السعودية في مفترق طرق: هل تشتري إف-35 الأميركية أم جي-35E الصينية؟

منذ شهرين

12

طباعة

مشاركة

يزور الرئيس الأميركي دونالد ترامب المملكة العربية السعودية في مايو/ أيار 2025، وتحمل هذه الزيارة في طياتها صفقة ضخمة لبيع أسلحة بقيمة 100 مليار دولار.

وفي السياق، تستعرض صحيفة "سوهو" الصينية التوترات الكامنة في العلاقات الثنائية، خاصة في ظل رفض واشنطن تزويد الرياض بطائرات "إف-35" المتقدمة، مقابل احتمالية توجه المملكة نحو بدائل صينية مثل "جي-35E".

وتركز الصحيفة على مساعي السعودية لتعزيز قدراتها الدفاعية من خلال تنويع مصادر التسلح وتحقيق توازن دقيق بين الحفاظ على علاقاتها مع الولايات المتحدة وتوسيع شراكتها العسكرية مع الصين.

المصالح أولا

بحسب الصحيفة الصينية، من المقرر أن يزور ترامب السعودية في مايو 2025، ووفقا لمبدأ “عدم العودة خالي الوفاض”، فإنه سيعرض على السعودية صفقة أسلحة بقيمة 100 مليار دولار. 

ورغم ذلك، تلفت الصحيفة إلى أن الطائرة المقاتلة "إف-35"، التي تعد الهدف الأكثر أهمية للسعودية، قد لا توافق الولايات المتحدة على بيعها.

وهذا قد يدفع المملكة إلى التفكير في شراء الطائرة الصينية "جي-35E"، رغم استعدادها لإنفاق ما يصل إلى 210 مليارات دولار دون الحصول على "إف-35".

وفي هذا الصدد، تعتقد الصحيفة أن "واشنطن تميز بوضوح بين الحلفاء الحقيقيين وغيرهم، حيث تقدم طائرات "إف-35" دون تردد لحلفائها المقربين، بينما تنظر إلى السعودية بنظرة حذرة واستعلائية". 

ولذلك، تواجه رغبة القوات الجوية السعودية في الحصول على طائرات "إف-35" صعوبات حقيقية، رغم أن المملكة تأمل في شراء طائرات "إف-35A" لتعزيز قدراتها الدفاعية الجوية.

ولكن كما تشير الصحيفة، فإن "رفض الولايات المتحدة يأتي جزئيا بسبب علاقتها الوثيقة مع إسرائيل وحرصها على الحفاظ على التفوق العسكري الإسرائيلي في المنطقة، وهو ما يدفعها إلى رفض تزويد دول الشرق الأوسط الأخرى بمثل هذه الأسلحة المتقدمة". 

علاوة على ذلك، تضيف أن "التقديرات الإسرائيلية ليست الوحيدة؛ إذ إن الولايات المتحدة تضع مصالحها أولا، ولا تزال تشك في السعودية كحليف حقيقي، خاصة بسبب الحرب في اليمن وقضية (خاشقجي)، مما يجعلها غير راغبة في تزويد المملكة بأسلحة متطورة".

تقديرات إستراتيجية

وبالحديث عن الزيارة المرتقبة، تظهر "سوهو" أن "زيارة ترامب المرتقبة إلى السعودية تحمل عدة تقديرات إستراتيجية؛ إذ يسعى من خلالها إلى تعزيز التواصل الثنائي وتوسيع النفوذ الدبلوماسي الأميركي في منطقة الشرق الأوسط". 

ومن خلال صفقة سلاح بقيمة 100 مليار دولار، تأمل الولايات المتحدة في تعزيز تأثيرها في المنطقة وتقوية علاقاتها التجارية، خاصة مع دولة مثل السعودية التي تتمتع بثقل كبير في الشرق الأوسط.

ويُنظر -بحسب الصحيفة- إلى تعزيز العلاقات مع السعودية على أنه "خطوة نحو تقوية التحالفات الإقليمية وزيادة قدرة الولايات المتحدة على القيادة والسيطرة في المنطقة".

ومرة أخرى، تشير الصحيفة إلى أن "جميع تحركات الولايات المتحدة تحركها المصالح في المقام الأول".

ولذلك، يجب الأخذ في الحسبان أن السعودية تُعد دولة ثرية في المنطقة، تملك موارد نفطية هائلة ولديها قدرة استهلاكية واستثمارية طويلة الأمد في السوق الأميركي.

ومن هذا المنطلق، تسعى واشنطن إلى اختبار إمكانية تحقيق المزيد من المكاسب من السعودية، حسب التقرير.

وهنا، تقول الصحيفة: إن "الولايات المتحدة إذا تمكنت من إبرام تعاون اقتصادي مع السعودية، فقد يسهم ذلك إلى حد ما في تخفيف الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، كما يمكن أن يُستخدم لامتصاص غضب الشارع الأميركي". 

جدير بالذكر أن "حكومة ترامب، ومنذ تسلمها السلطة، تسببت في اضطراب كبير بالاقتصاد، ولن يكون من السهل تبرير ذلك للشعب ما لم تتحقق بعض المكاسب الواضحة"، حسب الصحيفة.

مقاتلات “جي-35E”

وبنقل الحديث إلى الأسلحة الصينية، تبرز "سوهو" أن مقاتلة "جي-35E" تُعد النسخة التصديرية من الطائرة الصينية الشبحية من الجيل الخامس "J-35".

ووفق ما ورد عن الصحيفة، تتميز هذه المقاتلات بقدرات تخف عالية بفضل استخدامها الواسع لتقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد في تصنيع الهيكل.

إلى جانب تغليفها بمواد مركبة وطلاء خاص يقلل من البصمة الرادارية لتصل إلى 0.01 متر مربع، ما يجعلها تضاهي "إف-35" الأميركية في مستوى التخفي، وتمنحها قدرة كبيرة على تنفيذ هجمات مفاجئة ضد أهداف العدو.

وفيما يخص التسلح، تذكر الصحيفة أن المقاتلة تستطيع حمل صواريخ جو-جو من طراز "PL-15" بمدى يصل إلى 200 كيلومتر، متفوقة بذلك على نظيرتها الأميركية التي يبلغ مداها 160 كيلومترا. 

كما يمكن للطائرة أن تحمل ما يصل إلى 8 أطنان من الذخائر في وضعية الحمولة الخارجية، لتلبي متطلبات مهام متعددة وتوفر قوة نارية متواصلة.

وفي هذا الإطار، تقول الصحيفة إن السعودية إذا قررت شراء "جي-35E" فسيكون ذلك خيارا جيدا، خاصة في ظل العلاقات الإيجابية القائمة بينها وبين الصين، مما يسهل توسيع التعاون العسكري".

ولكن التساؤل المطروح، من وجهة نظر الصحيفة: “هل ستسعى الولايات المتحدة لعرقلة هذه الصفقة؟”

وهنا، توضح أن "واشنطن تميل في العادة إلى فرض شروط إضافية على الدول التي تستخدم معداتها العسكرية، بما يشمل الأسعار المرتفعة وفرض قيود سياسية وأمنية، مما يدفع العديد من الدول إلى تجنب الوقوع تحت السيطرة الأميركية، حتى وإن كان ذلك يعني التوجه تدريجيا نحو مزودين آخرين".

تنويع المشتريات

وفي السياق ذاته، تعكس "سوهو" الصينية اهتمام السعودية المتزايد بامتلاك الأسلحة الإستراتيجية، خصوصا الصواريخ الباليستية الصينية، وذلك "كونها ركيزة أساسية للأمن القومي". 

وتشير  إلى أنه "على الرغم من أن هذه الأسلحة كانت في السابق حصرية للدول الكبرى، إلا أن دولا أصغر -كالسعودية- تسعى اليوم للحصول عليها لتعزيز نفوذها واستقرارها". 

وتاريخيا، توضح أن "السعودية اشترت صواريخ "دونغفنغ-3" من الصين في الثمانينيات، ما أسهم في ضمان استقرارها لأكثر من أربعة عقود". 

وفي عام 2014، ظهرت تقارير عن رغبتها في شراء صواريخ "دونغفنغ-21"، ويستمر هذا الاهتمام مع محاولات حديثة للحصول على "دونغفنغ-41"، وهو ما يعكس ثقتها العالية في الترسانة الصينية، على حد قول الصحيفة.

ومع ذلك، تشير الصحيفة إلى أن "امتلاك هذه الأسلحة المتقدمة ليس مسألة مالية فقط، بل يتصل بتوازنات إستراتيجية دولية". 

حيث ترفض الصين بيع صواريخ "دونغفنغ-41" بسبب أهميتها الإستراتيجية الكبيرة، وخشية استخدامها في سياقات تضر بالمصالح أو السمعة الصينية. 

ورغم هذا الرفض، تقول الصحيفة: إن "الصين تثمن ثقة السعودية، خاصة في ظل كونها حليفا للولايات المتحدة".

ومن جهة أخرى، يرى محللون أن "السعودية، وإن لم تحصل على (دونغفنغ)، ما زال بإمكانها تنويع مشترياتها من الأسلحة الصينية الأخرى. وذلك نظرا لجودتها وتنوعها، مما يسمح لها في تعزيز قدراتها العسكرية دون الاعتماد على سلاح إستراتيجي واحد".

لمن تستعد السعودية؟

إلى جانب إعلانها عن نيتها شراء 1000 صاروخ جو-جو بعيد المدى، بالإضافة إلى شراء 1000 صاروخ أميركي متطور من طراز "AIM-120C8" متوسط المدى، تستعد السعودية أيضا لشراء زوارق دورية سريعة من طراز "MK-IV"، وفق ما ذكرته الصحيفة.

بالإضافة إلى ذلك، تلفت الصحيفة إلى استعداد السعودية لشراء طائرات هجومية خفيفة مخصصة للضربات الأرضية المنخفضة، ويُرجح أن تكون من طراز "AT-6" ذات الدفع بالمروحة.

وفي هذا الشأن، تذهب الصحيفة إلى أن السعودية تهدف من خلال هذه المشتريات إلى "تعزيز قدراتها في المناطق الساحلية لمواجهة الزوارق السريعة".

بالإضافة إلى "توفير دعم جوي منخفض الارتفاع للوحدات البرية الصغيرة، خاصة لضرب الجماعات المسلحة ذات الانتشار المحدود".

وفي النهاية، ترى الصحيفة الصينية أنه "من الواضح أن الزوارق السريعة والطائرات الهجومية الخفيفة موجهة بشكل رئيس للتعامل مع ميليشيات الحوثي في اليمن". 

فعلى سبيل المثال، طائرة "AT-6" تفتقر لقدرات القتال الجوي، لكنها فعالة جدا في مهام الدورية الحدودية؛ حيث تُزود بكبسولات مراقبة واستطلاع تعمل بالأشعة تحت الحمراء، وتتمتع بمدى رؤية ميدانية واسع.

كما يمكن تسليحها بحاضنات صواريخ "Hydra 70" ومدافع رشاشة عيار 12.7 ملم وقنابل موجهة بالليزر وصواريخ "Hellfire" المضادة للدروع.