تأطير مشاريع الطرد والاستيطان.. تنديد ببدء الاحتلال حملة "عربات جدعون" وتصعيد إبادة غزة

“أكبر عملية تهجير قسري جماعي في التاريخ المعاصر"
ندد ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي، بتوسيع جيش الاحتلال الإسرائيلي، عمليات الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وبدء شن ضربات واسعة ضمن ما سماها حملة "عربات جدعون"، صابين جام غضبهم على رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب والأنظمة العربية.
جيش الاحتلال أعلن في 16 مايو/أيار 2025 بدء عملية "عربات جدعون" بعد مغادرة ترامب، الشرق الأوسط وتقديم الدول الخليجية له نحو 4 تريليونات دولار، والتي تهدف إلى احتلال كامل غزة، وفق ما أكدته هيئة البث العبرية الرسمية في 5 مايو.
وكثفت قوات الاحتلال الإسرائيلي مجازرها الدموية في مناطق متفرقة بالقطاع، وسط تصاعد في الغارات الجوية واستهداف للمنازل المأهولة وخيام النازحين، فيما توغل جيش الاحتلال في المناطق الغربية من بلدة بيت لاهيا شمال القطاع.
وسبق توسيع الاحتلال لمحاور التوغل البري قصف مدفعي مكثف، واستهدفت غارات الاحتلال مناطق عدة في شمال قطاع غزة، منها جباليا التي سجلت عشرات الشهداء والمصابين والمفقودين نتيجة مجازر الاحتلال.
وقال جيش الاحتلال، إن هجماته الواسعة على القطاع، والقصف الوحشي على مدار اليومين الماضيين، جزء من الخطوات الافتتاحية، لما أطلق عليه عملية "عربات جدعون".
وأشار إلى أن الجيش شن هجمات واسعة وحشد قوات للسيطرة على مناطق في القطاع، لتحقيق "جميع أهداف الحرب بغزة بما فيها إطلاق سراح الرهائن وهزيمة حماس".
بدورها، قالت حركة "حماس" في بيان، إن الاحتلال يواصل تصعيده الدموي في القطاع، عبر مجازر متتالية وقصف وحشي، مستخدما سياسة الأرض المحروقة والقصف المكثف والعشوائي للأحياء السكنية، ومخيمات النزوح، والمستشفيات، والمساجد، والمراكز الإيوائية.
وأضافت أن الاحتلال يفعل ذلك في محاولة يائسة لفرض معادلات الاستسلام على شعبنا الصامد، لافتة إلى أن الاحتلال "ارتكب خلال الساعات الماضية مجازر مروعة، راح ضحيتها أكثر من 250 شهيدا ومئات الجرحى، بينهم أطفال ونساء وعائلات بأكملها، في شمال وجنوب غزة".
وأشار ناشطون عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي "إكس" و"فيسبوك" إلى أن الاحتلال بدأ خطته لتوسيع الحرب بغزة فى الوقت نفسه الذي يحري فيه ترامب زيارة شرق أوسطية موقعا عقودا مليارية تدعم الاقتصاد الأميركي، بالإضافة إلى حصوله على هدايا لا تحصى وتصفيق حار.
وأكدوا عبر مشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #عربات_جدعون، #غزة_تباد، #ترامب، وغيرها أن حملة عربات جدعون عملية قتل جماعي بلا نهاية ومجزرة مفتوحة بحق شعب أعزل بعد أكثر من 18 شهرا من قتله وإبادته، تبررها شعارات جوفاء.
وانتقد ناشطون الأهداف التي أعلنها الاحتلال من عمليته وزعمه السعي لتحقيق أهداف الحرب كافة، بما فيها تحرير المختطفين وهزيمة حركة حماس، معربين عن غضبهم من ارتكاب الاحتلال لمجازره تحت غطاء الصمت الدولي المخزي والتواطؤ العربي والخليجي الفاضح.
وسلطوا الضوء على دلالات تسمية الاحتلال لعمليته الأخيرة بعربات جدعون، ومحاولة تبرير العدوان والاحتلال بالإيحاء بأن هناك "مهمة مقدسة" يتم تنفيذها، حيث يُعد جدعون أحد أبطال الكتاب المقدس الذي قاد حملة ضد المديانيين.
وتسمى العملية بالعبرية "ميركافوت جدعون" وتعني "عربات جدعون" التي تحمل دلالات دينية وتاريخية وعسكرية، حيث أطلقت إسرائيل على إحدى عملياتها في "نكبة 1948" اسم "عملية جدعون" والتي هدفت إلى السيطرة على منطقة بيسان الفلسطينية وطرد سكانها.
وإطلاق اسم "عربات جدعون" على عملية توسيع الحرب في غزة، يشير إلى طابع الاحتلال المزمع تنفيذه في القطاع ضمن الخطة الإسرائيلية.
ووفق ما نقلته هيئة البث العبرية آنذاك، فإن هذه العملية التي من المرجح أن تستمر لعدة أشهر، تتضمن "الإخلاء الشامل لسكان غزة بالكامل من مناطق القتال، بما في ذلك شمال غزة، إلى مناطق في جنوب القطاع"، حيث "سيبقى" الجيش في أي منطقة "يحتلها".
تنديد واستنكار
واستنكارا لبدء جيش الاحتلال اجتياحه الشامل للقطاع ضمن عملية "عربات جدعون"، أشار الصحفي علي حسين مراد، إلى أنها “أكبر عملية تهجير قسري جماعي في التاريخ المعاصر، باستعمال أحدث ما أنتجته مصانع السلاح الأميركية”.
وقال: "هكذا وبكل عنجهية ووقاحة وصلف يعلن العقل الإبادي!".
وحذر الكاتب أسامة ساري، من أن خطة عربات جدعون هي لا تستهدف احتلال قطاع غزة فقط بل كل فلسطين، وأن الذين يخذلون غزة الليلة وغدا ستنالهم يد العدو قريبا ويتم تهجيرهم.
ورأى أن تكن التضحية كبيرة مرة واحدة أفضل من التخاذل وعدم استشعار المسؤولية ويعقب ذلك خذلان من الله وتسليط للعدو على بقية الشعب المتخاذل.
وأكد الصحفي محمد هنية، أن الخطر على غزة لم يعد عسكريا بحتا، بل أصبح وجوديا، فالخطة التي كُشف عنها تحت اسم "مركبات جدعون" ليست عملية قتالية مؤقتة، بل تصميم إستراتيجي لإعادة هندسة غزة، مساحة وسكانا، ولتفكيك ما تبقى من رابط بين الفلسطيني وأرضه.
وقال: إنها النكبة بحلّة عصرية، تنفَّذ لا تحت ظلال القرى المحروقة كما عام 1948، بل تحت خيام "المناطق الإنسانية"، وبرعاية مصطلحات دولية تجميلية مثل "الإغاثة" والهجرة الطوعية" و"إعادة التوطين".
وذكر هنية بأن في عام النكبة، حمل أجدادنا مفاتيحهم وخرجوا تحت الرصاص، قائلين "نعود بعد أيام"، مضيفا: "اليوم، تُدفع أحفادهم إلى الخروج طواعية، لا لأنهم قرروا ذلك، بل لأن كل شروط الحياة تُسحب من تحتهم تدريجيا، ليُصبح الخروج الخيار الوحيد الباقي".
وأكد أن "ما يسعى إليه هذه الخطة هو إعادة إنتاج عام 1948 دون أن تراه، لا تدمير قرى، بل إخلاء أحياء، لا مذابح جماعية أمام الكاميرات، بل ضغط اقتصادي، واجتياح تدريجي، وسيطرة على الغذاء والدواء والممرات".
واختصر أحمد قاسم، أهداف الاحتلال من وراء عملية عربات جدعون بإيضاح أن معناها تحويل القطاع من معسكر اعتقال إلى "معسكر إبادة".
دلالات التسمية
وعن دلالات تسمية العملية الإسرائيلية بعربات جدعون وأهدافها، أكد محمد الحيدري، أن الاسم يحمل دلالات وقصة دينية من أحد أسفارهم، موضحا أن الخطة طويلة الأمد والمقسمة لثلاث مراحل، تهدف البدء بدفع السكان من كامل القطاع إلى رفح.
وأشار ميشع المؤابي، إلى أن الخطة تستند إلى التجويع الممنهج وشن هجمات عنيفة تؤدي إلى مجازر كبيرة بحق أبناء غزة، مع منع دخول الغذاء والدواء وأي من مقومات الحياة باستثناء بعض المساعدات التي سيقدمها الاحتلال ضمن خططه.
وقالت أحد المغردات، إن اسم العملية "عربات جدعون" يحمل دلالات دينية واستعمارية في آنٍ واحد، موضحة أن جدعون هو قائد توراتي من سبط منشي، وردت قصته في سفر القضاة، حيث قاد 300 مقاتل لهزيمة جيش المديانيين الضخم بأمر إلهي وخطة عسكرية ذكية.
وذكرت بأن الاحتلال سبق واستخدم هذه الرمزية في نكبة عام 1948، حين أطلقت "عملية جدعون" للاستيلاء على منطقة بيسان وتهجير سكانها الفلسطينيين، قائلة: "هكذا يتكرر توظيف الأساطير التوراتية لتأطير مشاريع الطرد والاستيطان، في إطار سردية استعمارية مقدسة".
وأشار منير الخطير إلى أن نتنياهو يسمي تهجير غزة باسم توراتي يبرر التطهير العرقي كوصية إلهية، قائلا: "عندهم الدبابة صارت نبي، والصاروخ صار ملاك. من جدعون للتنين الحديدي.. الاحتلال يخلط الدم بالنصوص المقدسة ليغطي جريمته".
وأكد خضير أحمد، أن استخدام الاحتلال اسم "عربات جدعون" اليوم يشير إلى نيته احتلال شامل ومخطط تطهيري ممنهج، وكأن إسرائيل تعيد إنتاج نكبة جديدة بأدوات حديثة، ولكن بنفس الذهنية الاستعمارية القائمة على السيطرة والتهجير القسري.
وهجوما على الأنظمة العربية الحاكمة خاصة الخليجية التي استقبلت ترامب وأبرمت معه صفقات مليارية وتذكيرا بأن عملية عربات جدعون تتزامن مع القمة العربية، تساءل عضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان محمد جميل، عن حمية القبائل وأخلاقها وكرامتها.
وقال: "قصف بري وجوي مكثف وغير مسبوق، تدمير وتهجير وقتل، ما يسمى بعملية عربات جدعون على وشك التحرك لاستكمال الإبادة والعربان استقبلوا ترامب دافنين رؤوسهم في الرمال، دافعين ترليونات، أما غزة فلا تعنيهم".
وأشار محمد زقتوت، إلى أن "شمال غزة تعيش أهوالا لم تحيها منذ بداية الحرب، وتتعرض لاستهدافات بشكل جنوني في الشوارع والأحياء، والطائرات لا تفارق السماء، وتفجير روبوتات مفخخة استهدافات متتالية، وشبح الموت يخيم على الطرقات، ولا ملجأ لهم إلا الله".
ولفت إلى أن "ترامب غادر إلى أميركا بعدما أعطى الضوء الأخضر لعملية عربات جدعون من الخليج"، عارضا خريطة العملية التي توضح أنه سيتم اجتياح عموم القطاع ودفع سكانه نحو محافظة رفح ومن ثم مطار رامون، بهدف نقل مليون غزاوي إلى ليبيا بمباركة حكومة الدبيبة.
وكتب حسين بدر الترباني: "ترامب غادر إلى أميركا بعدما حلب دول الخيانة.. ترامب أعطي الضوء الأخضر لهذه الخطة (مركبات جدعون) بمباركة ودعم من حكام دول الخليج (عفواً دول الخيانة).. لنقل سكان غزة إلى ليبيا".
وتابع: "لذلك رئيس وزراء ليبيا المنتهية ولايته ورجل أميركا الأول فى ليبيا يعيد ترتيب الداخل الليبي بالتخلص من الرجال (أول من قتل هو الككلي) الذين يرفضون المخطط الأميركي".
وأشار معاذ محمد العمري، إلى أن "تزامن انطلاق القمة العربية في ذات وقت انطلاق في نفس الوقت تنطلق حرب الإبادة الشاملة بمسمى (عربات جدعون) على القطاع في وقت بلغت المجاعة فيه مبلغا عظيما وفي تحدي واضح لكل الأمة العربية يسجلها التاريخ".
وقال: "إما أن يكون هناك توحد مباشر على إجراءات تاريخية ضد الاحتلال (بتهديده بإنهاء جميع اتفاقيات التطبيع) وحصار شامل على الاحتلال (بري وبحري وجوي) في حال استمراره بالإبادة الشاملة أو سيسقط العرب سقوطا عظيما وتاريخيا، وقد يكون عقاب الله عظيما".
واستنكر إياد هاجر، أن مع انتهاء جولة ترامب في المنطقة، كل ما استطاع العرب طلبه من ترامب فيما يخص غزة، من خلال زيارة ثلاث عواصم عربية، هو إدخال المساعدات، وأن تؤجّل إسرائيل عملية "عربات جدعون" إلى حين انتهاء القمة العربية في بغداد.
وتساءل الكاتب بكر اللوح: "(أين النخوة العربية)"، مستنكرا أن ترامب غادر والجوع لم يغادر وآليات الاحتلال تتقدم من شمال غرب غزة نحو الجنوب، متسائلا: "هل بدأت عملية مركبات جدعون لإجبار الناس على النزوح باتجاه الجنوب تمهيداَ للتهجير؟".
رسائل ضغط
وفي قراءات مختلفة لعملية عربات جدعون، أعرب السياسي فايز أبو شمالة، عن قناعته وثقته بأنه "العدو الإسرائيلي يهدد بالعملية لأهداف تفاوضية محضة"، قائلا إن "كلما حمي وطيس المفاوضات، كلما زاد الضغط على أهل غزة؛ قتلا وحرقا ونزوحا وتجويعا".
وأكد أن "لا مناص للعدو إلا التوقيع على صفقة وفق إطلاق النار، طال زمن المحرقة أم قصر".
وقال المغرد الحكيم، إن خلافا لما يُروّج له عبر بعض وسائل إعلام الاحتلال، ومن تبعهم من وسائل إعلام عربية وحسابات على منصات التواصل، أعتقد أن عملية - مركبات جدعون - التي يتحدث عنها جيش الاحتلال لم تبدأ بعد.
وأضاف أن "ما يجري على الأرض حتى الآن يبدو كرسائل ضغط نارية ومدفوعة بالدم، تصاعدية ومدروسة، تمهّد لما هو قادم إذا لم يُحسم اتفاق وقف إطلاق النار".
وتابع الحكيم: "المصادر التي تحدثت عن انطلاق العملية، في الغالب، هي أخبار موجَّهة ومضبوطة رقابيا من قبل جيش الاحتلال، تستهدف غزة وأهلها بشكل مباشر، نفسيا وميدانيا".