدولي حول دور تركيا في الصراع بين الهند وباكستان.
في هذا السياق، تساءل موقع "سوهو" الصيني عن سبب "وقوف تركيا هذه المرة بقوة وراء باكستان"، رغم اعتقاده أن تركيا "غالبا ما يُنظر إليها دوليا على أنها تتخذ موقف (المتفرج)".

طموحات إستراتيجية
استهل الموقع حديثه مشيرا إلى "الظهور المفاجئ لطائرة نقل عسكرية تركية من طراز C-130 في الأجواء الباكستانية؛ حيث ترافق هذا الحدث مع خروج أنباء تفيد بأن تركيا تقدم مساعدات عسكرية طارئة إلى باكستان".
ووفق الموقع، "ففي الأول من مايو/ أيار 2025، انتشرت أنباء حول إرسال تركيا أسطولا بحريا كبيرا لدعم باكستان، والذي شمل السفينة الرائدة في البحرية التركية، "أناضولو"، والمعروفة بأنها أول حاملة طائرات بدون طيار في العالم".
وعقّب التقرير على تلك الأخبار: "عندما رأى الناس الأخبار لأول مرة، اعتقد الكثيرون أنها قد تكون أخبارا كاذبة، لكن بعد تتبع المصدر تبيّن أن الخبر جاء من إحدى وسائل الإعلام المعتمدة في إسطنبول بتركيا".
وتابع: "تتمتع وسائل الإعلام بأخبارها الحصرية ومصادرها الخاصة بها في تركيا، وجميع المعلومات التي تُنشر هي معلومات احترافية ومنتجة بشكل جيد".
وأردف: "من الواضح أن تاريخ إصدار الفيديو هو الأول من مايو/ أيار 2025، وهو ليس مقطع فيديو قديما، مما يضيف بلا شك وزنا مهما لمصداقية الخبر".
وبصفتها أول حاملة طائرات بدون طيار في العالم، يرى الموقع أن انضمام "أناضولو" إلى الأسطول له أهمية كبيرة.
حيث يعتقد أن هذا "لا يعكس فقط تكنولوجيا بناء السفن المتقدمة في تركيا وقدرات الابتكار العسكري؛ بل يظهر أيضا القوة الكبيرة والطموحات الإستراتيجية للبحرية التركية".

السلاح النووي
من جانب آخر، أشار الموقع الصيني إلى أن "باكستان تمتلك ما لا تملكه أي دولة إسلامية أخرى، وهو السلاح النووي، فرغم أن الاقتصاد الباكستاني ليس متقدما، إلا أنه يمتلك هذه الورقة الرابحة في يده".
"وبصفتها الدولة الوحيدة في العالم الإسلامي التي تمتلك الردع النووي، أصبحت باكستان منذ فترة طويلة (الركيزة الروحية) للعالم الإسلامي"، يقول الموقع.
ويتابع: "يبدو أن دعم تركيا لباكستان في هذه اللحظة يهدف إلى اغتنام هذه الفرصة لتعزيز زعامتها في العالم الإسلامي".
واستطرد: "وبما أن باكستان هي (الرمز الروحي) للعالم الإسلامي، فمن الطبيعي أن تدعمها تركيا عسكريا".
ومن منظور جيوسياسي، ذكر الموقع أن تركيا وباكستان "يتمتعان بجذور تاريخية عميقة وعلاقات وثيقة في العالم الإسلامي".
وتابع موضحا: "حيث حافظت الدولتان على تعاون طويل الأمد في العديد من المجالات بما في ذلك العسكرية والاقتصادية والثقافية، ولديهما مواقف مماثلة ودعم متبادل في العديد من الشؤون الدولية".
ويعتقد أنه "إذا أرسلت تركيا بالفعل أسطولا من السفن لدعم باكستان هذه المرة، رغم أن التفاصيل غير محددة وأغراض العملية لم تتضح بالكامل بعد، إلا أن ذلك من شأنه أن يعزز العلاقة بين البلدين ويثبت مكانة تركيا كقوة مهمة في العالم الإسلامي".
وتوقع أنه "إذا دعمت تركيا باكستان بإجراءات ملموسة، فسيكون لذلك تأثير بعيد المدى في المنطقة وحتى على الساحة الدولية".
وأكمل: "وبغض النظر عن شخصية أردوغان، وبالنظر إلى الدعم الملموس وغير اللفظي الذي تقدمه تركيا لباكستان، فمن الصعب أن تكون تركيا دولة بلا نفوذ في العالم الإسلامي".
وأردف: "لا يسلط هذا الإجراء الضوء على الإستراتيجية الدبلوماسية والانتشار العسكري لتركيا فحسب؛ بل سيضيف أيضا متغيرات جديدة لتطور الوضع الإقليمي".
علاوة على ذلك، أشار الموقع الصيني إلى الأهمية الجيوسياسية لباكستان، حيث "تسيطر على ممر إستراتيجي حيوي في جنوب آسيا، يربط بين الخليج العربي ووسط آسيا".
ويرى الموقع أنه "إذا تمكنت تركيا من تعزيز علاقتها مع باكستان، فإنها ستتمكن من إنشاء (ممر إستراتيجي) يربط بين الشرق الأوسط وجنوب آسيا، مما يوسع نطاق تخطيطها الإستراتيجي إلى جنوب آسيا".
فضلا عن ذلك، أشار التقرير إلى أن "تحركات تركيا الأخيرة تأتي في سياق مواجهة النفوذ الهندي المتزايد؛ حيث تتبع نيودلهي في السنوات الأخيرة إستراتيجية (الهندو-الباسيفيك) الأميركية".
واختتم: "تضغط هذه الإستراتيجية بشكل مباشر وغير مباشر على النفوذ الإقليمي لتركيا، وهذه المرة، تستغل تركيا دعمها لباكستان لتوجيه تحذير للهند. ومهما كان السبب فإن السلطات التركية لديها حساباتها الخاصة".